ج12 - حكم الخمس في الغيبة

المطلب الثالث

في حكم الخمس في زمن الغيبة

وهذه المسألة من أمهات المسائل ومعضلات المشاكل وقد اضطربت فيها أفهام الأعلام وزلت فيها أقدام الأقلام ودحضت فيها حجج أقوام واتسعت فيها دائرة النقض والإبرام ، والسبب في ذلك كله اختلاف الأخبار وتصادم الآثار الواردة عن السادة الأطهار (صلوات الله وسلامه عليهم آناء الليل وأطراف النهار) وها أنا باسط فيها القول إن شاء الله تعالى بما لم يسبق له سابق في المقام ولا حام حوله أحد من فقهائنا الكرام مستوف لنقل ما وقفت عليه من الأخبار والأقوال كاشف عن وجوه تلك الأخبار إن شاء الله تعالى غشاوة الإشكال بما تجتمع به على وجه لا يتطرق إليه إن شاء الله تعالى الاختلال.

فأقول ـ وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ـ اعلم أن الكلام في هذه المسألة يقتضي بسطه في مقامات ثلاثة :

المقام الأول ـ في نقل الأخبار المتعلقة بالمسألة وهي على أربعة أقسام :

الأول ـ ما يدل على وجوب إخراج الخمس مطلقا في غيبة الإمام عليه‌السلام أو حضوره من أي نوع كان من أنواع الخمس.

ومن الأدلة على ذلك الآية الشريفة وهي قوله عزوجل : «وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ... الآية» (1) وقد عرفت من ما قدمناه في أول الكتاب دلالة جملة من الأخبار على أن المراد بالغنيمة في الآية ما هو أعمّ من غنيمة دار الحرب ، وبه صرح أصحابنا (رضوان الله عليهم) إلا الشاذ كما تقدم جميع ذلك في أثناء المباحث السابقة.

ومنها ـ ما رواه في التهذيب عن الريان بن الصلت (2) قال : «كتبت إلى أبي محمد عليه‌السلام ما الذي يجب علي يا مولاي في غلة رحى في أرض قطيعة لي وفي ثمن سمك وبردي وقصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة؟ فكتب : يجب عليك فيه الخمس إن شاء الله تعالى».

وما رواه في الفقيه عن علي بن مهزيار في الصحيح (3) قال : «قال لي أبو علي ابن راشد قلت له أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقك فأعلمت مواليك ذلك فقال لي بعضهم وأي شي‌ء حقه؟ فلم أدر ما أجيبه؟ فقال يجب عليهم الخمس. فقلت ففي أي شي‌ء؟ فقال في أمتعتهم وضياعهم. الحديث».

وما رواه الشيخ في الصحيح إلى محمد بن علي بن شجاع النيسابوري وهو مجهول (4) «أنه سأل أبا الحسن الثالث عليه‌السلام عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مائة كر ما يزكي فأخذ منه العشر عشرة أكرار وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرا وبقي في يده ستون كرا ما الذي يجب لك من ذلك؟ وهل يجب لأصحابه من ذلك عليه شي‌ء؟ فوقع عليه‌السلام لي منه الخمس من ما يفضل من مئونته».

وما رواه الشيخ في التهذيب في الموثق عن عبد الله بن بكير عن بعض أصحابه

__________________

(1) سورة الأنفال الآية 43.

(2 و 4) الوسائل الباب 8 من ما يجب فيه الخمس.

(3) الوسائل الباب 8 من ما يجب فيه الخمس عن التهذيب ولم يروه في الفقيه.


عن أحدهما (عليهما‌السلام) (1) «في قول الله عزوجل (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)؟ قال خمس الله عزوجل للإمام وخمس الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله للإمام وخمس ذي القربى لقرابة الرسول الإمام واليتامى يتامى آل الرسول والمساكين منهم وأبناء السبيل منهم فلا يخرج منهم إلى غيرهم».

وما رواه في التهذيب في الصحيح عن أحمد بن محمد بن عيسى عن بعض أصحابنا رفع الحديث (2) قال : «الخمس من خمسة أشياء : من الكنوز والمعادن والغوص والمغنم الذي يقاتل عليه. إلى أن قال : فأما الخمس فيقسم على ستة أسهم : سهم لله وسهم للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لأبناء السبيل ، فالذي لله فلرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فرسول الله أحق به فهو له والذي للرسول هو لذي القربى والحجة في زمانه فالنصف له خاصة والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله الذين لا تحل لهم الصدقة ولا الزكاة عوضهم الله مكان ذلك بالخمس ، فهو يعطيهم على قدر كفايتهم فإن فضل منهم شي‌ء فهو له وإن نقص عنهم ولم يكفهم أتمه لهم من عنده ، كما صار له الفضل كذلك لزمه النقصان».

وما رواه الكليني في الصحيح عن حماد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن العبد الصالح أبي الحسن الأول عليه‌السلام (3) قال : «الخمس من خمسة أشياء : من الغنائم والغوص ومن الكنوز ومن المعادن والملاحة. إلى أن قال : ويقسم بينهم الخمس على ستة أسهم : سهم لله وسهم لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لأبناء السبيل ، فسهم الله وسهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأولي الأمر من بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وراثة فله ثلاثة أسهم سهمان وراثة وسهم مقسوم

__________________

(1) الوسائل الباب 1 من قسمة الخمس.

(2) الوسائل الباب 2 من ما يجب فيه الخمس والباب 1 من قسمة الخمس.

(3) الوسائل الباب 1 و 3 من قسمة الخمس.


له من الله فله نصف الخمس كملا ، ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته فسهم ليتاماهم وسهم لمساكينهم وسهم لأبناء سبيلهم يقسم بينهم على الكفاف والسعة ما يستغنون به في سنتهم فإن فضل عنهم شي‌ء فهو للوالي وإن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به ، وإنما صار عليه أن يمونهم لأن له ما فضل عنهم ، وإنما جعل الله هذا الخمس خاصة لهم دون مساكين الناس وأبناء سبيلهم عوضا لهم من صدقات الناس تنزيها من الله لهم لقرابتهم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكرامة من الله لهم عن أوساخ الناس فجعل لهم خاصة من عنده ما يغنيهم به عن أن يصيرهم في موضع الذل والمسكنة ، ولا بأس بصدقات بعضهم على بعض وهؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس هم قرابة النبي. وساق الخبر إلى أن قال : وليس في مال الخمس زكاة لأن فقراء الناس جعل أرزاقهم في أموال الناس على ثمانية أسهم فلم يبق منهم أحد وجعل لفقراء قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نصف الخمس. فأغناهم به عن صدقات الناس وصدقات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وولي الأمر ، فلم يبق فقير من فقراء الناس ولم يبق فقير من فقراء قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا وقد استغنى فلا فقير. الحديث».

وما رواه الشيخ عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (1) «في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم ويكون معهم فيصيب غنيمة؟ قال يؤدي خمسنا وتطيب له».

وما رواه الكليني والشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن محمد بن علي عن أبي الحسن عليه‌السلام (2) قال : «سألته عن ما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وعن معادن الذهب والفضة ما فيه؟ قال إذا بلغ ثمنه دينارا ففيه الخمس».

وما رواه الصدوق في الصحيح عن البزنطي (3) قال : «سألت أبا الحسن عليه‌السلام

__________________

(1) الوسائل الباب 2 من ما يجب فيه الخمس.

(2) الأصول ج 1 ص 547 والتهذيب ج 1 ص 384 و 389 وفي الوسائل الباب 3 من ما يجب فيه الخمس.

(3) الوسائل الباب 4 من ما يجب فيه الخمس عن التهذيب ولم يروه الصدوق في الفقيه.


عن ما أخرج المعدن من قليل أو كثير هل فيه شي‌ء؟ قال ليس فيه شي‌ء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا».

وما رواه الكليني في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي (1) قال : «كتبت إلى أبي جعفر عليه‌السلام الخمس أخرجه قبل المئونة أو بعد المئونة؟ فكتب بعد المئونة».

وما رواه في الكافي عن إبراهيم بن محمد الهمداني (2) قال : «كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام أقرأني علي بن مهزيار كتاب أبيك عليه‌السلام في ما أوجبه على أصحاب الضياع نصف السدس بعد المئونة وأنه ليس على من لم تقم ضيعته بمئونته نصف السدس ولا غير ذلك ، واختلف من قبلنا في ذلك فقالوا يجب على الضياع الخمس بعد المئونة مئونة الضيعة وخراجها لا مئونة الرجل وعياله؟ فكتب عليه‌السلام : بعد مئونته ومئونة عياله وبعد خراج السلطان».

وما رواه الصدوق مرسلا (3) قال : «في توقيعات الرضا عليه‌السلام إلى إبراهيم ابن محمد الهمداني إن الخمس بعد المئونة».

وما رواه في التهذيب في الصحيح عن علي بن مهزيار عن محمد بن الحسن الأشعري (4) قال : «كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني عليه‌السلام أخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الضياع وكيف ذلك؟ فكتب بخطه : الخمس بعد المئونة».

وما رواه في التهذيب عن زكريا بن مالك الجعفي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (5) «أنه سأله عن قول الله عزوجل : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ

__________________

(1 و 3) الوسائل الباب 12 من ما يجب فيه الخمس.

(2) الأصول ج 1 ص 547 وفي الوسائل الباب 8 من ما يجب فيه الخمس.

(4) الوسائل الباب 8 من ما يجب فيه الخمس.

(5) الوسائل الباب 1 من قسمة الخمس.


وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) (1) فقال : أما خمس الله عزوجل فللرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يضعه في سبيل الله ، وأما خمس الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فلأقاربه وخمس ذوي القربى فهم أقرباؤه واليتامى يتامى أهل بيته ، فجعل هذه الأربعة الأسهم فيهم ، وأما المساكين وابن السبيل فقد عرفت أنا لا نأكل الصدقة ولا تحل لنا فهي للمساكين وأبناء السبيل».

وما رواه محمد بن الحسن الصفار في كتاب بصائر الدرجات عن عمران بن موسى عن موسى بن جعفر (عليه‌السلام) (2) قال «قرأت عليه آية الخمس فقال ما كان لله فهو لرسوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وما كان لرسوله فهو لنا. ثم قال والله لقد يسر الله على المؤمنين أرزاقهم بخمسة دراهم جعلوا لربهم واحدا وأكلوا أربعة حلالا. ثم قال هذا من حديثنا صعب مستصعب لا يعمل به ولا يصبر عليه إلا مؤمن ممتحن قلبه للإيمان». ورواه بسند آخر عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه‌السلام) (3).

وما رواه الشيخ في التهذيب (4) عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين (عليه‌السلام) قال : «سمعته يقول كلاما كثيرا ثم قال : وأعطهم من ذلك كله سهم ذي القربى الذين قال الله عزوجل. إلى أن قال نحن والله عني بذي القربى وهم الذين قرنهم الله بنفسه وبنبيه فقال «فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ» منا خاصة ولم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا أكرم الله نبيه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ أيدي الناس».

وما رواه ثقة الإسلام في الكافي في الموثق عن سماعة (5) قال : «سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الخمس فقال في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير».

__________________

(1) سورة الأنفال الآية 43.

(2 و 3) الوسائل الباب 1 من ما يجب فيه الخمس.

(4) ج 1 ص 385 وفي الوسائل الباب 1 من قسمة الخمس.

(5) الوسائل الباب 8 من ما يجب فيه الخمس.


وما رواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر نقلا من كتاب محمد بن علي بن محبوب بسنده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (1) قال : «كتبت إليه في الرجل يهدي إليه مولاه والمنقطع إليه هدية تبلغ ألفي درهم أو أقل أو أكثر هل عليه فيها الخمس؟ فكتب عليه‌السلام الخمس في ذلك».

القسم الثاني ـ في ما يدل على الوجوب والتشديد في إخراجه وعدم الإباحة وهذا القسم وإن اشترك مع القسم الأول في الدلالة على وجوب الإخراج إلا أنه ينفرد عنه بالدلالة على تأكد الوجوب وعدم القبول للتقييد بأخبار الإباحة الآتية إن شاء الله تعالى في القسم الثالث.

ومن ذلك ما صرح به الرضا عليه‌السلام في كتاب الفقه الرضوي (2) حيث قال : عليه‌السلام : اعلم يرحمك الله أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين. وأروي عن العالم عليه‌السلام أنه قال : ركز جبرئيل عليه‌السلام برجله حتى جرت خمسة أنهار ولسان الماء يتبعه : الفرات ودجلة والنيل ونهر مهران ونهر بلخ فما سقت وسقي منها فللإمام عليه‌السلام والبحر المطيف بالدنيا. وروي أن الله عزوجل جعل مهر فاطمة (عليها‌السلام) خمس الدنيا فما كان لها صار لولدها (عليهم‌السلام). وقيل للعالم عليه‌السلام ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال أن يأكل من مال اليتيم درهما ونحن اليتيم. وقال جل وعلا : «وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ... إلى آخر الآية» (3) فتطول علينا بذلك امتنانا منه ورحمة إذ كان المالك للنفوس والأموال وسائر الأشياء الملك الحقيقي وكان ما في أيدي الناس عواري وإنهم مالكون مجازا لا حقيقة له. وكل ما أفاده الناس فهو غنيمة لا فرق بين الكنوز والمعادن والغوص ومال الفي‌ء الذي لم يختلف فيه وهو ما ادعي فيه الرخصة وهو ربح التجارة وغلة الضيعة وسائر الفوائد من المكاسب والصناعات والمواريث وغيرها ، لأن الجميع غنيمة وفائدة ومن رزق الله عزوجل ، فإنه روى أن الخمس على الخياط من إبرته

__________________

(1) الوسائل الباب 8 من ما يجب فيه الخمس.

(2) ص 40.

(3) سورة الأنفال الآية 43.


والصانع من صناعته ، فعلى كل من غنم من هذه الوجوه مالا فعليه الخمس فإن أخرجه فقد أدى حق الله عليه وتعرض للمزيد وحل له الباقي من ماله وطاب وكان الله أقدر على إنجاز ما وعده العباد من المزيد والتطهير من البخل على أن يغني نفسه من ما في يديه من الحرام الذي بخل فيه بل قد خسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين ، فاتقوا الله وأخرجوا حق الله من ما في أيديكم يبارك الله لكم في باقيه ويزكو فإن الله عزوجل الغني ونحن الفقراء وقد قال الله «لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ» (1) فلا تدعوا التقرب إلى الله عزوجل بالقليل والكثير على حسب الإمكان وبادروا بذلك الحوادث واحذروا عواقب التسويف فيها فإنما هلك من هلك من الأمم السالفة بذلك وبالله الاعتصام. انتهى كلامه عليه‌السلام.

وما رواه الشيخ عن محمد بن زيد الطبري (2) قال : «كتب رجل من تجار فارس من بعض موالي أبي الحسن الرضا عليه‌السلام يسأله الإذن في الخمس فكتب عليه‌السلام بسم الله الرحمن الرحيم إن الله واسع كريم ضمن على العمل الثواب وعلى الخلاف العقاب لا يحل مال إلا من وجه أحله الله ، إن الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالاتنا وعلى موالينا وما نبذل ونشتري من أعراضنا ممن نخاف سطوته ، فلا تزووه عنا ولا تحرموا أنفسكم دعاءنا ما قدرتم عليه فإن إخراجه مفتاح رزقكم وتمحيص ذنوبكم وما تمهدون لأنفسكم ليوم فاقتكم. الحديث».

وما رواه الشيخ والكليني بالسند المتقدم (3) قال : «قدم قوم من خراسان على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام فسألوه أن يجعلهم في حل من الخمس فقال ما أمحل هذا تمحضونا المودة بألسنتكم وتزوون عنا حقا جعله الله لنا وجعلنا له وهو الخمس

__________________

(1) سورة الحج الآية 39.

(2) الوسائل الباب 3 من الأنفال وما يختص بالإمام. وفي التهذيب ج 1 ص 389 محمد بن يزيد.

(3) الوسائل الباب 3 من الأنفال وما يختص بالإمام.


لا نجعل أحدا منكم في حل».

وما رواه الصدوق في كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة في ما ورد على العمري في جواب مسائل محمد بن جعفر الأسدي (1) «وأما ما سألت عنه من أمر من يستحل ما في يده من أموالنا ويتصرف فيه تصرفه في ماله من غير أمرنا فمن فعل ذلك فهو ملعون ونحن خصماؤه ، فقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله المستحل من عترتي ما حرم الله ملعون على لساني ولسان كل نبي مجاب. فمن ظلمنا كان من جملة الظالمين لنا وكانت لعنة الله عليه لقول الله عزوجل (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظّالِمِينَ)» (2).

وما رواه في الكافي في الصحيح عندي والحسن على المشهور بإبراهيم بن هاشم (3) قال : «كنت عند أبي جعفر الثاني عليه‌السلام إذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل وكان يتولى له الوقف بقم فقال يا سيدي اجعلني من عشرة آلاف درهم في حل فإني أنفقتها. فقال له أنت في حل. فلما خرج صالح قال أبو جعفر (عليه‌السلام) أحدهم يثب على أموال آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأيتامهم ومساكينهم وفقرائهم وأبناء سبيلهم فيأخذها ثم يجي‌ء فيقول اجعلني في حل ، أتراه ظن أني أقول لا أفعل ، والله ليسألنهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالا حثيثا».

وما رواه في الفقيه عن أبي بصير (4) قال : «قلت لأبي جعفر (عليه‌السلام) ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال من أكل من مال اليتيم درهما ونحن اليتيم».

وما رواه عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (5) أنه قال «إني لآخذ من أحدكم الدرهم وإني لمن أكثر أهل المدينة مالا ما أريد بذلك إلا أن تطهروا».

__________________

(1 و 3) الوسائل الباب 3 من الأنفال وما يختص بالإمام.

(2) سورة هود الآية 22.

(4) الوسائل الباب 1 من ما يجب فيه الخمس والباب 2 من الأنفال.

(5) الوسائل الباب 1 من ما يجب فيه الخمس.


وما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه‌السلام) (1) قال : «سمعته يقول من اشترى شيئا من الخمس لم يعذره الله ، اشترى ما لا يحل له».

وما رواه الكليني عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه‌السلام) (2) في حديث قال : «لا يحل لأحد إن يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا».

وما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن مهزيار (3) قال : «كتب إليه أبو جعفر (عليه‌السلام) وقرأت أنا كتابه إليه في طريق مكة ...». وقد تقدمت الرواية بتمامها في المقام الخامس من الفصل الأول ، وموضع الاستدلال منها قوله (عليه‌السلام) «الذي أوجبت في سنتي هذه. إلى أن قال : إن موالي أسأل الله صلاحهم أو بعضهم قصروا في ما يجب عليهم فعلمت ذلك فأحببت أن أطهرهم وأزكيهم بما فعلت في عامي هذا من أمر الخمس. ثم أورد الآيات المتقدمة. إلى أن قال : فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام. إلى أن قال : فمن كان عنده شي‌ء من ذلك فليوصل إلى وكيلي ومن كان نائيا بعيد الشقة فليعمد لإيصاله ولو بعد حين فإن نية المؤمن خير من عمله».

القسم الثالث ـ في ما يدل على التحليل والإباحة مطلقا وهي أخبار مستفيضة متكاثرة : منها ـ ما رواه في الكافي والتهذيب بسنده في الأول إلى محمد بن سنان وفي الثاني بسنده إلى حكيم مؤذن بني عبس (4) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن قول الله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى)؟ فقال (عليه‌السلام) : هي والله الإفادة يوما بيوم إلا أن أبي جعل شيعتنا من ذلك في حل ليزكوا».

__________________

(1) الوسائل الباب 1 من ما يجب فيه الخمس والباب 3 من الأنفال.

(2) الوسائل الباب 2 من ما يجب فيه الخمس رقم 5.

(3) الوسائل الباب 8 من ما يجب فيه الخمس ، وقد تقدمت ص 349.

(4) الوسائل الباب 4 من الأنفال وما يختص بالإمام. وتمام الكلام في الاستدراكات.


ومنها ـ صحيحة الحارث النصري عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (1) قال : «قلت له إن لنا أموالا من غلات وتجارات ونحو ذلك وقد علمت أن لك فيها حقا؟ قال فلم أحللنا إذا لشيعتنا إلا لتطيب ولادتهم ، وكل من والى آبائي فهو في حل من ما في أيديهم من حقنا فليبلغ الشاهد الغائب».

ومنها ـ ما رواه الصدوق في الفقيه عن يونس بن يعقوب (2) قال : «كنت عند أبي عبد الله (عليه‌السلام) فدخل عليه رجل من القماطين فقال جعلت فداك يقع في أيدگينا الأرباح والأموال وتجارات نعرف أن حقك فيها ثابت وأنا عن ذلك مقصرون؟ فقال أبو عبد الله (عليه‌السلام) ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم».

ومنها ـ ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير وزرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه‌السلام) (3) قال : «قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) هلك الناس في بطونهم وفروجهم لأنهم لم يؤدوا إلينا حقنا ، ألا وإن شيعتنا من ذلك وآباءهم في حل». ورواه الصدوق في كتاب العلل (4) وفيه «وأبناءهم» عوض «وآبائهم» ولعله الأصح.

ومنها ـ ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن مهزيار (5) قال : «قرأت في كتاب لأبي جعفر (عليه‌السلام) من رجل يسأله أن يجعله في حل من مأكله ومشربه من الخمس فكتب بخطه : من أعوزه شي‌ء من حقي فهو في حل». وظاهره أخص من ما ذكر من هذه الأخبار.

ومنها ـ ما رواه في التهذيب عن الثمالي (6) قال : «سمعته يقول : من أحللنا له

__________________

(1) الوسائل الباب 4 من الأنفال وما يختص بالإمام. وربما ينقدح الإشكال في قوله «ع» «فلم أحللنا» من حيث دخول «لم» الجازمة على الفعل الماضي ولكن الظاهر أنها ليست «لم» الجازمة وأن اللفظ على الاستفهام فكأنه «ع» قال : «فلما ذا أحللنا إذا لشيعتنا؟ لم نحل لهم إلا لتطيب ولادتهم».

(2 و 3 و 4 و 5) الوسائل الباب 4 من الأنفال وما يختص بالإمام.

(6) الوسائل الباب 3 من الأنفال وما يختص بالإمام.


شيئا أصابه من أعمال الظالمين فهو له حلال وما حرمناه من ذلك فهو حرام». وظاهره أعمّ من الخمس ولكنه أخص بالنسبة إلى الخمس من المدعى لاختصاص التحليل بمن حللوه لا مطلقا.

وما رواه الصدوق في كتاب العلل في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه‌السلام) (1) قال : «إن أمير المؤمنين (عليه‌السلام) حللهم من الخمس ـ يعني الشيعة ـ لتطيب مواليدهم».

وما رواه الشيخ في التهذيب في الحسن عن سالم بن مكرم عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (2) قال : «قال رجل وأنا حاضر : حلل لي الفروج ففزع أبو عبد الله عليه‌السلام فقال له رجل ليس يسألك أن يعترض الطريق إنما يسألك خادما يشتريها أو امرأة يتزوجها أو ميراثا يصيبه أو تجارة أو شيئا أعطيه. فقال هذا لشيعتنا حلال ، الشاهد منهم والغائب ، والميّت منهم والحي ، وما يولد منهم إلى يوم القيامة ، فهو لهم حلال ، أما والله لا يحل إلا لمن أحللنا له ، ولا والله ما أعطينا أحدا ذمة وما عندنا لأحد عهد ولا لأحد عندنا ميثاق».

وما رواه الصدوق في الفقيه عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما‌السلام) (3) قال : «إن أشد ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم صاحب الخمس فيقول يا رب خمسي. وقد طيبنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم وليزكو أولادهم».

وما رواه الشيخ في الصحيح عن عمر بن أذينة (4) قال : «رأيت أبا سيار مسمع بن عبد الملك بالمدينة وقد كان حمل إلى أبي عبد الله عليه‌السلام مالا في تلك السنة فرده عليه فقلت له لم رد عليك أبو عبد الله عليه‌السلام المال الذي حملته إليه؟ فقال إني قلت له حين حملت إليه المال إني كنت وليت الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم وقد

__________________

(1 و 2 و 3) الوسائل الباب 4 من الأنفال وما يختص بالإمام.

(4) التهذيب ج 1 ص 391 وفي الوسائل الباب 4 من الأنفال وما يختص بالإمام والراوي عن مسمع عمر بن يزيد كما سيأتي في القسم الرابع.


جئت بخمسها ثمانين ألف درهم وكرهت أن أحبسها عنك أو أعرض لها وهي حقك الذي جعله الله لك في أموالنا؟ فقال وما لنا من الأرض وما أخرج الله منها إلا الخمس؟ يا أبا سيار الأرض كلها لنا فما أخرج الله منها من شي‌ء فهو لنا. قال قلت له أنا أحمل إليك المال كله. فقال لي يا أبا سيار قد طيبناه لك وأحللناك منه فضم إليك مالك وكل ما في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون ويحل لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا. الحديث». وسيأتي تمامه إن شاء الله تعالى في القسم الرابع.

وما رواه الشيخ في الموثق عن الحارث بن المغيرة النصري (1) قال : «دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام فجلست عنده فإذا نجية قد استأذن عليه فأذن له فدخل فجثى على ركبتيه ثم قال جعلت فداك أريد أن أسألك عن مسألة والله ما أريد بها إلا فكاك رقبتي من النار. فكأنه رق له فاستوى جالسا فقال يا نجية سلني فلا تسألني اليوم عن شي‌ء إلا أخبرتك به. قال جعلت فداك ما تقول في فلان وفلان؟ قال يا نجية إن لنا الخمس في كتاب الله ولنا الأنفال ولنا صفو المال وهما والله أول من ظلمنا حقنا في كتاب الله وأول من حمل الناس على رقابنا ، ودماؤنا في أعناقهما إلى يوم القيامة ، وإن الناس ليتقلبون في حرام إلى يوم القيامة بظلمنا أهل البيت. فقال نجية إنا لله وإنا إليه راجعون «ثلاث مرات» هلكنا ورب الكعبة. قال فرفع فخذه عن الوسادة فاستقبل القبلة فدعا بدعاء لم أفهم منه شيئا إلا أنا سمعناه في آخر دعائه وهو يقول : اللهمّ إنا قد أحللنا ذلك لشيعتنا».

وما رواه الصدوق في كتاب كمال الدين وتمام النعمة عن محمد بن عصام الكليني (2) قال : حدثنا محمد بن يعقوب الكليني عن إسحاق بن يعقوب قال : سألت محمد ابن عثمان العمري أن يوصل إلي كتابا قد سألت فيه مسائل أشكلت علي فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عليه‌السلام «أما ما سألت عنه. إلى أن قال : وأما المتلبسون

__________________

(1) الوسائل الباب 4 من الأنفال وما يختص بالإمام.

(2) الوسائل الباب 4 من الأنفال وما يختص بالإمام وفيه «إلى أن يظهر أمرنا».


بأموالنا فمن استحل منها شيئا فأكله فإنما يأكل النيران ، وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا وقد جعلوا منه في حل إلى وقت ظهورنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث».

وما رواه في الكافي عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام (1) في حديث قال : «إن الله جعل لنا أهل البيت سهاما ثلاثة في جميع الفي‌ء. إلى أن قال : فنحن أصحاب الخمس والفي‌ء وقد حرمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا. الحديث».

وما رواه الشيخ في التهذيب عن ضريس الكناسي (2) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) أتدري من أين دخل على الناس الزنا؟ فقلت لا أدري. فقال من قبل خمسنا أهل البيت إلا لشيعتنا الأطيبين فإنه محلل لهم ولميلادهم».

وما رواه في الكافي عن عبد العزيز بن نافع (3) قال : «طلبنا الإذن على أبي عبد الله (عليه‌السلام) وأرسلنا إليه فأرسل إلينا ادخلوا اثنين اثنين فدخلت أنا ورجل معي ، فقلت للرجل أحب أن تستأذنه بالمسألة فقال نعم فقال له جعلت فداك إن أبي كان ممن سباه بنو أمية وقد علمت أن بني أمية لم يكن لهم أن يحرموا ولا يحللوا ولم يكن لهم من ما في أيديهم قليل ولا كثير وإنما ذلك لكم فإذا ذكرت الذي كنت فيه دخلني من ذلك ما يكاد يفسد علي عقلي ما أنا فيه؟ فقال له أنت في حل من ما كان من ذلك وكل من كان في مثل حالك من ورائي فهو في حل من ذلك. قال فقمنا وخرجنا فسبقنا معتب إلى النفر القعود الذين ينتظرون إذن أبي عبد الله (عليه‌السلام) فقال لهم قد ظفر عبد العزيز بن نافع بشي‌ء ما ظفر بمثله أحد قط. فقيل له وما ذاك؟ ففسره لهم فقام اثنان فدخلا على أبي عبد الله (عليه‌السلام) فقال أحدهما جعلت فداك إن أبي كان من سبايا بني أمية وقد علمت أن بني أمية لم يكن لهم من ذلك قليل ولا كثير وأنا أحب أن تجعلني من ذلك في حل فقال وذلك إلينا؟ ما ذلك إلينا ما لنا أن نحل ولا أن نحرم. فخرج الرجلان وغضب أبو عبد الله (عليه‌السلام) فلم يدخل عليه أحد في تلك الليلة إلا بدأه أبو عبد الله (عليه‌السلام) فقال ألا تعجبون من فلان يجيئني فيستحلني

__________________

(1 و 2 و 3) الوسائل الباب 4 من الأنفال وما يختص بالإمام.


من ما صنعت بنو أمية كأنه يرى أن ذلك إلينا. ولم ينتفع أحد في تلك الليلة بقليل ولا كثير إلا الأولين فإنهما عنيا بحاجتهما».

وما رواه الصدوق في الفقيه عن داود الرقي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (1) قال : «سمعته يقول : الناس كلهم يعيشون في فضل مظلمتنا إلا أنا أحللنا شيعتنا من ذلك».

وما رواه في التهذيب عن علباء الأسدي (2) قال : «وليت البحرين فأصبت بها مالا كثيرا فأنفقت واشتريت ضياعا كثيرة واشتريت رقيقا وأمهات أولاد وولد لي ثم خرجت إلى مكة فحملت عيالي وأمهات أولادي ونسائي وحملت خمس ذلك المال فدخلت على أبي جعفر عليه‌السلام فقلت له إني وليت البحرين فأصبت بها مالا كثيرا واشتريت متاعا واشتريت رقيقا واشتريت أمهات أولاد وولد لي وأنفقت وهذا خمس ذلك المال وهؤلاء أمهات أولادي ونسائي قد أتيتك به. فقال أما إنه كله لنا وقد قبلت ما جئت به وقد حللتك من أمهات أولادك ونسائك وما أنفقت وضمنت لك علي وعلى أبي الجنة».

وهذا الحديث قد عده في الوافي في باب الأحاديث الدالة على تحليل الخمس ، إلا أنه ليس بظاهر في ذلك بل ربما ظهر في خلاف ذلك ، فإن ظاهر قوله : «قبلت ما جئت به» هو أخذ ما جاء به من الخمس وحله من الباقي حيث أنه أخبره أن الكل له. هذا ما يظهر من الخبر.

وما رواه في الكتاب المذكور عن الفضيل (3) قال : «قال أبو عبد الله عليه‌السلام قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لفاطمة (عليها‌السلام) أحلى نصيبك من الفي‌ء لآباء شيعتنا ليطيبوا. ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام إنا أحللنا أمهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا».

وما رواه فيه أيضا عن معاذ بن كثير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (4) قال : «موسع

__________________

(1 و 2 و 3) الوسائل الباب 4 من الأنفال وما يختص بالإمام.

(2) التهذيب ج 1 ص 389 وفي الوسائل الباب 1 من الأنفال وما يختص بالإمام. والراوي هو الحكم بن علباء الأسدي.


على شيعتنا أن ينفقوا من ما في أيديهم بالمعروف فإذا قام قائمنا حرم على كل ذي كنز كنزه حتى يأتوه به يستعين به».

ورواه في الكافي (1) بزيادة «يستعين به على عدوه». وما رواه الإمام العسكري عليه‌السلام في تفسيره عن آبائه (عليهم‌السلام) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (2) «أنه قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد علمت يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه سيكون بعدك ملك عضوض وجبر فيستولي على خمسي من السبي والغنائم ويبيعونه ولا يحل لمشتريه لأن نصيبي فيه ، وقد وهبت نصيبي منه لكل من ملك شيئا من ذلك من شيعتي لتحل لهم منافعهم من مأكل ومشرب ولتطيب مواليدهم ولا يكون أولادهم أولاد حرام. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما تصدق أحد أفضل من صدقتك ، وقد تبعك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في فعلك أحل للشيعة كل ما كان فيه من غنيمة أو بيع من نصيبه على واحد من شيعتي ولا أحلها أنا ولا أنت لغيرهم».

القسم الرابع ـ في ما دل على أن الأرض وما خرج منها كله للإمام عليه‌السلام ومنها ما رواه في الكافي عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام (3) قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خلق الله آدم وأقطعه الدنيا قطيعة فما كان لآدم فلرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وما كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فهو للأئمة (عليهم‌السلام) من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله».

وما رواه فيه عن يونس بن ظبيان أو المعلى بن خنيس (4) قال : قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) ما لكم من هذه الأرض؟ فتبسم ثم قال إن الله تعالى بعث جبرئيل وأمره أن يخرق بإبهامه ثمانية أنهار في الأرض : منها سيحان وجيحان وهو نهر بلخ والخشوع وهو نهر الشاش ومهران وهو نهر الهند ونيل مصر ودجلة والفرات ، فما سقت أو استقت فهو لنا وما كان لنا فهو لشيعتنا وليس لعدونا منه

__________________

(1) الفروع ج 1 ص 179.

(2 و 3) الوسائل الباب 4 من الأنفال وما يختص بالإمام.

(4) الوسائل الباب 4 من الأنفال وما يختص بالإمام.


شي‌ء إلا ما غصب عليه ، وإن ولينا لفي أوسع في ما بين ذه إلى ذه يعني ما بين السماء والأرض. ثم تلا هذه الآية «قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا» المغصوبين عليها «خالِصَةً» لهم «يَوْمَ الْقِيامَةِ» (1) بلا غصب.

وما رواه ثقة الإسلام في الكافي والشيخ في التهذيب في الصحيح عن أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر (عليه‌السلام) (2) قال : «وجدنا في كتاب علي (عليه‌السلام) (إِنَّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (3) أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الله الأرض ونحن المتقون والأرض كلها لنا ، فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها ، فإن تركها أو أخربها وأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحق بها من الذي تركها يؤدي خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها حتى يظهر القائم (عليه‌السلام) من أهل بيتي بالسيف فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها كما حواها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومنعها إلا ما كان في أيدي شيعتنا فإنه يقاطعهم على ما في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم».

ومنها ـ ما تقدم في صحيحة عمر بن يزيد في حديث مسمع بن عبد الملك (4) حيث قال فيه «إن الأرض كلها لنا فما أخرج الله منها من شي‌ء فهو لنا. إلى أن قال فيه زيادة على ما تقدم : حتى يقوم قائمنا فيجبيهم طسق ما كان في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم ، وأما ما كان في أيدي غيرهم فإن كسبهم من الأرض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا فيأخذ الأرض من أيديهم ويخرجهم عنها صغرة». قال في الكافي (5) قال عمر بن يزيد : فقال لي أبو سيار ما أرى أحدا من أصحاب الضياع

__________________

(1) سورة الأعراف الآية 31.

(2) الوسائل الباب 3 من إحياء الموات.

(3) سورة الأعراف الآية 126.

(4) الوسائل الباب 4 من الأنفال وما يختص بالإمام. واللفظ في الزيادة المذكورة هنا موافق للأصول ج 1 ص 408.

(5) الأصول ج 1 ص 408.


ولا ممن يلي الأعمال يأكل حلالا غيري إلا من طيبوا له ذلك.

وما رواه في الكافي والفقيه في الصحيح عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (1) قال : «إن جبرئيل عليه‌السلام كرى برجله خمسة أنهار ولسان الماء يتبعه : الفرات ودجلة ونيل مصر ومهران ونهر بلخ ، فما سقت أو سقي منها فللإمام ، والبحر المطيف بالدنيا» وزاد في الفقيه (2) «وهو أفسيكون».

وما رواه في الكافي عن محمد بن الريان (3) قال : «كتبت إلى العسكري عليه‌السلام جعلت فداك روي لنا أن ليس لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الدنيا إلا الخمس؟ فجاء الجواب إن الدنيا وما عليها لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله».

وما رواه فيه عن أحمد بن محمد بن عبد الله عليه‌السلام عن من رواه (4) قال : «الدنيا وما فيها لله ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولنا ، فمن غلب على شي‌ء منها فليتق الله وليؤد حق الله وليبر إخوانه فإن لم يفعل ذلك فالله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن برآء منه».

وما رواه فيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (5) قال : «قلت له أما على الإمام زكاة؟ فقال أحلت يا أبا محمد أما علمت أن الدنيا والآخرة للإمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء جائز له ذلك من الله ، إن الإمام يا أبا محمد لا يبيت ليلة أبدا ولله في عنقه حق يسأله عنه». وروى في الفقيه (6) نحوه.

__________________

(1) الوسائل الباب 1 من الأنفال وما يختص بالإمام. وإن أردت تشخيص محال الأنهار المذكورة في هذه الرواية ومصادرها فارجع إلى الفقيه التعليقة 1 ص 24 ج 2 الطبعة الحديثة.

(2) ج 2 ص 24 الطبعة الحديثة وقد ضبط فيها اللفظ المذكور كما ضبط هنا ، وقد جاء في التعليقة عليه هكذا : وفي نسخة أ«أفسنكون» وكلاهما وهم من النساخ والمراد «أبسكون» وهي بحيرة قزوين وتسمى بعدة أسماء منها ما ذكره الصدوق (ره) وتفسيره للبحر (المطيف بالدنيا) بهذا البحر لا تساعد عليه خرائط الجغرافية الحديثة.

(3) الأصول ج 1 ص 409.

(4 و 5) الأصول ج 1 ص 408.

(6) ج 2 ص 20.


وما رواه فيه عن علي عن السندي بن الربيع (1) قال : «لم يكن ابن أبي عمير يعدل بهشام بن الحكم شيئا وكان لا يغب إتيانه ثم انقطع عنه وخالفه ، وكان سبب ذلك أن أبا مالك الحضرمي كان أحد رجال هشام وقع بينه وبين ابن أبي عمير ملاحاة في شي‌ء من الإمامة : قال ابن أبي عمير : الدنيا كلها للإمام على جهة الملك وأنه أولى بها من الذين هي في أيديهم. وقال أبو مالك ليس كذلك أملاك الناس لهم إلا ما حكم الله به للإمام من الفي‌ء والخمس والمغنم فذلك له ، وذلك أيضا قد بين الله للإمام أين يضعه وكيف يصنع به. فتراضيا بهشام بن الحكم وصارا إليه فحكم هشام لأبي مالك علي بن أبي عمير فغضب ابن أبي عمير وهجر هشاما بعد ذلك».

قال في الوافي بعد نقل الخبر : لعل هشاما استعمل التقية في هذه الفتوى. والظاهر أنه كذلك لما عرفت من الأخبار المذكورة لأن عدم اطلاع هشام عليها بعيد جدا فالحمل على ما ذكره جيد ، ومنها ما تقدم في أول أخبار القسم الثاني من كتاب الفقه الرضوي (2) ويؤيد ذلك أيضا ما تقدم (3) من حديث أبي خالد الكابلي عنه عليه‌السلام قال : «إن رأيت صاحب هذا الأمر يعطي كل ما في بيت المال رجلا واحدا فلا يدخلن في قلبك شي‌ء فإنه إنما يعمل بأمر لله».

المقام الثاني ـ في بيان المذاهب في هذه المسألة واختلاف الأصحاب فيها على أقوال متشعبة

أحدها ـ عزله والوصية به من ثقة إلى آخر إلى وقت ظهوره عليه‌السلام وإلى هذا القول ذهب شيخنا المفيد في المقنعة حيث قال : قد اختلف أصحابنا في حديث الخمس عند الغيبة وذهب كل فريق منهم فيه إلى مقال : فمنهم من يسقط فرض إخراجه لغيبة الإمام بما تقدم من الرخص فيه من الأخبار ، وبعضهم يذهب إلى كنزه ويتأول خبرا ورد (4) «إن الأرض تظهر كنوزها عند ظهور الإمام وإنه عليه‌السلام إذا قام دله الله على الكنوز فيأخذها من كل مكان». وبعضهم يرى

__________________

(1) الأصول ج 1 ص 409 وفيه «السري بن الربيع».

(2) ص 425.

(3) ص 357 و 358.

(4) التهذيب ج 1 ص 147 الطبع الحديث.


صلة الذرية وفقراء الشيعة على طريق الاستحباب ، وبعضهم يرى عزله لصاحب الأمر فإن خشي إدراك الموت قبل ظهوره وصى به إلى من يثق به في عقله وديانته حتى يسلم إلى الإمام عليه‌السلام ثم إن أدرك قيامه وإلا وصى به إلى من يقوم مقامه في الثقة والديانة ، ثم على هذا الشرط إلى أن يظهر إمام الزمان عليه‌السلام قال : وهذا القول عندي أوضح من جميع ما تقدمه ، لأن الخمس حق وجب لصاحبه لم يرسم فيه قبل غيبته حتى يجب الانتهاء إليه فوجب حفظه عليه إلى وقت إيابه والتمكن من إيصاله إليه أو وجود من انتقل بالحق إليه ، ويجري ذلك مجرى الزكاة التي يعدم عند حلولها مستحقها فلا يجب عند عدم ذلك سقوطها ولا يحل التصرف فيها على حسب التصرف في الأملاك ويجب حفظها بالنفس أو الوصية إلى من يقوم بإيصالها إلى مستحقها من أهل الزكاة من الأصناف ، وإن ذهب ذاهب إلى ما ذكرناه في شطر الخمس الذي هو خالص للإمام عليه‌السلام وجعل الشطر الآخر لأيتام آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأبناء سبيلهم ومساكينهم على ما جاء في القرآن لم يبعد إصابته الحق في ذلك بل كان على صواب. وإنما اختلف أصحابنا في هذا الباب لعدم ما يلجأ إليه من صريح الألفاظ ، وإنما عدم ذلك لموضع تغليظ المحنة مع إقامة الدليل بمقتضى العقل في الأمر من لزوم الأصول في حظر التصرف في غير المملوك إلا بإذن المالك وحفظ الودائع لأهلها ورد الحقوق. انتهى وإنما أطلنا بنقله بطوله لدلالته (أولا) على أن الخلاف في هذه المسألة متقدم بين متقدمي الأصحاب ، و (ثانيا) لاشتماله على السبب في الاختلاف والعلة في ما اختاره وذهب إليه (رضوان الله عليه).

الثاني ـ القول بسقوطه كما نقله شيخنا المتقدم في صدر عبارته ، وهو مذهب سلار على ما نقله عنه في المختلف وغيره ، قال بعد أن ذكر المنع من التصرف فيه زمن الحضور إلا بإذنه عليه‌السلام : وفي هذا الزمان قد حللونا بالتصرف فيه كرما وفضلا لنا خاصة. واختار هذا القول الفاضل المولى محمد باقر الخراساني في الذخيرة وشيخنا المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني ، وسيجي‌ء نقل كلاميهما


ومستندهم فيه أخبار التحليل المتقدمة (1) وسيجي‌ء الكلام معهما فيه إن شاء الله تعالى ، وهذا القول مشهور الآن بين جملة من المعاصرين.

الثالث ـ القول بدفنه كما تقدم في عبارة شيخنا المفيد. كذا نقله الشيخ في النهاية استنادا إلى الخبر المذكور في كلاميهما.

الرابع ـ دفع النصف إلى الأصناف الثلاثة وأما حقه عليه‌السلام فيودع كما تقدم من ثقة إلى ثقة إلى أن يصل إليه عليه‌السلام وقت ظهوره أو يدفن.

وهو مذهب الشيخ في النهاية ، حيث قال (قدس‌سره) : وما يستحقونه من الأخماس في الكنوز وغيرها في حال الغيبة فقد اختلف قول أصحابنا فيه وليس فيه نص معين إلا أن كل واحد منهم قال قولا يقتضيه الاحتياط ، فقال بعضهم إنه جار في حال الاستتار مجرى ما أبيح لنا من المناكح والمتاجر ، وقال قوم إنه يجب حفظه ما دام الإنسان حيا فإذا حضرته الوفاة وصى به إلى من يثق به من إخوانه ليسلمه إلى صاحب الأمر عليه‌السلام إذا ظهر ويوصي به حسبما وصى به إليه إلى أن يصل إلى صاحب الأمر وقال قوم يجب دفنه لأن الأرض تخرج كنوزها عند قيام الإمام (عليه‌السلام) (2) وقال قوم يجب أن يقسم الخمس ستة أقسام فثلاثة للإمام (عليه‌السلام) تدفن أو تودع من يوثق بأمانته والثلاثة الأخر تفرق على مستحقيه من أيتام آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ومساكينهم وأبناء سبيلهم. وهذا من ما ينبغي أن يكون العمل عليه لأن هذه الثلاثة الأقسام مستحقها ظاهر وإن كان المتولي لتفريق ذلك فيهم غير ظاهر ، كما أن مستحق الزكاة ظاهر وإن كان المتولي لقبضها وتفريقها ليس بظاهر ، ولا أحد يقول في الزكاة إنه لا يجوز تسليمها إلى مستحقها. ولو إن إنسانا استعمل الاحتياط وعمل على الأقوال المتقدم ذكرها من الدفن أو الوصاية لم يكن مأثوما ، فأما التصرف فيه على ما تضمنه القول الأول فهو ضد الاحتياط والأولى اجتنابه حسبما قدمناه. انتهى. ويفهم من فحوى كلامه تجويز القول الأول على كراهة.

__________________

(1) ص 428.

(2) بمقتضى الخبر المتقدم ص 437.


وبمثل هذا الكلام صرح في المبسوط إلا أنه منع من الوجه الأول وقال لا يجوز العمل عليه ، وقال في الوجه الأخير : وعلى هذا يجب أن يكون العمل وإن عمل عامل على واحد من القسمين الأولين من الدفن أو الوصاية لم يكن به بأس. انتهى.

ومبنى كلامه وكذا كلام شيخنا المفيد على أن المسألة المذكورة وما يجب العمل به فيها زمن الغيبة غير منصوص والاحتمالات فيها متعددة فيؤخذ بكل ما كان أقرب إلى الاحتياط من تلك الاحتمالات. وستعرف إن شاء الله تعالى ما فيه ، وقد تقدم في كلام الشيخ المفيد تصويب ما اختاره الشيخ هنا.

الخامس ـ كسابقه بالنسبة إلى حصة الأصناف وصرفها عليهم وأما حقه (عليه‌السلام) فيجب حفظه إلى أن يوصل إليه ، وهو مذهب أبي الصلاح وابن البراج وابن إدريس واستحسنه العلامة في المنتهى واختاره في المختلف.

وشدد أبو الصلاح في المنع من التصرف في ذلك فقال : فإن أخل المكلف بما يجب عليه من الخمس وحق الأنفال كان عاصيا لله سبحانه ومستحقا لعاجل اللعن المتوجه من كل مسلم إلى ظالمي آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وآجل العقاب لكونه مخلا بالواجب عليه لا فضل مستحق ، ولا رخصة في ذلك بما ورد من الحديث فيها لأن فرض الخمس والأنفال ثابت بنص القرآن (1) والإجماع من الأمة وإن اختلف في من يستحقه ، ولإجماع آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله على ثبوته وكيفية استحقاقه وحمله إليهم وقبضهم إياه ومدح مؤديه وذم المخل به ، ولا يجوز الرجوع عن هذا المعلوم بشاذ الأخبار. انتهى.

وقال العلامة في المختلف ـ بعد نقل القول بالإباحة عن سلار وإيراد جملة من الأخبار الدالة على ذلك في زمن الحضور فضلا عن زمن الغيبة ـ ما صورته : واعلم

__________________

(1) أما الخمس فبقوله تعالى في سورة الأنفال الآية 43 «وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ ...» وأما الأنفال فبقوله تعالى في سورة الأنفال الآية 2 «قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ».


أن هذا القول بعيد من الصواب لضعف الأدلة المقاومة لنص القرآن ، والإجماع على تحريم التصرف في مال الغير بغير إذنه. والقول بالدفن أيضا بعيد. والقول بإيصائه بالجميع إلى من يوثق به عند إدراك المنية لا يخلو من ضعف لما فيه من منع الهاشميين من نصيبهم مع شدة حاجتهم وكثرة فاقتهم وعدم ما يتعوضون به من الخمس. والأقرب في ذلك قسمة الخمس نصفين فالمختص باليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله يفرق عليهم على حسب حاجتهم والمختص بالإمام عليه‌السلام يحفظ إلى أن يظهر عليه‌السلام فيسلم إليه إما بإدراكه أو بالإيصاء من ثقة إلى ثقة إلى أن يصل إليه عليه‌السلام وهل يجوز قسمته في المحاويج من الذرية كما ذهب إليه جملة من علمائنا؟ الأقرب ذلك لما ثبت بما تقدم من الأحاديث إباحة البعض للشيعة حال حضورهم فإنه يقتضي أولوية إباحة أنسابهم (عليهم‌السلام) مع الحاجة حال غيبة الإمام ، ولاستغنائه عليه‌السلام واحتياجهم ، ولما سبق من أن حصتهم لو قصرت عن حاجتهم لكان على الإمام عليه‌السلام الإتمام من نصيبه حال حضوره فإن وجوب هذا حال ظهوره يقتضي وجوبه حال غيبته عليه‌السلام فإن الواجب من الحقوق لا يسقط بغيبة من عليه الحق خصوصا إذا كان لله تعالى. انتهى.

السادس ـ ما تقدم أيضا بالنسبة إلى حصة الأصناف وأما حصته عليه‌السلام فتقسم على الذرية الهاشمية ، وقد استقربه في المختلف كما تقدم في عبارته ونقله عن جماعة من علمائنا ، وهو اختيار المحقق في الشرائع والشيخ علي في حاشيته على الكتاب وهو المشهور بين المتأخرين كما نقله شيخنا الشهيد الثاني في الروضة ، ونقل عن شيخنا الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني أنه اختاره أيضا ، ووجهه معلوم من ما سبق في كلام المختلف ، وعلله المحقق في الشرائع بالتعليل الأخير في كلام المختلف ومرجع هذا القول إلى قسمة الجميع في الأصناف إلا أنهم قد خصوا تولي قسمة حصة الإمام عليه‌السلام بالفقيه النائب عنه عليه‌السلام كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.

السابع ـ صرف النصف إلى الأصناف الثلاثة أيضا وأما حصته عليه‌السلام فيجب


إيصالها مع الإمكان وإلا فتصرف إلى الأصناف ومع تعذر الإيصال وعدم حاجة الأصناف تباح للشيعة ، وهو اختيار المحدث الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي في الوسائل.

الثامن ـ ما تقدم من صرف حصة الأصناف عليهم وأما حصته عليه‌السلام فيسقط إخراجها لإباحتهم (عليهم‌السلام) ذلك للشيعة.

وهو ظاهر السيد السند في المدارك حيث قال : والأصح إباحة ما يتعلق بالإمام عليه‌السلام من ذلك للأخبار الكثيرة الدالة عليه. ثم ساق بعضا من الأخبار التي في التحليل. إلى أن قال : وكيف كان فالمستفاد من الأخبار إباحة حقوقهم (عليهم‌السلام) من جميع ذلك. والله تعالى أعلم. انتهى. وهو مذهب المحدث الكاشاني في المفاتيح.

والعجب من شيخنا المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني في كتاب منية الممارسين أنه نقل أن مذهبه وكذا مذهب الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي صرف الجميع على الأصناف الثلاثة ، وتعجب منهما في خروجهما عن أخبار التحليل وإطراحها رأسا مع أنهما من الأخباريين ، ولا ريب أن مذهب الشيخ الحر يرجع بالأخرة إلى ما ذكره كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى ، وأما مذهب المحدث الكاشاني فهو ما ذكرناه لا ما توهمه (قدس‌سره) نعم جعل ما ذكره طريق الاحتياط.

قال في كتاب المفاتيح بعد الإشارة إلى جملة من أقوال المسألة : أقول والأصح عندي سقوط ما يختص به عليه‌السلام لتحليلهم (عليهم‌السلام) ذلك لشيعتهم ووجوب صرف حصص الباقين إلى أهلها لعدم مانع منه. ثم قال : ولو صرف الكل إليهم لكان أحوط وأحسن. انتهى.

ومثله كلامه في الوافي أيضا حيث قال بعد ذكر الكلام في زمن الحضور : وأما في مثل هذا الزمان حيث لا يمكن الوصول إليهم (عليهم‌السلام) فيسقط


حقهم رأسا دون السهام الباقية لوجود مستحقيها ، ومن صرف الكل حينئذ إلى الأصناف الثلاثة فقد أحسن واحتاط. والعلم عند الله. انتهى.

وهذا القول عندي هو الأقرب على تفصيل فيه كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى

التاسع ـ كسابقه إلا أنه خص صرف حصته عليه‌السلام بمواليه العارفين وهو منقول عن ابن حمزة ، قال : والصحيح عندي أنه يقسم نصيبه على مواليه العارفين بحقه من أهل الفقر والصلاح والسداد. انتهى.

العاشر ـ تخصيص التحليل بخمس الأرباح فإنه للإمام عليه‌السلام دون سائر الأصناف وأما سائر ما فيه الخمس فهو مشترك بينهم (عليهم‌السلام) وبين الأصناف ، وهو اختيار المحقق الشيخ حسن ابن شيخنا الشهيد الثاني في كتاب منتقى الجمان حيث قال في ذيل صحيحة الحارث النصري المتقدمة ما هذا لفظه : لا يخفى قوة دلالة هذا الحديث على تحليل حق الإمام عليه‌السلام في خصوص النوع المعروف في كلام الأصحاب بالأرباح ، فإذا أضفته إلى الأخبار السابقة الدالة بمعونة ما حققناه على اختصاصه عليه‌السلام بخمسها عرفت وجه مصير بعض قدمائنا إلى عدم وجوب إخراجه بخصوصه في حال الغيبة وتحققت أن استضعاف المتأخرين له ناشئ من قلة الفحص عن الأخبار ومعانيها والقناعة بميسور النظر فيها. انتهى. وأشار بقوله «بمعونة ما حققناه» إلى ما ذكره في الجواب عن الإشكالات الواردة في صحيحة علي بن مهزيار كما قدمنا نقله عنه (1) وأشرنا إلى ما فيه ، وسيأتي مزيد إيضاح لضعفه إن شاء الله تعالى.

الحادي عشر ـ عدم إباحة شي‌ء بالكلية حتى من المناكح والمساكن والمتاجر التي جمهور الأصحاب على تحليلها بل ادعي الإجماع على إباحة المناكح ، وهو مذهب ابن الجنيد فإنه قال : وتحليل من لا يملك جميعه عندي غير مبرئ من وجب عليه حق منه لغير المحلل ، لأن التحليل إنما هو في ما يملكه المحلل لا في ما لا يملك وإنما إليه

__________________

(1) ص 355 و 356.


ولاية قبضه وتفريقه في الأهل الذين سماه الله لهم.

الثاني عشر ـ قصر أخبار التحليل على جواز التصرف في المال الذي فيه الخمس قبل إخراج الخمس منه بأن يضمن الخمس في ذمته ، وهو مختار شيخنا المجلسي (قدس‌سره) كما سيأتي نقل كلامه إن شاء الله تعالى.

الثالث عشر ـ صرف حصة الأصناف عليهم والتخيير في حصته عليه‌السلام بين الدفن والوصية على الوجه المتقدم وصلة الأصناف مع الإعواز بإذن نائب الغيبة وهو الفقيه ، وهذا مذهب الشيخ الشهيد في الدروس ، ووجهه معلوم من ما سبق في الأقوال المتقدمة.

الرابع عشر ـ صرف النصف إلى الأصناف الثلاثة وجوبا أو استحبابا وحفظ نصيب الإمام عليه‌السلام إلى حين ظهوره ، ولو صرفه العلماء إلى من يقصر حاصله من الأصناف كان جائزا ، وهو اختيار الشهيد في البيان ، ووجهه أيضا يظهر من ما سبق

المقام الثالث ـ في تحقيق القول في المسألة وبيان ما هو المختار من هذه الأقوال وأن ما عداه خارج عن سمت الاعتدال :

فأقول : اعلم أولا ـ أيدك الله ـ أن المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) تحليل المناكح والمساكن والمتاجر في زمن الغيبة.

وفسرت المناكح بالجواري التي تسبى من دار الحرب فإنه يجوز شراؤها ووطؤها وإن كانت بأجمعها للإمام (عليه‌السلام) إذا غنمت من غير إذنه أو بعضها مع الإذن.

قال في الدروس : وليس ذلك من باب تبعيض التحليل بل تمليك الحصة أو الجميع من الإمام (عليه‌السلام). انتهى. وهو جيد.

وفسرها بعضهم بمهر الزوجة وثمن السراري من الربح ، وهو يرجع إلى المئونة المستثناة من وجوب الخمس في الأرباح كما تقدم.

وظاهر الدروس استثناء مهر الزوجة من جميع ما يجب فيه الخمس. أقول :


وهو الأقرب إلى ظاهر الأخبار الدالة على التحليل المعلل بطيب الولادة (1) وتخصيصه بمهر الزوجة لا وجه له بل وكذا ثمن الجواري التي للنكاح كما هو ظاهر الأخبار المشار إليها.

والعلامة في المنتهى نقل إجماع علمائنا على إباحة المناكح حال ظهور الإمام (عليه‌السلام) وغيبته ، إلا أن الظاهر من كلام ابن الجنيد كما قدمنا نقل عبارته وكذا ظاهر عبارة أبي الصلاح المتقدمة خلاف ذلك.

أقول : ومن ما يدل على ما ذكروه هنا من استثناء المناكح ظواهر جملة من الأخبار المتقدمة في القسم الثالث المعلل فيها التحليل بطيب الولادة (2) ودخول الزنا على العامة وإن أولادهم أولاد زنى لعدم تحليلهم ، وخصوص رواية أبي خديجة سالم بن مكرم (3).

وأما المساكن والمتاجر فألحقهما الشيخ ومن تأخر عنه بالمناكح ، واختلف من تأخر عنه في المراد منهما فقيل إن المراد بالمساكن ما يختص بالإمام (عليه‌السلام) من الأرض أو من الأرباح بمعنى أنه يستثنى من الأرباح مسكن فما زاد مع الحاجة ، ومرجع الأول إلى الأنفال المباحة في زمان الغيبة والثاني إلى المئونة المستثناة من الأرباح ، قيل ولا يبعد أن يكون المراد بها ثمن المساكن من ما فيه الخمس مطلقا. وفسرت المتاجر بما يشترى من الغنيمة المأخوذة من أهل الحرب في حال الغيبة وإن كانت بأسرها أو بعضها للإمام (عليه‌السلام) وهو يرجع إلى الأنفال ، لأن الغنيمة المأخوذة زمان الغيبة من الأنفال كما يأتي إن شاء الله تعالى. وفسرها ابن إدريس بشراء متعلق الخمس ممن لا يخمس فلا يجب على المشتري إخراج الخمس إلا أن يتجر فيه ويربح. وفسرها بعضهم بما يكتسب من الأرض والأشجار المختصة به (عليه‌السلام) وهذا يرجع إلى الأنفال.

__________________

(1 و 2) الوسائل الباب 4 من الأنفال وما يختص بالإمام.

(3) ص 430.


ولا بأس بنقل ملخص بعض عباراتهم ، قال شيخنا المفيد في المقنعة عقيب ما روى من أحاديث الرخصة : واعلم أرشدك الله أن ما قدمته في تناول الخمس والتصرف فيه إنما ورد في المناكح خاصة للعلة التي سلف ذكرها في الآثار عن الأئمّة (عليهم‌السلام) لتطيب ولادة شيعتهم ولم يرد في الأموال ، وما أخرته عن المتقدم من ما جاء في التشديد في الخمس والاستبداد به فهو يختص بالأموال ، وقد اختلف قوم من أصحابنا في ذلك عند الغيبة. إلى آخر الكلام الذي تقدم نقله عنه في أول المقام الثاني.

وظاهره (قدس‌سره) الجمع بين الأخبار الدالة على التحليل (1) والدالة على عدمه (2) بحمل الأولة على المناكح يعني المأخوذ من سبي الكفار من ما هو للإمام عليه‌السلام كلا أو بعضا أو ما صرف في المناكح من جميع ما يجب فيه الخمس كما قدمنا ذكره وذكرنا أنه الظاهر من الأخبار وحمل الأخبار الأخر على الأموال أي التصرف في الأموال بأنواع التصرفات. وكلامه (قدس‌سره) مقصور على استثناء المناكح خاصة

وقال الشيخ في النهاية بعد أن صرح بالمنع من التصرف في حصته (عليه‌السلام) بغير إذنه حال الحضور : وأما حال الغيبة فقد رخصوا لشيعتهم التصرف في حقوقهم (عليهم‌السلام) من ما يتعلق بالأخماس وغيرها في ما لا بد لهم منه من المناكح والمتاجر والمساكن ، فأما ما عدا ذلك فلا يجوز التصرف فيه على حال. ثم ذكر الاختلاف الذي قدمنا نقله عنه في المقام الثاني. ونحو ذلك كلامه في التهذيب.

وأنت خبير بأن ما قدمناه من الأخبار الدالة على التحليل في القسم الثالث أكثرها دال على التحليل في المناكح من حيث التعليلات فيها بطيب الولادة وما عدا ذلك فهو مطلق ، فأما أن يحمل على تلك الأخبار الظاهرة التقييد بالمناكح ، أو يعمل

__________________

(1) الوسائل الباب 4 من الأنفال وما يختص بالإمام.

(2) الوسائل الباب 3 من الأنفال وما يختص بالإمام.


به على إطلاقه كما هو أحد الأقوال في المسألة ، وبذلك يظهر أنه ليس لما ادعاه الشيخ ومن تبعه من تحليل الخمس لخصوص المساكن والمتاجر دليل من الأخبار المذكورة. نعم لو فسرت المساكن والمتاجر بما يرجع إلى الأنفال فلا إشكال في التحليل لما سيأتي إن شاء الله لكنه خارج عن محل البحث كما لا يخفى.

إلا أنه قد روى صاحب كتاب عوالي اللئالي في الكتاب المذكور مرسلا عن الصادق (عليه‌السلام) ما يدل على ذلك (1) قال : «روي عن الصادق (عليه‌السلام) أنه سأله بعض أصحابه فقال يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما حال شيعتكم في ما خصكم الله إذا غاب غائبكم واستتر قائمكم؟ فقال عليه‌السلام ما أنصفناهم إن آخذناهم ولا أحببناهم إن عاقبناهم بل نبيح لهم المساكن لتصح عباداتهم ونبيح لهم المناكح لتطيب ولادتهم ونبيح لهم المتاجر لتزكو أموالهم». وهو كما ترى صريح في المدعى.

إذا عرفت ذلك فاعلم أن الذي يظهر لي من أخبار هذه المسألة ويقرب إلى فكري الكليل وذهني العليل هو أن يقال إن الظاهر من الآية (2) والأخبار المتقدمة في القسم الأول والقسم الثاني هو نقل الخمس كملا إليهم (عليهم‌السلام) حال وجودهم والتمكن منهم أو وكلائهم وعدم التصرف فيه بغير إذنهم ، وكون ذلك على وجه الوجوب أو الاستحباب احتمالان أقربهما الأول ، ولا يجب علينا تطلب ما يفعلونه فيه بعد إيصاله إليهم ، إلا أن المفهوم من أخبارهم (عليهم‌السلام) أنهم ربما أباحوا به الناقل وحللوه به كملا كما هو صريح حديث مسمع ومفهوم حديث علباء الأسدي (3) على احتمال ، وربما أنفقوا منه على الأصناف كما يدل عليه أخبار قسمة الخمس بينهم وبين الأصناف وأنهم يعطونهم منه قدر الكفاية فإن زاد فهو لهم وإن نقص فهو عليهم (4) وعلى ذلك يدل ظاهر الآية. وأما في حال الغيبة فالظاهر

__________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 4 من الأنفال وما يختص بالإمام.

(2) وهي قوله تعالى «واعلموا أنما غنمتم ...» سورة الأنفال الآية 43.

(3) ص 430 و 433 وقد تقدم أن الراوي هو الحكم بن علباء الأسدي.

(4) الوسائل الباب 3 من قسمة الخمس.


عندي هو صرف حصة الأصناف عليهم كما عليه جمهور أصحابنا في ما مضى من نقل أقوالهم عملا بما دل على ذلك من الآية والأخبار المتقدمة في القسم الأول المؤكدة بالأخبار المذكورة في القسم الثاني ، فيجب إيصالها إليهم لعدم المانع من ذلك. وأما حقه عليه‌السلام فالظاهر تحليله للشيعة للتوقيع عن صاحب الزمان عليه‌السلام المتقدم في أخبار القسم الثالث (1) والاحتياط في صرفه على السادة المستحقين.

بقي الكلام في بعض أخبار القسم الثالث فإنه ربما دل على التحليل من الخمس كملا في زمن وجودهم وغيبتهم (عليهم‌السلام) إلى يوم القيامة ، وهو مشكل جدا لمنافاته لظاهر الآية والأخبار المتقدمة في القسم الأول والثاني ، بل أخبار القسم الثاني ما بين صريح وظاهر كالصريح في رد ذلك باعتبار زمان وجودهم (عليهم‌السلام) كما علمت من كلامه عليه‌السلام في كتاب الفقه الرضوي والخبرين المرويين عنه (عليه‌السلام) أيضا وصحيح إبراهيم بن هاشم المروي عن أبي جعفر (عليه‌السلام) (2).

وأما ما أجاب به شيخنا المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني (قدس‌سره) عن خبري محمد بن زيد الطبري المتقدمين (3) ـ حيث إنه ممن اختار العمل بأخبار التحليل مطلقا من أن الخمس حقه (عليه‌السلام) فله الخيار إن شاء أباحه وإلا فلا ـ فهو مع الإغماض عن المناقشة في كون الخمس كملا حقه (عليه‌السلام) خروج عن محل البحث ، لأن الفرض أن تلك الأخبار بحسب ظاهرها دالة على أن الخمس مباح للشيعة مطلقا كما اختاره (قدس‌سره) وجنح إليه وحينئذ فلا يحتاج في حله إلى رجوع إلى الإمام (عليه‌السلام) ولا إلى استئذانه فيه ، ومقتضى كلامه هنا أنه يجب الرجوع إلى الإمام (عليه‌السلام) واستئذانه فإن أباحه كان مباحا وإلا فلا ، وهذا من ما لا إشكال فيه كما أسلفناه ، وهذا هو الذي اخترناه في صدر الكلام بالنسبة إلى وقت وجودهم (عليهم‌السلام) من أنه يجب إيصاله إليهم واستئذانهم فيه ، ولكنه خارج عن ظواهر تلك الأخبار المشار إليها لأن ظاهرها كما عرفت هو التحليل مطلقا إلى يوم القيامة من غير مراجعة إلى الإمام (عليه‌السلام) وإن

__________________

(1) ص 431.

(2) ص 425 و 426 و 427.

(3) ص 426.


كان موجودا. ومقتضى كلامه هنا أن التحليل مخصوص بما يتعلق بذلك الإمام بخصوصه وزمانه دون زمن غيره من الأئمّة (عليهم‌السلام) وأنه في كل عصر يحتاج إلى الرجوع إلى إمام ذلك العصر واستئذانه ، وهو خلاف ظاهر إطلاق تلك الأخبار التي استند إليها.

ومن ما ذكرنا يعلم أيضا بطلان ما أجاب به الفاضل الخراساني في الذخيرة ، حيث إنه ممن ذهب إلى القول بالتحليل مطلقا كما مضى ويأتي ، حيث نقل حديث محمد بن زيد المذكور وقال بعد الطعن في السند : ويمكن الجمع بينه وبين الأخبار السابقة بعد الإغماض عن سنده بحمله على الرجحان والأفضلية وحمل الأخبار السابقة على أصل الجواز والإباحة ، وبأن الترخيص والتحليل في أمر الخمس بيدهم (عليهم‌السلام) فيجوز استثناء بعض الأفراد والأشخاص في بعض الأزمان عن عموم التحليل والترخيص لمصلحة دعت إلى ذلك وحكمة تقتضيه ، وذلك لا يقتضي انتفاء حكم التحليل وزواله عن أصله. انتهى.

وفيه أولا ـ أن ما دلت عليه رواية الطبري المذكورة ليس منحصرا فيها حتى أنه بالطعن فيها بما ذكره من ضعف السند وتأويله لها يتم ما ذكره بل الدال على ذلك جملة من الأخبار كما عرفت في القسم الثاني منها الصحيح وغيره.

وثانيا ـ أن ما ذكره من حمل الخبر على الرجحان والأفضلية دون الوجوب ينافي لفظ الخبر المذكور ، فإن سياقه صريح أو كالصريح في وجوب أداء الخمس لقوله في الرواية التي بطريق الكليني (1) «ما أمحل هذا تمحضونا المودة بألسنتكم وتزوون عنا حقا جعله الله لنا. لا نجعل أحدا منكم في حل». فأي صراحة في عدم التحليل ووجوب الإخراج أبلغ من هذا الكلام. ونظيره ما في صحيحة إبراهيم بن هاشم (2) وقوله عليه‌السلام «ليسألنهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالا حثيثا».

وثالثا ـ أن قوله ـ وبأن الترخيص والتحليل في أمر الخمس بيدهم (عليهم

__________________

(1) ص 426.

(2) ص 427.


السلام). إلى آخره ـ فيه ما عرفت آنفا من أن مقتضاه وجوب الرجوع في كل عصر إلى إمامه واستئذانه فإن أذن صح التحليل وإلا فلا ، وهو خلاف ظاهر الأخبار التي استند إليها من الدلالة على التحليل إلى يوم القيامة كما ذهب إليه. على أن صحيحة علي بن مهزيار لا خصوصية لها بشخص بخصوصه ليتم هذا الحمل فيها ، وكذلك ما ذكره عليه‌السلام في كتاب الفقه الرضوي بل هو عام لكل من وجب عليه الخمس بأن يوصله إليه عليه‌السلام أو إلى وكيله.

وبالجملة فإن ما ذكروه من الجواب عن هذه الأخبار لا أعرف له وجها بل هي صريحة الدلالة واضحة المقالة في وجوب إيصال الخمس إليهم (عليهم‌السلام) وأنه لا تحليل فيه ولا إباحة فهي ظاهرة المنافاة لتلك الأخبار ، إلا أنك قد عرفت أن البحث عن ذلك زمان وجودهم (عليهم‌السلام) لا ثمرة له فإنهم (عليهم‌السلام) يحللون من يريدون بما يريدون ولا اعتراض عليهم ولا نزاع معهم لما دلت عليه أخبار القسم الرابع من أن الأرض وما خرج منها لهم (عليهم‌السلام) ولكن الواجب في كل وقت الرجوع إلى إمامه عليه‌السلام لأن الأمر له فلا بد من الرجوع إليه.

وإنما الكلام في زمن الغيبة والمرجع فيه إلى صاحب الزمان (عجل الله فرجه) والذي وصل لنا منه عليه‌السلام التوقيع الذي تقدم في أخبار القسم الثالث رواه الصدوق في كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة عن إسحاق بن يعقوب المشتمل على أن الخمس قد أبيح لشيعتنا وقد جعلوا منه في حل إلى وقت ظهورنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث (1).

والتوقيع الآخر الذي تقدم في أخبار القسم الثاني برواية الصدوق في الكتاب المذكور من مسائل محمد بن جعفر الأسدي (2) الدال بظاهره على التحريم وعدم الإباحة ، وربما أوهم ظاهر كل منهما المنافاة للآخر والتحقيق أنه لا منافاة إذ الظاهر هو العمل بالتوقيع الدال على التحليل المعتضد بما استفاض عن آبائه (عليهم‌السلام)

__________________

(1) الوسائل الباب 4 من الأنفال وما يختص بالإمام ، وفيه «إلى أن يظهر أمرنا».

(2) ص 427.


في ذلك ، وأما التوقيع الآخر فالظاهر حمله على المخالفين وأعداء الدين لترتيبه عليه‌السلام المنع واللعن على من أكل أموالهم مستحلا وتصرف فيها تصرفه في ماله ، فإنه ينادي بظاهره أن هذا المتصرف لا يثبت له مالا ولا يعترف له بحق بل يرى ذلك حلالا كسائر أمواله والشيعة إنما تصرفوا بالإذن منه (عليه‌السلام) معترفين بأن ذلك حقه ولكن لما أباحه لهم تصرفوا فيه بالإذن منه والإباحة فالفرق واضح ، وقد وقع الإشارة بذلك إلى المخالفين في كثير من الأخبار المتقدمة مثل قول أمير المؤمنين (عليه‌السلام) في صحيحة الفضلاء (1) «هلك الناس في بطونهم وفروجهم لأنهم لم يؤدوا إلينا حقنا. الحديث». ومثله غيره. نعم ظاهر توقيع التحليل هو التحليل في مجموع الخمس ولكن مقتضى الجمع بينه وبين الأدلة التي قدمناها من الآية والروايات الدالة على أن النصف للأصناف الثلاثة (2) تخصيص التحليل بحقه (عليه‌السلام) وسياق الكلام قبل هذه العبارة في أمواله (عليه‌السلام) والتجوز في التعبير باب واسع ، فقوله «وأما الخمس» يعني وأما حقنا من الخمس ، ومجموع الخمس وإن أضيف إليهم (عليهم‌السلام) في جملة من الأخبار إلا أن المراد باعتبار كون النصف لهم أصالة والنصف الآخر ولاية ، وحينئذ فيجب دفع حصة الأصناف إليهم للأدلة المشار إليها سيما مع دلالة جملة من النصوص على أن الخمس جعله الله لهم عوضا عن الزكاة التي حرمها عليهم (3) فكيف يجوز أن يحرموا من العوض والمعوض؟ وبالجملة فهذا القول عندي أظهر الأقوال ولكني مع ذلك أحتاط بالدفع إلى مستحقي السادة غالبا.

إذا عرفت ذلك فاعلم أنه لا بد من عطف الكلام على الأقوال المتقدمة وبيان صحيحها من فاسدها ورائجها من كاسدها :

فنقول : أما القول الأول وهو عزل الخمس كملا والوصية به إلى أن يصل إليه

__________________

(1) ص 429.

(2) ص 370.

(3) الوسائل الباب 1 من قسمة الخمس.


عليه‌السلام ففيه أولا ـ أنه لم يقم عليه دليل يركن إليه ولا برهان يعتمد عليه ، وظاهر قائله أنه إنما صار إليه عملا بالاحتياط لأنه لم يرسم فيه شي‌ء يجب الرجوع إليه ، والظاهر أنه خلاف الاحتياط في حصة الأصناف ، لأن مقتضى الأدلة استحقاقهم لها ووجوب إيصالها إليهم ولا مانع منه ولا صارف عنه إلا ما ربما يتوهم من أن المتولي لصرفها هو الإمام عليه‌السلام وهو محمول على حال وجوده عليه‌السلام فإنا قد حكمنا بإيصال الجميع إليه كما تقدم ، وأما مع عدم وجوده فلا يجوز الخروج عن ظواهر تلك الأدلة الدالة على أنه لهم وأنه عوض عن الزكاة. وأما حصته عليه‌السلام فقد عرفت ما دل على إباحتها من التوقيع الخارج عن صاحب العصر أيده الله تعالى عاجلا بالنصر

وثانيا ـ ما في الإيداع من التغرير بالمال وتعريضه للتلف ولا سيما في مثل أوقاتنا هذه التي قد صار فيها العدل الحقيقي أعز عزيز ، وكأنهم بنوا ذلك على أوقاتهم المملوءة بالعلماء الصلحاء الأتقياء وظنوا قرب خروجه عليه‌السلام أو أن زمان الغيبة كله على ذلك المنوال ولم يعلموا بتسافل الحال وتقلب الأحوال بما يضيق عن نشره المجال.

وأما القول الثاني ـ وهو ما اختاره الفاضل الخراساني وشيخنا المحدث الصالح البحراني وجملة من المعاصرين وهو القول بسقوطه مطلقا ـ فظني بعده غاية البعد ونحن نكتفي بنقل ملخص كلام الفاضل المشار إليه حيث إنه ممن بالغ في نصرة هذا القول والاستدلال عليه بما لم يسبقه أحد إليه ، وشيخنا المحدث المشار إليه إنما حذا حذوه :

فنقول : قال الفاضل المذكور في كتاب الذخيرة ـ بعد أن ادعى دلالة الأخبار المتقدمة في القسم الثالث على إباحة الخمس مطلقا للشيعة ـ ما ملخصه : لكن يبقى على القول به إشكالات : منها ـ أن التحليل مختص بالإمام الذي يصدر منه الحكم إذ لا معنى لتحليل غير صاحب الحق ، فلا يلزم عموم الحكم. وجوابه أن ظاهر التعليل بطيب الولادة المذكور في بعض الأخبار ـ والتصريح بدوام الحكم في بعضها وإسناد التحليل بصيغة الجمع في بعض ـ يقتضي تحقق التحليل منهم (عليهم‌السلام) جميعا ويكفي


في ثبوته إخبار بعضهم (عليهم‌السلام) وقد أشار إلى ذلك المحقق وغيره.

أقول : فيه أولا ـ ما عرفت آنفا من أن أخبار التحليل معارضة بظاهر الآية وأخبار القسم الأول والثاني ، وأخبار القسم الأول وإن أمكن تقييدها بأخبار التحليل إلا أن أخبار القسم الثاني منها ما هو صريح في وجوب دفعه وعدم التحليل به كروايتي محمد بن زيد الطبري وصحيحة إبراهيم بن هاشم وصحيحة علي بن مهزيار ورواية كتاب الفقه الرضوي (1) ومنها ما هو ظاهر كباقي الأخبار.

وما تمسك به الفاضلان المذكوران ـ من حمل روايتي الطبري وصحيحة إبراهيم ابن هاشم على كون أولئك الطالبين للتحليل من المخالفين ـ بعيد بل غلط محض : أما أولا ـ فلأنه قد صرح في إحدى روايتي محمد بن زيد الطبري أنه بعض موالي أبي الحسن عليه‌السلام وفي الرواية الثانية بأنهم يمحضونهم المودة ، ومن المعلوم أن العامة لا يمحضونهم مودة ولا محبة ليتوجه عتابه لهم ولا يكونون من مواليه ، وفي صحيحة إبراهيم بن هاشم أنه كان وكيله عليه‌السلام الذي يتولى الوقف له بقم ، ومن المعلوم أن ذلك لا يكون من المخالفين.

وأما ثانيا ـ فإن العامة لا يثبتون لهم (عليهم‌السلام) حقا في الخمس ولا غيره فكيف يستأذنونهم (عليهم‌السلام) في ذلك؟

وأما ثالثا ـ فإن صحيحة علي بن مهزيار لا يجري فيها ما ذكره هنا ، فإنها صريحة في كون مواليه وشيعته قصروا في ما يجب عليهم من الخمس وأنه يريد تطهيرهم فلو كان الخمس حلالا مباحا كيف ينسبهم إلى التقصير؟ وكيف يريد التخفيف عنهم بما صنعه في عامه ذلك؟ وكيف يأمرهم بنقل ذلك إليه أو إلى وكيله؟ ونحو ذلك ما في كتاب الفقه الرضوي وإن لم يقف عليه.

وبذلك يظهر لك ما في قوله : «أنه يكفي في ذلك أخبار بعضهم عليهم‌السلام» ولو كان ما ذكره حقا من أنه يكفي في التحليل مطلقا أخبار الصادق عليه‌السلام بأنه حلال

__________________

(1) ص 425 و 426 و 427 و 428.


كيف يأمر الجواد عليه‌السلام بنقله إليه؟ مضافا إلى ما في الرواية من الدلالة الصريحة على الوجوب ، وكيف يقول أبو الحسن الثالث عليه‌السلام في رواية محمد بن علي بن شجاع «إن لي منه الخمس»؟ وفي رواية أبي علي بن راشد وكيله «أمرتني بأخذ حقك فأعلمت مواليك فقال لي بعضهم وأي شي‌ء حقه؟ فلم أدر ما أجيبه؟ فقال يجب عليهم الخمس. الخبر» ونحو ذلك من الروايات المتقدمة في القسم الأول.

وثانيا ـ أن ما استند إليه من تلك العبارات ففيه أن طيب الولادة يمكن قصره على المناكح كما هو المتفق عليه وهو ظاهر حسنة سالم بن مكرم ، وهي التي ورد فيها دوام الحكم إلى يوم القيامة ، وإطلاق غيرها من الأخبار يحمل عليها ، أو تخصيص ذلك بحقوقهم (عليهم‌السلام) فلا يقتضي ذلك تحليل جميع الخمس.

وبالجملة فإنه حيث دلت الآية (1) والأخبار المتقدمة في القسم الأول على وجوب الخمس واشتراكه بينهم (عليهم‌السلام) وبين الأصناف الثلاثة ـ ودلت الأخبار التي في القسم الثاني على عدم التحليل منه ووجوب إخراجه صريحا في بعض وظاهرا في آخر على وجه لا يمكن تأويلها كما عرفت ـ فلا بد من تخصيص أخبار التحليل بوجه ظاهر تجتمع به مع تلك الأخبار ولا يمكن العمل بها على إطلاقها البتة.

ثم قال (قدس‌سره) : ومنها ـ أن النصف حق للأصناف الثلاثة فكيف يسوغ التحليل بالنسبة إليه. ثم أجاب بوجهين : حاصل الأول المنع من كون النصف ملكا لهم مطلقا لجواز كون الأرباح ملكا للإمام عليه‌السلام وكذا المعادن والغوص والغنائم التي تؤخذ من غير إذن الإمام عليه‌السلام. إلى أن قال : وثانيهما ـ أنه يجوز أن يكون اختصاص الأصناف بالنصف أو مالكيتهم له مشروطا بحضور الإمام عليه‌السلام لا مطلقا لا بد لنفيه من دليل (فإن قلت) ظاهر الآية اختصاص النصف بالأصناف وكذا مرفوعة أحمد بن محمد ومرسلة حماد ورواية يونس (2) (قلت) أما الآية

__________________

(1) وهي قوله تعالى «وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ...» سورة الأنفال الآية 43.

(2) ص 421 وفي رواية يونس ارجع إلى الاستدراكات.


فظاهرها اختصاصها بالغنائم فلا تعم غيرها ، مع أنها لا تشمل زمان الغيبة بناء على أن الخطابات القرآنية متوجهة إلى الحاضرين في زمن الخطاب وانسحاب الحكم في غير الحاضرين مستندا إلى الإجماع وهو إنما يتم مع التوافق في الشرائط وهو ممنوع في محل البحث ، فلا تنهض الآية حجة على حكم زمان الغيبة. سلمنا لكن لا بد من صرفها عن ظاهرها إما بالحمل على كونها بيانا للمصرف أو بالتخصيص جمعا بينها وبين الأخبار الدالة على الترخيص. وأما الأخبار فمع ضعف سندها غير دالة على تعلق النصف بالأصناف على وجه الملكية أو الاختصاص مطلقا بل دالة على أن على الإمام عليه‌السلام أن يقسمه كذلك ، فيجوز أن يكون هذا واجبا على الإمام من غير أن يكون شي‌ء من الخمس ملكا لهم أو مختصا بهم مطلقا. سلمنا لكنها تدل على ثبوت هذا الحكم في زمان حضور الإمام لا مطلقا فيجوز اختلاف الحكم بحسب الأزمان سلمنا لكن لا بد من التخصيص فيها وصرفها عن ظاهرها جمعا بين الأدلة. وبالجملة أخبار الإباحة أصح وأصرح فلا يسوغ العدول عنها بالأخبار المذكورة. انتهى كلامه زيد مقامه.

أقول : فيه أولا ـ أنه لا ريب أن ظاهر الآية دال على اختصاص الأصناف بالنصف ، وهو قد اعترف بذلك في كلام له سابق على هذا المقام ، حيث قال بعد أن نقل عن المحقق حمل الآية على بيان المصرف ما صورته : وفيه نظر لأن حمل الآية على أن المراد بيان مصارف الاستحقاق عدول عن الظاهر من الآية ، بل الظاهر من الآية الملك أو الاختصاص والعدول عنه يحتاج إلى دليل. ولو كان كذلك لاقتضى جواز صرف الخمس كله في أحد الأصناف الستة وهم لا يقولون به. انتهى وحينئذ فإذا ضم إلى الآية الأخبار الدالة على تفسير الغنيمة فيها بما هو أعمّ من كل ما يغنمه الإنسان ويفيده حتى الإفادة يوما بيوم كما قدمنا ذكره في أول الكتاب دخل فيها جميع ما ذكره من الأرباح والغوص ونحوهما وسقط ما ذكره في الوجه الأول ، ويدل على ذلك صريحا مرفوعة أحمد بن محمد المتقدمة في أخبار القسم


الأول لقوله عليه‌السلام بعد ما ذكر ما فيه الخمس من الأنواع المذكورة «وأما الخمس فيقسم على ستة أسهم. إلى آخره» ومثلها مرسلة حماد بن عيسى المذكورة ثمة ، فإنهما صريحتان في كون النصف للأصناف الثلاثة من جميع ما فيه الخمس لا من غنيمة دار الحرب بالخصوص كما زعمه. وما ربما يتخيل دلالته على ما ادعاه ـ من إضافة مجموع الخمس إليهم (عليهم‌السلام) في بعض الأخبار أو تصرفهم بالعفو وإعطائه كملا لبعض الناس ـ فقد تقدم الجواب عنه.

وثانيا ـ أن ما ذكره من أنه يجوز أن يكون اختصاص الأصناف بالنصف مشروطا بحضور الإمام عليه‌السلام تعسف ظاهر مخالف لصريح الأدلة كتابا وسنة ، فإنها دالة كما عرفت على الاختصاص أو الملك كما اعترف به في ما قدمنا من كلامه ، ومقتضى ذلك العموم لحال وجوده وغيبته والتخصيص بحال وجوده يتوقف على الدليل ، فقوله «لا بد لنفيه من دليل» قلب للمسألة بل لا بد لإثباته من دليل ، ويؤيد ما قلنا بأوضح تأييد الروايات الدالة على أن الخمس عوض لهم عن الزكاة التي حرمها الله تعالى عليهم (1) ولا ريب أن تحريم الزكاة عليهم غير مختص بوجود الإمام عليه‌السلام حتى يكون اختصاصهم بالخمس مخصوصا بوجود الإمام عليه‌السلام.

وثالثا ـ أن ما ذكره ـ بقوله : «قلت أما الآية فظاهرها اختصاص الغنائم فلا تعم غيرها» ـ مردود بما عرفت من أن الروايات المعتمدة قد دلت على تفسير الغنيمة في الآية بالمعنى الأعم الشامل لجميع ما فيه الخمس ، ومنها صحيحة علي بن مهزيار الطويلة ورواية حكيم مؤذن بني عبس وكتاب الفقه الرضوي وغيرها من ما تقدم.

ورابعا ـ أن ما ذكره ـ من أن الآية لا تشمل زمان الغيبة بناء على أن الخطابات القرآنية متوجهة إلى الحاضرين. إلى آخره ـ مردود بأنا إنما نستند في انسحاب الحكم وعموم الآية لزمن الغيبة إلى الأخبار لا إلى الإجماع الذي ذكره ، فإنا لا ضرورة بنا تلجئ إليه ليتجه ما أورده عليه.

__________________

(1) الوسائل الباب 1 من قسمة الخمس.


والأخبار الدالة على ما ذكرناه كثيرة : منها ـ ما رواه في الكافي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (1) في حديث قال : «لو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الآية مات الكتاب ولكنه حي يجري في من بقي كما جرى في من مضى». ومثلها غيرها.

ومن أظهر ذلك في المقام استدلال الأئمّة (عليهم‌السلام) بالآية المذكورة وتفسيرهم لها بما قدمنا ذكره ، ولو كان الخطاب فيها مقصورا على زمنه صلى‌الله‌عليه‌وآله لما ساغ ذلك.

وخامسا ـ أن ما أجاب به ثالثا ـ بعد التنزل بقوله : «سلمنا لكن لا بد من صرف الآية عن ظاهرها. إلى آخره» ـ مردود بأن الحمل على بيان المصرف من ما قد اعترف في ما قدمنا نقله عنه بعدم صحته لاقتضائه جواز صرف الخمس كملا في أحد الأصناف الستة وهو باطل إجماعا نصا وفتوى فكيف يتمسك هنا بذلك؟

وأما التخصيص ففيه أن مقتضى القواعد الشرعية والضوابط المرعية والسنة المحمدية هو إرجاع الأخبار إلى القرآن وعرضها عليه فإن طابقته ووافقته وجب قبولها وإلا وجب ردها وطرحها (2) ولا ريب أن الأخبار في المسألة مختلفة والأخبار التي استند إليها مخالفة لظاهر الآية ، فالواجب بمقتضى القاعدة المنصوصة طرحها أو تأويلها بما يخرجها عن المخالفة ، فكيف عكس القاعدة وأوجب رد الآية وإخراجها عن ظاهرها إلى الأخبار التي ذكرها؟ وما وقع من أصحابنا (رضوان الله عليهم) في مثل مسألة الحبوة وميراث الزوجة ونحوهما من تخصيص الآيات بالأخبار فإنما هو من حيث اعتضاد الأخبار بإجماع الطائفة واتفاقها في بعض وإجماع المعظم منها في بعض ، أو عدم ظهور الآية في العموم على وجه ينافي الخبر المخصص ، أو نحو ذلك ، وهو في محل البحث على طريق العكس. على أن ما ذهبوا إليه

__________________

(1) الأصول ج 1 ص 192 باب أن الأئمّة (ع) هم الهداة.

(2) الوسائل الباب 9 من صفات القاضي وما يجوز أن يقضي به.


من التحليل مطلقا في زمن الوجود والغيبة في جميع أنواع ما فيه الخمس مقتض لطرح الآية رأسا لا تخصيصها كما هو ظاهر لا يخفى.

وسادسا ـ فإن طعنه في الأخبار بضعف سندها مردود بأنه ضعيف لا يلتفت إليه وسخيف لا يعرج عليه :

أما أولا ـ فإن هذه الأخبار هي معتمدهم في قسمة الخمس إنصافا بين الإمام والأصناف الثلاثة ، فإن اعتمدوا عليها فليكن في جميع الأحكام وإلا فلا.

وأما ثانيا ـ فإنه وأمثاله كثيرا ما يستدلون بأمثال هذه الأخبار ويتسترون عن ضعفها باصطلاحهم الضعيف الواهي بأعذار لبيت العنكبوت الذي هو أضعف البيوت تضاهي ، ولكن هذه عادة أصحاب هذا الاصطلاح الذي هو إلى الفساد أقرب منه إلى الصلاح : إذا نافت الرواية ما اختاروه أجابوا عنها بضعف السند وإذا ألجأتهم الحاجة لها في الاستدلال تستروا عن مخالفة اصطلاحهم والخروج عن مقتضاه بتلك الأعذار الواهية. وسابعا ـ أن ما ذكره ـ من أن تلك الأخبار غير دالة على تعلق النصف بالأصناف على جهة الملكية أو الاختصاص ـ فيه أن دلالتها على ذلك أظهر من أن تنكروا بين من أن تنشر ، وذلك مثل

قوله عليه‌السلام في مرفوعة أحمد بن محمد (1) بعد ذكر الخمس وأنه يقسم ستة أقسام قال : «فالنصف له ـ يعني الإمام عليه‌السلام ـ خاصة والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله الذين لا تحل لهم الصدقة ولا الزكاة عوضهم الله مكان ذلك بالخمس. الحديث». ولا ريب أن اللام هنا إما للملك أو الاختصاص كما هو القاعدة النحوية المطردة في أمثال هذا الكلام ، ويؤكده ذكر التعويض لهم عن الصدقة فإنه يقتضي الاطراد والاستمرار ، فكيف يحرمون العوض والمعوض؟ ومثل قوله عليه‌السلام في صحيحة إبراهيم بن هاشم المتقدمة في القسم الثاني (2) «أحدهم يثب على أموال آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأيتامهم ومساكينهم

__________________

(1) الوسائل الباب 1 من قسمة الخمس.

(2) ص 427.


وأبناء سبيلهم فيأخذه. الحديث» فأي عبارة أظهر من هذه العبارة؟ ولو صح المناقشة في ذلك بالنسبة إلى الأصناف صح أيضا بالنسبة إلى الإمام عليه‌السلام كما لا يخفى على ذوي الأفهام. وفي مرسلة حماد بن عيسى أيضا (1) قال : «فله ـ يعني الإمام عليه‌السلام ـ نصف الخمس كملا ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته فسهم ليتاماهم وسهم لمساكينهم وسهم لأبناء سبيلهم يقسم بينهم على الكتاب والسنة. إلى أن قال عليه‌السلام وإنما جعل الله هذا الخمس خاصة لهم دون مساكين الناس وأبناء سبيلهم عوضا لهم من صدقات الناس تنزيها من الله لهم لقرابتهم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكرامة من الله لهم عن أوساخ الناس ، فجعل لهم خاصة من عنده ما يغنيهم به عن أن يصيرهم في موضع الذل والمسكنة. إلى أن قال أيضا : وجعل لفقراء قرابة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله نصف الخمس فأغناهم به عن صدقات الناس وصدقات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وولي الأمر ، فلم يبق فقير من فقراء الناس ولم يبق فقير من فقراء قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا وقد استغنى فلا فقير. الحديث». وأي دليل يريد بعد هذه الأدلة الصريحة الواضحة؟

وثامنا ـ أن قوله ـ سلمنا لكنها تدل على ثبوت هذا الحكم في زمان حضور الإمام لا مطلقا ـ ظاهر الضعف بل البطلان ، والظاهر أن كلامه هذا مبني على ما توهمه من أن مستند الاختصاص أو الملك في تلك الأخبار إنما هو من جهة ما دلت عليه من أن الإمام عليه‌السلام يقسمه كذلك ، وهو غلط بل موضع الاستدلال إنما هو نسبته إليهم بلام الملك أو الاختصاص المؤكد بكونه عوضا لهم عن الصدقات وأنه جعله الله لهم وخصهم به دون الناس وأنه لم يبق فقير في الناس بعد جعل الله سبحانه الزكاة لسائر الناس والخمس لقرابة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وكيف يجامع هذا الاختصاص بزمان الحضور ، ما هذه إلا غفلة واضحة ، وليت شعري كأنه لم يراجع هذه الأخبار أو لم يتأمل فيها بعين التحقيق والاعتبار. على أن لقائل أن يعكس عليه هذه الدعوى بأن يقول إن مقتضى الأدلة الدالة على استحقاق الأصناف من

__________________

(1) الوسائل الباب 1 من قسمة الخمس.


الآية والروايات هو العموم والاستمرار في جميع الأوقات ولا سيما رواية حماد المذكورة كما سمعت ، ومقتضى أخبار التحليل هو الاختصاص بزمان وجودهم (عليهم‌السلام) لمصالح قد احتملنا بعضها في ما تقدم ، وما ربما يوهم الاستمرار في بعض قد بينا وجهه آنفا ، فالاختصاص إنما هو في جانب التحليل لا في جانب استحقاق الأصناف.

وتاسعا ـ أن قوله ـ سلمنا لكن لا بد من التخصيص فيها وصرفها عن ظاهرها جمعا بين الأدلة ـ مردود أولا ـ بما عرفت آنفا من صراحتها وعدم قبولها لما أراده.

وثانيا ـ أن هذه الأخبار قد ترجحت بموافقة القرآن كما عرفت فيصير العمل عليها ويجب تأويل ما خالفها أو طرحه بمقتضى القواعد المنصوصة (1) وقد ترجحت أيضا بذهاب المعظم من أجلاء الأصحاب متقدميهم ومتأخريهم إلى القول بمضمونها.

وثالثا ـ أن المخالفة ليست منحصرة فيها حتى أنه بتأويلها يسقط البحث ويتم ما ذكره بل أكثر أخبار القسم الأول والثاني كلها مخالفة لما ذكره وعاضدة لهذه الأخبار.

وبذلك يظهر لك أن ما ذهبوا إليه من هذا القول من ما لا يعول عليه وأنه ناشئ عن عدم إعطاء التأمل حقه في الأدلة الواردة في المسألة.

وأما القول الثالث وهو القول بدفنه فهو مع كونه مجهول القائل مجهول الدليل ولو ثبت هذا الخبر الذي ذكروه لوجب طرحه في مقابلة ما ذكرناه من الأدلة وهي أكثر عددا وأصح سندا وأظهر دلالة.

وأما الرابع ـ وهو دفع النصف إلى الأصناف والنصف الآخر يودع من ثقة إلى ثقة أو يدفن ـ فهو جيد بالنسبة إلى حصة الأصناف لما عرفت آنفا ، وأما بالنسبة إلى حقه عليه‌السلام فجوابه قد علم من ما ذكرنا في جواب القول الأول والقول الثالث.

وأما الخامس ـ وهو بعينه القول الرابع إلا أنه يعين الإيداع دون الدفن ـ فجوابه معلوم من ما سبق.

__________________

(1) الوسائل الباب 9 من صفات القاضي وما يجوز إن يقضي به.


وأما السادس ـ وهو صرف الجميع إلى الأصناف أما النصف فمن حيث كونه حقهم وأما النصف الذي هو حق الإمام عليه‌السلام فمن حيث إنه في حال حضوره متى قصر الخمس عن مئونتهم كان يتم لهم من ماله ، فوجوب هذا عليه حال حضوره يقتضي وجوبه عليه حال غيبته ، فإن الواجب من الحقوق لا يسقط بغيبة من عليه الحق ـ

ففيه أولا ـ أنه من الجائز اختصاص ذلك بحال الحضور لكون ذلك في مقابلة الزيادة عن مئونتهم لعامهم وهذا لا يجري في حال الغيبة فقياس الغيبة على الحضور قياس مع الفارق. على أن إيجاب ذلك عليه مطلقا كما يدعونه في محل المنع لدلالة جملة من الأخبار كما عرفت على التحليل ، ولا سيما دلالة صحيحة عمر بن يزيد في حكاية مسمع بن عبد الملك (1) ورد الصادق عليه‌السلام عليه ما حمل إليه من مال الخمس وتحليله به

وثانيا ـ ورود الرخصة من صاحب العصر (عجل الله فرجه) في إباحة الخمس للشيعة حال الغيبة كما تقدم ، وإنما حملناه على حقه (عليه‌السلام) جمعا بين الأخبار كما سلف بيانه.

وبالجملة فإنه لا وجه لهذا القول من حيث الدليل وإن كان الاحتياط به واضح السبيل.

وأما السابع ـ وهو صرف النصف إلى الأصناف الثلاثة والنصف الذي له عليه‌السلام يجب إيصاله مع الإمكان وإلا فيصرف إلى الأصناف ومع تعذر الإيصال وعدم حاجة الأصناف فيباح للشيعة كما اختاره صاحب الوسائل في كتابه (2) ـ

ففيه أن الواجب مع وجود الإمام عليه‌السلام والتمكن من الوصول إليه أو إلى وكيله هو إيصال جميع الخمس إليه كما هو مقتضى الأخبار وكلام الأصحاب ، وأما مع غيبته عليه‌السلام فيجب صرف حصة الأصناف عليهم وأما حصته عليه‌السلام فقد

__________________

(1) ص 430.

(2) الوسائل الباب 4 من الأنفال وما يختص بالإمام.


حصلت الإباحة فيها من صاحبها كما تقدم. وأما مع وجوده عليه‌السلام وعدم التمكن منه ـ وإن كان الفرض نادرا حيث إن المفهوم من الأخبار أنهم مع شدة التقية كانت لهم (عليهم‌السلام) وكلاء لقبض الأخماس وغيرها في سائر البلدان ـ وشدة التقية كانت في زمن الكاظم عليه‌السلام وكان السبب في وقف من أنكر موته وقال بالوقف إنما هو الأموال التي كانت بأيديهم من ما يقبضونه له من الناس ـ فالحكم لا يخلو من توقف وصرفها إلى الأصناف كما ذكره في هذه الصورة لا دليل عليه ، وظاهر كلامه حمل أخبار الإباحة على تعذر الإيصال وعدم حاجة الأصناف ، مع أنك قد عرفت أن الإباحة من الصادق والباقر وعلي (عليهم‌السلام) في حال وجودهم وإمكان الإيصال إليهم ، وبالجملة فما ذكره زعما منه جمع الأخبار عليه لا يخلو من تعسف ظاهر كما هو واضح من ما شرحناه آنفا.

وأما الثامن ـ وهو ما ذهب إليه المحدث الكاشاني من إيصال حصة الأصناف وسقوط حقه عليه‌السلام وظاهره أن ذلك أعمّ من حال الحضور أو الغيبة ، حيث قال في كتاب الوافي بعد نقل جملة أخبار المسألة المروية في الكتب الأربعة : والذي يظهر لي من مجموع الأخبار الواردة في ذلك أن تحليلهم (عليهم‌السلام) يعم المناكح وغيرها من الأموال إلا أنه مختص بحصتهم (عليهم‌السلام) أعني السهام الثلاثة كما مر في حديث أبي حمزة (1) «إن الله جعل لنا أهل البيت سهاما ثلاثة». دون سهام اليتامى والمساكين وابن السبيل فإنها لغيرهم وإن كان لهم التصرف فيها في زمان حضورهم بأن يضعوها في من شاءوا وكيف شاءوا كما كانوا يتصرفون في حصة أنفسهم لأن جميع الأموال في الحقيقة لهم والناس عيالهم ، وكان الواجب على شيعتهم في زمن حضورهم أن يحملوا كل الخمس إليهم ليضعوه في من يشاءون إلا أن من لم يفعل ذلك منهم في حل بعد أن أساء ، وعلى ذلك يحمل التشديد أو على أن التشديد مختص بغير الشيعة وهذا أظهر من الأخبار. وأما في مثل هذا الزمان حيث لا يمكن

__________________

(1) ص 432.


الوصول إليهم (عليهم‌السلام) فتسقط حصتهم رأسا لتعذر ذلك وغناهم عنه رأسا دون السهام الباقية لوجود مستحقيها ، ومن صرف الكل حينئذ إلى الأصناف الثلاثة فقد أحسن واحتاط. والعلم عند الله. انتهى ـ

فهو قريب من ما اخترناه : أما في حال الغيبة فهو عين ما ذكرناه من وجوب صرف النصف إلى الأصناف وإباحة حقه عليه‌السلام إلا أنه إنما علل ذلك بتعذر إيصاله وغناه عنه وغفل عن التوقيع الوارد من صاحب الخمس بتحليله للشيعة زمن الغيبة ، ولعله لعدم اطلاعه عليه حيث إنه ليس من أخبار الكتب الأربعة التي تصدى لجمعها ، وأما حال الحضور فظاهره تخصيص التحليل في ما ورد من أخبار التحليل بحصتهم (عليهم‌السلام) دون حصة الأصناف وهو جيد ، إلا أن ظاهره أن ذلك عام وجار في جميع الأئمّة (عليهم‌السلام) كما يؤذن به حمله أخبار التشديد على الاختصاص بغير الشيعة ، وهذا هو موضع الخلاف بيننا وبينه لما أوضحناه سابقا من أن أخبار القسم الثاني وجملة من أخبار القسم الأول أيضا لا تقبل الحمل على ذلك بل هي ما بين صريح وظاهر في عدم التحليل ووجوب إيصال الخمس إليهم (عليهم‌السلام) كصحيحة علي بن مهزيار وصحيحة إبراهيم بن هاشم وروايتي الطبري وعبارة كتاب الفقه الرضوي (1) ويعضدها من روايات القسم الأول أيضا رواية محمد بن علي بن شجاع ورواية أبي علي بن راشد (2) وحمل روايتي الطبري وصحيحة إبراهيم ابن هاشم على غير الشيعة من المخالفين قد أوضحنا بعده بل فساده ، ومع الإغماض عن ذلك فإنه لا يتم له في الأخبار الباقية.

وبالجملة فالأظهر كما حققناه سابقا اختصاص التحليل بمن حصل منه التحليل حسبما يقع من خصوص أو عموم دون غيره من باقي الأئمّة ، وبه يعلم ما في قوله أيضا «أن من لم يحمل ذلك إليهم كان في حل وإن أساء» بناء على حمله أخبار التشديد في إخراج الخمس على ما ذكره ، وكيف يكون في حل مع قول أبي جعفر عليه‌السلام في صحيحة

__________________

(1) ص 425 إلى 428.

(2) ص 420.


إبراهيم بن هاشم «والله ليسألنهم الله تعالى يوم القيامة عن ذلك سؤالا حثيثا» وفي إحدى روايتي الطبري (1) بعد التوبيخ والتقريع العظيم «لا نجعل أحدا منكم في حل» وقريب منهما صحيحة علي بن مهزيار (2) بل لا تقصر عنهما.

وأما التاسع ـ وهو صرف حصة الأصناف إليهم وقسمة حصته عليه‌السلام على مواليه العارفين بحقه من أهل الفقر والصلاح والسداد ـ فهو موافق لما اخترناه إلا أن التخصيص بمن ذكر لا دليل عليه وإن كان أولى ، وأولى منه صرفه على السادة المستحقين.

وأما العاشر ـ وهو تخصيص التحليل بخمس الأرباح حيث إنه له عليه‌السلام خاصة دون باقي الأصناف كما ذهب إليه المحقق الشيخ حسن في المنتقى ـ

ففيه ـ مع إغماض النظر عن المناقشة في دلالة الروايات التي أشار إليها على اختصاص خمس الأرباح به عليه‌السلام بأن نسبة الخمس كملا فيها إلى نفسه باعتبار مالكيته لنصفه وولايته على النصف الآخر ـ أن ذلك مردود أولا ـ بصريح رواية مسمع والاحتمال الذي في رواية الحكم بن علباء الأسدي (3) اللذين قد حللهما الإمامان (عليهما‌السلام) بخمس الغوص مع أنه ليس من الأرباح بالمعنى الذي ذكره.

وثانيا ـ بصحيحة علي بن مهزيار (4) المتضمنة لحمل الخمس إلى وكيله ولو بعد حين مع كون ظاهر سياقها أن ذلك من خمس الأرباح ، فلو كان خمس الأرباح من ما حللوه كيف يأمر بنقله إليه أو إلى وكيله ويذكر في أول الخبر أن مواليه قصروا في أمر الخمس وأنه أراد أن يطهرهم بما وضعه عنهم في ذلك العام فإن جميع هذا من ما ينافي التحليل.

وبالجملة فالظاهر إنما هو ما قدمناه من أن الخمس مطلقا وإن كان مشتركا بينهم وبين الأصناف إلا أن لهم الاختيار فيه بل وفي غيره كيف شاءوا وأرادوا ولا

__________________

(1) ص 426.

(2 و 4) ص 349.

(3) ص 430 و 433.


اعتراض عليهم ، لأن الأرض وما خرج منها لهم (عليهم‌السلام) كما عرفت من أخبار القسم الرابع ، وأنه يحل لمن حللوه ويحرم على من لم يحللوه وأنه يجب الرجوع فيه في كل وقت إلى إمام ذلك الوقت.

هذا. وأما اعتضاده بذهاب بعض قدمائنا إلى السقوط ـ وتشنيعه على المتأخرين برد هذا القول بأنه ناشئ عن قلة الفحص عن الأخبار ومعانيها والقناعة بميسور النظر فيها ـ ففيه أن ذلك القائل الذي نقل عنه من القدماء ـ كما عرفت من عبارتي الشيخ المفيد في المقنعة والشيخ الطوسي في النهاية ـ إنما أراد سقوط الخمس مطلقا من أي نوع كان الأرباح وغيرها ، وهو لا يقول به وإنما يخص التحليل بخمس الأرباح خاصة فكيف يحكم بصحة القول المذكور ويشنع على من رده؟ مع ما عرفت من كلام الشيخين المذكورين في منشأ الخلاف بين القدماء في هذه المسألة.

وأما الحادي عشر ـ وهو عدم التحليل بالكلية كما ذهب إليه ابن الجنيد ـ فهو من ما لا يلتفت إليه ولا يعرج عليه : أما أولا ـ فلأن التحليل ثابت بيقين لا يداخله الظن ولا التخمين وإنما الكلام في عمومه من جهة المحلل بكسر اللام والمحلل بفتحها أو خصوصه فيهما أو خصوصه في أحدهما على ما سبق من التفصيل في الأقوال والأخبار.

وأما ثانيا ـ فإن كلامه في ما قدمناه من عبارته لا يخلو من سوء الأدب في حق الإمام عليه‌السلام من حيث إنه نسبه إلى التصرف في ما لا يجوز له التصرف فيه وإباحة ما ليس له إباحته ، إلا أن يحمل كلامه على عدم ثبوت أخبار التحليل عنده وهو بعيد غاية البعد لما عرفت من شهرتها واستفاضتها ، قال المحقق في المعتبر بعد نقل محصل كلامه ـ ونعم ما قال ـ إن هذا ليس بشي‌ء لأن الإمام لا يحلل إلا ما يعلم أن له الولاية في تحليله ولو لم يكن له ذلك لاقتصر في التحليل على زمانه ولم يقيده بالدوام.

وأما ثالثا ـ فلأنك قد عرفت من أخبار القسم الرابع أن الأرض وما فيها له


عليه‌السلام فأي مانع من التحليل في ما اقتضت المصلحة يومئذ تحليله؟

ولو نوقش في تلك الأخبار بأنه لا ريب في تسلط الناس على ما في أيديهم من الأملاك من ما ينقل ويحول أم لا والتوارث والتصرف بجميع أنواع التصرفات وأن المتصرف فيه غير المالك غاصب مستحق للعقاب ، وهذا من ما عليه الاتفاق كتابا وسنة وإجماعا وهو من ما يدافع تلك الأخبار.

قلنا : لا ريب أن جميع هذه الأشياء المذكورة ملك لله عزوجل وأنه ملكها العباد على الوجه المذكور ، فلو أراد الله سبحانه التصرف فيها بما ينافي رضا مالكها أرأيت أن ذلك يوجب اعتراضا عليه تعالى ويكون ظلما وجورا؟ فإنه هو المالك الحقيقي والمالك الآخر مجازي فله التصرف في الأموال وفي أصحابها كيف شاء وأراد ، وهكذا فقل بالنسبة إليهم (عليهم‌السلام) فإن الله عزوجل المالك للأرض وما فيها قد ملكها نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله وأوصياءه بعده كما دلت عليه تلك الأخبار وهم (عليهم‌السلام) قد حللوا شيعتهم خاصة زمان الغيبة بالتملك والتصرف كيف شاءوا وأرادوا وجرت أيدي الناس على الأملاك على الوجوه المذكورة ، فلو تصرفوا (عليهم‌السلام) في شي‌ء من ذلك على خلاف رضا من ملكوه لم يثمر ذلك اعتراضا عليهم لأن الأصل لهم عين ما عرفت بالنسبة إليه عزوجل ، وأما المخالفون لهم (عليهم‌السلام) فتصرفهم محرم والعقاب فيه ثابت والاقتصاص منهم في القيامة قائم ، فلا إشكال بحمد الله في هذا المجال.

وأما الثاني عشر ـ وهو ما ذهب إليه شيخنا المجلسي (عطر الله مرقده) ـ من قصر التحليل على التصرف في مال الخمس قبل إخراجه مع ضمان الخمس في الذمة وأنه لا يحل شي‌ء من الخمس ـ فعجيب من مثله وأي عجيب ، وقد رأيت كلامه أولا في بعض الحواشي المنسوبة إليه على كتب الأخبار فحصل لي العجب من ذلك ولم أتيقن أنه يقول بمثل هذه المقالة البعيدة عن الأخبار حتى رأيت كلامه في كتاب زاد المعاد موافقا لما وحدته أولا ، وها أنا أسوق أولا ما وقفت عليه من كلامه ثم أذكر ما فيه :


قال في حاشية له على كتاب الإستبصار ـ على قول الشيخ هناك بعد نقل رواية محمد بن زيد الطبري المتقدمة : «فالوجه في الجمع بين هذه الروايات ما ذهب إليه شيخنا. إلى آخره» ـ ما لفظه : ومراد كلامه أن الرخصة في صرف المال في المناكح قبل إخراج الخمس منه لا في سقوط الخمس في الأموال وإنما الفائدة حل الوطء وطيب الولادة مع استقرار المال في الذمة إلى أن يؤدى الخمس ، وبالجملة نقول نصوص الرخصة مقتضاها في باب المناكح حل انتفاع البضع في الأمة المسبية من دون إخراج حق الإمام عليه‌السلام من الخمس وفي باب المساكن حل انتفاع السكنى وفي باب المتاجر جواز تصرفات التجارة. انتهى.

وقال (قدس‌سره) في حاشية له على الكافي على قوله في رواية سالم بن مكرم المتقدمة (1) : «ليس يسألك أن يعترض الطريق». ما صورته : يعني ليس يسألك تحليل الفروج واعتراض طريق الشرع بل إنما يسألك إحلال تصرفاته في ماله من المناكح والمساكن من قبل تخميسه : فيكون له مال فيه الخمس فلا يخمسه ويشتري منه خادما ينكحها أو يجعل منه صداقا لامرأة يتزوجها أو يصيب ميراثا أو مالا من التجارة أو عطية يعطاها فيصرف ذلك في مناكحه أو مساكنه ولم يكن يخمسه؟ فقال عليه‌السلام : هذا أي هذا التصرف من قبل تخميس المال لشيعتنا حلال لتطيب ولادتهم والخمس في ذمتهم حتى يؤدون. ولم يعن عليه‌السلام بالإحلال سقوط الخمس عنهم وبراءة ذمتهم كما هو المستبين. انتهى.

وقال في كتاب زاد المعاد ما هذا ملخصه : وأما مستحق الخمس فالمشهور أنه يقسم على ست حصص كما هو ظاهر الآية (2) فثلاث منها للإمام وثلاث منها للأصناف الثلاثة ، والظاهر من الأحاديث المعتبرة أن جميع الخمس في زمان وجود الإمام عليه‌السلام يوصلونه له وهو يأخذ نصفه لنفسه والنصف الآخر يقسمه على الأصناف الثلاثة بقدر كفايتهم في عامهم فإن فضل شي‌ء أخذه وإن أعوز أتم لهم من نصيبه ، وأما في

__________________

(1) ص 430.

(2) وهي قوله تعالى «وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ...» سورة الأنفال الآية 43.


زمان الغيبة فالأحوط أن حصة السادات تدفع إلى العالم العادل ليصرفها على الأصناف وأما النصف الآخر الذي هو حصة الإمام عليه‌السلام ففيها خلاف في زمن الغيبة والمشهور دفعها إلى العالم العادل ليوصلها إلى السادات على سبيل التتمة فإن زاد شي‌ء حفظه عنده وبعده يودعه إلى عالم آخر فإن وجد سيدا محتاجا دفعه إليه وإلا حفظه إلى أن يوصل إلى الإمام عليه‌السلام ، إلا أن الفرض في هذا الزمان نادر جدا لكثرة السادة المستحقين وقلة المخرجين للخمس. وذهب جمع في زمن الغيبة إلى أنه عليه‌السلام حلل حصته من الخمس للشيعة. وهذا القول لا وجه له لعدم ورود رواية صريحة عنه عليه‌السلام بأنه حلل ذلك بل الوارد خلاف ذلك ، لأنه في زمان الغيبة الصغرى وهي نيف وسبعون سنة كان السفراء الأربعة المشهورون يقبضون حصته عليه‌السلام بل جميع الخمس من الشيعة ويصرفونه في المصارف التي أمر بها عليه‌السلام والظاهر أن مثل هذا الزمان يكون الحكم راجعا إلى النائب العام وهم العلماء الربانيون والمحدثون الحاملون لعلومهم فينبغي أن يقبضوها ويصرفوها على السادة الذين هم عياله (عليه‌السلام). ثم أظال بتأييد ذلك بما يدل على إعانة السادة وإكرامهم وسد فقرهم ولا سيما في مثل هذه الأزمان. إلى أن قال : وأكثر العلماء قد صرحوا بأن صاحب الخمس لو تولى دفع حصته (عليه‌السلام) للسادة لم تبرأ ذمته بل يجب عليه دفعها إلى العالم المحدث العادل. وظني أن هذا الحكم جار في جميع الخمس. انتهى.

أقول : لا يخفى عليك بعد الإحاطة بما أسلفناه من الأخبار والتأمل في معانيها والنظر في ما ذكرناه من الأبحاث المشيدة لمبانيها ما في كلام شيخنا المذكور من الضعف والقصور :

أما أولا ـ فإن صحيحة عمر بن يزيد (1) قد صرحت برد الخمس كملا على مسمع بن عبد الملك وتحليله به ، ومثلها ظواهر جملة روايات القسم الثالث ، فإن جملة منها كالصريح في التحليل لأصل الخمس أو حصتهم (عليهم‌السلام) منه لا يعتريها

__________________

(1) ص 430.


شك ولا شبهة ، ولهذا إن أصحابنا كملا متقدميهم ومتأخريهم إلا الشاذ النادر قد اتفقوا على التحليل بالمعنى الذي ندعيه لما فهموه من هذه الأخبار ، وإنما اختلفوا كما عرفت من ما أسلفناه في عموم التحليل أو تخصيصه بالمناكح أو مع إلحاق المساكن والمتاجر ، وكذا اختلفوا في عمومه بالنسبة إلى جميع ما فيه الخمس أو التخصيص ببعضها ، وكذا اختلفوا في دوام التحليل أو تخصيصه بحال وجودهم (عليهم‌السلام) فأصل التحليل من ما لا إشكال فيه عندهم ، ومن الظاهر أن هذه الاختلافات إنما ترتبت على التحليل بالمعنى الذي ندعيه لا بمعنى جواز التصرف قبل إخراج الخمس كما فسر به الأخبار.

وأما ثانيا ـ فإن ما ذكره في كتاب زاد المعاد ـ من أن الظاهر من الأحاديث المعتبرة. إلى آخره ـ لم يرد إلا في مرسلة أحمد بن محمد ومرفوعة حماد بن عيسى خاصة ، وجل الروايات وأكثرها إنما دلت بعد الوصول إليه على التحليل كما عرفت من روايات القسم الثالث وهي أكثر عددا وأصح سندا وأصرح دلالة.

وأما ما ذكره في رد القول بتحليل حصته عليه‌السلام في زمان الغيبة ـ من أنه لم يرد عنه ما يدل على التحليل ـ فمردود بما نقلناه من التوقيع الذي رواه الصدوق كما قدمناه في القسم الثالث فإنه صحيح صريح في التحليل.

وأما ما استند إليه من أمر السفراء في زمن الغيبة الصغرى فهو قياس مع الفارق فإن مراد أصحابنا بزمان الغيبة هو زمان الغيبة الكبرى التي لا يمكن الوصول إليه فيها بالكلية لا ما توهمه من الغيبة الصغرى ، فإن هذا إنما هو من قبيل الحضور وعدم التمكن من الوصول إليه بمنزلة الإمام الذي يكون في حبس الظلمة كالإمام الكاظم عليه‌السلام مدة كونه في حبس الرشيد (1) بل هذا أظهر في الحضور للتمكن من استعلام الأحكام منه عليه‌السلام في كل ساعة وإن كان بالواسطة بخلاف الكاظم (عليه‌السلام) وبالجملة فإن ما ذكره ليس من محل البحث في شي‌ء.

__________________

(1) عيون أخبار الرضا الباب 7 و 8 ص 69 إلى 108 الطبع الحديث.


وأما ثالثا ـ فإن ما اختاره ـ من دفع الخمس كملا أو حصته عليه‌السلام إلى النائب العام في حال الغيبة مع الإغماض عن المناقشة في ما ادعاه من عدم التحليل ـ لا يخلو عندي من نظر وإن كان قد سبقه إلى القول بذلك جملة من الأصحاب بالنسبة إلى حصة الإمام عليه‌السلام فإنا لم نقف له على دليل ، وغاية ما يستفاد من الأخبار نيابته بالنسبة إلى الترافع إليه والأخذ بحكمه وفتاواه وأما دفع الأموال إليه فلم أقف له على دليل لا عموما ولا خصوصا. وقياسه على النواب الذين ينوبونهم (عليهم‌السلام) حال وجودهم لذلك أو لما هو أعمّ منه لا دليل عليه.

ويؤيد ما ذكرناه ما نقلوه عن شيخنا المفيد (قدس‌سره) في المسائل الغرية حيث قال : إذا فقد إمام الحق ووصل إلى الإنسان ما يجب فيه الخمس فليخرجه إلى يتامى آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ومساكينهم وأبناء سبيلهم وليوفر قسط ولد أبي طالب عليه‌السلام لعدول الجمهور عن صلتهم ولمجي‌ء الرواية عن أئمة الهدى (عليهم‌السلام) بتوفير ما يستحقونه من الخمس في هذا الوقت على فقراء أهلهم وأيتامهم وأبناء سبيلهم.

هذا. مع ما في كلامه أيضا من المناقشات الأخر. وبالجملة فإن كلامه (قدس‌سره) في هذا المقام من أبعد البعيد من مثله من الأعلام ذوي النقض والإبرام.

وأما القولان الأخيران فالكلام فيهما معلوم من ما سبق. والله العالم بحقائق أحكامه وأولياؤه القائمون بمعالم حلاله وحرامه.

الفصل الثالث

في الأنفال جمع نفل بسكون الفاء وفتحها وهو لغة : الغنيمة والهبة كما ذكره في القاموس ، وقال الأزهري : النفل ما كان زيادة على الأصل. سميت الغنائم بذلك لأن المسلمين فضلوا بها على سائر الأمم الذين لم تحل لهم الغنائم ، وسميت صلاة التطوع نافلة لأنها زيادة على الفرض ، وقال الله تعالى «وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ


نافِلَةً» (1) أي زيادة على ما سأل. والمراد بها شرعا ما يختص به الإمام بالانتقال من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وأنا أذكر أولا الأخبار الواردة بذلك ثم أعطف الكلام على تفاصيلها وبيانها :

ومنها ـ ما رواه في الكافي ـ في الصحيح عندي والحسن بإبراهيم بن هاشم على المشهور ـ عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (2) قال : «الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب أو قوم صالحوا أو قوم أعطوا بأيديهم ، وكل أرض خربة وبطون الأودية فهو لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء».

وما رواه فيه في الصحيح أو الحسن عن معاوية بن وهب (3) قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام السرية يبعثها الإمام فيصيبون غنائم كيف تقسم؟ قال إن قاتلوا عليها مع أمير أمره الإمام عليه‌السلام عليهم أخرج منها الخمس لله وللرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وقسم بينهم أربعة أخماس وإن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كل ما غنموا للإمام (عليه‌السلام) يجعله حيث أحب».

وما رواه في الصحيح أو الحسن عن حماد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن العبد الصالح (عليه‌السلام) في الحديث المتقدم ذكره (4) : «وللإمام (عليه‌السلام) صفو المال أن يأخذ من هذه الأموال صفوها : الجارية الفارهة والدابة الفارهة والثوب والمتاع من ما يحب أو يشتهي ، فذلك له قبل القسمة وقبل إخراج الخمس. إلى أن قال : وله بعد الخمس الأنفال ، والأنفال كل أرض خربة قد باد أهلها وكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ولكن صالحوا صلحا وأعطوا بأيديهم على غير قتال ، وله رءوس الجبال وبطون الأودية والآجام وكل أرض ميتة لا رب لها ، وله صوافي الملوك ما كان في أيديهم من غير وجه الغصب لأن الغصب كله

__________________

(1) سورة الأنبياء الآية 73.

(2 و 3 و 4) الوسائل الباب 1 من الأنفال وما يختص بالإمام.


مردود ، وهو وارث من لا وارث له ، يعول من لا حيلة له».

وما رواه الشيخ في الصحيح عن داود بن فرقد (1) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) قطائع الملوك كلها للإمام وليس للناس فيها شي‌ء».

وما رواه عن محمد بن مسلم (2) قال : «سمعت أبا عبد الله (عليه‌السلام) يقول وسئل عن الأنفال فقال كل قرية يهلك أهلها أو يجلون عنها فهي نفل لله عزوجل نصفها يقسم بين الناس ونصفها لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فما كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فهو للإمام عليه‌السلام». وروى العياشي في تفسيره عن حريز عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) مثله (3).

أقول : ما تضمنه هذان الخبران من كون النصف يقسم بين الناس لعله خرج مخرج التقية أو أن الإمام يقسمه تفضلا وإلا فالأخبار عدا هذين الخبرين متفقة على أنه له (عليه‌السلام) يفعل به ما يحب.

وما رواه الكليني في الصحيح أو الحسن عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (4) «أنه سمعه يقول إن الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم أو قوم صولحوا وأعطوا بأيديهم وما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهذا كله من الفي‌ء ، والأنفال لله وللرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فما كان لله فهو للرسول يضعه حيث يحب».

وما رواه الصدوق في الفقيه عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (5) «في الرجل يموت ولا وارث له ولا مولى له؟ فقال : هو من أهل هذه الآية (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ)» (6).

وما رواه الشيخ عن العباس الوراق عن رجل سماه عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (7) قال : «إذا غزا قوم بغير إذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة كلها للإمام

__________________

(1 و 2 و 3 و 5 و 7) الوسائل الباب 1 من الأنفال وما يختص بالإمام.

(4) الوسائل الباب 1 من الأنفال وما يختص بالإمام. والرواية للشيخ ولم يروها الكليني.

(6) سورة الأنفال الآية 2.


(عليه‌السلام) وإذا غزوا بأمر الإمام فغنموا كان للإمام (عليه‌السلام) الخمس».

وما رواه الشيخ في الموثق عن سماعة بن مهران (1) قال : «سألته عن الأنفال فقال كل أرض خربة أو شي‌ء يكون للملوك فهو خالص للإمام (عليه‌السلام) ليس للناس فيها سهم. قال : ومنها البحرين لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب».

وما رواه الشيخ في الموثق عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه‌السلام) (2) قال : «سمعته يقول الفي‌ء والأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء وقوم صولحوا وأعطوا بأيديهم وما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهو كله من الفي‌ء فهذا لله ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله فما كان لله فهو لرسوله يضعه حيث شاء وهو للإمام بعد الرسول. وقوله (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) (3) قال ألا ترى هو هذا؟ وأما قوله : ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى (4) فهذا بمنزلة المغنم كان أبي يقول ذلك ، وليس لنا فيه غير سهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وسهم القربى ثم نحن شركاء الناس في ما بقي».

وما رواه الثقة الجليل علي بن إبراهيم في تفسيره في الموثق عن إسحاق بن عمار (5) قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الأنفال فقال هي القرى التي قد خربت وانجلى أهلها فهي لله وللرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وما كان للملوك فهو للإمام ، وما كان من الأرض الخربة لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، وكل أرض لا رب لها والمعادن منها ، ومن مات وليس له مولى فماله من الأنفال».

وما رواه العياشي في تفسيره عن داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (6) في حديث قال : «قلت وما الأنفال؟ قال : بطون الأودية ورءوس الجبال والآجام والمعادن وكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وكل أرض ميتة قد جلا أهلها وقطائع الملوك».

__________________

(1 و 2 و 5 و 6) الوسائل الباب 1 من الأنفال وما يختص بالإمام.

(3 و 4) سورة الحشر الآية 7.


وما رواه فيه أيضا عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام (1) قال : «لنا الأنفال قلت وما الأنفال؟ قال منها المعادن والآجام وكل أرض لا رب لها وكل أرض باد أهلها فهو لنا». إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة.

إذا عرفت ذلك فاعلم أن الأصحاب (رضوان الله عليهم) قد عدوا الأنفال وحصروها في جملة أفراد : أحدها ـ الأرض التي تملك من غير قتال سواء انجلى أهلها بمعنى أنهم خرجوا منها وتركوها للمسلمين أو سلموها طوعا بمعنى أنهم مكنوا المسلمين منها مع بقائهم فيها ، ويدل على هذا الفرد ما تقدم في صحيحة محمد بن مسلم أو حسنته وكذا مرفوعة حماد بن عيسى ورواية محمد بن مسلم وموثقته وغيرها من ما ذكرناه وما لم نذكره.

وثانيها ـ الأرضون الموات سواء ملكت ثم باد أهلها أو لم يجر عليها ملك ، قالوا : والمراد بالموات ما لا ينتفع به لعطلته إما لانقطاع الماء عنه أو لاستيلاء الماء عليه أو لاستئجامه أو نحو ذلك من موانع الانتفاع.

وظاهر تقييدهم باضمحلال أهلها أو عدم جريان الملك عليها أنه لو كان لها مالك معروف لم تكن كذلك.

ويشكل ذلك بما تقدم في صحيحة أبي خالد الكابلي المتقدمة في القسم الرابع من أخبار الخمس (2) وقوله عليه‌السلام فيها بعد أن ذكر أن الأرض كلها لهم (عليهم‌السلام) «فمن أحيى أرضا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها ، فإن تركها أو أخربها وأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحق بها من الذي تركها يؤدي خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها. الخبر» فإن ظاهره كما ترى أنه بإعراض الأول عنها ورفع يده منها ولا سيما إذا أخربها فإنها تعود إلى ما كانت عليه من الرجوع إلى الإمام والدخول

__________________

(1) الوسائل الباب 1 من الأنفال وما يختص بالإمام.

(2) ص 435.


في الأنفال فيجوز التصرف فيها لكل من أحياها ، وبذلك أيضا صرح جملة من الأصحاب كما سيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب إحياء الموات.

وكيف كان فقد تقدم في الأخبار ما يدل على هذا الفرد أيضا كالرواية الأولى والرواية الثالثة ، وفيها التقييد بما باد أهلها ، ويمكن حمله على الأهل المالكين لها بالإرث أو الشراء أو نحو ذلك لا بالإحياء ، لما ذكرناه من الصحيحة المتقدمة والرواية السابعة والعاشرة والحادية عشرة ـ وقد عبر عنها بالأرض التي لا رب لها ـ والثانية عشرة.

وثالثها ـ رءوس الجبال وما يكون بها وكذا بطون الأودية والآجام ، والأجمة الشجر الملتف والجمع أجم مثل قصبة وقصب ، والآجام جمع الجمع ، كذا ذكره في كتاب المصباح المنير.

وإطلاق النصوص وكلام أكثر الأصحاب يقتضي اختصاصه عليه‌السلام بهذه الأنواع الثلاثة من أي أرض كانت ، ومنع ابن إدريس من اختصاصه بذلك على الإطلاق بل قيده بما يكون في موات الأرض أو الأرضين المملوكة للإمام عليه‌السلام ورده الشهيد في البيان بأنه يفضي إلى التداخل وعدم الفائدة في ذكر اختصاصه بهذين النوعين.

قال في المدارك بعد نقل كلام الشهيد المذكور : وهو جيد لو كانت الأخبار المتضمنة لاختصاصه عليه‌السلام بذلك على الإطلاق صالحة لإثبات هذا الحكم لكنها ضعيفة السند ، فيتجه المصير إلى ما ذكره ابن إدريس قصرا لما خالف الأصل على موضع الوفاق. انتهى.

وقال المحقق في المعتبر : قال الشيخان رءوس الجبال والآجام من الأنفال. وقيل : المراد به ما كان في الأرض المختصة به. وظاهر كلامهما الإطلاق ولعل مستند ذلك رواية الحسن بن راشد عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام (1) قال : «وله رءوس

__________________

(1) الوسائل الباب 1 من الأنفال وما يختص بالإمام رقم 4 وهي مرسلة حماد


الجبال وبطون الأودية والآجام». والراوي ضعيف. انتهى. وظاهره الميل إلى قول ابن إدريس.

أقول : من الأخبار المشتملة على هذه الثلاثة زيادة على رواية الحسن بن راشد التي ذكرها مرفوعة حماد بن عيسى الطويلة المذكورة في ما قدمناه من الأخبار.

ومنها ـ ما اشتمل على رءوس الجبال وبطون الأودية وهي مرسلة أحمد بن محمد بن عيسى من ما لم نذكره هنا لقوله عليه‌السلام (1) فيها «وبطون الأودية ورءوس الجبال والموات كلها هي له. الخبر».

وما رواه الشيخ المفيد في المقنعة عن محمد بن مسلم (2) قال : «سمعت أبا جعفر عليه‌السلام. إلى أن قال : «وسألته عن الأنفال فقال كل أرض خربة أو شي‌ء كان يكون للملوك وبطون الأودية ورءوس الجبال وما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فكل ذلك للإمام خالصا».

وقد تقدم في رواية داود بن فرقد المروية في تفسير العياشي عد الثلاثة المذكورة وفي روايته الثانية عد المعادن والآجام ، وقد تقدم في صحيحة حفص وفي صحيحة محمد بن مسلم وموثقته عد بطون الأودية.

وبذلك يظهر لك ضعف ما صار إليه في المدارك ومثله صاحب المعتبر وأنه غير معتمد ولا معتبر.

ورابعها ـ صوافي ملوك الحرب وقطائعهم ما لم تكن مغصوبة من مسلم أو معاهد ، والمراد بالقطائع الأرض التي تختص به ، والصوافي ما يصطفيه من الأموال

__________________

بطريق الشيخ فإنه يرويها بسنده عن الحسن بن راشد عن حماد. وقد ذكر صاحب الوسائل هنا طريق الكليني وأشار إلى طريق الشيخ بقوله «ورواه الشيخ كما مر» وهو إشارة إلى ما ذكره في ذيل الحديث (8) من الباب 1 من قسمة الخمس حيث تعرض لطريق الشيخ تفصيلا. فإضافته (قدس‌سره) مرفوعة حماد يمكن أن يكون بالنظر إلى طريق الكليني.

(1) الوسائل الباب 1 من الأنفال وما يختص بالإمام رقم 17.

(2) الوسائل الباب 1 من الأنفال وما يختص بالإمام.


يعني يختص به ، ومرجع الجميع إلى أن كل ما يختص به سلطان دار الحرب من ما لا ينقل ولا يحول أو من ما ينقل فهو للإمام (عليه‌السلام) كما كان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويدل عليه ما تقدم في مرفوعة حماد بن عيسى وصحيحة داود بن فرقد وموثقة سماعة بن مهران وموثقة إسحاق بن عمار برواية علي بن إبراهيم وكذا في رواية العياشي الأولى.

وخامسها ـ ما يصطفيه من الغنيمة بمعنى أن له أن يصطفي من الغنيمة قبل القسمة ما يريد من فرس أو ثوب أو جارية أو نحو ذلك.

والروايات به متكاثرة : منها ـ ما تقدم في مرسلة حماد بن عيسى ، ومنها صحيحة ربعي بن عبد الله عن الصادق (عليه‌السلام) (1) قال : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أتاه المغنم أخذ صفوه وكان ذلك له. إلى أن قال في آخر الرواية : وكذلك الإمام (عليه‌السلام) يأخذ كما أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله».

ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) (2) قال : «سألته عن صفو المال قال : الإمام يأخذ الجارية الروقة والمركب الفاره والسيف القاطع والدرع قبل أن تقسم الغنيمة ، فهذا صفو المال».

وموثقة أبي الصباح (3) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) نحن قوم فرض الله طاعتنا لنا الأنفال ولنا صفو المال. الحديث». والظاهر أن عطف صفو المال على الأنفال من قبيل عطف الخاص على العام تنبيها على مزيد اختصاصه بهم (عليهم‌السلام) ردا على العامة حيث إنهم يقولون باختصاص ذلك بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسقوطه بعده (4).

__________________

(1) الوسائل الباب 1 من قسمة الخمس.

(2) الوسائل الباب 1 من الأنفال وما يختص بالإمام.

(3) الوسائل الباب 2 من الأنفال وما يختص بالإمام.

(4) المغني ج 6 ص 409 وبدائع الصنائع ج 7 ص 125.


وسادسها ـ غنيمة من غنم بغير إذنه ، ذكر ذلك الشيخان والمرتضى وابن إدريس وغيرهم وادعى عليه ابن إدريس الإجماع.

ورده المحقق في المعتبر فقال : وبعض المتأخرين يستسلف صحة الدعوى مع إنكاره العمل بخبر الواحد فيحتج لقوله بدعوى إجماع الإمامية ، وذلك مرتكب فاحش إذ هو يقول إن الإجماع إنما يكون حجة إذا علم أن الإمام عليه‌السلام في الجملة فإن كان يعلم ذلك فهو منفرد بعلمه فلا يكون علمه حجة على من لم يعلم. وظاهره في النافع التوقف حيث ذكر الحكم المذكور ثم قال : والرواية مقطوعة. وفي الشرائع وافق المشهور.

وقوى العلامة في المنتهى مساواة ما يغنم بغير إذن الإمام عليه‌السلام لما يغنم بإذنه.

قال في المدارك بعد نقل ذلك عنه : وهو جيد لإطلاق الآية الشريفة (1) وخصوص حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (2) «في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة؟ قال يؤدي خمسها وتطيب له». انتهى.

وأيده بعضهم أيضا بقول أبي جعفر عليه‌السلام في صحيحة علي بن مهزيار الطويلة المتقدمة في بحث خمس الأرباح في عداد ما يجب فيه الخمس (3) «ومثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله».

أقول : والظاهر أن منشأ هذا الخلاف إنما هو من حيث إنهم لم يقفوا على دليل لهذا الحكم إلا مرسلة العباس الوراق المتقدمة (4) وهي ضعيفة باصطلاحهم سيما مع معارضتها بظاهر حسنة الحلبي المذكورة ، وأنت خبير بأنه قد تقدم في صحيحة معاوية ابن وهب أو حسنته بإبراهيم بن هاشم ما يدل على ما دلت عليه رواية الوراق وحينئذ فلا يتم لهم الطعن في دليل القول المشهور بضعف السند بناء على أنه لا دليل عليه إلا الرواية التي ذكروها لصحة هذه الرواية التي ذكرناها كما هو الحق وبه صرح جملة من محققي الأصحاب أو

__________________

(1) وهي قوله تعالى «وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ...» سورة الأنفال 2 لآية 43.

(2) الوسائل الباب 2 من ما يجب فيه الخمس.

(3) ص 439.

(4) ص 472.


حسنها الذي يعدونه أيضا في مرتبة الصحيح فإنه لا راد منهم لرواية علي بن إبراهيم وإن عدوها في الحسن ، إلا أن صاحب المدارك كلامه مضطرب فيه ولا عبرة به ، على أن هذا الطعن لا يقوم حجة على الشيخ وأمثاله من المتقدمين الذين لا أثر لهذا الاصطلاح الذي هو إلى الفساد أقرب منه إلى الصلاح عندهم.

بقي الكلام في ما دلت عليه حسنة الحلبي ويمكن حملها على تحليله عليه‌السلام لذلك الرجل بخصوصه حيث أنه من الشيعة حقه من ذلك دون الحق المشترك بينه وبين غيره.

وأما التأييد بما في صحيحة علي بن مهزيار فالظاهر بعده بل الظاهر أن المراد بالعدو هنا إنما هو المخالف كما أشرنا إليه سابقا لا الكافر المشرك.

وسابعها ـ ميراث من لا وارث له ، قال في المنتهى : ذهب علماؤنا أجمع إلى أنه يكون للإمام خاصة ينقل إلى بيت ماله وخالف فيه الجمهور كافة (1)

ويدل على ذلك ما تقدم (2) من رواية أبان بن تغلب ، وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (3) قال : «من مات وليس له وارث من قبل قرابته ولا مولى عتاقة ولا ضامن جريرة فماله من الأنفال».

وفي رواية حماد بن عيسى الطويلة (4) قال : «وهو وارث من لا وارث له».

وثامنها ـ المعادن قاله الشيخان وبه صرح ثقة الإسلام في الكافي ونقله في المختلف أيضا عن سلار ونقله بعض أفاضل متأخري المتأخرين عن علي بن إبراهيم

__________________

(1) في المغني ج 6 ص 303 : ومتى مات الذمي ولا وارث له كان ماله فيئا ، وكذلك ما فضل من ماله عن وارثه كمن ليس له وارث إلا أحد لزوجين فإن الفاضل عن ميراثه يكون فيئا ، لأنه مال ليس له مستحق معين فكان فيئا كمال الميّت المسلم الذي لا وارث له.

(2) ص 472.

(3) الوسائل الباب 3 من ولاء ضمان الجريرة والإمامة.

(4) الوسائل الباب 1 من الأنفال وما يختص بالإمام.


ابن هاشم ، ولعله لروايته ذلك في كتاب التفسير كما قدمناه (1) وإلا فلم أقف على من نسبه إليه.

وقال المحقق في المعتبر بعد نقل ذلك عن الشيخين : فإن كانا يريدان ما يكون في الأرض المختصة به أمكن أما ما يكون في أرض لا تختص بالإمام فالوجه أنه لا يختص به لأنه أموال مباحة تستحق بالسبق إليها والإخراج لها ، والشيخان يطالبان بدليل ما أطلقاه. انتهى.

أقول : دليلهما ما تقدم في رواية علي بن إبراهيم وروايتي العياشي ولكنه (قدس‌سره) لم يقف على هذه الأخبار.

فإن قيل : إن وجوب الخمس في المعادن كما تقدم ينافي ما ذهبوا إليه من كونها للإمام عليه‌السلام إذ لا معنى لوجوب الخمس في ماله (عليه‌السلام) على الغير.

قلت : إن في عبارة شيخنا المفيد في المقنعة وكذا عبارة شيخنا ثقة الإسلام ما يتضمن الجواب عن ذلك حيث صرحا بعد عد الآجام والمعادن والمفاوز والبحار بأن من عمل في شي‌ء منها بإذن الإمام فلهم أربعة أخماس وللإمام خمس يعمل فيه ما يعمل في الخمس الذي تقدم البحث فيه ومن عمل فيها بغير إذنه فالجميع للإمام ، وعلى هذا فتحمل لأخبار وجوب الخمس في المعادن على ما إذا وقع التصرف فيها بإذنه (عليه‌السلام) وبالجملة فإنه يصير الحكم فيها عين ما تقدم في الغنيمة بإذنه وبغير إذنه. نعم يبقى الكلام في أن هذا التفصيل الذي ذكراه (رضي‌الله‌عنهما) إنما يجري حال وجوده (عليه‌السلام) والحال أن لأخبار وجوب الخمس في المعادن وغيرها من ما تقدم دالة على العموم والاستمرار في جميع الأوقات ، ومقتضى ما سيأتي بيانه إن شاء الله من حل الأنفال للشيعة زمان الغيبة سقوط الخمس منها وهو خلاف ظواهر تلك الأخبار.

والجواب أن وجوب الخمس تابع لمشروعية التصرف الذي يحصل حال وجود الإمام عليه‌السلام بإذنه وحال غيبته بتحليله ، وكون ذلك من الأنفال مع تحليل

__________________

(1) ص 473.


التصرف فيها زمن الغيبة لا يقتضي سقوط الخمس إذ لا ينقص هذا التحليل عن إذنه حال وجوده بل الأمر فيهما واحد ، فتكون أخبار وجوب الخمس جارية على ظاهرها في الحالين ، وإنما يخرج من ذلك ما لو وقع التصرف على خلاف الوجه الشرعي الموجب لبطلانه ورجوع ذلك إلى المالك ، كتصرف من تصرف في حال وجوده بغير إذنه ، وتصرف من لم يحلوا له التصرف زمان الغيبة من المخالفين ، فإن الجميع له عليه‌السلام في الصورتين.

نعم بقي أيضا أن الشيخين المشار إليهما قد عدا البحار من جملة الأنفال وأجريا الحكم الذي ذكراه فيها أيضا ولم أقف على نص يدل على عدها في الأنفال.

إذا عرفت ذلك فاعلم أن ظاهر المشهور هنا هو تحليل ما يتعلق من الأنفال بالمناكح والمساكن والمتاجر خاصة وأن ما عدا ذلك يجزي فيه الخلاف على نحو ما تقدم في الخمس ، وظاهر جملة من متأخري المتأخرين القول بالتحليل في الأنفال مطلقا وهو الظاهر من الأخبار ، ويدل عليه جملة من الروايات التي قدمناها في القسم الرابع من روايات الخمس كرواية يونس بن ظبيان أو المعلى بن خنيس وصحيحة أبي خالد الكابلي وصحيحة عمر بن يزيد (1) ومنها الأخبار الكثيرة الواردة في إحياء الموات (2) وما ورد في ميراث من لا وارث له (3) ونحو ذلك. والله العالم.

هذا آخر ما انتهى إليه الكلام في المقام ويتلوه إن شاء الله تعالى كتاب الصيام بتوفيق الملك العلام والحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وسلم تسليما.

__________________

(1) ص 434 و 435.

(2) الوسائل الباب 1 من إحياء الموات.

(3) الوسائل الباب 3 من ولاء ضمان الجريرة والإمامة.

استدراكات

نستدرك هنا ما فاتنا التنبيه عليه في محله والترتيب بحسب أرقام الصفحات

(1) جاء ص 39 في حديث زرارة هكذا : «قال قلت لأبي جعفر» كما في التهذيب ج 1 ص 357 عن الكليني والوافي باب (زكاة المال الغائب والدين والوديعة) ولكن في الفروع ج 1 ص 146 و 147 والوسائل «قال قلت لأبي عبد الله».

(2) وردت ص 67 س 18 عبارة الصحاح وهي في الخطية أكثر من ما ورد في المطبوعة كما أن فيها عبارة القاموس أيضا ، وفي الخطية هكذا : «وفي الصحاح أن الجذع يقال لولد الشاة في السنة الثانية. ثم قال : وقد قيل في ولد النعجة أنه بجذع في ستة أشهر أو سبعة وذلك جائز في الأضحية. وفي القاموس أنه يقال لولد الشاة في السنة الثانية. وفي النهاية ...».

(3) إنما خرجنا صحيحة زرارة ص 121 من الإستبصار دون التهذيب لأن قوله : «تجب عليه في جميعه في كل صنف منه الزكاة» ليس في التهذيب.

(4) جاء ص 226 في عبارة المنتهى هكذا : «كقوله إنما الخلافة لقريش» وقد رواه ابن الأثير في النهاية في مادة «حكم» عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله باللفظ الآتي «الخلافة في قريش».

(5) أوردنا اسم الراوي في الحديث رقم (3) ص 226 هكذا «عتيبة بن عبد الله» لاختلاف كتب الحديث في اسمه وأنه شخص واحد أو شخصان يروي أحدهما عن الآخر فأوردناه كما في الفروع ج 1 ص 155 راجع التهذيب ج 1 ص 377 والفقيه ج 2 ص 18 أيضا.

(6) جاء ص 251 هكذا : «الثانية عشرة ـ الظاهر أنه ...» وفي الخطية


«الثانية عشرة ـ المشهور أنه ...».

(7) جاء ص 252 س 12 هكذا «مضافا إلى اتفاق الأصحاب ظاهرا على ذلك» وفي الخطية هكذا : «مضافا إلى شهرة الحكم بين الأصحاب ظاهرا».

(8) ورد ص 269 س 13 نقلا من المعتبر هكذا «لأنا لا نسلم» وفي المعتبر «لأنا نمنع».

(9) وردت آية الخمس ص 330 وهكذا في ما بعد ذلك من الموارد هكذا «واعلموا أنما ...» تبعا لنسخ المصاحف مع أن أصل اللفظ هكذا «أن ما».

(10) ورد ص 326 في حديث البزنطي «والناس يقولون لا تضلح قالة الأرض والنخل» وقد علقنا عليه بالتعليقة رقم (2) لبيان المصدر لذلك من كتب العامة وقد جاءت التعليقة بالنحو المذكور اشتباها والصحيح في التعليقة هكذا «الأموال ص 69 و 70» فإن المطلب المذكور في الحديث مذكور هناك عينا.

(11) جاء ص 330 في الحديث رقم (2) هكذا «عن ما أخرج من المعدن».

تبعا للنسخة المطبوعة والمخطوطة ، وفي كتب الحديث «عن ما أخرج المعدن».

(12) ورد ص 338 ما مضمونه ورود النصوص غير خبر الكيس بتصديق المدعي لشي‌ء بلا معارض وقد أوردنا في التعليقة رقم (1) أنه يمكن أن يريد بذلك إطلاق موثقة إسحاق وصحيحة محمد بن قيس ولكن الظاهر أنه يريد بالنصوص ما أورده في تصديق مدعي الفقر ص 165 و 166.

(13) جاء ص 349 س 13 في صحيحة علي بن مهزيار هكذا «وإنما أوجبت» كما في الوسائل والتهذيب ج ص 390 ، وفي الوافي باب (تحليلهم الخمس لشيعتهم) والإستبصار ج 2 ص 61 والمنتقى هكذا : «وإنما أوجب» راجع عبارة المنتقى المتقدمة ص 356 س 1.

(14) ورد ص 368 س 7 الرقم (1) للتعليق بتعيين موضع الرواية وقد غفلنا عن ذلك كما حصل اشتباه في الأرقام ، وموضعها المتقدم ص 364.


(15) جاء ص 370 س 11 في حديث ابن بكير هكذا : «واليتامى يتامى الرسول» كما في الوسائل ولكن في التهذيب ج 1 ص 385 والوافي باب مصرف الخمس «يتامى آل الرسول» كما ورد ص 421 س 4.

(16) جاء ص 376 س 10 في حديث زكريا بن مالك «وأما المساكين وأبناء السبيل» كما في الفقيه ج 2 ص 22 ، وفي التهذيب ج 1 ص 385 «وأما المساكين وابن السبيل».

(17) جاء ص 377 أن جميع ما تضمنته (رواية زكريا بن مالك الجعفي) من المخالفات لمذهبنا إنما ينطبق على مذهب العامة. وقد ذكر (قدس‌سره) في تضعيف الرواية أنها تشتمل على أحكام ثلاثة لا يلتزم بها فقهاء الشيعة : جعل سهم الله للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بأن يصرفه في سبيل الله والحكم بأن خمس الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله لأقاربه وجعل سهم ذي القربى لجميع أقربائه صلى‌الله‌عليه‌وآله أقول : أما الحكم الثالث فقد بينا في التعليقة (1) ص 376 مصير العامة إليه ، وأما الحكم الأول ففي المغني ج 6 ص 406 قيل : سهم الله مردود على عباد الله أهل الحاجة ، وقال أبو العالية سهم الله هو أنه إذا عزل الخمس ضرب بيده فما قبض عليه من شي‌ء جعله للكعبة. ولم أقف في ما حضرني من كتبهم على أزيد من ذلك. وأما الحكم الثاني فلم أقف عليه أيضا في ما حضرني من كتبهم بنحو الفتوى ، نعم في حديث لابن عباس ذكره في الأموال ص 325 : أن الخمس يقسم أربعة أقسام ، ثم قال : فما كان لله وللرسول منها فهو لقرابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يأخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من الخمس شيئا.

(18) ورد ص 394 س 10 في كلام ابن إدريس هكذا : «في كتاب التمسك» وفي الكنى والألقاب ج 1 ص 190 «المتمسك».

(19) أوردنا عبارة المختلف ص 394 هكذا : «فلا يقال تميمي إلا لمن انتسب إلى تميم بالأب ولا حارثي إلا لمن انتسب إلى حارث بالأب» تطبيقا على المختلف ، وفي المخطوطة والمطبوعة «إلا إذا انتسب» في الموردين.


(20) جاء في عبارة المختلف ص 394 في مرسلة حماد «فإن الصدقة» كما في التهذيب ج 1 ص 386 ، وفي الأصول ج 1 ص 540 «فإن الصدقات».

(21) ورد ص 400 حديث العيون والاحتجاج وكانت بعض الألفاظ فيه مخالفة لما ورد في الكتابين فأوردناها كما وردت في الكتابين كقوله «يا بني رسول الله» و «أنتم بنو علي» وفي المخطوطة والمطبوعة «يا ابن رسول الله» و «أنتم من علي» ومن ما ينبغي التنبيه له في المقام أن الحديث محكي عن الإمام موسى عليه‌السلام ولذا جاء التعبير فيه في الكتابين هكذا «قال. فقلت» وفي الحدائق أورد الحديث محكيا عن الإمام عليه‌السلام فلذا عبر فيه أولا هكذا : «قال. فقال» ثم غير التعبير فقال في مقام الحكاية عن الإمام عليه‌السلام «فقلت» مع أن الوجه أن يجري على التعبير الأول ولكنا أبقينا ذلك كما أورده (قدس‌سره). وقد ورد في المخطوطة والمطبوعة هكذا : «وكذلك أزيدك» إلا أنه لما لم يكن لفظ «وكذلك» في العيون والإحتجاج حذفناه في هذه الطبعة.

(22) ورد ص 401 في آخر حديث العيون والإحتجاج هكذا : «فالأبناء هم الحسن والحسين ...» وهو تلخيص لما ورد في الكتابين واللفظ فيهما هكذا :

«فكان تأويل قوله تعالى «أَبْناءَنا» الحسن والحسين و «نِساءَنا» فاطمة و «أَنْفُسَنا» علي بن أبي طالب عليه‌السلام» فأبقينا ذلك على حاله لأنه نقل بالمعنى إلا أنا حذفنا لفظ «وأنفسكم» لعدم وجوده في الكتابين ولعدم دخله في المراد من لفظ «وأنفسنا»

(23) ورد ص 403 في آخر حديث العياشي هكذا : «وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ وآل عمران وآل محمد» لوروده في تفسير العياشي كذلك ولم يرد لفظ «وآل عمران وآل محمد» في نسخ الحدائق المخطوطة والمطبوعة.

(24) ورد ص 418 س 7 هكذا : «كما هو الشائع الذائع المعتضد بالآية» كما في المخطوطة ، وفي المطبوعة هكذا : «كما هو الشائع الذائع كما قرر في محله المعتضد بالآية» وحيث إن لفظ «كما قرر في محله» لا مورد له ظاهرا أوردنا


العبارة كما في المخطوطة.

(25) ورد ص 428 س 15 «ما رواه في الكافي والتهذيب بسنده في الأول إلى محمد بن سنان وفي الثاني بسنده إلى حكيم مؤذن بني عبس» وفي كليهما ينتهي السند إلى محمد بن سنان عن عبد الصمد بن بشير عن حكيم إلا أن في طريق الكليني إلى محمد ابن سنان محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، وفي طريق الشيخ علي بن الحسن بن فضال عن الحسن بن علي بن يوسف.

(26) ورد ص 431 الحديث رقم (2) هكذا : «وما رواه الصدوق في كتاب كمال الدين وتمام النعمة» كما هو اسم الكتاب ، وحيث يقال له «إكمال الدين وإتمام النعمة» أورده بهذا الاسم ص 427.

(27) ورد ص 433 س 2 هكذا «فإنهما عنيا بحاجتهما» بالعين المهملة كما ضبطه في الوافي باب (تحليلهم الخمس لشيعتهم) ، وفي الأصول ج 1 ص 546 الطبع الحديث ضبط بالغين المعجمة وبين معناه في التعليقة رقم (2).

(28) جاء ص 433 س 15 هكذا «وحله من الباقي» وفي المخطوطة والمطبوعة «وحلله من الباقي» وحيث إن ظاهره لم يكن ينسجم لاستلزامه عطف الفعل على المصدر احتملنا أن يكون قد عرضه التصحيف ولذا أوردناه كذلك ، ويحتمل أن يكون اللفظ الأصلي «وتحليله» فصار كذلك.

(29) ورد ص 441 س 10 هكذا : «أولوية إباحة أنسابهم» تبعا للمطبوعة وفي المخطوطة «أولوية أنسابهم».

(30) جاء العنوان ص 448 هكذا «الجواب عن ما يظهر من بعض لأخبار القسم الثالث ودفعه» والصحيح فيه كالآتي «جواب الشيخ البحراني عن حديث محمد ابن زيد ودفعه».

(31) جاء نقل شي‌ء من حديث محمد بن زيد ص 449 وفيه نقص واللفظ هكذا : «جعله الله لنا وجعلنا له وهو الخمس لا نجعل ...».


(32) ورد ص 454 في رواية محمد بن علي بن شجاع قوله عليه‌السلام «إن لي منه الخمس» والوارد كما تقدم ص 420 هكذا : «لي منه الخمس» وكذا في رواية أبي علي ابن راشد الوارد هكذا كما تقدم ص 420 «أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقك».

(33) ورد ص 454 س 21 في كلام صاحب الذخيرة ذكر رواية يونس ولم ترد هذه الرواية في كلام المصنف (قدس‌سره) ولا في كتب الحديث وإنما رواها المحقق في المعتبر في الروايات الواردة في قسمة الخمس.

(34) ورد ص 459 في رواية حماد س 5 هكذا : «على الكتاب والسنة» بدل «على الكفاف والسعة» كما تقدم ص 422 ، وقد ورد ذلك في بعض نسخ الأصول كما جاء في التعليقة 3 ص 540 من أصول الكافي ج 1 الطبع الحديث.

(35) جاء ص 461 س 6 هكذا : «لكون ذلك في مقابلة الزيادة لعامهم» تبعا للمطبوعة ، وفي المخطوطة كالآتي «لكون ذلك في مقابلة الزيادة التي يأخذها مع الزيادة عن مئونتهم لعامهم».

(36) ورد ص 469 س 10 هكذا : «لم يرد إلا في مرسلة أحمد بن محمد ومرفوعة حماد بن عيسى» وهو جري على خلاف الاصطلاح وكذا في الصفحة 474 س 8 وص 476 س 4.

(37) جاء ص 472 أن ما تضمنه خبرا محمد بن مسلم وحريز من كون نصف الأنفال يقسم بين الناس لعله خرج مخرج التقية أو أن الإمام يقسمه تفضلا. وفاتنا التعليق على ذلك في محله فنقول هنا : ذكر في بدائع الصنائع ج 7 ص 116 أن الفي‌ء ـ ويقصد به الأنفال في كلامهم ـ لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خاصة يتصرف فيه كيف شاء يختصه لنفسه أو يفرقه في من شاء ، قال الله تعالى «وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ ...» ثم قال : ثم الفرق بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبين الأئمّة في المال المبعوث إليهم من أهل الحرب أنه يكون لعامة المسلمين وكان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خاصة


لفت نظر

أوردنا في الاستدراك (13) ج 11 : أن حديث ابن سنان الوارد ص 172 لم نجده في الكافي في مظانه وقد وقفنا أخيرا عليه في الفروع ج 2 ص 94 باب حق الأولاد من كتاب العقيقة.

المشاركات الشائعة

ابحث في الموقع

أرسل للإدارة

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *