ج5 - آداب الإستطابة

خاتمة الكتاب

في الاستطابة

التي صرح بها جملة من الأصحاب وهي مشتملة على فصول من السنن والآداب :

(فصل) ـ روى الشيخ في التهذيب عن عيسى بن عبد الله الهاشمي عن جده (1) قال : «دخل علي (عليه‌السلام) وعمر الحمام فقال عمر بئس البيت الحمام يكثر فيه العناء ويقل فيه الحياء. وقال علي (عليه‌السلام) نعم البيت الحمام يذهب الأذى ويذكر بالنار».

وروى في الكافي عن محمد بن أسلم الجبلي رفعه (2) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) نعم البيت الحمام يذكر بالنار ويذهب الدرن. وقال عمر بئس البيت الحمام يبدي العورة ويهتك الستر. قال فنسب الناس قول أمير المؤمنين (عليه‌السلام) الى عمر وقول عمر الى أمير المؤمنين (عليه‌السلام)».

وقال في الفقيه (3) قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) «نعم البيت الحمام تذكر فيه النار ويذهب بالدرن». وقال (عليه‌السلام) «بئس البيت الحمام يهتك الستر ويذهب بالحياء». وقال الصادق (عليه‌السلام) «بئس البيت الحمام يهتك الستر ويبدي العورة ونعم البيت الحمام يذكر حر النار».

وروى في الكافي في الصحيح أو الحسن عن رفاعة عن الصادق (عليه‌السلام) (4)

__________________

(1 و 2 و 3) رواه في الوسائل في الباب 1 من آداب الحمام.

(4) رواه في الوسائل في الباب 16 من آداب الحمام.


قال : «(مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) فلا يدخل حليلته الحمام».

وعن سماعة في الموثق عن الصادق (عليه‌السلام) (1) قال : «(مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) فلا يرسل حليلته الى الحمام».

وروى في الفقيه مرسلا (2) قال : وقال (عليه‌السلام) «من أطاع امرأته أكبه الله على منخريه في النار. قيل وما تلك الطاعة؟ قال : تدعوه الى النياحات والعرسات والحمامات ولبس الثياب الرقاق فيجيبها».

وروى في الكافي في الصحيح أو الحسن عن رفاعة عن الصادق (عليه‌السلام) (3) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) فلا يدخل الحمام إلا بمئزر».

وعن علي بن الحكم عن رجل من بني هاشم (4) قال : «دخلت على جماعة من بني هاشم فسلمت عليهم في بيت مظلم فقال بعضهم سلم على ابي الحسن (عليه‌السلام) فإنه في الصدر قال فسلمت عليه وجلست بين يديه وقلت له جعلت فداك قد أحببت أن ألقاك منذ حين لا سألك عن أشياء فقال سل عما بدا لك قلت ما تقول في الحمام؟ قال لا تدخل الحمام إلا بمئزر وغض بصرك ولا تغتسل من غسالة ماء الحمام فإنه يغتسل فيه من الزنا ويغتسل فيه ولد الزنا والناصب لنا أهل البيت (عليهم‌السلام) وهو شرهم».

وعن محمد بن جعفر عن بعض رجاله عن الصادق (عليه‌السلام) (5) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لا يدخل الرجل مع ابنه الحمام فينظر الى عورته. وقال ليس للوالدين ان ينظرا إلى عورة الولد وليس للولد ان ينظر إلى عورة الوالد.

__________________

(1 و 2) رواه في الوسائل في الباب 16 من آداب الحمام.

(3) رواه في الوسائل في الباب 9 من آداب الحمام.

(4) فروع الكافي ج 2 ص 219 وفي الوسائل بعضه في الباب 11 من الماء المضاف و 9 من آداب الحمام.

(5) رواه في الوسائل في الباب 21 من آداب الحمام.


وقال : لعن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) الناظر والمنظور إليه في الحمام بلا مئزر».

وروى الصدوق في الفقيه مرسلا (1) قال : «سئل الصادق (عليه‌السلام) عن قول الله عزوجل : «قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ» (2) فقال كل ما كان في كتاب الله من ذكر حفظ الفرج فهو من الزنا إلا في هذا الموضع فإنه الحفظ من ان ينظر اليه». قال : وروى عن الصادق (عليه‌السلام) (3) انه قال : «انما كره النظر إلى عورة المسلم فاما النظر إلى عورة الذمي ومن ليس بمسلم فهو مثل النظر إلى عورة الحمار». وروى في الكافي في الصحيح أو الحسن عن ابن ابي عمير عن غير واحد عن الصادق (عليه‌السلام) (4) قال : «النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل نظرك إلى عورة الحمار».

وروى في الكافي والفقيه بإسنادين صحيح وحسن عن حنان بن سدير عن أبيه (5) قال : «دخلت انا وابي وجدي وعمى حماما بالمدينة فإذا رجل في بيت المسلخ فقال لنا ممن القوم؟ فقلنا من أهل العراق. فقال واي العراق؟ فقلنا كوفيون. فقال مرحبا بكم يا أهل الكوفة أنتم الشعار دون الدثار ثم قال ما يمنعكم من الأزر؟ فإن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) قال : عورة المؤمن على المؤمن حرام. قال فبعث أبي إلى كرباسة فشقها بأربعة ثم أخذ كل واحد منا واحدا ثم دخلنا فيها ، فلما كنا في البيت الحار صمد لجدي فقال يا كهل ما يمنعك من الخضاب؟ فقال له جدي أدركت من هو خير مني ومنك لا يختضب. قال فغضب لذلك حتى عرفنا غضبه في الحمام فقال ومن ذلك الذي هو خير مني؟ فقال أدركت علي بن ابي طالب (عليه‌السلام) وهو لا يختضب. قال

__________________

(1) رواه في الوسائل في الباب 1 من أحكام الخلوة.

(2) سورة النور ، الآية 30.

(3 و 4) رواه في الوسائل في الباب 6 من آداب الحمام.

(5) رواه في الوسائل في الباب 9 و 41 من آداب الحمام.


فنكس رأسه وتصاب عرقا وقال صدقت وبررت ثم قال يا كهل ان تختضب فان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) قد خضب وهو خير من علي وان تترك فلك بعلي أسوة. قال فلما خرجنا من الحمام سألنا عن الرجل فإذا هو علي بن الحسين ومعه ابنه محمد بن علي (عليهما‌السلام)».

وروى الشيخ في التهذيب عن حماد بن عيسى عن جعفر عن أبيه عن علي (عليهم‌السلام) (1) قال : «قيل له ان سعيد بن عبد الملك يدخل مع جواريه الحمام قال وما بأس إذا كان عليه وعليهن الأزر لا يكونون عراة كالحمير ينظر بعضهم الى سوأة بعض».

وفي الفقيه عن سعدان بن مسلم (2) قال : «كنت في الحمام الأوسط فدخل علي أبو الحسن (عليه‌السلام) وعليه النورة وعليه إزار فوق النورة فقال السلام عليكم فرددت عليه‌السلام وبادرت فدخلت الى البيت الذي فيه الحوض فاغتسلت وخرجت».

وعن عبيد الله المرافقي (3) قال : «دخلت حماما بالمدينة وإذا شيخ كبير وهو قيم الحمام فقلت يا شيخ لمن هذا الحمام؟ فقال لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي (عليهم‌السلام) فقلت أكان يدخله؟ فقال نعم فقلت كيف كان يصنع؟ قال كان يدخل فيبدأ فيطلي عانته وما يليها ثم يلف إزاره على طرف إحليله ويدعوني فاطلي سائر بدنه فقلت له يوما من الأيام : الذي تكره أن أراه فقد رأيته فقال كلا ان النورة سترة».

بيان : ما في هذه الأخبار الشريفة يشتمل على فوائد (الأولى) ـ الدلالة على استحباب الحمام لدخول الأئمة (عليهم‌السلام) فيه ومدحه كما ورد عن علي (عليه‌السلام) واما أحاديث الذم فقد حملها الأصحاب على دخوله عاريا ، قال الشهيد في الذكرى : ويستحب الاستحمام لدخول النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) حمام الجحفة ودخول

__________________

(1) رواه في الوسائل في الباب 12 من آداب الحمام.

(2) رواه في الوسائل في الباب 14 من آداب الحمام.

(3) رواه في الوسائل في الباب 18 من آداب الحمام.


علي (عليه‌السلام) وكان الباقر (عليه‌السلام) يدخل حمامه ، وقال علي (عليه‌السلام) (1) «نعم البيت الحمام تذكر فيه النار ويذهب بالدرن». وما روى عنه وعن الصادق (عليهما‌السلام) (2) «بئس البيت الحمام يهتك الستر ويذهب الحياء ويبدي العورة». فالمراد به مع عدم المئزر. وقال في المعالم : وحمل الشهيد في الذكرى ما ورد من الذم على حال الدخول بغير مئزر. وفيه بعد والأقرب ترجيح المدح بما رواه في الكافي عن الصادق (عليه‌السلام) ثم ذكر مرفوعة محمد بن أسلم الجبلي المتقدمة. وظاهره حمل ما ورد عن أمير المؤمنين (عليه‌السلام) من الذم على نقل العامة عنه ذلك ، واما ما نقل عن الصادق (عليه‌السلام) فعلى التقية موافقة لقول امامهم. وهو جيد وان كان الأول أيضا لا يخلو من قرب.

(الثانية) ـ ما ورد من منع النساء من دخول الحمام مشكل ولا اعلم بمضمونه قائلا بل ظاهر كلام من وقفت على كلامه خلافه من القول بالجواز وارتكاب التأويل في هذه الأخبار ، وقال في الوافي بعد نقل خبر سماعة ومرسل الفقيه المتقدمين ما صورته : حمل على ما إذا كان هناك ريبة فإنهن ضعفاء العقول تزيغ قلوبهن بأدنى داع الى ما لا ينبغي لهن ويحتمل ان يكون ذلك لانكشاف سوءاتهن وكان ذلك مختصا بذلك الزمان أو ببعض البلدان. انتهى. وظاهر الشهيد في الذكرى حمل الأخبار المذكورة على حال اجتماعهن واستثنى من الكراهة مع الاجتماع حال الضرورة. واستحسنه في المعالم ، وذكر في الذكرى ايضا ان الاتزار عند الاجتماع يخفف الكراهة وان ذلك مروي عن علي (عليه‌السلام). ولم نقف على هذه الرواية وبذلك اعترف في المعالم أيضا إلا انه قال ولكن الاعتبار يشهد له.

(الثالثة) ـ يجب على الداخل للحمام ستر العورة عن الناظر المحترم لما تقدم في باب الوضوء وعليه يحمل قوله (عليه‌السلام) في صحيحة رفاعة المتقدمة (3) : «مَنْ كانَ

__________________

(1 و 2) رواه في الوسائل في الباب 1 من آداب الحمام.

(3) ص 529.


يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) فلا يدخل الحمام إلا بمئزر». واما مع عدم الناظر المحترم فلا بأس وان كره ذلك لما رواه الحلبي في الصحيح (1) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الرجل يغتسل بغير إزار حيث لا يراه أحد؟ قال لا بأس». واما ما يدل على الكراهة فرواية أبي بصير عن الصادق عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم‌السلام) (2) قال : «إذا تعرى أحدكم نظر اليه الشيطان فطمع فيه فاستتروا». واما ما ورد في جملة من الأخبار من الأمر بغض البصر عند دخول الحمام فهو مبني على ذلك الوقت من حيث عدم الاتزار وانهم عراة فأمروا بغض البصر عن النظر الى عورات الناس

(الرابعة) ـ ما تضمنه مرسل الصدوق ومرسل ابن ابي عمير من جواز النظر إلى عورة غير المسلم خلاف ما هو المفهوم من كلام أكثر الأصحاب ، قال شيخنا الشهيد في الذكرى : نعم يجب ستر الفرج وغض البصر ولو عن عورة الكافر وفيه خبر عن الصادق (عليه‌السلام) بالجواز. وقال المولى محمد تقي المجلسي في شرحه على الفقيه بعد نقل الرواية : يدل على جواز النظر إلى عورة الكافر ولكن ظاهر الآيات والاخبار عموم الحرمة والخبر ليس بصحيح يمكن تخصيصهما به ، وذهب جماعة إلى الجواز كما هو ظاهر الخبر والأحوط عدم النظر ، هذا إذا لم يكن النظر بشهوة وتلذذ وإلا فإنه حرام بلا خلاف. وظاهر صاحب المعالم الميل الى ما دلت عليه هذه الاخبار حيث قال : وظاهر الشهيد في الذكرى انه لا خلاف في وجوب غض البصر عن عورة الكافر حيث قال ، ثم نقل العبارة المتقدمة وقال بعدها ولم يزد على هذا ، وأنت خبير بأن إيراد الخبر في الفقيه يدل على ان مصنفه يعمل به كما نبهنا عليه مرارا فيكون القائل بجواز النظر إلى عورة الكافر موجودا ، ورواية الكافي وان لم تكن صحيحة السند فالأصل يعضدها والخبر

__________________

(1) رواه في الوسائل في الباب 11 من آداب الحمام.

(2) رواه في الوسائل في الباب 9 من آداب الحمام.


الذي سبق الاحتجاج به لتحريم النظر إلى العورة في بحث الخلوة مخصوص بعورة المسلم. انتهى. وهو جيد.

(الخامسة) ـ قال في الفقيه بعد إيراد خبر حنان بن سدير المتقدم ما لفظه : وفي هذا الخبر إطلاق للإمام (عليه‌السلام) ان يدخل ولده معه الحمام دون من ليس بإمام وذلك لان الإمام معصوم في صغره وكبره لا يقع منه النظر إلى عورة في حمام ولا غيره. وقال ايضا قبل ذلك : ومن الآداب ان لا يدخل الرجل ولده معه الحمام فينظر الى عورته. وتبعه الشهيد في الذكرى في هذه المقالة فقال : ويكره دخول الولد مع أبيه الحمام ودخول الباقر مع أبيه (عليهما‌السلام) لعصمتهما.

أقول : لا يخفى ان ما ذكراه من عموم كراهة دخول الرجل مع ابنه الحمام غير ثابت حتى يستثني منه المعصوم ، والموجود من اخبار هذه المسألة مرسلة محمد بن جعفر المتقدمة (1) ومرفوعة سهل بن زياد رفعه (2) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) لا يدخل الرجل مع ابنه الحمام فينظر الى عورته». وظاهرهما النهي عن دخولهما عاريين والظاهر ان تخصيص النهي بهما مع ورود النهي عن الدخول عاريا مطلقا ان ذلك أشد كراهة بالنسبة إليهما ، واما خبر حنان بن سدير المتضمن لدخول الباقر مع أبيه (عليهما‌السلام) فهو انما كان بالإزار وكل منهما متزر فلا تعارض بين الاخبار حتى يحتاج الى الاستثناء كما ذكروه ، وهذا بحمد الله ظاهر لا سترة عليه ، ويؤيده انه لو كان مجرد دخول الولد مع أبيه مكروها لما أقر الإمام (عليه‌السلام) الجماعة المذكورين في الخبر على ذلك من الجد والأب والابن فكما أمرهم بستر العورة كان يخبرهم بكراهة دخولهم جميعا ، وبالجملة فالظاهر ان ما ذكراه بعيد غاية البعد عن أخبار المسألة ولا ضرورة تلجئ الى تكلفه.

(السادسة) ـ لو ترك الستر حال غسله واغتسل عاريا مع وجود الناظر المحترم

__________________

(1) ص 529.

(2) رواه في الوسائل في الباب 21 من آداب الحمام.


فقد صرح الأصحاب بصحة غسله وان فعل محرما ، قال الشهيد في الذكرى : ولو ترك الستر متعمدا قادرا فالأشبه صحة غسله للامتثال وخروج النهي عنه عن حقيقة الغسل. انتهى. وقال بعض فضلاء متأخري المتأخرين : يمكن ان يبين بطلان الغسل بأنه حال فعل الغسل مأمور بالاستتار فلا يكون مأمورا بضده وإلا لزم تكليف ما لا يطاق وإذا لم يكن مأمورا لم يكن مجزئا فلا يتحقق به الامتثال ولا الخروج عن العهدة إذ الموجب لذلك الأمر كما تقرر في محله أقول : تقريب ما ذكره جعل هذه المسألة من قبيل فعل الصلاة في المكان المغصوب واللباس المغصوب وان غير العبارة في الاستدلال ، وقد مضى نبذة من القول في ذلك في باب التيمم وسيجي‌ء ان شاء الله تتمة الكلام في ذلك في كتاب الصلاة.

قال في الفقيه بعد ذكر خبر سعدان بن مسلم المتقدم (1) : وفي هذا الخبر إطلاق في التسليم في الحمام لمن عليه مئزر والنهي الوارد عن التسليم فيه فهو لمن لا مئزر عليه. قال في المعالم بعد نقل ذلك عنه : ولم نقف على رواية النهي التي أشار إليها. أقول : يمكن ان يكون مراده بالخبر المذكور هو ما رواه في الكافي عن محمد بن الحسين رفعه (2) قال «كان أبو عبد الله (عليه‌السلام) يقول ثلاثة لا يسلمون : الماشي مع الجنازة والماشي إلى الجمعة وفي بيت حمام». أقول : وقد ورد النهي عن التسليم على أقوام منهم من في الحمام رواه في الخصال (3) عن الباقر (عليه‌السلام) قال : «لا تسلموا على اليهود ولا على النصارى ولا على المجوس ولا على عبدة الأوثان ولا على موائد شراب الخمر ولا على صاحب الشطرنج والنرد ولا على المخنث ولا على الشاعر الذي يقذف المحصنات ولا على المصلي ، وذلك ان المصلي لا يستطيع ان يرد السلام لان التسليم من المسلم تطوع والرد عليه فريضة ولا على آكل الربا ولا على رجل جالس على غائط ولا على الذي في الحمام ولا على

__________________

(1) ص 531.

(2) رواه في الوسائل في الباب 42 من أحكام العشرة.

(3) ج 2 ص 82 وفي الوافي في باب التسليم ورده من الفصل الخامس من الايمان والكفر.


الفاسق المعلن بفسقه».

(فصل) ـ ومما يستحب في حال الحمام ما رواه في الفقيه عن يحيى بن سعيد الأهوازي عن البزنطي عن محمد بن حمران (1) قال : قال الصادق جعفر بن محمد (عليه‌السلام) «إذا دخلت الحمام فقل في الوقت الذي تنزع فيه ثيابك : اللهم انزع عني ربقة النفاق وثبتني على الايمان. وإذا دخلت البيت الأول فقل : اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي وأستعيذ بك من أذاه وإذا دخلت البيت الثاني فقل : اللهم أذهب عني الرجس النجس وطهر جسدي وقلبي. وخذ من الماء الحار وضعه على هامتك وصب منه على رجليك وان أمكن ان تبلع منه جرعة فافعل فإنه ينقي المثانة ، والبث في البيت الثاني ساعة وإذا دخلت البيت الثالث فقل : نعوذ بالله من النار ونسأله الجنة. ترددها الى وقت خروجك من البيت الحار ، وإياك وشرب الماء البارد والفقاع في الحمام فإنه يفسد المعدة ، ولا تصبن عليك الماء البارد فإنه يضعف البدن وصب الماء البارد على قدميك إذا خرجت فإنه يسل الداء من جسدك ، فإذا لبست ثيابك فقل : اللهم ألبسني التقوى وجنبني الردى. فإذا فعلت ذلك أمنت من كل داء». بيان : الظاهر ان المراد من الفقاع ما هو أعم من المحال والمحرم والنهي عنه انما هو لحكمة صلاح البدن وان حرم أو حل في حد ذاته.

ويكره التدلك فيه بالخزف لما رواه في الكافي عن محمد بن علي بن جعفر عن ابي الحسن الرضا (عليه‌السلام) (2) قال : «من أخذ من الحمام خزفة فحك بها جسده فاصابه البرص فلا يلومن إلا نفسه ، ومن اغتسل من الماء الذي قد اغتسل فيه فاصابه الجذام فلا يلومن إلا نفسه. قال محمد بن علي فقلت لأبي الحسن (عليه‌السلام) ان أهل المدينة يقولون ان فيه شفاء من العين؟ فقال كذبوا يغتسل فيه الجنب من الحرام والزاني والناصب الذي هو شرهما وكل خلق من خلق الله تعالى ثم يكون فيه شفاء من العين انما شفاء

__________________

(1) رواه في الوسائل في الباب 13 من آداب الحمام.

(2) رواه في الوسائل في الباب 11 من المضاف و 20 و 101 من آداب الحمام.


العين قراءة الحمد والمعوذتين وآية الكرسي والبخور بالقسط والمر واللبان». وفي الخبر زيادة على ما ذكرنا النهي عن الاغتسال بغسالة الحمام وقد تقدم الكلام فيه.

وروى في الكافي مسندا مرفوعا وفي الفقيه مرسلا (1) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) لا تتك في الحمام فإنه يذيب شحم الكليتين ولا تسرح في الحمام فإنه يرقق الشعر ولا تغسل رأسك بالطين فإنه يذهب بالغيرة ولا تدلك بالخزف فإنه يورث البرص ولا تمسح وجهك بالإزار فإنه يذهب بماء الوجه». بيان : في الفقيه بدل قوله : «فإنه يذهب بالغيرة» «فإنه يسمج الوجه» قال وفي حديث آخر : «يذهب بالغيرة» وقال بعد تمام الحديث : وروى ان ذلك طين مصر وخزف الشام. أقول : روى في الكافي في الصحيح أو الحسن عن ابن أسباط عن ابي الحسن الرضا (عليه‌السلام) (2) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لا تغسلوا رؤوسكم بطين مصر فإنه يذهب بالغيرة ويورث الدياثة». أقول : في قصة عزيز مصر حيث علم من زوجته مع يوسف على نبينا وآله وعليه‌السلام ما علم وغاية ما صدر عنه في المقام ان قال : «يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ» (3) قيل وفي كثرة وقوع البرص بالشام ما ينبئ عما دل عليه الخبر من ان التدلك بالخزف المفسر هنا بخزف الشام يورث البرص.

وروى في الكافي والتهذيب عن سليمان بن جعفر الجعفري (4) قال : «مرضت حتى ذهب لحمي ودخلت على الرضا (عليه‌السلام) فقال أيسرك ان يعود إليك لحمك؟ فقلت بلى. فقال الزم الحمام غبا فإنه يعود إليك لحمك وإياك ان تدمنه فإن إدمانه يورث السل».

__________________

(1) رواه في الوسائل في الباب 13 من آداب الحمام.

(2) رواه في الوسائل في الباب 13 من آداب الحمام.

(3) سورة يوسف ، الآية 28.

(4) رواه في الوسائل في الباب 2 من آداب الحمام.


بيان : قال في الوافي : الغب بكسر الغين المعجمة وتشديد الباء الموحدة ان يدخله يوما ويتركه يوما ومنه حمى الغب ، واما تفسير بعض اللغويين الغب في «زر غبا تزدد حبا» (1) بالزيارة في كل أسبوع فإن صح فهو مخصوص بالغب في الزيارة لا غير. انتهى

أقول : ما ذكره هنا مأخوذ من كلام شيخنا البهائي (قدس‌سره) في مشرق الشمسين ، واما كلام أهل اللغة الذي أشار إليه فهو ما ذكره الجوهري قال : والغب في الزيارة قال الحسن في كل أسبوع يقال «زر غبا تزدد حبا». وقال في القاموس «الغب في الزيارة ان تكون في كل أسبوع» وظاهر كلامهما انما هو تفسير الغب في الزيارة لا الغب حيثما كان.

ومما يؤيد هذا الخبر ايضا ما رواه في الكافي عن الجعفري المتقدم (2) قال : «من أراد ان يحمل لحما فليدخل الحمام يوما ويغب يوما ومن أراد ان يضمر وكان كثير اللحم فليدخل الحمام كل يوم». وما رواه في الكافي عن الجعفري عن ابي الحسن (عليه‌السلام) (3) ورواه في الفقيه عن ابي الحسن موسى (عليه‌السلام) قال : «الحمام يوم ويوم لا يكثر اللحم وإدمانه في كل يوم يذيب شحم الكليتين».

وروى في الكافي عن رفاعة عن من أخبره عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (4) «انه كان إذا أراد دخول الحمام تناول شيئا فأكله قال قلت له ان الناس عندنا يقولون انه على الريق أجود ما يكون؟ قال لا بل يؤكل شي‌ء قبله يطفئ المرار ويسكن حرارة الجوف». وروى في الفقيه مرسلا (5) قال : «قال أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه‌السلام) لا تدخلوا الحمام على الريق ولا تدخلوه حتى تطعموا شيئا».

__________________

(1) أورده ابن الأثير في النهاية في مادة (غبب) والسيوطي في الجامع الصغير في حرف الزاي.

(2 و 3) رواه في الوسائل في الباب 2 من آداب الحمام.

(4 و 5) رواه في الوسائل في الباب 17 من آداب الحمام.


وروى في الكافي في الصحيح عن علي بن يقطين (1) قال : «قلت لأبي الحسن (عليه‌السلام) اقرأ القرآن في الحمام وانكح؟ قال لا بأس». وعن محمد بن مسلم في الحسن (2) قال : «سألت أبا جعفر (عليه‌السلام) أكان أمير المؤمنين (عليه‌السلام) ينهى عن قراءة القرآن في الحمام؟ فقال لا انما نهى ان يقرأ الرجل وهو عريان فاما إذا كان عليه إزار فلا بأس». وعن الحلبي في الحسن عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (3) قال : «لا بأس للرجل ان يقرأ القرآن في الحمام إذا كان يريد به وجه الله ولا يريد ينظر كيف صوته». وروى الشيخ في التهذيب في الصحيح عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن ابي الحسن الرضا (عليه‌السلام) (4) قال : «سألته عن الرجل يقرأ في الحمام وينكح فيه؟ قال لا بأس به». وفي الصحيح عن علي بن يقطين عن ابي الحسن (عليه‌السلام) (5) قال : «سألته عن الرجل يقرأ في الحمام وينكح فيه قال لا بأس به». وعن ابي بصير (6) قال : «سألته عن القراءة في الحمام؟ قال إذا كان عليك إزار فاقرأ القرآن ان شئت كله».

وروى في الكافي عن ابن مسكان (7) قال : «كنا جماعة من أصحابنا دخلنا الحمام فلما خرجنا لقينا أبا عبد الله (عليه‌السلام) فقال لنا من أين أقبلتم؟ فقلنا له من الحمام فقال أنقى الله غسلكم فقلنا جعلنا الله فداك. وانا جئنا معه حتى دخل الحمام فجلسنا له حتى خرج فقلنا له أنقى الله غسلك فقال طهركم الله». وروى في الكافي مسندا عن ابي مريم الأنصاري رفعه (8) قال : ان الحسن وفي الفقيه «ان الحسن بن علي (عليه‌السلام) خرج من الحمام فلقيه انسان فقال له طاب استحمامك فقال يا لكع وما تصنع بالاست ههنا؟ فقال طاب حميمك. فقال اما تعلم ان الحميم العرق؟ فقال طاب حمامك. فقال فإذا طاب حمامي فأي شي‌ء لي؟ ولكن قل طهر ما طاب منك وطاب ما طهر منك». أقول : الظاهر ان القائل المذكور من المخالفين. وروى في الفقيه مرسلا (9) قال : «قال

__________________

(1 و 2 و 3 و 4 و 5 و 6) رواه في الوسائل في الباب 15 من آداب الحمام.

(7 و 8 و 9) رواه في الوسائل في الباب 24 من آداب الحمام.


الصادق (عليه‌السلام) إذا قال لك أخوك وقد خرجت من الحمام : طاب حمامك فقل أنعم الله بالك».

(فصل) في استحباب النورة روى في الكافي في الصحيح (1) أو الحسن عن سليم الفراء قال : قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) وفي الفقيه مرسلا قال : «قال أمير المؤمنين : النورة طهور». وروى في الكافي عن عبد الرحمن بن ابي عبد الله (2) قال : «دخلت مع ابي عبد الله (عليه‌السلام) الحمام فقال يا عبد الرحمن اطل فقلت انما اطليت منذ أيام فقال اطل فإنها طهور». وروى في الكافي عن محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين (3) قال : «دخل أبو عبد الله (عليه‌السلام) الحمام وانا أريد ان اخرج منه فقال يا محمد إلا تطلي؟ فقلت عهدي به منذ أيام فقال اما علمت انها طهور؟». وعن خلف بن حماد عن من رواه (4) قال : «بعث أبو عبد الله (عليه‌السلام) ابن أخيه في حاجة فجاء وأبو عبد الله قد اطلى بالنورة فقال له أبو عبد الله اطل فقال إنما عهدي بالنورة منذ ثلاث فقال أبو عبد الله (عليه‌السلام) ان النورة طهور». وعن هارون بن حكيم الأرقط خال ابي عبد الله (عليه‌السلام) (5) قال : «أتيته في حاجة فأصبته في الحمام يطلي فذكرت له حاجتي فقال ألا تطلي؟ فقلت له انما عهدي به أول من أمس فقال اطل فإن النورة طهور». ونحوه في حديث ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (6) حيث «دخل عليه وهو يتنور فقال له يا أبا بصير تنور قال انما تنورت أول من أمس واليوم الثالث فقال اما علمت انها طهور فتنور». وروى في الكافي والفقيه عن أمير المؤمنين (عليه‌السلام) (7) قال : «أحب للمؤمن أن يطلي في كل خمسة عشر يوما». وروى فيهما عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (8) قال : «السنة في النورة في كل خمسة عشر يوما فإن أتت عليك عشرون

__________________

(1) رواه في الوسائل في الباب 28 من آداب الحمام.

(2 و 3 و 4 و 5 و 6) رواه في الوسائل في الباب 32 من آداب الحمام.

(7 و 8) رواه في الوسائل في الباب 33 من آداب الحمام.


يوما وليس عندك شي‌ء فاستقرض على الله». وروى فيهما عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (1) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) فلا يترك عانته فوق أربعين يوما ولا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ان تدع ذلك منها فوق عشرين يوما». وروى في الكافي عن علي بن الحكم عن علي بن أبي حمزة (2) قال : «دخلت مع ابي بصير الحمام فنظرت الى ابي عبد الله (عليه‌السلام) قد اطلى إبطيه بالنورة قال فخبرت أبا بصير فقال أرشدني إليه لأسأله عنه فقلت قد رأيته أنا فقال أنت رأيته وانا لم أره أرشدني إليه قال فأرشدته إليه فقال له جعلت فداك أخبرني قائدي أنك اطليت وطليت إبطيك بالنورة فقال نعم يا أبا محمد ان نتف الإبطين يضعف البصر اطل يا أبا محمد فإنه طهور فقال اطليت منذ أيام فقال اطل فإنه طهور». وروى في الكافي عن ابن ابي يعفور (3) قال : «كنا بالمدينة فلاحاني زرارة في نتف الإبط وحلقه فقلت حلقه أفضل وقال زرارة نتفه أفضل فاستأذنا على ابي عبد الله (عليه‌السلام) في الحمام فاذن لنا وهو في الحمام يطلي وقد اطلى إبطيه فقلت لزرارة يكفيك فقال لا لعله فعل هذا لما لا يجوز لي ان أفعله فقال فيما أنتما؟ فقلت ان زرارة لاحاني في نتف الإبط وحلقه فقلت حلقه أفضل وقال زرارة نتفه أفضل فقال أصبت السنة وأخطأها زرارة ان حلقه أفضل من نتفه وطليه أفضل من حلقه. ثم قال لنا اطليا فقلنا فعلنا منذ ثلاث فقال (عليه‌السلام) أعيدا فإن الإطلاء طهور».

بيان : المفهوم من هذه الاخبار استحباب النورة وانه لا حد لها في جانب القلة من الأيام لما علل به في هذه الاخبار من انها طهور واما في جانب الكثرة فخمسه عشر يوما فإنها غاية الترك لها وقوله (عليه‌السلام) فيما تقدم «السنة في النورة في كل خمسة عشر يوما» يعني نهايتها هذه المدة لا انها ليست بسنة قبلها وكذا قوله (عليه‌السلام) «أحب للمؤمن أن يطلي في كل خمسة عشر يوما» اي لا يترك زيادة على ذلك ، ولهذا

__________________

(1) رواه في الوسائل في الباب 86 من آداب الحمام.

(2 و 3) رواه في الوسائل في الباب 85 من آداب الحمام.


امره بالاستقراض على الله سبحانه لو أتت عليه عشرون يوما وليس عنده شي‌ء ، وبالغ في الإنكار على الرجل إذا اتى عليه أربعون يوما والمرأة إذا أتت عليها عشرون يوما ، وبذلك يظهر ما في كلام بعضهم من توظيف الاستحباب بالخمسة عشر يوما بمعنى انها لا تكون مستحبة قبل ذلك كما يعطيه ظاهر كلامه فإنه غفلة ظاهرة عن ملاحظة هذه الاخبار

وروى في الكافي والفقيه عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (1) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) «لا يطولن أحدكم شعر إبطيه فإن الشيطان يتخذه مخبأ يستتر به».

وروى في الكافي عن حذيفة بن منصور (2) قال «سمعت أبا عبد الله (عليه‌السلام) يقول كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) يطلي العانة وما تحت الأليين في كل جمعة». أقول : يحتمل ان يراد بالجمعة اليوم المخصوص وان يراد به الأسبوع فإنه يطلق عليه في الاخبار ايضا.

وروى في الكافي عن السياري رفعه (3) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) من أراد الإطلاء بالنورة فأخذ من النورة بإصبعه فشمه وجعل على طرف انفه وقال صلى الله على سليمان بن داود كما أمرنا بالنورة لم تحرقه النورة». وروى في الفقيه مرسلا (4) قال : «قال الصادق (عليه‌السلام) من أراد ان يتنور فليأخذ من النورة ويجعله على طرف انفه ويقول اللهم ارحم سليمان بن داود كما أمرنا بالنورة فإنه لا تحرقه النورة ان شاء الله تعالى».

وعن سدير (5) «انه سمع علي بن الحسين (عليهما‌السلام) يقول من قال إذا اطلى بالنورة اللهم طيب ما طهر مني وطهر ما طاب مني وأبدلني شعرا طاهرا لا يعصيك

__________________

(1) رواه في الوسائل في الباب 84 من آداب الحمام.

(2) رواه في الوسائل في الباب 38 من صلاة الجمعة.

(3 و 4) رواه في الوسائل في الباب 29 من آداب الحمام.

(5) رواه في الوسائل في الباب 30 من آداب الحمام.


اللهم اني تطهرت ابتغاء سنة المرسلين وابتغاء رضوانك ومغفرتك فحرم شعري وبشري على النار وطهر خلقي وطيب خلقي وزك عملي واجعلني ممن يلقاك على الحنيفية السمحة ملة إبراهيم خليلك ودين محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله) حبيبك ورسولك عاملا بشرائعك تابعا لسنة نبيك آخذا به متأدبا بحسن تأديبك وتأديب رسولك (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وتأديب أوليائك الذين غذوتهم بأدبك ووزعت الحكمة في صدورهم وجعلتهم معادن لعلمك صلواتك عليهم من قال ذلك طهره الله عزوجل من الأدناس في الدنيا ومن الذنوب وأبدله شعرا لا يعصى وخلق الله بكل شعرة من جسده ملكا يسبح له الى ان تقوم الساعة ، وان تسبيحة من تسبيحهم تعدل ألف تسبيحة من تسبيح أهل الأرض».

وروى في الكافي عن البرقي رفعه الى ابي عبد الله (عليه‌السلام) (1) قال : «قيل له يزعم الناس ان النورة يوم الجمعة مكروهة؟ فقال ليس حيث ذهبت اي طهور اطهر من النورة يوم الجمعة». وروى في الفقيه مرسلا (2) قال : «قال الصادق (عليه‌السلام) قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) ينبغي للرجل ان يتوقى النورة يوم الأربعاء فإنه يوم نحس مستمر ويجوز النورة في سائر الأيام». بيان : يفهم من هذا الخبر ان يوم الأربعاء حيث كان من الشهر نحس لا خصوصية له بالأخير من الشهر أو الأول منه كما هو المشهور ، وقال في الفقيه : وروى انها في يوم الجمعة تورث البرص. وروى فيه عن الريان بن الصلت عن من أخبره عن ابي الحسن (عليه‌السلام) (3) قال : «من تنور يوم الجمعة فأصابه البرص فلا يلومن إلا نفسه».

بيان : قال في الوافي بعد ذكر مرفوعة البرقي أولا ثم الروايتين الأخيرتين ثانيا : يمكن الجمع بين الخبرين بان يحمل هذا الخبر على انه من تنور يوم الجمعة معتقدا انه يورث البرص كما يزعمه الناس بزعمهم الفاسد فاصابه البرص فلا يلومن إلا نفسه وذلك لان التطير مؤثر في نفس المتطير. أقول : بل الظاهر حمل هذا الخبر على التقية لموافقته لما

__________________

(1 و 2 و 3) رواه في الوسائل في الباب 38 من صلاة الجمعة.


نقله في الخبر الأول عن الناس الذين هم العامة كما لا يخفى.

(فصل) ـ روى المشايخ الثلاثة (عطر الله مراقدهم) بأسانيدهم عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (1) قال : «غسل الرأس بالخطمي في كل جمعة أمان من البرص والجنون». وروى الشيخان في الكافي والفقيه بسنديهما عن أمير المؤمنين (عليه‌السلام) (2) قال : «غسل الرأس بالخطمي يذهب الدرن وينفي الأقذار». أقول : وفي بعض النسخ «ينقى» بالقاف وفي الفقيه «الأقذاء» بالهمزة في آخره جمع قذى مقصورا وهو يقال لما يقع في العين وان أطلق على غيره مجازا. وروى في الكافي والتهذيب عن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (3) قال : «من أخذ من شاربه وقلم أظفاره وغسل رأسه بالخطمي في يوم الجمعة كان كمن أعتق نسمة». وعن سفيان بن السمط عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (4) قال : «تقليم الأظفار والأخذ من الشارب وغسل الرأس بالخطمي ينفي الفقر ويزيد في الرزق». وقال في الفقيه (5) قال الصادق (عليه‌السلام) «غسل الرأس بالخطمي ينفي الفقر ويزيد في الرزق».

وروى في الكافي عن منصور بزرج (6) قال : «سمعت أبا الحسن (عليه‌السلام) يقول غسل الرأس بالسدر يجلب الرزق جلبا». ورواه في الفقيه مرسلا (7) وروى في الكافي عن محمد بن الحسين العلوي عن أبيه عن جده عن علي (عليه‌السلام) (8) قال : «لما أمر الله عزوجل رسوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بإظهار الإسلام وظهر الوحي رأى قلة من المسلمين وكثرة من المشركين فاهتم رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) هما شديدا فبعث الله إليه جبرئيل بسدر من سدرة المنتهى فغسل

__________________

(1 و 3) رواه في الوسائل في الباب 32 من صلاة الجمعة.

(2 و 4) رواه في الوسائل في الباب 25 من آداب الحمام.

(5) ج 1 ص 71 وفي الوسائل في الباب 25 من آداب الحمام.

(6 و 7 و 8) رواه في الوسائل في الباب 26 من آداب الحمام.


به رأسه فجلا به همه». ونحوه روى في الفقيه عن أمير المؤمنين (عليه‌السلام) مرسلا (1) وروى في الفقيه مرسلا (2) قال : «قال الصادق (عليه‌السلام) اغسلوا رؤوسكم بورق السدر فإنه قدسه كل ملك مقرب وكل نبي مرسل ، ومن غسل رأسه بورق السدر صرف الله عنه وسوسة الشيطان سبعين يوما ومن صرف الله عنه وسوسة الشيطان سبعين يوما لم يعص الله ومن لم يعص الله دخل الجنة».

(فصل) روى ثقة الإسلام في الكافي عن إسحاق بن عبد العزيز (3) قال : «سئل أبو عبد الله (عليه‌السلام) عن التدلك بالدقيق بعد النورة؟ فقال لا بأس قلت يزعمون أنه إسراف؟ فقال ليس فيما أصلح البدن إسراف واني ربما أمرت بالنقي فيلت بالزيت فأتدلك به انما الإسراف فيما أتلف المال وأضر بالبدن». بيان : قال في الوافي النقي بالكسر المخ من العظام في غير الرأس ويقال قرصة النقي للخبز الأبيض الذي نخل حنطته مرة بعد اخرى ولعل المراد به هنا الحنطة المنخولة ناعما ، وكانوا يتدلكون بالنخالة بعد النورة ليقطع ريحها.

وروى في التهذيب عن إسحاق بن عبد العزيز عن رجل ذكره عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (4) قال : «قلت له انا نكون في طريق مكة نريد الإحرام ولا يكون معنا نخالة نتدلك بها من النورة فنتدلك بالدقيق فيدخلني من ذلك ما الله به عليهم؟ قال مخافة الإسراف؟ فقلت نعم. فقال ليس فيما يصلح البدن إسراف. الحديث».

وروى في الكافي عن هشام بن الحكم عن ابي الحسن (عليه‌السلام) (5) «في الرجل يطلي ويتدلك بالزيت والدقيق؟ قال لا بأس به».

__________________

(1) الفقيه ج 1 ص 70 و 72 وكذا في الوافي ج 4 ص 95 وفي الوسائل في الباب 26 من آداب الحمام لم يسنده الى أمير المؤمنين (ع).

(2) رواه في الوسائل في الباب 26 من آداب الحمام.

(3 و 4 و 5) رواه في الوسائل في الباب 38 من آداب الحمام.


وعن ابان بن تغلب (1) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) انا لنسافر ولا يكون معنا نخالة فنتدلك بالدقيق؟ فقال لا بأس إنما الفساد فيما أضر بالبدن وأتلف المال فاما ما أصلح البدن فإنه ليس بفساد اني ربما أمرت غلامي فلت لي النقي بالزيت ثم أتدلك به».

وعن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح (2) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الرجل يطلي بالنورة فيجعل الدقيق بالزيت يلته به يتمسح به بعد النورة ليقطع ريحها؟ قال لا بأس». قال في الكافي (3) وفي حديث آخر لعبد الرحمن قال : «رأيت أبا الحسن (عليه‌السلام) وقد تدلك بدقيق ملتوت بالزيت فقلت له ان الناس يكرهون ذلك؟ قال لا بأس به».

وروى في التهذيب عن عبيد بن زرارة في الموثق (4) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الدقيق يتوضأ به؟ قال لا بأس بأن يتوضأ به وينتفع به». يعني ينظف به البدن من التوضؤ بمعنى التنظيف والتحسين.

وروى في الكافي عن الحسين بن موسى (5) قال : «كان ابي موسى بن جعفر (عليه‌السلام) إذا أراد الدخول الى الحمام أمران يوقد له عليه ثلاثا وكان لا يمكنه دخوله حتى يدخله السودان فيلقون له اللبود فإذا دخل فمرة قاعد ومرة قائم فخرج يوما من الحمام فاستقبله رجل من آل الزبير يقال له لبيد وبيده اثر حناء فقال له ما هذا الأثر بيدك؟ فقال اثر حناء. فقال ويلك يا لبيد حدثني ابي وكان أعلم أهل زمانه عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) من دخل الحمام فاطلى ثم اتبعه بالحناء من قرنه الى قدمه كان أمانا له من الجنون والجذام والبرص والأكلة إلى مثله من النورة».

__________________

(1 و 2 و 3) رواه في الوسائل في الباب 38 من آداب الحمام.

(4) رواه في الوسائل في الباب 7 من أبواب التيمم.

(5) رواه في الوسائل في الباب 27 و 26 من آداب الحمام.


وروى في الفقيه مرسلا (1) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) من اطلى واختضب بالحناء آمنه الله عزوجل من ثلاث خصال : الجذام والبرص والأكلة إلى طلية مثلها».

وروى في الكافي عن الحسين بن موسى (عليه‌السلام) (2) قال : «كان أبو الحسن (عليه‌السلام) مع رجل عند قبر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فنظر اليه وقد أخذ الحناء من يديه فقال بعض أهل المدينة إلا ترون الى هذا كيف قد أخذ الحناء من يديه فالتفت اليه فقال فيه ما تخبره وما لا تخبره ثم التفت الي فقال انه من أخذ الحناء بعد فراغه من النورة من قرنه الى قدمه أمن من الأدواء الثلاثة الجنون والجذام والبرص».

وعن الحكم بن عيينة (3) قال : «رأيت أبا جعفر (عليه‌السلام) وقد أخذ الحناء وجعله على أظافيره فقال يا حكم ما تقول في هذا؟ فقلت ما عسيت أن أقول فيه وأنت تفعله وان عندنا يفعله الشبان فقال يا حكم ان الأظافير إذا أصابتها النورة غيرتها حتى تشبه أظافير الموتى فغيرها بالحناء».

وعن عبدوس بن إبراهيم (4) قال : «رأيت أبا جعفر (عليه‌السلام) وقد خرج من الحمام وهو من قرنه الى قدمه مثل الوردة من اثر الحناء». بيان : المراد بابي جعفر هنا هو الجواد (عليه‌السلام).

وروى في التهذيب عن عبدوس بن إبراهيم عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (5) قال : «الحناء يذهب بالسهك ويزيد في ماء الوجه ويطيب النكهة ويحسن الولد ، وقال من اطلى في الحمام فتدلك بالحناء من قرنه الى قدمه نفى عنه الفقر ، وقال رأيت أبا جعفر الثاني (عليه‌السلام) قد خرج من الحمام وهو من قرنه الى قدمه مثل الورد من اثر الحناء». بيان : قيل السهك الرائحة الشديدة الكريهة ممن عرق.

__________________

(1 و 4 و 5) رواه في الوسائل في الباب 35 من آداب الحمام.

(2 و 3) رواه في الوسائل في الباب 36 من آداب الحمام.


أقول : وربما سبق الى الوهم من هذه الاخبار اختصاص استحباب الحناء أو جوازه بكونه بعد النورة خاصة ولذلك أنكر بعض المتعسفين استحبابه أو جوازه في غير ذلك ، وربما استندوا في ذلك الى ما رواه الصدوق في كتاب معاني الاخبار عن أبيه عن سعد عن احمد بن ابي عبد الله عن أبيه رفعه (1) قال : «نظر أبو عبد الله (عليه‌السلام) الى رجل وقد خرج من الحمام مخضوب اليدين فقال له أبو عبد الله (عليه‌السلام) أيسرك ان يكون الله خلق يديك هكذا؟ قال لا والله وانما فعلت ذلك لأنه بلغني عنكم انه من دخل الحمام فلير عليه أثره يعني الحناء. فقال ليس ذلك حيث ذهبت انما معنى ذلك إذا خرج أحدكم من الحمام وقد سلم فليصل ركعتين شكرا».

والظاهر كما هو المفهوم من كلام جملة من الأصحاب انه لا اختصاص له بالنورة ومن أظهر الأدلة على ذلك ما رواه الصدوق (قدس‌سره) في كتاب الخصال (2) بسنده فيه عن أمير المؤمنين (عليه‌السلام) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) اربع من سنن المرسلين : العطر والنساء والسواك والحناء». فإنه دال بإطلاقه على انه في حد ذاته من السنن لا بخصوص موضع كالإفراد المعدودة معه ، ويظهر ذلك ايضا من بعض الأحاديث الآتية في فضل الخضاب واستحبابه كما سنشير اليه ان شاء الله ، ويؤيد ما ذكرناه ما صرح به المحدث الكاشاني في الوافي في باب الخضاب بعد نقل اخبار تغير الأظافير بالنورة ومسحها بالحناء وخبر إنكار المدني على الامام (عليه‌السلام) الحناء في يديه كما تقدم حيث قال : وفي هذه الاخبار دالة على جواز ما هو المتعارف بين أصحابنا اليوم من خضاب اليدين والرجلين بلا كراهة على انه لو لم تكن هذه الأخبار لكفى في ذلك «كل شي‌ء مطلق حتى يرد فيه نهي» (3). إذ لم يرد في هذا

__________________

(1) رواه في الوسائل في الباب 36 من آداب الحمام.

(2) رواه في الوسائل في الباب 1 من أبواب السواك.

(3) الفقيه ج 1 ص 208 وفي الوسائل في الباب 19 من أبواب القنوت.


نهى ، ويمكن ان يستفاد ذلك من عموم اخبار هذا الباب وإطلاقها وان كانت ظاهرة في اللحية والرأس بل لو استفيد ذلك من قوله (عليه‌السلام) (1) «لا بأس بالخضاب كله». وجعل أحد معانيه لم يكن بذلك البعيد. انتهى.

أقول : ومن أظهر الأدلة على جواز ذلك من غير كراهية ولا ذم انه لا شك ان ذلك من الزينة وقد قال سبحانه : «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ» (2) وسياق الآية وان كان انما هو الإنكار على من حرم ذلك إلا ان سياقها أظهر ظاهر في ان الله قد حلل لعباده الزينة والطيبات من الرزق تفضلا وكرما فالمانع منها تحريما أو كراهة راد عليه سبحانه فيما تفضل به.

واما الخبر الذي نقلناه من معاني الأخبار فالأقرب عندي انه انما خرج مخرج التقية لما عرفت من سياق جملة من الاخبار المتقدمة من إنكار الناس ذلك وان المعروف بين المخالفين بل عامة الناس لشهرة الأمر بين المخالفين إنكار ذلك ، كما تضمنه حديث الحسين بن موسى المتضمن لإنكار ذلك الرجل الذي هو من أهل المدينة على الامام (عليه‌السلام) أخذ الحناء من يديه وكما تضمنه حديث الحسين بن موسى وإنكار الزبيري على الكاظم (عليه‌السلام) الحناء في يده ، وما تضمنه حديث الحكم بن عيينة لما رأى الحناء على أظافير أبي جعفر (عليه‌السلام) وقوله «ان عندنا انما يفعله الشبان». فان الجميع ظاهر في كون هذه السنة كانت متروكة عند العامة ، وقال صاحب الوسائل بعد إيراد هذا الخبر. أقول : هذا غير صريح في الإنكار ولعله استفهام منه ليظهر غلط الراوي في فهم الحديث ، وكون معناه ما ذكر لا ينافي الاستحباب ، والإنكار السابق انما هو من العامة مثل الحكم وأهل المدينة ، ثم ان الأخير يحتمل التقية ويمكن حمله على الإفراط والمداومة للرجل بل ظاهره ذلك بقرينة قوله «خلق يديك» إذ لو كان اللون خلقيا لدام. والله العالم. وربما احتمل بعض ايضا كون المتحنى فعل

__________________

(1) الفقيه ج 1 ص 69.

(2) سورة الأعراف ، الآية 30.


بالحناء ما يشبه النساء من التخطيط والنقش بالحناء ، قال وقد ورد النهي عن التشبه بالنساء وذمه فلعل الإنكار كان لذلك. أقول : والكل عندي بمحل من التكلف الذي لا ضرورة إليه بعد ما ذكرناه وانطباق سياق الخبر على هذه الاحتمالات على غاية من البعد. والله العالم.

(فصل) روى في الكافي والفقيه عن الحسن بن الجهم (1) قال : «دخلت على ابي الحسن موسى بن جعفر (عليه‌السلام) وقد اختضب بالسواد فقلت أراك اختضبت بالسواد؟ فقال ان في الخضاب اجرا والخضاب والتهيئة مما يزيد الله به في عفة النساء ولقد ترك النساء العفة بترك أزواجهن لهن التهيئة. قال قلت له بلغنا ان الحناء يزيد في الشيب؟ فقال اي شي‌ء يزيد في الشيب الشيب يزيد في كل يوم». وعن مسكين ابي الحكم عن رجل عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (2) قال : «جاء رجل الى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فنظر الى الشيب في لحيته فقال النبي نور ثم قال من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة قال فخضب الرجل بالحناء ثم جاء الى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فلما رأى الخضاب قال نور وإسلام. فخضب الرجل بالسواد فقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) نور وإسلام وايمان ورغبة إلى نسائكم ورهبة في قلوب عدوكم».

وعن العباس بن موسى الوراق عن ابي الحسن (عليه‌السلام) (3) قال : «دخل قوم على ابي جعفر (عليه‌السلام) فرأوه مختضبا بالسواد فسألوه فقال اني رجل أحب النساء وانا أتصنع لهن». وعن ابي خالد الزيدي عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (4) قال : «دخل قوم

__________________

(1 و 4) رواه في الوسائل في الباب 46 من آداب الحمام.

(2) رواه في الوسائل في الباب 44 من آداب الحمام.

(3) رواه في الوسائل في الباب 41 من آداب الحمام.


على الحسين بن علي (عليه‌السلام) فرأوه مختضبا بالسواد فسألوه عن ذلك فمد يده الى لحيته ثم قال أمر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) في غزاة غزاها ان يختضبوا بالسواد ليقووا به على المشركين».

وعن إبراهيم بن عبد الحميد في الصحيح أو الحسن عن ابي الحسن (عليه‌السلام) (1) قال : «في الخضاب ثلاث خصال : مهيبة في الحرب ومحبة الى النساء ويزيد في الباه».

وعن محمد بن عبد الله بن مهران عن أبيه رفعه (2) قال : «قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) نفقة درهم في الخضاب أفضل من نفقة مائة درهم في سبيل الله ان فيه أربع عشرة خصلة : يطرد الريح من الأذنين ويجلو الغشاء من البصر ويلين الخياشيم ويطيب النكهة ويشد اللثة ويذهب بالغشيان ويقل وسوسة الشيطان وتفرح به الملائكة ويستبشر به المؤمن ويغيظ به الكافر وهو زينة وطيب وبراءة في قبره ويستحيى منه منكر ونكير».

وروى في الفقيه مرسلا (3) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لعلي (عليه‌السلام) يا علي درهم في الخضاب أفضل من الف درهم في غيره في سبيل الله وفيه أربع عشرة خصلة. الحديث». وقال بدل «الغشيان» «الضنى» وفي بعض النسخ «الصفار» بيان : والغشيان خبث النفس وان لا تطيب والضنى الهزال والصفار كغراب الماء الأصفر يجتمع في البطن.

وروى في الكافي عن الحلبي في الصحيح (4) قال : ««سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن خضاب الشعر؟ فقال قد خضب النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) والحسين بن علي وأبو جعفر (عليه‌السلام) بالكتم». قبل الكتم محركة نبت يخلط بالوسمة يختضب به

__________________

(1) رواه في الوسائل في الباب 41 من آداب الحمام.

(2 و 3) رواه في الوسائل في الباب 42 من آداب الحمام.

(4) رواه في الوسائل في الباب 48 من آداب الحمام.


وعن معاوية بن عمار في الصحيح أو الحسن (1) قال : «رأيت أبا جعفر (عليه‌السلام) مخضوبا بالحناء». بيان : ظاهر هذا الخبر مطلق في خضاب لحيته أو يديه ورجليه كما تقدمت الإشارة اليه.

وعن معاوية بن عمار في الصحيح (2) قال : «رأيت أبا جعفر (عليه‌السلام) يختضب بالحناء خضابا قانيا». أقول : وهكذا كذلك.

وعن حفص الأعور (3) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن خضاب اللحية والرأس أمن السنة؟ فقال نعم. قلت ان أمير المؤمنين (عليه‌السلام) لم يختضب فقال انما منعه قول رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ان هذه ستخضب من هذه». وعن عبد الله بن سنان في الصحيح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (4) قال : «خضب النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ولم يمنع عليا (عليه‌السلام) إلا قول رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) تخضب هذه من هذه وقد خضب الحسين وأبو جعفر (عليهما‌السلام)». بيان : الظاهر ان المراد من هذين الخبرين المذكورين انه لما أخبره رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بان لحيته ستخضب من دم رأسه وخضابها بذلك حقيقة لا يكون إلا مع بياضها ثم احمرارها بالدم وإلا فلو كانت سوداء ثم جرى عليها الدم لم يصدق الخضاب إلا بنوع من التجوز ترك (عليه‌السلام) الخضاب وجعلها بيضاء انتظارا لما وعده به ليقع كلامه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) على وجه الحقيقة لا المجاز ، لعن الله الفاعل لذلك والراضي به لعنا يستعيذ منه أهل النار في النار.

ويعضد ما ذكرناه ما رواه في كتاب العلل بسنده فيه عن الأصبغ بن نباتة (5) قال : «قلت لأمير المؤمنين (عليه‌السلام) ما يمنعك من الخضاب وقد اختضب

__________________

(1 و 2) رواه في الوسائل في الباب 50 من آداب الحمام.

(3) رواه في الوسائل في الباب 45 من آداب الحمام.

(4 و 5) رواه في الوسائل في الباب 41 من آداب الحمام.


رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله)؟ قال انتظر أشقاها أن يخضب لحيتي من دم رأسي بعهد معهود أخبرني به حبيبي رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله)». والاخبار في هذا الباب كثيرة يقف عليها من يرجع إليها.

وروى في من لا يحضره الفقيه مرسلا عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (1) انه قال : «الشيب نور فلا تنتفوه». قال الصدوق (قدس‌سره) (2) : النهي عن نتف الشيب نهي كراهة لا نهي تحريم لان الصادق (عليه‌السلام) يقول : «لا بأس بجز الشمط ونتفه وجزه أحب الي من نتفه». واخبارهم (عليهم‌السلام) لا تختلف في حالة واحدة لأن مخرجها من عند الله تعالى ذكره وانما تختلف بحسب اختلاف الأحوال انتهى أقول : ما ذكره (قدس‌سره) من ان أخبارهم لا تختلف في حالة واحدة على إطلاقه ممنوع نعم هو مسلم فيما عدا موضع التقية. وروى عن الصادق (عليه‌السلام) مرسلا (3) انه قال : «أول من شاب إبراهيم الخليل (عليه‌السلام) وانه ثنى لحيته فرأى طاقة بيضاء فقال يا جبرئيل ما هذا؟ فقال هذا وقار فقال إبراهيم اللهم زدني وقارا». أقول : وقد روى الكليني حديث نتف الشيب بإسناد حسن عن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (4) قال : «لا بأس بجز الشمط ونتفه وجزه أحب الي من نتفه». أقول : الشمط بياض شعر الرأس يخالطه سواده والمراد هنا الشيب.

(فصل) ـ روى ثقة الإسلام في الصحيح عن إسحاق بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (5) قال : «قال لي استأصل شعرك يقل درنه ودوابه ووسخه وتغلظ رقبتك ويجلو بصرك» قال : وفي رواية أخرى «ويستريح بدنك». وعن معمر بن خلاد عن ابي الحسن (عليه‌السلام) (6) قال : «ثلاث من عرفهن لهم يدعهن : جز الشعر

__________________

(1 و 4) رواه في الوسائل في الباب 79 من آداب الحمام.

(2) الفقيه ج 1 ص 77.

(3) الفقيه ج 1 ص 76.

(5 و 6) رواه في الوسائل في الباب 59 من آداب الحمام.


وتشمير الثياب ونكاح الإماء».

وعن ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (1) قال : «اني لأحلق كل جمعة فيما بين الطلية إلى الطلية». بيان : قال في الوافي أظهر معنيي الحلق هنا حلق العانة كما يشعر به تمام الكلام ويحتمل حلق الرأس أيضا لانصراف الإطلاق اليه ، وأظهر معنيي الجمعة اليوم المعهود ويحتمل الأسبوع وعلى الأول فيه دلالة على عدم البأس بالنورة يوم الجمعة كما مر. انتهى. أقول : والأظهر عندي هو حمل الحلق على حلق الرأس (اما أولا) فلانصراف الإطلاق إليه كما اعترف به. و (اما ثانيا) فلما علم من الاخبار من انهم كانوا يطلون العانة ولم يرد ما يدل على حلقهم لها. و (اما ثالثا) فلقوله : «فيما بين الطلية إلى الطلية» فإنه مع طلي البدن يطلى معه العانة البتة. وبالجملة فحاصل الخبر انه (عليه‌السلام) يحلق رأسه في كل جمعة يعني يوم الجمعة وان ذلك بين الطليتين فلعله كان (عليه‌السلام) يطلي في الأسبوع مرتين.

وعن إسحاق بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (2) قال : «قلت جعلت فداك ربما كثر الشعر في قفاي فغمني غما شديدا؟ قال فقال يا إسحاق أما علمت ان حلق القفا يذهب بالغم؟».

وعن علي بن محمد رفعه (3) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) ان الناس يقولون حلق الرأس مثلة؟ فقال عمرة لنا ومثلة لأعدائنا». وروى في التهذيب عن حفص عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (4) قال : «حلق الرأس في غير حج ولا عمرة مثلة». وروى في الفقيه مرسلا (5) قال : «قال الصادق (عليه‌السلام) حلق الرأس في غير حج ولا عمرة مثلة لأعدائكم وجمال لكم». وروى فيه مرسلا قال (6) : «وقال رسول الله (صلى الله عليه

__________________

(1 و 3 و 5 و 6) رواه في الوسائل في الباب 60 من آداب الحمام.

(2) رواه في الوسائل في الباب 61 من آداب الحمام.

(4) رواه في الوسائل في الباب 12 من أبواب الحلق والتقصير.


وآله) لرجل احلق فإنه يزيد في جمالك». وروى في الكافي والفقيه عن البزنطي (1) قال : «قلت لأبي الحسن (عليه‌السلام) ان أصحابنا يروون ان حلق الرأس في غير حج ولا عمرة مثلة؟ فقال كان أبو الحسن (عليه‌السلام) إذا قضى مناسكه عدل إلى قرية يقال لها ساية فحلق». قيل لعل عدوله إلى ساية لأجل الحلق للتقية ، وفي الفقيه «سائق» وكأنه معرب. وروى في الكافي عن عبد الرحمن بن عمر بن أسلم (2) قال «حجمني الحجام فحلق من موضع النقرة فرآني أبو الحسن (عليه‌السلام) فقال اي شي‌ء هذا اذهب فاحلق رأسك. قال فذهبت فحلقت رأسي».

وعن عبد الله بن سنان (3) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) ما تقول في إطالة الشعر؟ فقال كان أصحاب محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله) مشعرين يعني الطم». بيان : قال في الوافي مشعرين من أشعر أو شعر بمعنى نبت عليه الشعر يعني كانوا تاركين له ، وفي النهاية الأشعر الذي لم يحلق رأسه ولم يرجله ورجل أشعر اي كثير الشعر وقيل طويله وطم الشعر جزه وأطم شعره حان له ان يجز وكأن المراد انهم كانوا يطيلون وكان دأبهم الجز دون الحلق. وروى في الكافي عن السكوني عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (4) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) من اتخذ شعرا فليحسن ولايته أو ليجزه». ورواه في الفقيه عنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) مرسلا (5) وروى فيه (6) قال : «قال (صلى‌الله‌عليه‌وآله) الشعر الحسن من كسوة الله فأكرموه». وروى فيه مرسلا (7) قال : «قال الصادق (عليه‌السلام) من اتخذ شعرا فلم يفرقه فرقه الله

__________________

(1 و 3) رواه في الوسائل في الباب 60 من آداب الحمام.

(2) رواه في الوسائل في الباب 61 من آداب الحمام.

(4 و 5 و 6) رواه في الوسائل في الباب 78 من آداب الحمام.

(7) رواه في الوسائل في الباب 62 من آداب الحمام.


بمنشار من نار يوم القيامة ، قال وكان شعر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وفرة لم يبلغ الفرق».

بيان : ظاهر هذه الاخبار الاختلاف في ان السنة في شعر الرأس هو الحلق أو التوفير وبذلك ايضا اختلفت كلمة الأصحاب ، قال العلامة في المنتهى والتحرير اتخاذ الشعر يعني شعر الرأس أفضل من إزالته ثم أورد حديثين على اثر ذلك وهو قول النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله): «الشعر الحسن من كسوة الله فأكرموه». وقوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) «من اتخذ شعرا فليحسن ولايته أو ليجزه». والظاهر ان غرضه من إيرادهما الاحتجاج بهما لما ذكره حيث انه لم يورد دليلا في المقام ويؤيده انه قال بعد ذكر الخبرين : وقد روى خلاف ذلك قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لرجل «احلق فإنه يزيد في جمالك». ثم ذكر انه يحتمل كون الأمر بالحلق مختصا بذلك المخاطب لمعرفته بان الحلق يزيد في جماله. وقال أيضا في المنتهى والتحرير ان من الفطرة فرق الرأس قال ابن الأثير في الحديث «عشر من الفطرة» أي من السنة يعني سنن الأنبياء التي أمرنا أن نقتدي بهم فيها. وقال في صفة النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ان انفرقت عقيصته فرق اي ان صار شعره فرقتين بنفسه في مفرقه تركه وان لم ينفرق لم يفرقه. وهذا الحكم ايضا لم يذكر له حجة وانما نقل معه الخبر الذي تقدم نقله عن الصدوق مرسلا عن الصادق (عليه‌السلام) من ان «من اتخذ شعرا ولم يفرقه فرقه الله بمنشار من نار». ونحوه ايضا روى في الكافي عن ابي العباس البقباق (1) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن الرجل يكون له وفرة أيفرقها أو يدعها؟ قال يفرقها». قال في المعالم بعد نقل ذلك عن العلامة في الكتابين المتقدمين : وكلام الصدوقين في الرسالة ومن لا يحضره الفقيه موافق لما قاله العلامة فإنهما ذكرا ان السنن الحنيفية عشر سنن خمس في الرأس وخمس في الجسد ، فأما التي في الرأس فالمضمضة والاستنشاق والسواك وقص

__________________

(1) رواه في الوسائل في الباب 62 من آداب الحمام.


الشارب والفرق لمن طال شعر رأسه ، قال في الرسالة : وإياك ان تدع الفرق ان كان لك شعر طويل فقد روى عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) انه قال : «من لم يفرق شعره فرقه الله يوم القيامة بمنشار من نار». واما التي في الجسد فالاستنجاء والختان وحلق العانة وقص الأظفار ونتف الإبطين. انتهى. أقول : وكلام الصدوق في كتابه في هذا المقام لا يخلو من الاضطراب بناء على ما قرره في صدر كتابه وغفل الأصحاب عنه من إفتائه بمضمون ما يرويه ، وهو قد جمع هنا في النقل بين روايات الحلق والتوفير والتدافع بينهما غير خفي ولم يجمع بينهما بوجه يرتفع به التنافي من البين.

والذي يظهر لي من الاخبار وفاقا لجملة من متأخري علمائنا الأبرار (رفع الله تعالى مقامهم جميعا في دار القرار) هو أفضلية الحلق وحمل ما دل على خلاف ذلك على التقية.

ويدل على ذلك زيادة على ما تقدم من الاخبار ما رواه في الكافي عن أيوب بن هارون عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (1) قال : «قلت له أكان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) يفرق شعره؟ قال لا ان رسول الله كان إذا طال شعره كان الى شحمة اذنه».

وعن عمرو بن ثابت عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (2) قال : «قلت انهم يروون ان الفرق من السنة قال من السنة. قلت يزعمون ان النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فرق قال ما فرق النبي ولا كانت الأنبياء تمسك الشعر».

وروى في الكافي أيضا عن ابي بصير (3) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) الفرق من السنة؟ قال لا قلت فهل فرق رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله)؟ قال نعم قلت كيف فرق رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وليس من السنة؟ قال من اصابه ما أصاب رسول الله وفرق كما فرق رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فقد أصاب سنة رسول الله وإلا فلا. قلت كيف ذلك؟ قال ان رسول الله

__________________

(1 و 2 و 3) رواه في الوسائل في الباب 62 من آداب الحمام.


(صلى‌الله‌عليه‌وآله) حين صد عن البيت وقد كان ساق الهدى وأحرم أراه الله الرؤيا التي أخبرك بها في كتابه إذ يقول : «لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ» (1) فعلم رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ان الله سيفي له بما أراه فمن ثم وفر ذلك الشعر الذي كان على رأسه حين أحرم انتظارا لحلقه في الحرم حيث وعده الله فلما حلقه لم يعد في توفير الشعر ولا كان ذلك من قبله».

قال في الوافي ـ ونعم ما قال ـ قيل ان الحلق كان في الجاهلية عارا عظيما في العرب فلما جاء الإسلام وفرض الحج وصار سنة لم يجدوا بدا من فعله حين يحجون أو يعتمرون ولكنه كان كبيرا عليهم في غيرهما ولما رأى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ذلك منهم أمرهم بتربية الشعر لئلا يكونوا شعثا ذوي قمل ، ثم ان منهم من حلق ومنهم من ترك الشعر حتى آل الأمر الى ان صار الحلق شعارا للشيعة لان أئمتهم (عليهم‌السلام) كانوا محلقين أسوة برسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وخلافه شعارا لمخالفيهم لان أئمتهم لحميتهم الجاهلية يعدونها مثلة لارتدادهم الى ما كانوا عليه قبل الإسلام. انتهى

واما ما ذكره الصدوقان في الرسالة والفقيه من حديث السنن العشر فهو عين عبارة الفقه الرضوي حيث قال بعد كلام قد سقط من النسخة التي عندي من الكتاب «ولكنها من الحنيفية التي قال الله عزوجل لنبيه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) «وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً» (2) فهي عشر سنن خمس في الرأس وخمس في الجسد. فأما التي في الرأس فالفرق والمضمضة والاستنشاق وقص الشارب والسواك ، واما التي في الجسد فنتف الإبط وتقليم الأظافير وحلق العانة والاستنجاء والختان ، وإياك ان تدع الفرق ان كان لك شعر فقد روى عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (3) انه قال : «من لم يفرق

__________________

(1) سورة الفتح ، الآية 27.

(2) سورة النساء ، الآية 124.

(3) رواه في الوسائل في الباب 62 من آداب الحمام.


شعره فرقه الله بمنشار من النار». انتهى. وقد عرفت الوجه فيه. والله العالم.

(فصل) روى ثقة الإسلام في الكافي عن معلى بن خنيس عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (1) قال «ما زاد من اللحية عن القبضة فهو في النار». وروى في الكافي عن محمد بن أبي حمزة عن من أخبره عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (2) قال : «ما زاد على القبضة ففي النار يعني اللحية». وعن يونس عن بعض أصحابه عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (3) ورواه في الفقيه مرسلا عن ابي عبد الله «في قدر اللحية؟ قال تقبض بيدك على اللحية وتجز ما فضل». بيان : قال في الوافي المراد بالقبض على اللحية أن يضع يده على ذقنه فيأخذ بطرفيه فيجز ما فضل من مسترسل اللحية طولا لا القبض مما تحت الذقن.

وروى في الكافي والفقيه عن محمد بن مسلم (4) قال : «رأيت أبا جعفر (عليه‌السلام) والحجام يأخذ من لحيته فقال دورها». ورويا فيهما مسندا في الكافي عن درست عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) ومرسلا في الفقيه (5) قال : «مر النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) برجل طويل اللحية فقال ما كان على هذا لو هيأ من لحيته؟ فبلغ ذلك الرجل فهيأ من لحيته بين اللحيتين ثم دخل على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فلما رآه قال هكذا فافعلوا».

وروى في الفقيه مرسلا (6) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) حفوا الشوارب وأعفوا اللحى ولا تتشبهوا باليهود». وقال : وقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) «ان المجوس جزوا لحاهم ووفروا شواربهم وانا نحن نجز الشوارب ونعفي اللحى وهي الفطرة». بيان : قال في الوافي الحف الإحفاء وهو الاستقصاء في الأمر

__________________

(1 و 2 و 3) رواه في الوسائل في الباب 65 من آداب الحمام.

(4 و 5) رواه في الوسائل في الباب 63 من آداب الحمام.

(6) رواه في الوسائل في الباب 67 من آداب الحمام.


والمبالغة فيه وإحفاء الشارب المبالغة في جزه والإعفاء الترك ، واعفاء اللحى ان يوفر شعرها من عفى الشعر إذا كثر وزاد ، وقوله «وأعفوا عن اللحى» اي لا تستأصلوها بل اتركوا منها ووفروا ، وقوله «ولا تتشبهوا باليهود» اي لا تطيلوها جدا وذلك لان اليهود لا يأخذون من لحاهم بل يطيلونها ، وذكر الإعفاء عقيب الإحفاء ثم النهي عن التشبه باليهود دليل على ان المراد بالإعفاء ان لا يستأصل ويؤخذ منها من غير استقصاء بل مع توفير وإبقاء بحيث لا يتجاوز القبضة فيستحق النار. وقال بعض المنسوبين الى العلم والحكمة من فهم من هذا الحكم طلب الزينة الإلهية في قوله تعالى : «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ» (1) نظر الى لحيته فإذا كانت الزينة في توفيرها وان لا يأخذ منها شيئا تركها وان كانت الزينة في ان يأخذ منها قليلا حتى تكون معتدلة تليق بالوجه وتزينه أخذ منها على هذا الحد وقد ورد عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) انه كان يأخذ من طول لحيته لا من عرضها. انتهى كلامه. ولعل مراده أن الزينة تختلف باختلاف الناس في لحاهم ولهذا لم يحدد اعني من جهة التقليل وان حد من جهة التوفير ، وقد مضى في كتاب الحجة حديث عن أمير المؤمنين (عليه‌السلام) (2) «ان أقواما حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب فمسخوا».

وقد أفتى جماعة من فقهائنا بتحريم حلق اللحية وربما يستشهد لهم بقوله سبحانه عن إبليس اللعين : «وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ» (3) انتهى كلامه في الوافي.

وروى في الكافي عن السكوني عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (4) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لا يطولن أحدكم شاربه فان الشيطان يتخذه مخبئا يستتر به». ورواه في الفقيه عنه (ص) مرسلا (5) وروى في الكافي

__________________

(1) سورة الأعراف ، الآية 30.

(2) رواه في الوسائل في الباب 67 من آداب الحمام.

(3) سورة النساء ، الآية 119.

(4 و 5) رواه في الوسائل في الباب 66 من آداب الحمام.


بالسند المتقدم عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (1) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ان من السنة ان تأخذ من الشارب حتى يبلغ الإطار». بيان : قيل الإطار ككتاب ما يفصل بين الشفة وبين شعرات الشارب. وقال في مجمع البحرين : في الحديث «من السنة ان تأخذ الشارب حتى يبلغ الإطار». وهو ككتاب طرف الشفة الأعلى الذي يحول بين منابت الشعر والشفة وكل شي‌ء أحاط بشي‌ء فهو اطار له. انتهى. وعن عبد الله بن عثمان (2) «انه رأى أبا عبد الله (عليه‌السلام) احفى شاربه حتى ألزقه بالعسيب». بيان : العسيب منبت الشعر. وعن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه أبي الحسن (عليه‌السلام) (3) قال : «سألته عن قص الشارب أمن السنة هو؟ قال نعم». وعن ابن فضال عن من ذكره عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (4) قال : «ذكرنا الأخذ من الشارب فقال نشرة وهو من السنة». أقول : النشرة لغة رقية يعالج بها المجنون والمريض والمراد هنا أنها عوذة من الشيطان. وروى في الفقيه مرسلا (5) قال : «قال الصادق (عليه‌السلام) أخذ الشارب من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام». قال (6) «وقال أبو عبد الله (عليه‌السلام) أخذ الشعر من الأنف يحسن الوجه».

بيان : يستنبط من هذه الاخبار فوائد (الأولى) ان الأفضل المندوب اليه هو اعفاء اللحية إلى حد القبضة المذكورة وما زاد عليها فالأفضل جزه وإحفاء الشارب وجزه حتى يبلغ به أصول الشعر وهذا لا خلاف فيه ولا إشكال.

(الثانية) ـ الظاهر ـ كما استظهره جملة من الأصحاب كما عرفت ـ تحريم حلق اللحية لخبر المسخ المروي عن أمير المؤمنين (عليه‌السلام) فإنه لا يقع الا على ارتكاب أمر محرم بالغ في التحريم ، واما الاستدلال بآية «وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ» (7)

__________________

(1 و 2 و 3 و 4) رواه في الوسائل في الباب 66 من آداب الحمام.

(5) رواه في الوسائل في الباب 33 من صلاة الجمعة.

(6) الوسائل في الباب 68 من آداب الحمام.

(7) سورة النساء ، الآية 119.


ففيه انه قد ورد عنهم (عليهم‌السلام) ان المراد دين الله فيشكل الاستدلال بها على ذلك وان كان ظاهر اللفظ يساعده.

(الثالثة) ـ انه هل يجوز حلق الشارب؟ استظهر بعض مشايخنا المحققين من متأخري المتأخرين ذلك قال للأوامر المطلقة الشاملة له وان كان الأحوط العدم لانه لم ينقل عن النبي والأئمة (صلوات الله عليهم) حلقه ولا الرخصة في حلقه. انتهى. أقول ما استند اليه في القول بالجواز من الأوامر المطلقة لا يخلو من اشكال لأن الأوامر الواردة في الاخبار منها ما هو بلفظ الأخذ ومنها ما هو بلفظ الجز ومنها ما هو بلفظ القص وقضية حمل مطلقها على مقيدها هو العمل بالجز وهو الظاهر ويؤيده ما ذكره أخيرا في وجه الاحوطية ، وبالجملة فإن دليل الجواز غير ظاهر بل ربما دخل تحت آية «فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ» التي استدلوا بها على تحريم حلق اللحية بناء على ظاهر اللفظ.

(الرابعة) ـ انه هل أفضلية القبضة في اللحية بالنسبة الى ما زاد خاصة بمعنى انه لا يتجاوز القبضة أو يكون كذلك أيضا بالنسبة الى ما نقص عنها بمعنى انه يستجب له ان يعفيها ويتركها حتى تبلغ القبضة أيضا؟ لم أقف على كلام لأحد من أصحابنا في ذلك إلا ان ظاهر الأخبار الأول. والله العالم.

(فصل) روى ثقة الإسلام في الكافي عن سفيان بن السمط (1) قال : «قال لي أبو عبد الله (عليه‌السلام) الثوب النقي يكبت العدو والدهن يذهب بالبؤس والمشط للرأس يذهب بالوباء قال قلت وما الوباء؟ قال الحمى ، والمشط للحية يشد الأضراس». وروى في الفقيه مرسلا (2) قال : «قال الصادق (عليه‌السلام) مشط الرأس يذهب بالوباء ومشط اللحية يشد الأضراس». وقال في الفقيه ايضا (3) : «قال الصادق (عليه‌السلام)

__________________

(1) ج 2 ص 216 وفي الوسائل بعضه في الباب 69 و 102 من آداب الحمام وفي الباب 6 من أحكام الملابس.

(2) رواه في الوسائل في الباب 73 من آداب الحمام.

(3) رواه في الوسائل في الباب 70 من آداب الحمام.


المشط يذهب بالوباء وهو الحمى». وفي رواية البرقي «يذهب بالونا وهو الضعف قال الله تعالى (وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي) (1) أي لا تضعفا» وروى في الكافي عن عمار النوفلي عن أبيه (2) قال : «سمعت أبا الحسن (عليه‌السلام) يقول المشط يذهب بالوباء وكان لأبي عبد الله (عليه‌السلام) مشط في المسجد يتمشط به إذا فرغ من صلاته». وعن عبد الله بن المغيرة عن ابي الحسن (عليه‌السلام) (3) «في قوله تعالى «خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ» (4) قال من ذلك التمشط عند كل صلاة». وروى في الفقيه مرسلا (5) قال : «سئل أبو الحسن الرضا (عليه‌السلام) عن قول الله. الحديث». وروى في الكافي عن عنبسة بن سعيد رفع الحديث إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (6) قال : «كثرة تسريح الرأس يذهب بالوباء ويجلب الرزق ويزيد في الجماع». وعن يونس عن من أخبره عن ابي الحسن (عليه‌السلام) ـ ورواه في الفقيه عن ابي الحسن موسى (عليه‌السلام) ـ (7) قال : «إذا سرحت رأسك ولحيتك فأمر المشط على صدرك فإنه يذهب بالهم والوباء». وروى في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه (8) قال : «كثرة التمشط تقلل البلغم». وعن إسماعيل بن جابر عن ابي عبد الله ـ ورواه في الفقيه مرسلا عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) ـ (9) قال : «من سرح لحيته سبعين مرة وعدها مرة مرة لم يقربه الشيطان أربعين يوما».

ويستحب بالعاج لما رواه في الكافي عن الحسين بن عاصم عن أبيه (10) قال :

__________________

(1) سورة طه ، الآية 44.

(2 و 3 و 5) رواه في الوسائل في الباب 71 من آداب الحمام.

(4) سورة الأعراف ، الآية 31.

(6) رواه في الوسائل في الباب 69 من آداب الحمام.

(7) رواه في الوسائل في الباب 75 من آداب الحمام.

(8) رواه في الوسائل في الباب 70 من آداب الحمام والرواية في كتب الحديث عن البرقي عن أبيه.

(9) رواه في الوسائل في الباب 76 من آداب الحمام.

(10) رواه في الوسائل في الباب 72 من آداب الحمام.


«دخلت على ابي إبراهيم (عليه‌السلام) وفي يده مشط عاج يتمشط به فقلت له جعلت فداك ان عندنا بالعراق من يزعم انه لا يحل التمشط بالعاج؟ فقال ولم فقد كان لأبي منها مشط أو مشطان ، ثم قال تمشطوا بالعاج فان العاج يذهب بالوباء». بيان : قال في كتاب مجمع البحرين : العاج عظم أنياب الفيل وعن الليث لا يسمى غير عظم الناب عاجا ، ثم قال وروى انه كان لفاطمة (عليها‌السلام) سوار من عاج. انتهى. وعن موسى بن بكر (1) قال : «رأيت أبا الحسن (عليه‌السلام) يتمشط بمشط عاج واشتريته له». وعن عبد الله بن سليمان (2) قال : «سألت أبا جعفر (عليه‌السلام) عن العاج فقال لا بأس به وان لي منه لمشطا». وعن القاسم بن الوليد (3) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن عظام الفيل مداهنها وأمشاطها؟ قال لا بأس به». وروى في كتاب الخصال عن عبد الرحمن بن الحجاج عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (4) «في قول الله عزوجل : «خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ» (5) قال المشط يجلب الرزق ويحسن الشعر وينجز الحاجة ويزيد في ماء الصلب ويقطع البلغم وكان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) يسرح تحت لحيته أربعين مرة ومن فوقها سبع مرات ويقول انه يزيد في الذهن ويقطع البلغم». وروى العياشي في تفسيره عن ابى بصير (6) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن قوله تعالى : «خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ» (7) قال هو التمشط عند كل صلاة فريضة ونافلة».

ويكره التمشط من قيام لما رواه الصدوق في الخصال بسنده عن ثابت بن أبي صفية الثمالي عن ثور بن سعيد بن علاقة عن أبيه عن علي (عليه‌السلام) (8) قال في حديث

__________________

(1 و 2 و 3) رواه في الوسائل في الباب 72 من آداب الحمام.

(4 و 6) رواه في الوسائل في الباب 71 من آداب الحمام.

(5 و 7) سورة الأعراف ، الآية 29.

(8) رواه في الوسائل في الباب 74 من آداب الحمام.


«والتمشط من قيام يورث الفقر». وما رواه الحسن بن الفضل الطبرسي في كتاب مكارم الأخلاق عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (1) قال : «من امتشط قائما ركبه الدين». وعن ابى الحسن موسى (عليه‌السلام) (2) قال : «لا تمتشط من قيام فإنه يورث الضعف في القلب وامتشط جالسا فإنه يقوي القلب ويمخخ الجلد».

ويستحب قراءة إنا أنزلناه وسورة والعاديات ، قال السيد الزاهد العابد المجاهد رضي الدين علي بن طاوس في كتاب الأمان من الاخطار : روى انه يبدأ من تحت ويقرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر ، قال وفي رواية يسرح لحيته من تحت الى فوق أربعين مرة ويقرأ إنا أنزلناه ومن فوق الى تحت سبع مرات ويقرأ والعاديات ويقول اللهم سرح عني الهم والغموم والوحشة في الصدر. وفي كتاب الفقيه الرضوي (3) قال : (عليه‌السلام): «إذا أردت أن تمشط لحيتك فخذ المشط بيدك اليمنى وقل بسم الله وضع المشط على أم رأسك ثم تسرح مقدم رأسك وقل اللهم حسن شعري وبشرى وطيب عيشي وافرق عني السوء ، ثم تسرح مؤخر رأسك وقل اللهم لا تردني على عقبي واصرف عني كيد الشيطان ولا تمكنه مني ، ثم تسرح حاجبيك وقل اللهم زيني بزينة أهل التقوى ، ثم تسرح لحيتك من فوق وقل اللهم اسرح عني الغموم والهموم ووسوسة الصدور ، ثم أمر المشط على صدغك». بيان : الظاهر ان الأمر بتسريح مقدم الرأس ومؤخره مبني على ما تقدم من توفير شعر الرأس لما يدل عليه لفظ الدعاء في تلك الحال واما بناء على ما قدمناه من استحباب الحلق فلا ، واما الأمر بتسريح اللحية من فوق فظاهره ان وظيفة الاستحباب ذلك ويؤيده انه قال في موضع آخر بعد هذا الكلام بعد ان نقل عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) انه قال : «ادهنوا غبا واكتحلوا وترا وامشطوا مرسلا» قال : «فسئل عن معناها فقال (عليه‌السلام) ادهنوا يوم ويوم لا واكتحلوا وترا وامشطوا مرسلا قال من فوق لا من تحت». انتهى. وهو بظاهره مناف

__________________

(1 و 2) رواه في الوسائل في الباب 74 من آداب الحمام.

(3) ص 54.


لما تقدم في حديثي الخصال والأمان من الاخطار من أكثرية التسريح من تحت على التسريح من فوق ولعل هذا الخبر محمول على الآكد. والله العالم.

(فصل) ـ روى ثقة الإسلام في الصحيح عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (1) قال : «قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ما زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتى خفت أن أحفي أو أدرد». بيان : قد تقدم معنى الحفاء بالحاء المهملة والفاء وهو مبالغة في الاستقصاء ، والدرد هو سقوط الأسنان يقال درد دردا من باب تعب سقطت أسنانه وبقيت أصولها فهو أدرد والأنثى درداء مثل احمر وحمراء وبه كنى أبو الدرداء ، والمراد هنا حتى خفت ذهاب أسناني من كثرة السواك ، واستظهر جملة من المحدثين ان الترديد من بعض الرواة. وعن جميل بن دراج في الصحيح أو الحسن عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (2) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) أوصاني جبرئيل بالسواك حتى خفت على أسناني». وعن إسحاق بن عمار في الموثق (3) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) من أخلاق الأنبياء السواك». وعن إسحاق بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (4) قال : «السواك من سنن المرسلين».

وعن مهزم الأسدي (5) قال : «سمعت أبا عبد الله (عليه‌السلام) يقول في السواك عشر خصال : مطهرة للفم ومرضاة للرب ومفرحة للملائكة وهو من السنة ويشد اللثة ويجلو البصر ويذهب بالبلغم ويذهب بالحفر» ورواه البرقي في المحاسن. ، بيان : قيل الحفر بثر في أصول الأسنان أو تقشير فيها أو صفرة تعلوها والخصلتان الباقيتان اما مطويتان في مقام التفصيل أو ساقطتان من قلم النساخ. وعن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (6) قال «في السواك اثنتي عشرة خصلة ، هو من السنة ومطهرة للفم ومجلاة للبصر ويرضي الرب ويذهب بالغم ويزيد في الحفظ ويبيض الأسنان ويضاعف الحسنات ويذهب بالبلغم ويشد اللثة ويشهي الطعام وتفرح به الملائكة». ورواه البرقي

__________________

(1 و 2 و 3 و 4 و 5 و 6) رواه في الوسائل في الباب 1 من أبواب السواك.


في المحاسن والصدوق ولكنه خالف في الترتيب.

وعن حنان عن أبيه عن ابى جعفر (عليه‌السلام) (1) قال : «شكت الكعبة الى الله عزوجل ما تلقى من أنفاس المشركين فأوحى الله إليها ان قرى يا كعبة فإني مبدلك بهم قوما يتنظفون بقضبان الشجر فلما بعث الله محمدا (صلى‌الله‌عليه‌وآله) أوحى اليه مع جبرئيل بالسواك والخلال».

وعن المعلى بن خنيس (2) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن السواك بعد الوضوء فقال الاستياك قبل ان يتوضأ. قلت أرأيت ان نسي حتى يتوضأ؟ قال يستاك ثم يتمضمض ثلاث مرات».

قال في الكافي (3) : وروى ان السنة في السواك وقت السحر. وروى في الكافي أيضا عن ابي بكر بن ابي سمال (4) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) إذا قمت بالليل فاستك فان الملك يأتيك فيضع فاه على فيك وليس من حرف تتلوه وتنطق به إلا صعد به الى السماء فليكن فوك طيب الريح».

وروى في الفقيه مرسلا (5) قال : قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) «ان أفواهكم طرق القرآن فطهروها بالسواك». وروى البرقي في المحاسن عن إسماعيل بن ابان الخياط عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (6) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) نظفوا طريق القرآن قيل يا رسول الله وما طريق القرآن؟ قال أفواهكم قيل بماذا؟ قال بالسواك».

وعن علي بن الحكم عن عيسى بن عبد الله رفعه (7) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) أفواهكم طريق من طرق ربكم فأحبها الى الله أطيبها ريحا

__________________

(1) رواه في الوسائل في الباب 8 من أبواب السواك.

(2) رواه في الوسائل في الباب 4 من أبواب السواك.

(3 و 4) رواه في الوسائل في الباب 6 من أبواب السواك.

(5 و 6 و 7) رواه في الوسائل في الباب 7 من أبواب السواك.


فطيبوها بما قدرتم عليه».

وروى في الكافي عن معاوية بن عمار في الصحيح (1) قال : «سمعت أبا عبد الله (عليه‌السلام) يقول كان في وصية النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لعلي (عليه‌السلام) ان قال يا علي أوصيك في نفسك بخصال احفظها عني ثم قال اللهم أعنه ، وعد جملة من الخصال الى ان قال وعليك بالسواك عند كل صلاة». وعن محمد بن مروان عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (2) في وصية النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لأمير المؤمنين (عليه‌السلام) «عليك بالسواك لكل صلاة». وعن القداح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (3) ـ ورواه في الفقيه مرسلا عن ابي عبد الله ـ قال : «ركعتان بالسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك». قال : وقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة». بيان : اي أوجبت ذلك عليهم «لأن الأمر حقيقة في الوجوب كما عرفت ، وفي الفقيه (4) «عند وضوء كل صلاة». وروى في الكافي عن ابن بكير عن من ذكره عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (5) ـ ورواه في الفقيه مرسلا عن ابي جعفر ـ «في السواك قال لا تدعه في كل ثلاث ولو ان تمره مرة».

وعن الحلبي في الصحيح أو الحسن عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (6) «ان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كان إذا صلى العشاء الآخرة أمر بوضوئه وسواكه فيوضع عند رأسه مخمرا فيرقد ما شاء الله ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلي اربع ركعات ثم يرقد ويقوم فيستاك ويتوضأ ويصلي ثم قال (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ) (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)».

وروى البرقي في المحاسن عن إسحاق بن عمار (7) قال :

__________________

(1) رواه في الوسائل في الباب 3 من أبواب السواك.

(2 و 3) رواه في الوسائل في الباب 5 من أبواب السواك.

(4) ج 1 ص 34.

(5) رواه في الوسائل في الباب 2 من أبواب السواك.

(6 و 7) رواه في الوسائل في الباب 6 من أبواب السواك.


«قال أبو عبد الله اني لأحب للرجل إذا قام بالليل ان يستاك وان يشم الطيب فان الملك يأتي الرجل إذا قام بالليل حتى يضع فاه على فيه فما خرج من القرآن من شي‌ء دخل في جوف ذلك الملك».

بيان : قد دلت اخبار هذا الفصل على استحباب السواك في حد ذاته استحبابا مؤكدا ويتأكد زيادة على ذلك للوضوء وللصلاة ولقراءة القرآن وفي السحر خصوصا مع الإتيان بصلاة الليل.

ويكره في مواضع : منها ـ الحمام والخلاء فقد روى الصدوق في الفقيه في حديث المناهي المذكور في آخره (1) قال : «ونهى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) عن السواك في الحمام». قال وروي : «ان السواك في الحمام يورث وباء الأسنان». وروى في كتاب العلل في الموثق عن ابن ابي يعفور عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (2) في حديث قال : «وإياك والسواك في الحمام فإنه يورث وباء الأسنان». وقد تقدم في آداب الخلوة ما يدل على انه يورث البخر في الخلاء.

(فصل) في استحباب قص الأظفار روى ثقة الإسلام في الكافي عن عبد الله بن ميمون القداح عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (3) قال : «احتبس الوحي عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فقيل له احتبس الوحي عنك فقال وكيف لا يحتبس وأنتم لا تقلمون أظفاركم ولا تنقون رواجبكم». بيان : قال في النهاية : فيه «ألا تنقون رواجبكم» هي ما بين عقد الأصابع من داخل واحدها راجبة والبراجم العقد المتسنمة (4) في ظاهر الأصابع. وقال في القاموس. والرواجب مفاصل أصول الأصابع أو بواطن مفاصلها أو هي قصب الأصابع أو مفاصلها أو ظهور السلاميات أو ما بين البراجم من السلاميات أو المفاصل التي تلي الأنامل واحدتها راجبة. وعن القاسم عن جده (5) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) تقليم الأظفار

__________________

(1 و 2) رواه في الوسائل في الباب 11 من أبواب السواك.

(3 و 5) رواه في الوسائل في الباب 80 من آداب الحمام.

(4) في النهاية (المتشنجة).


يمنع الداء الأعظم ويدر الرزق».

وعن هشام بن سالم في الصحيح أو الحسن عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (1) قال : «تقليم الأظفار يوم الجمعة يؤمن من الجذام والبرص والعمى وان لم تحتج فحكها حكا». ورواه في الفقيه عن هشام بن سالم (2) وزاد على الثلاثة المذكورة «الجنون». ثم قال وفي خبر آخر «وان لم تحتج فأمر عليها السكين أو المقراض». وروى في الكافي والتهذيب في الصحيح عن حفص بن البختري عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (3) قال : «أخذ الشارب والأظفار من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام». وعن عبد الله بن هلال (4) قال : «قال لي أبو عبد الله (عليه‌السلام) خذ من شاربك وأظفارك في كل جمعة فان لم يكن فيها شي‌ء فحكها لا يصيبك جنون ولا جذام ولا برص». وروى في الكافي عن ابن بكير في الموثق عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (5) قال : «تقليم الأظفار وأخذ الشارب في كل جمعة أمان من البرص والجنون». وعن أبي حمزة عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (6) قال : «انما قصوا الأظفار لأنها مقيل الشيطان ومنه يكون النسيان». وعن حذيفة بن منصور عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (7) قال : «ان أستر وأخفى ما يسلط الشيطان من ابن آدم ان صار يسكن تحت الأظافير». وعن ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (8) قال : «قلت له ما ثواب من أخذ من شاربه وقلم أظفاره في كل جمعة؟ قال لا يزال مطهرا إلى الجمعة الأخرى». ورواه الصدوق مرسلا (9) قال : قال الحسين ابن ابي العلاء للصادق (عليه‌السلام). الحديث. وروى المشايخ الثلاثة عن عبد الرحيم القصير (10) قال : «قال أبو جعفر (عليه‌السلام) من أخذ من شاربه وأظفاره كل جمعة وقال حين يأخذ بسم الله وبالله وعلى سنة رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لم تسقط

__________________

(1 و 2 و 3 و 4 و 5 و 8 و 9) رواه في الوسائل في الباب 33 من صلاة الجمعة.

(6 و 7) رواه في الوسائل في الباب 80 من آداب الحمام.

(10) رواه في الوسائل في الباب 35 من صلاة الجمعة.


منه قلامة ولا جزازة إلا كتب الله له بها عتق نسمة ولا يمرض إلا مرضه الذي يموت فيه». بيان : في الفقيه «على سنة محمد وآل محمد» وروى في الكافي عن ابي كهمس (1) قال : «قال رجل لعبد الله بن الحسن علمني شيئا في الرزق فقال الزم مصلاك إذا صليت الفجر الى طلوع الشمس فإنه أنجح في طلب الرزق من ان تضرب في الأرض. فأخبرت بذلك أبا عبد الله (عليه‌السلام) فقال ألا أعلمك في الرزق ما هو أنفع من ذلك؟ قال قلت بلى. قال خذ من شاربك وأظفارك في كل جمعة». وعن علي بن عقبة عن أبيه (2) قال : «أتيت عبد الله بن الحسن فقلت علمني دعاء في الرزق فقال : قل اللهم تول امري ولا تول امري غيرك. فعرضته على ابي عبد الله (عليه‌السلام) فقال ألا ادلك على ما هو أنفع من هذا في الرزق؟ تقص من أظفارك وشاربك في كل جمعة ولو بحكها». وعن خلف (3) قال : «رآني أبو الحسن (عليه‌السلام) بخراسان وانا اشتكي عيني فقال ادلك على شي‌ء ان فعلته لم تشتك عينك؟ قلت بلى فقال خذ من أظفارك في كل خميس قال ففعلت فما اشتكيت عيني إلى يوم أخبرتك». وروى في الفقيه مرسلا (4) قال : قال أبو جعفر (عليه‌السلام) «من أخذ من أظفاره كل يوم خميس لم يرمد ولده». وقال فيه ايضا : وقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) «من قلم أظفاره يوم السبت ويوم الخميس وأخذ من شاربه عوفي من وجع الضرس ووجع العين». وعن عبد الله بن الفضل عن أبيه وعمه جميعا عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (5) قال : «من أخذ أظفاره كل خميس لم ترمد عينه».

وروى في الكافي والفقيه مسندا في الأول ومرسلا في الثاني (6) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) للرجال قصوا أظفاركم وللنساء اتركن فإنه أزين لكن»

__________________

(1 و 2) رواه في الوسائل في الباب 33 من صلاة الجمعة.

(3 و 4 و 5) رواه في الوسائل في الباب 34 من صلاة الجمعة.

(6) رواه في الوسائل في الباب 81 من آداب الحمام.


وفي الفقيه «اتركن من أظفاركن فإنه أزين لكن». بيان : يعني لا يبالغن في قصها كما يبالغ الرجال بل يتركن شيئا منها كما يستفاد من لفظة «من» التبعيضية.

وروى في الكافي في الصحيح أو الحسن عن ابن ابي عمير رفعه (1) «في قص الأظافير تبدأ بخنصرك الأيسر ثم تختم باليمين». وقال في الفقيه (2) وروى «ان من يقلم أظفاره يوم الجمعة يبدأ بخنصره من اليد اليسرى ويختم بخنصره من اليد اليمنى». بيان : قال في الوافي : لعل السر في ذلك تحصيل التيامن في كل إصبع إصبع وذلك لان الوضع الطبيعي لليدين ان يكون ظهرهما الى فوق وبطنهما الى تحت.

وروى في الفقيه مرسلا (3) قال : قال الصادق (عليه‌السلام) «من قلم أظفاره يوم الجمعة لم تسعف أنامله». بيان : في بعض النسخ «تشعث أنامله» والمعنى واحد وهو تفرق الجلد حول الأظفار فينفصل منه اجزاء صغار ، وقد تقدم ذكر الخلاف بين الأصحاب في حكم هذه الاجزاء بعد الانفصال طهارة ونجاسة واما قبل الانفصال فلا ريب في طهارتها.

وروى في الفقيه عن موسى بن بكر (4) «انه قال للصادق (عليه‌السلام) ان أصحابنا يقولون إنما أخذ الشارب والأظفار يوم الجمعة فقال سبحان الله خذها إن شئت في يوم الجمعة وان شئت في سائر الأيام». بيان : ظاهر السؤال حصر أخذها في يوم الجمعة ولعله توهم الوجوب في هذا اليوم بخصوصه فأجاب (عليه‌السلام) بجواز أخذها في سائر الأيام وإلا فحصر الاستحباب أو تأكده في اليوم المذكور لا شك فيه ، أو يحمل الخبر على ما إذا طالت فإنه لا ينتظر بها اليوم المذكور ، وكيف كان فالظاهر ان ما ورد من أخذها يوم الخميس ويترك واحد ليوم الجمعة أو السبت فهي رخص لا تنافي التوظيف

__________________

(1 و 2) رواه في الوسائل في الباب 83 من آداب الحمام.

(3) رواه في الوسائل في الباب 33 من صلاة الجمعة.

(4) رواه في الوسائل في الباب 80 من آداب الحمام.


والاستحباب في ذلك اليوم لما عرفت من الأمور المرتبة عليه فيه بخصوصه.

وروى في الفقيه مرسلا (1) قال : قال الصادق (عليه‌السلام) «يدفن الرجل شعره وأظفاره إذا أخذ منها وهي سنة». وقال وروى : «ان من السنة دفن الشعر والظفر والدم». وروى في الكافي عن ابي كهمس عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (2) «في قول الله تعالى (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْياءً وَأَمْواتاً) (3)؟ قال دفن الشعر والظفر». بيان : قال في الوافي : الكفات بالكسر الموضع يكفت فيه الشي‌ء أي يضم ويجمع والأرض كفات لنا. انتهى. أقول : لعل ذكر الشعر والظفر للتنبيه على انهما مما يكفتان في الأرض أي يضمان فيها كما يضم فيها الإنسان بعد الموت.

(فصل) في استحباب الكحل روى ثقة الإسلام في الكافي عن سليمان الفراء عن رجل عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (4) قال : «كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) يكتحل بالإثمد إذا آوى الى فراشه وترا وترا». وعن زرارة في الصحيح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (5) قال : «الكحل بالليل ينفع العين وهو بالنهار زينة». وعن الفضل بن إسماعيل الهاشمي عن أبيه وعمه (6) قالا «قال أبو جعفر (عليه‌السلام) الاكتحال بالإثمد يطيب النكهة ويشد أشفار العين». وعن حماد بن عيسى في الموثق عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (7) قال : «الكحل يعذب الفم». وعن خلف بن حماد عن من ذكره عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (8) قال : «الكحل ينبت الشعر ويحد البصر ويعين على طول السجود». وعن علي بن عقبة عن رجل عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (9)

__________________

(1 و 2) رواه في الوسائل في الباب 77 من آداب الحمام.

(3) سورة المرسلات ، الآية 25 و 26.

(4 و 6 و 9) رواه في الوسائل في الباب 55 من آداب الحمام.

(5) رواه في الوسائل في الباب 57 من آداب الحمام.

(7 و 8) رواه في الوسائل في الباب 54 من آداب الحمام.


قال : «الإثمد يجلو البصر وينبت الشعر في الجفن ويذهب بالدمعة». وعن ابن فضال عن بعض أصحابنا عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (1) قال : «الكحل يزيد في المباضعة». بيان : المباضعة المجامعة. وعن حماد بن عثمان عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (2) قال : «الكحل ينبت الشعر ويجفف الدمعة ويعذب الريق ويجلو البصر». وعن الحسين ابن الحسن بن عاصم عن أبيه عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (3) قال : «من نام على إثمد غير ممسك أمن من الماء الأسود أبدا ما دام ينام عليه». وعن ابن القداح عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (4) قال : «قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) من اكتحل فليوتر ومن فعل فقد أحسن ومن لم يفعل فلا بأس». وروى الصدوق مرسلا (5) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) اكتحلوا وترا واستاكوا عرضا». وعن زرارة في الصحيح عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (6) قال : «ان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كان يكتحل قبل ان ينام أربعا في اليمنى وثلاثا في اليسرى». وعن الحسن بن الجهم (7) قال : «أراني أبو الحسن (عليه‌السلام) ميلا من حديد ومكحلة من عظام فقال هذا كان لأبي (عليه‌السلام) فاكتحل به». وروى الحسين بن بسطام في كتاب طب الأئمة عن ابى صالح الأحول عن الرضا (عليه‌السلام) (8) قال : «من اصابه ضعف في بصره فليكتحل سبعة مراود عند منامه من الإثمد». وعن جابر عن خداش عن عبد الله بن ميمون عن الصادق (عليه‌السلام) (9) قال : «كان للنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) مكحلة يكتحل منها في كل ليلة ثلاثة مراود في كل عين عند منامه». وروى الحسن بن الفضل

__________________

(1 و 2) رواه في الوسائل في الباب 54 من آداب الحمام.

(3) رواه في الوسائل في الباب 55 من آداب الحمام.

(4 و 5) رواه في الوسائل في الباب 56 من آداب الحمام.

(6 و 8 و 9) رواه في الوسائل في الباب 57 من آداب الحمام.

(7) رواه في الوسائل في الباب 58 من آداب الحمام.


الطبرسي في كتاب مكارم الأخلاق (1) قال : «كان النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) يكتحل في عينه اليمنى ثلاثا وفي اليسرى ثنتين ، وقال من شاء اكتحل ثلاثا في كل عين ومن فعل دون ذلك أو فوقه فلا حرج ، وربما اكتحل وهو صائم وكانت له مكحلة يكتحل منها في الليل وكان كحله الإثمد». وفي كتاب الفقه الرضوي (2) قال : «إذا أردت أن تكتحل فخذ الميل بيدك اليمنى واضربه بالمكحلة وقل بسم الله وإذا جعلت الميل في عينك فقل اللهم نور بصري واجعل فيه نورا أبصر به حقك واهدني إلى طريق الحق وأرشدني إلى سبيل الرشاد اللهم نور علي دنياي وآخرتي». وقال في موضع آخر «روى عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) انه قال ادهنوا غبا واكتحلوا وترا».

بيان : هنا فوائد (الأولى) ان الكحل المستحب وهو الذي ذكرت له هذه الخواص هو الإثمد وهو بكسر الهمزة حجر معروف يؤتى به الآن من مكة المشرفة يجلب إليها ثم يؤتى به منها ، قال في مجمع البحرين : والإثمد بكسر الهمزة والميم حجر يكتحل به ويقال انه معرب ومعادنه بالمشرق ، ومنه الحديث «اكتحلوا بالإثمد». وعن بعض الفقهاء الإثمد هو الأصفهاني ولم يتحقق. انتهى.

(الثانية) ـ المستفاد من هذه الاخبار باعتبار ضم بعضها الى بعض ان الأفضل في الاكتحال ان يكون وترا في كل من العينين أو فيهما معا بان يكون ثلاثة ثلاثة في كل واحدة أو خمسة أو سبعة فيهما معا بان تكون الزيادة في العين اليمنى.

(الثالثة) ـ ما دلت عليه صحيحة زرارة التي هي الثانية من الروايات المتقدمة من ان الكحل ينفع بالليل وزينة بالنهار مما يدفع ما توهمه بعض المتعسفين وربما سرى الوهم منه الى بعض الفضلاء ايضا ـ من إيجاب غسل الكحل من العين وقت الوضوء أو عدم الاكتحال لذلك لانه يكون حائلا عن وصول ماء الوضوء الى ما تحته أو يكون الماء به مضافا يخرج عن الإطلاق ، وليت شعري كيف خفي هذا المعنى الذي اهتدى إليه هذا القائل على

__________________

(1) رواه في الوسائل في الباب 57 من آداب الحمام.

(2) ص 54.


النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وأهل بيته الذين يكتحلون ويأمرون به في هذه الاخبار التي سمعت؟ أرأيت انه كان يجب غسله لما ذكره هؤلاء ويغفلون (عليهم‌السلام) عن الأمر بذلك وتنبيه الناس عليه؟ وكيف يكون زينة بالنهار وهو يجب غسله إذا انتبه وتوضأ لصلاة الصبح؟ ما هذه إلا وساوس شيطانية وخيالات وهمية ولقد كنت لا اعتنى بهذا القائل حتى وقفت في كلام بعض الفضلاء المعاصرين في رسالة له في الصلاة على مثل ذلك فزاد تعجبي ، ولعل الفاضل المشار اليه لم يقف على الصحيحة المذكورة.

(الرابعة) ـ يستفاد من رواية الحسن بن الجهم المتقدمة استحباب كون الميل من حديد.

(فصل) في استحباب الطيب روى ثقة الإسلام (عطر الله مرقده) في الكافي عن احمد بن محمد بن ابي نصر عن ابى الحسن الرضا (عليه‌السلام) (1) قال : «الطيب من أخلاق الأنبياء». وعن زيد الشحام عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (2) قال : «العطر من سنن المرسلين». وعن العباس بن موسى (3) قال «سمعت ابى (عليه‌السلام) يقول العطر من سنن المرسلين». وعن ابى بصير عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (4) قال : «قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) الطيب في الشارب من أخلاق النبيين وكرامة للكاتبين». وعن ابن رئاب (5) قال : «كنت عند ابى عبد الله (عليه‌السلام) وانا مع بصير فسمعت أبا عبد الله يقول قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ان الريح الطيبة تشد القلب وتزيد في الجماع». وعن ابى بصير (6) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) الطيب يشد القلب». وروى الشيخان في الكافي والفقيه عن معمر بن خلاد عن ابى الحسن الرضا (عليه‌السلام) (7) قال :

__________________

(1 و 2 و 3 و 5 و 6) رواه في الوسائل في الباب 89 من آداب الحمام.

(4) رواه في الوسائل في الباب 90 من آداب الحمام.

(7) رواه في الوسائل في الباب 37 من صلاة الجمعة.


«لا ينبغي للرجل ان يدع الطيب في كل يوم فان لم يقدر عليه فيوم ويوم لا فان لم يقدر ففي كل جمعة ولا يدع». وزاد في الفقيه (1) «وكان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) إذا كان يوم الجمعة ولم يصب طيبا دعا بثوب مصبوغ بزعفران فرش عليه الماء ثم مسح بيده ثم مسح به وجهه». وروى في الكافي عن علي رفعه الى ابي عبد الله (عليه‌السلام) (2) قال : «من تطيب أول النهار لم يزل عقله معه الى الليل». قال : وقال أبو عبد الله (عليه‌السلام) «صلاة متطيب أفضل من سبعين صلاة بغير طيب». وعن إسحاق الطويل العطار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (3) قال : «كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ينفق في الطيب أكثر مما ينفق في الطعام». وعن زكريا المؤمن رفعه (4) قال : «ما أنفقت في الطيب فليس بسرف». وعن عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي (عليه‌السلام) (5) «ان النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كان لا يرد الطيب والحلواء». وعن القداح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (6) قال : «اتي أمير المؤمنين (عليه‌السلام) بدهن وقد كان ادهن فادهن وقال انا لا نرد الطيب». وعن سماعة عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (7) قال : «سألته عن الرجل يرد الطيب؟ قال لا ينبغي له ان يرد الكرامة». وعن الحسن بن الجهم (8) قال : «دخلت على ابي الحسن (عليه‌السلام) فاخرج الي مخزنة فيها مسك فقال خذ من هذا فأخذت منه شيئا فتمسحت به فقال أصلح واجعل في لبتك منه قال فأخذت منه قليلا فجعلته في لبتي فقال لي أصلح فأخذت منه ايضا فمكث في يدي منه شي‌ء صالح فقال لي اجعل في لبتك ففعلت ، ثم قال : قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) لا يأبى الكرامة إلا حمار. قال قلت ما معنى ذلك؟

__________________

(1) ج 1 ص 274.

(2) رواه في الوسائل في الباب 90 من آداب الحمام.

(3 و 4) رواه في الوسائل في الباب 92 من آداب الحمام.

(5 و 6 و 7) رواه في الوسائل في الباب 94 من آداب الحمام.

(8) رواه في الوسائل في الباب 94 و 95 من آداب الحمام.


قال الطيب والوسادة ، وعد أشياء. الحديث». بيان : قال في الوافي : أصلح يعني خذ منه قدرا صالحا معتدا به ، واللبة المنحر ، وشيئا صالحا اي زمانا يعتد به. وعن أبي البختري عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (1) «ان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كان يتطيب بالمسك حتى يرى وبيصه في مفارقه». بيان : الوبيص بالصاد المهملة البريق واللمعان والمفرق محل فرق الشعر من الرأس. وعن نوح بن شعيب عن بعض أصحابنا عن ابي الحسن (عليه‌السلام) (2) قال : «كان يرى وبيص المسك في مفرق رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله)». والاخبار في الباب أكثر من ان يأتي عليها الكتاب.

وعلى اخبار المسك تمسك اعنة الأقلام ويقطع الكلام ليكون ختامه مسكا تيمنا بما ذكره الملك العلام واسأل الله سبحانه بمزيد فضله وبركة أهل البيت (عليهم‌السلام) ان يكون هذا الكتاب وسيلة لديه ولديهم صلوات الله عليهم أجمعين في يوم القيامة وان يوفقني لإكماله والفوز بسعادة الاختتام ، وهو المجلد الثاني (3) من كتاب الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ويتلوه ان شاء الله تعالى في المجلد الثالث كتاب الصلاة ، وقد وقع الفراغ من تحريره في الأرض المقدسة التي هي على التقوى مؤسسة أرض كربلاء المعلى في جوار سيد الشهداء وامام السعداء صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه النجباء بتاريخ اليوم السادس والعشرين من شهر جمادى الثانية من السنة الثامنة والسبعين بعد المائة والالف من الهجرة المحمدية على مهاجرها وآله أفضل الصلاة والتحية ، وكتبه مؤلفه بيمينه الداثرة أعطاه الله تعالى كتابه بها في الآخرة فقير ربه الكريم يوسف بن احمد بن إبراهيم البحراني عفى عنهم بمنه حامدا مصليا مسلما مستغفرا.

__________________

(1 و 2) رواه في الوسائل في الباب 95 من آداب الحمام.

(3) هذا بحسب ترتيب المصنف (قدس‌سره) حيث جعل كتاب الطهارة مجلدين الأول ينتهي بانتهاء فصل غسل الجنابة والثاني ينتهي بانتهاء كتاب الطهارة ، وقد جعلناه في هذه الطبعة خمسة اجزاء وبانتهاء هذا الجزء (الخامس) ينتهى كتاب الطهارة ويتلوه الجزء السادس في مقدمات الصلاة ، والحمد لله أولا وآخرا.

المشاركات الشائعة

ابحث في الموقع

أرسل للإدارة

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *