ج17 - صفات الهدي
المقام الثاني
والكلام فيها في موضعين :
الأول :
في ما يجب منها :
وهو ثلاثة ، الأول : الجنس ، ويجب أن يكون أحد النعم
الثلاثة : الإبل والبقر والغنم إجماعا من العلماء ، ويدل عليه بعد الآية ـ وهي
قوله عزوجل (1) «وَيَذْكُرُوا
اسْمَ اللهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ
الْأَنْعامِ ، فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ» ـ عدة أخبار.
منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة بن أعين (2) عن أبي جعفر (عليهالسلام) «في المتمتع
قال : عليه الهدي ، فقلت : وما الهدي؟ قال : أفضله بدنة وأوسطه بقرة وأخسه شاة».
وما رواه في الكافي في الصحيح عن معاوية بن عمار (3) قال : «قال
__________________
(1) سورة الحج : 22 ـ الآية 28.
(2) الوسائل ـ الباب ـ 10 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 5. راجع
التعليقة (2) من ص 26.
(3) الوسائل ـ الباب ـ 8 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 4.
أبو عبد الله (عليهالسلام) إذا رميت
الجمرة فاشتر هديك إن كان من البدن أو من البقر ، وإلا فاجعله كبشا سمينا فحلا ،
فان لم تجده فموجوء من الضأن ، فان لم تجد فتيسا فحلا فان لم تجد فما تيسر عليك ،
وعظم شعائر الله ، فان رسول الله (صلىاللهعليهوآله) ذبح عن أمهات
المؤمنين بقرة بقرة ، ونحر بدنة».
وعن أبي بصير (1) قال : «سألته عن الأضاحي ، فقال :
أفضل الأضاحي في الحج الإبل والبقر ، وقال : ذو الأرحام ، وقال : ولا يضحى بثور
ولا جمل».
وعن داود الرقي (2) قال : «سألني بعض الخوارج عن هذه
الآية «مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ
آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ ... وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ
وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ» (3) ما الذي أحل الله من ذلك وما الذي
حرم؟ فلم يكن عندي فيه شيء ، فدخلت على أبي عبد الله (عليهالسلام) وأنا حاج
فأخبرته بما كان ، فقال : إن الله عزوجل أحل في
الأضحية بمنى الضأن والمعز الأهلية ، وحرم أن يضحي بالجبلية وأما قوله «وَمِنَ
الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ» فان الله تعالى
أحل في الأضحية الإبل العرب ، وحرم فيها البخاتي وأحل البقر الأهلية أن يضحى بها ،
وحرم الجبلية ، فانصرفت إلى الرجل فأخبرته بهذا الجواب ، فقال : هذا شيء حملته
الإبل من الحجاز».
وروى العياشي في تفسيره عن صفوان الجمال (4) قال : «كان
متجري
__________________
(1) الوسائل ـ الباب ـ 9 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 4.
(2 و 3) الوسائل ـ الباب ـ 8 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 5 ـ 6.
(3) سورة الأنعام : 6 ـ الآية 143 و 144.
إلى مصر وكان لي بها صديق من الخوارج
، فأتاني في وقت خروجي إلى الحج ، فقال لي : هل سمعت شيئا من جعفر بن محمد في قوله
عزوجل : (ثَمانِيَةَ
أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ
حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ
الْأُنْثَيَيْنِ) ، (وَمِنَ
الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ) أيما أحل
وأيما حرم؟؟ فقلت : ما سمعت منه في هذا شيئا ، فقال لي : أنت على الخروج فأحب أن
تسأله عن ذلك ، قال فحججت فدخلت على أبي عبد الله (عليهالسلام) فسألته عن
مسألة الخارجي ، فقال : حرم من الضأن ومن المعز الجبلية ، وأحل الأهلية ، وحرم من
البقرة الجبلية ، ومن الإبل البخاتي يعني في الأضاحي ، قال : فلما انصرفت أخبرته ،
فقال : أما أنه لو لا ما أهراق أبوه من الدماء ما اتخذت إماما غيره».
الثاني : السن ، قال في المنتهى : «ولا يجزئ في الهدي
إلا الجذع من الضأن والثني من غيره ، والجذع من الضأن الذي له ستة أشهر ، وثني
المعز والبقر ما له سنة ودخل في الثانية ، وثني الإبل ما له خمس سنين ودخل في
السادسة».
وقال في الدروس : «ولا يجزئ غير الثني ، وهو من البقر
والمعز ما دخل في الثانية ، ومن الإبل ما دخل في السادسة ، ومن الضأن ما كمل له
سبعة أشهر ، وقيل ستة أشهر» وعلى هذا النحو عبائر جملة من الأصحاب.
أقول : أما أنه لا يجزى إلا هذه الأسنان من الجذع في
الضأن والثني في غيره فهو مذهب كافة الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) وأكثر
العامة كما ذكره في المنتهى.
ويدل عليه من الأخبار ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن
سنان (1)
__________________
(1) الوسائل ـ الباب ـ 11 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 2.
قال سمعت أبا عبد الله (عليهالسلام) يقول : يجزئ
من الضأن الجذع ، ولا يجزئ من المعز إلا الثني». وفي الصحيح عن عيص بن القاسم (1) عن أبي عبد
الله عن علي (عليهماالسلام) «أنه كان
يقول : الثنية من الإبل والثنية من البقر والثنية من المعز ، والجذعة من الضأن». وفي
الصحيح عن حماد بن عثمان (2) قال : «سألت
أبا عبد الله (عليهالسلام) عن أدنى ما
يجزئ من أسنان الغنم في الهدي ، فقال : الجذع من الضأن ، قلت : فالمعز؟ قال : لا
يجوز الجذع من المعز ، قلت : ولم؟ قال : لأن الجذع من الضأن يلقح ، والجذع من
المعز لا يلقح».
وما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن الحلبي (3) قال : «سألت
أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الإبل
والبقر أيهما أفضل أن يضحي بها؟ قال : ذوات الأرحام ، وسألته عن أسنانها ، فقال :
أما البقر فلا يضرك بأي أسنانها ضحيت ، وأما الإبل فلا يصلح إلا الثني فما فوق».
وفي الصحيح أو الحسن عن معاوية بن عمار (4) عن أبي عبد
الله (عليهالسلام) في حديث قال
: «ويجزئ في المتعة الجذع من الضأن ، ولا يجزئ جذع من المعز».
وعن محمد بن حمران (5) عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : «أسنان
البقر تبيعها ومسنها في الذبح سواء». أقول : والتبيع هو ما دخل في الثانية.
وعن أبي بصير (6) عن أبي عبد الله (عليهالسلام) في حديث قال
:
__________________
(1 و 2 و 3 و 4 و 5 و 6) الوسائل ـ الباب ـ 11 ـ من أبواب
الذبح الحديث 1 ـ 4 ـ 5 ـ 6 ـ 7 ـ 8.
«يصلح الجذع من الضأن ، وأما الماعز
فلا يصلح».
وعن سلمة بن حفص (1) عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : «كان
علي (عليهالسلام) ـ الى أن قال
ـ : وكان يقول : يجزئ من البدن الثني ، ومن المعز الثني ، ومن الضأن الجذع».
وأما أن الثني من أسنان الإبل والبقر والغنم والجذع من
الضأن ما تقدم نقله عنهم فهو المشهور في كلامهم ، وقد تقدم في كتاب الزكاة (2) ذكر الاختلاف
في هذه الأسنان بين كلام الأصحاب وكلام أهل اللغة ، بل بين كلام أهل اللغة بعضهم
مع بعض ، والواجب الرجوع إلى الاحتياط.
إلا أن الموجود في كتاب الفقه الرضوي هنا ما يدل على
القول المشهور ، حيث قال (عليهالسلام) (3) : «ولا يجوز في
الأضاحي من البدن إلا الثني ، وهو الذي تم له خمس سنين ودخل في السادسة ، ويجزئ من
__________________
(1) الوسائل ـ الباب ـ 11 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 9 عن أبي
عبد الله عن أبيه عليهماالسلام.
(2) راجع ج 12 ص 66 ـ 68.
(3) المستدرك ـ الباب ـ 9 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 2 والبحار
ج 99 ص 290. وفيهما «ولا يجوز في الأضاحي من البدن إلا الثني ، وهو الذي تمت له
سنة ويدخل في الثاني ، ومن الضأن الجذع لسنة» والموجود في فقه الرضا ص 28 أيضا
كذلك.
المعز والبقر الثني ، وهو الذي تم له
سنة ودخل في الثانية ، ومن الضأن الجذع لسنته».
وبهذه العبارة بعينها عبر الصدوق في كتاب من لا يحضره
الفقيه ، وقال في باب الأضاحي : «ولا يجوز في الأضاحي من البدن إلا الثني» إلى آخر
ما نقلناه من الكتاب ، وبذلك يظهر قوة القول المشهور ويتعين العمل به.
والمراد بقوله (عليهالسلام) : «ومن الضأن
الجذع لسنته» يعني بعد أن يجذع إلى تمام السنة ، فإذا كملت له السنة ودخل في غيرها
خرج عن هذا الاسم إلى غيره ، وبذلك عبر جملة من الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم)
كالمحقق في الشرائع.
الثالث : أن يكون تاما ، وهو يتضمن أمورا :
(منها) أن لا يكون أعور ولا أعرج بين العرج.
ويدل على ذلك ما رواه الصدوق والشيخ في الصحيح عن علي بن
جعفر (1) «أنه سأل أخاه
موسى (عليهالسلام) عن الرجل
يشتري الأضحية عوراء فلا يعلم إلا بعد شرائها هل يجزئ عنه؟ قال : نعم إلا أن يكون
هديا واجبا ، فإنه لا يجوز أن يكون ناقصا».
وما رواه في الكافي عن السكوني (2) عن جعفر عن
أبيه عن آبائه
__________________
(1) الوسائل ـ الباب ـ 24 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 2.
(2) الوسائل ـ الباب ـ 21 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 5 مع
اختلاف يسير في اللفظ.
(عليهمالسلام) قال : «قال
النبي (صلىاللهعليهوآله) : لا تضحي
بالعرجاء ولا بالعجفاء ولا بالخرقاء ولا بالجذاء ولا بالعضباء».
أقول : العجفاء : المهزولة ، والخرقاء : المخروقة الأذن
أو التي في أذنها ثقب مستدير ، والجذاء : المقطوعة ، والمراد هنا المقطوعة الاذن ،
والعضباء : المكسورة القرن الداخل أو مشقوقة الاذن.
وما رواه في التهذيب عن السكوني (1) عن جعفر عن
أبيه عن آبائه (عليهمالسلام) ورواه الصدوق
مرسلا (2) قال : «قال
رسول الله (صلىاللهعليهوآله) : لا تضحي
بالعرجاء بين عرجها ، ولا بالعوراء بين عورها ، ولا بالعجفاء ، ولا بالخرماء ، ولا
بالجذاء ، ولا بالعضباء». وفي الفقيه «الجرباء» بدل «الخرماء» و «الجدعاء» مكان «الجذاء»
و «الجدعاء» بالجيم والمهملتين : المقطوعة الأنف والاذن ، و «الخرماء» بالخاء
المعجمة والراء : المثقوبة الاذن والمشقوقة.
وما رواه الشيخ في التهذيب مسندا عن شريح بن هاني (3) عن علي (عليهالسلام) والصدوق (رحمهالله) مرسلا (4) عن علي (عليهالسلام) قال : «أمرنا
رسول الله (صلىاللهعليهوآله) في الأضاحي
أن نستشرف العين والاذن ، ونهانا عن الخرقاء والشرقاء والمقابلة والمدابرة».
__________________
(1 و 3) الوسائل ـ الباب ـ 21 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 3 ـ 2.
(2) أشار إليه في الوسائل ـ الباب ـ 21 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث
3 وذكره في الفقيه ـ ج 2 ص 293 ـ الرقم 1450.
(4) أشار إليه في الوسائل ـ الباب ـ 21 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث
2 وذكره في الفقيه ـ ج 2 ص 293 ـ الرقم 1449.
قال في الوافي «نستشرف العين والاذن : أي نتفقدهما
ونتأمل سلامتهما لئلا يكون فيهما نقص من عوار أو جدع من استشرفت الشيء إذا وضعت
يدك على حاجبك تنظر إليه حتى يستبين أو تطلبهما شريفتين بالتمام والسلامة ،
والشرقاء بالقاف : مشقوقة الأذن طولا باثنتين ، والمقابلة والمدابرة : الشاة التي
شق اذنها ثم يفتل ذلك معلقا فإن أقبل به فهو إقباله ، وإن أدبر به فادباره ،
والجلدة المعلقة من الاذن هي الاقبالة والادبارة والشاة مقابلة ومدابرة» انتهى.
وبنحو ذلك صرح جملة من الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم).
قال في المدارك : «وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في
العور بين كونه بينا كانخساف العين وغيره كحصول البياض عليها ، وبهذا التعميم صرح
في المنتهى ، وأما العرج فاعتبر الأصحاب فيه كونه بينا ، كما ورد في رواية السكوني
(1) وفسروا البين
بأنه المتفاحش الذي يمنعها السير مع الغنم ومشاركتهن في العلف والمرعى ، فتهزل ،
ومقتضى صحيحة علي بن جعفر (2) عدم إجزاء
الناقص من الهدي مطلقا» انتهى.
أقول : لا ريب أن صحيحة علي بن جعفر وإن دلت على ما ذكره
، لكن طريق الجمع بينها وبين رواية السكوني الثانية الدالة على تقييد العرج والعور
بالبين تقييد الصحيحة المذكورة بها وحمل المطلق على المقيد ، كما هي القاعدة
المطردة إلا أن مقتضى اصطلاحه الذي يعتمده أن الجمع بين الاخبار فرع تساويها في
الصحة ، لكن يرد عليه الاستدلال هنا برواية السكوني ، ولعله لهذا أجمل في العبارة
، حيث اقتصر على مجرد نسبة ذلك إلى الصحيحة المذكورة.
__________________
(1 و 2) الوسائل ـ الباب ـ 21 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 3 ـ 1.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن مقتضى إطلاق صحيحة علي بن جعفر
المتقدمة ـ أنه لو اشترى الهدي على أنه تام ثم ظهر النقصان لم يجزه ـ أعم من أن
يكون ظهور النقصان بعد الذبح أو قبله ، قبل نقد الثمن أو بعده ، وكذلك أطلق جملة
من الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم)
قال في الشرائع : «ولو اشتراها على أنها تامة فبانت
ناقصة لم يجز».
قال شيخنا في المسالك : «لا فرق بين ظهور المخالفة قبل
الذبح وبعده» وبنحو ذلك بل أصرح منه صرح في المدارك.
وقال في الدروس : «ولو ظن التمام فظهر النقص لم يجز».
وقال في المنتهى : «ولو اشترى على أنه تام فبان ناقصا لم
يجز عنه ، لما تقدم في حديث علي بن جعفر (1)» وعلى هذا النحو كلامهم.
إلا أن المفهوم من كلام الشيخ في التهذيب الخلاف في
المسألة ، حيث خص الحكم المذكور بما إذا كان قبل نقد الثمن ، قال في التهذيب : «إن
من اشترى هديا فلم يعلم أن به عيبا حتى نقد ثمنه ثم وجد به عيبا فإنه يجزئ عنه».
واستدل على ذلك بما رواه عن عمران الحلبي (2) في الصحيح عن
أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : «من
اشترى هديا فلم يعلم أن به عيبا حتى نقد ثمنه ثم علم بعد فقد تم».
ثم قال : «ولا ينافي هذا الخبر ما رواه محمد بن يعقوب عن
علي بن إبراهيم
__________________
(1) الوسائل ـ الباب ـ 21 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 1.
(2) الوسائل ـ الباب ـ 24 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 3.
عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن
عمار (1) عن أبي عبد
الله (عليهالسلام) «في رجل
اشترى هديا وكان به عيب عور أو غيره ، فقال : إن كان نقد ثمنه رده واشترى غيره». لأن
هذا الخبر محمول على من اشترى ولم يعلم أن به عيبا ثم علم قبل أن ينقد الثمن عليه
ثم نقد الثمن بعد ذلك ، فان عليه رد الهدي وأن يسترد الثمن ويشتري بدله ، ولا
تنافي بين الخبرين».
وقال في المدارك بعد نقل ذلك عنه : «هذا كلامه رحمهالله ولا بأس به». أقول
: لا يخفى أن الشيخ (رحمهالله) إنما نقل
رواية معاوية بن عمار من طريق محمد بن يعقوب ، والموجود في الكافي (2) هكذا «فقال :
إن كان نقد ثمنه فقد أجزأ عنه ، وإن لم يكن نقد ثمنه رده واشترى غيره» وعلى هذا
فلا تنافي بين هذه الرواية وبين رواية عمران الحلبي المذكورة ليحتاج إلى الجمع
بينهما بما ذكره ، وكأنه قد سقط من نسخة الكافي التي كانت عند الشيخ هذه الجملة
المتوسطة ، أو انتقل نظره في حال النقل من «ثمنه» الأول إلى «ثمنه» الثاني من حيث
الاستعجال ، وهو الظاهر كما وقع له أمثال ذلك في غير موضع.
وصاحب المدارك اعتمد على ما نقله الشيخ (رحمهالله) هنا من نقل
رواية معاوية بن عمار بهذا المتن الذي ذكره ، ولم يراجع الكافي ، فنقل
__________________
(1) الوسائل ـ الباب ـ 24 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 1
والتهذيب ج 5 ص 214 ـ الرقم 721 راجع الاستبصار ج 2 ص 269 ـ الرقم 954.
(2) الوسائل ـ الباب ـ 24 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 1 والكافي
ج 4 ص 490.
ذلك عنه في المدارك ونفى عنه البأس.
وربما وجد في بعض نسخ المدارك ما يؤذن بالعدول عما ذكره
هنا والتنبيه على سهو الشيخ (رحمهالله تعالى) في ذلك
، إلا أن أكثر نسخ الكتاب على ما ذكرناه ، ولعله عدول منه (قدسسره) بعد أن خرجت
نسخة الكتاب وانتشر نسخها.
وقد وقع لشيخنا الشهيد (رحمهالله) في الدروس
مثل ما نقلناه عن المدارك من متابعة الشيخ في هذا السهو ، حيث قال : «وروى الحلبي
إجزاء المعيب إذا لم يعلم بعيبه حتى نقد الثمن وروى معاوية عدم الاجزاء» انتهى.
وكيف كان فإنه لا يخفى صحة الخبرين المذكورين وصراحتهما
وإن كان خبر معاوية بن عمار من قسم الحسن عندهم بإبراهيم بن هاشم الذي لا يقصر عن
الصحيح عندهم وإن كان صحيحا عندنا ، وطريق الجمع بينهما وبين صحيحة علي بن جعفر المذكورة
إما بتقييد إطلاق صحيحة علي بن جعفر بعدم نقد الثمن ، وإما بحملها على الهدي
الواجب ، وحمل الروايتين المذكورتين على غيره.
والعجب من العلامة في المنتهى أنه نقل كلام الشيخ
المذكور في فروع المسألة ولم ينكره ، ونقل في الفرع الذي بعده ما قدمنا نقله عنه
من عدم الاجزاء استنادا إلى صحيحة علي بن جعفر ولم يتعرض للجواب عن كلام الشيخ ولا
عن الرواية التي استدل بها ، وكذلك صاحب المدارك.
وبالجملة فطريق الاحتياط يقتضي الوقوف على ما أفتى به
الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم).
و (منها) أن لا ينكسر قرنها الداخل ، وهو الأبيض الذي في
وسط
الخارج ، أما الخارج فلا اعتبار به.
ويدل على الأمرين المذكورين ما رواه الشيخ عن محمد بن
أحمد بن يحيى عن أبي جعفر عن علي عن أيوب بن نوح عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج (1) عن أبي عبد
الله (عليهالسلام) أنه قال : «في
المقطوع القرن أو المكسور القرن إذا كان القرن الداخل صحيحا فلا بأس وإن كان القرن
الظاهر الخارج مقطوعا».
ووصف في المدارك هذا السند بالصحة حيث أسند إلى الشيخ
أنه روى هذه الرواية في الصحيح ، مع أن عليا المذكور في السند غير معلوم كما لا
يخفى (2).
وما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن وفي من لا يحضره
الفقيه في الصحيح عن جميل (3) عن أبي عبد
الله (عليهالسلام) «في الأضحية
يكسر قرنها ، قال : إذا كان القرن الداخل صحيحا فهو يجزئ».
قال في الفقيه : «سمعت شيخنا محمد بن الحسن (رضي الله
تعالى عنه) يقول : سمعت محمد بن الحسن الصفار (رضي الله تعالى عنه) يقول : إذا ذهب
من القرن الداخل ثلثاه وبقي ثلثه فلا بأس أن يضحى به».
ورده جملة من متأخري الأصحاب لمخالفته مقتضى الروايتين
المذكورتين.
قال في الدروس في عد ما لا يجزئ : «ولا مكسور القرن
الداخل وإن بقي ثلثه ، خلافا للصفار».
و (منها) أن لا تكون مقطوعة الاذن ولو قليلا.
__________________
(1 و 3) الوسائل ـ الباب ـ 22 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 3 ـ 1.
(2) الموجود في التهذيب ج 5 ص 213 ـ الرقم 717 «. عن أبي جعفر
عن أيوب بن نوح.» ولكن في الوسائل في الباب المشار اليه آنفا «. عن أبي جعفر عن
علي عن أيوب بن نوح.».
ويدل عليه ما تقدم في روايتي السكوني (1) ورواية شريح
بن هاني (2) ويدل عليه
أيضا
ما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر (3) بإسناده عن
أحدهما (عليهماالسلام) قال : «سئل
عن الأضاحي إذا كانت الأذن مشقوقة أو مثقوبة بسمة ، فقال : ما لم يكن منها مقطوعا
فلا بأس».
وما رواه الكليني في الصحيح أو الحسن عن الحلبي (4) قال : «سألت
أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الضحية
تكون الأذن مشقوقة ، فقال : إن كان شقها وسما فلا بأس وإن كان شقا فلا يصلح».
وعن سلمة أبي حفص (5) عن أبي عبد الله عن أبيه (عليهماالسلام) قال : «كان
علي (عليهالسلام) يكره التشريم
في الآذان والخرم ، ولا يرى بأسا إن كان ثقب في موضع المواسم».
والمستفاد من هذه الاخبار أنه لا بأس بالشق والثقب ما لم
يوجب ذهاب شيء منها.
وقد قطع الأصحاب باجزاء الجماء : وهي التي لم يخلق لها
قرن والصمعاء :
وهي الفاقدة الاذن خلقة للأصل ، ولأن فقد هذه الأعضاء لا
يوجب نقصا في قيمة الشاة ولا في لحمها ، وفي التعليل الثاني نظر ، لإتيان ذلك في
مثقوبة الاذن ومشقوقها على وجه يذهب منها شيء ، وهم لا يقولون به ، بل
__________________
(1) الوسائل ـ الباب ـ 21 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 3 و 5.
(2) الوسائل ـ الباب ـ 21 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 2.
(3 و 4 و 5) الوسائل ـ الباب ـ 23 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 1
ـ 2 ـ 3.
الأظهر هو دخول هذه الشاة في عموم
أخبار الهدي والأضحية من غير معارض يوجب الاستثناء ، ومرجعه إلى الأصل المذكور
الذي هو بمعنى عموم الدليل لأنه أحد معاني الأصل كما تقدم في مقدمات الكتاب (1).
واستقرب العلامة في المنتهى إجزاء البتراء أيضا ، وهي
المقطوعة الذنب ، قال في المدارك : «ولا بأس به».
أقول : ونفي البأس لا يخلو من بأس.
وقال في الدروس : «وتجزئ الجماء وهي الفاقدة القرن خلقة
والصمعاء وهي الفاقدة الأذن خلقة أو صغيرتها على كراهة ، وفي إجزاء البتراء ـ وهي
المقطوعة الذنب ـ قول» وظاهره التوقف في البتراء وهو في محله.
ثم إن الذي صرح به الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) في
تفسير الصمعاء كما سمعت أنها هي الفاقدة الاذن أو صغيرتها ، والذي في كلام أهل اللغة
إنما هو الثاني خاصة.
قال في القاموس : «الأصمع : الصغير الاذن».
وقال في النهاية الأثيرية : «الاصمع : الصغير الاذن من
الناس وغيرهم ومنه حديث ابن عباس (2) كان لا يرى بأسا أن يضحي بالصمعاء أي
الصغيرة الأذنين».
وقال الفيومي في المصباح المنير : «الصمع : لصوق الأذنين
وصغيرهما».
وأما إطلاقه على الفاقدة الأذنين فلم أقف عليه في شيء
منها ، ولم أعرف
__________________
(1) راجع ج 1 ص 41.
(2) سنن البيهقي ـ ج 9 ص 276.
لهم مستندا فيما ذكروه (رضوان الله
تعالى عليهم).
و (منها) أن لا يكون خصيا فحلا على خلاف فيه ، فذهب
الأكثر إلى عدم إجزائه ، بل ظاهر العلامة في التذكرة أنه قول علمائنا اجمع ، ونحوه
في المنتهى ، ونقل في المختلف عن ابن أبي عقيل أنه يكره ، والمعتمد المشهور ،
للأخبار الصحيحة الدالة على عدم الاجزاء إلا مع عدم غيره ، وبذلك صرح الشيخ (رحمهالله) أيضا ، حيث
قال في النهاية : «لا يجوز في الهدي الخصى ، فمن ذبح خصياً وكان قادرا على أن يقيم
بدله لم يجزه ذلك ، ووجب عليه الإعادة ، فان لم يتمكن من ذلك فقد أجزأ عنه».
ومن الاخبار المشار إليها ما رواه الشيخ في الصحيح عن
عبد الرحمن ابن الحجاج (1) قال : «سألت
أبا إبراهيم (عليهالسلام) عن الرجل
يشتري الهدي فلما ذبحه إذا هو خصي مجبوب ولم يكن يعلم أن الخصي لا يجوز في الهدي ،
هل يجزوه أم يعيده؟ قال : لا يجزوه إلا أن يكون لا قوة به عليه».
وعنه في الصحيح أيضا (2) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الرجل
يشتري الكبش فيجده خصيا مجبوبا ، قال : إن كان صاحبه موسرا فليشتر مكانه».
وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم (3) عن أحدهما (عليهماالسلام) «أنه سئل عن
الأضحية فقال : أقرن فحل ـ إلى أن قال ـ : وسألته أيضحي بالخصي؟ فقال : لا».
__________________
(1 و 2 و 3) الوسائل ـ الباب ـ 12 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 3
ـ 4 ـ 1.
وفي الصحيح عنه أيضا (1) عن أحدهما (عليهماالسلام) قال : «سألته
عن الأضحية بالخصي ، فقال : لا».
وعن الحلبي في الصحيح (2) عن أبي عبد
الله (عليهالسلام) قال : «النعجة
من الضأن إذا كانت سمينة أفضل من الخصي ، وقال : الكبش السمين خير من الخصي ومن
الأنثى ، وقال : سألته عن الخصي وعن الأنثى ، فقال : الأنثى أحب إلي من الخصي».
وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر (3) في الصحيح قال
: «سئل عن الخصي يضحى به فقال : إن كنتم تريدون اللحم فدونكم ، وقال : لا يضحى إلا
بما عرف به».
وعن أبي بصير (4) عن أبي عبد الله (عليهالسلام) في حديث قال
: «قلت : فالخصي يضحى به ، قال : لا إلا أن لا يكون غيره».
وروى الصدوق في الفقيه مرسلا (5) قال : «قال
الصادق (عليهالسلام): «الخصي لا
يجزئ في الأضحية».
وفي كتاب عيون الأخبار بإسناده عن الفضل بن شاذان (6) عن الرضا (عليهالسلام) في كتابه إلى
المأمون قال : «ولا يجوز أن يضحى بالخصي ، لأنه ناقص ، ويجوز الموجاء».
وفي كتاب قرب الاسناد بسنده عن عبد الله بن بكير (7) «ان أبا عبد
الله (عليهالسلام) سئل أيضحى
بالخصي؟ فقال : إن كنتم إنما تريدون اللحم فدونكم أو عليكم».
احتج لابن أبي عقيل في المختلف بقوله تعالى (8) : «فَمَا
اسْتَيْسَرَ مِنَ
__________________
(1 و 2 و 4 و 5 و 6 و 7) الوسائل ـ الباب ـ 12 ـ من أبواب
الذبح الحديث 2 ـ 5 ـ 8 ـ 9 ـ 10 ـ 11.
(3) الوسائل ـ الباب ـ 17 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 1.
(8) سورة البقرة : 2 ـ الآية 196.
الْهَدْيِ» ولأنه أنفع
للفقراء ، ثم أجاب عنه بالأخبار الصحيحة التي نقلها وإطلاق جملة من عبائر الأصحاب
يدل على المنع وعدم الاجزاء مطلقا ، ولم أقف على من قيد بما قدمناه إلا على عبارة
الشيخ المتقدمة ، ونحوها في الدروس ، واستظهره في المدارك ، ولا ريب فيه ، لما
عرفت من الاخبار المتقدمة.
ويؤكده ما رواه في
الكافي في الصحيح أو الحسن عن معاوية بن عمار (1) في حديث قال : «قال أبو عبد الله (عليهالسلام) : اشتر فحلا
سمينا للمتعة فان لم تجد فموجوءا ، فان لم تجد فمن فحولة المعز ، فان لم تجد فنعجة
، فان لم تجد فما استيسر من الهدي» الحديث.
و (منها) أن لا تكون مهزولة ، وهي التي ليس
على كليتها شحم ، ولو اشتراها على أنها سمينة فخرجت مهزولة أجزأت ، وكذا لو
اشتراها على أنها مهزولة فخرجت سمينة ، اما لو اشتراها على أنها مهزولة فخرجت
مهزولة لم تجز.
ومما يدل على هذه الأحكام المذكورة ما رواه الشيخ في
الصحيح عن محمد بن مسلم (2) عن أحدهما (عليهماالسلام) في حديث قال
: «وإن اشترى أضحية وهو ينوي أنها سمينة فخرجت مهزولة أجزأت عنه ، وان نواها
مهزولة فخرجت سمينة أجزأت عنه ، وإن نواها مهزولة فخرجت مهزولة لم تجز عنه».
وعن منصور في الصحيح (3) عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : «وإن
اشترى الرجل هديا وهو يرى أنه سمين أجزأ عنه وإن لم يجده سمينا ، ومن اشترى هديا
وهو يرى أنه مهزول فوجده سمينا أجزأ عنه
__________________
(1) الوسائل ـ الباب ـ 12 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 7.
(2 و 3) الوسائل ـ الباب ـ 16 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 1.
وإن اشتراه وهو يعلم أنه مهزول لم يجز
عنه».
وما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن الحلبي (1) عن أبي عبد
الله (عليهالسلام) قال : «إذا
اشترى الرجل البدنة مهزولة فوجدها سمينة فقد أجزأت ، عنه وإن اشتراها مهزولة
فوجدها مهزولة فإنها لا تجزئ عنه».
وروى في الفقيه مرسلا (2) قال : «قال
علي (عليهالسلام) إذا اشترى
الرجل البدنة عجفاء فلا تجزئ عنه ، وإن اشتراها سمينة فوجدها عجفاء أجزأت عنه ،
وإن اشتراها عجفاء فوجدها سمينة أجزأت عنه ، وفي هدي المتمتع مثل ذلك».
قال في الوافي : «قوله : «وفي هدي المتمتع مثل ذلك»
يحتمل أن يكون من تمام الحديث وأن يكون من كلام صاحب الكتاب ، وعلى الثاني يحتمل
أن يكون بتقدير «قال» فيكون حديثا آخر ، وإن يكون فتو منه مستفادا من حديث آخر»
انتهى.
وروى في الكافي في الصحيح عن العيص بن القاسم (3) عن أبي عبد
الله (عليهالسلام) «في الهرم
الذي قد وقعت ثناياه أنه لا بأس به في الأضاحي وإن اشتريته مهزولا فوجدته سمينا
أجزأ ، وإن اشتريته مهزولا فخرج مهزولا فلا يجزئ».
__________________
(1 و 3) الوسائل ـ الباب ـ 16 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 5.
(2) الوسائل ـ الباب ـ 16 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 8. وليس
فيه قوله : «وإن اشتراها عجفا فوجدها سمينة أجزأت عنه» وكذلك في الفقيه ج 2 ص 297
ـ الرقم 1471.
قال : «وفي رواية أخرى (1) أن حد الهزال
إذا لم يكن على كليته شيء من الشحم».
وروى في الكافي والتهذيب عن الفضيل (2) قال : «حججت
بأهلي سنة فعزت الأضاحي فانطلقت فاشتريت شاتين بغلاء ، فلما ألقيت إهابهما ندمت
ندامة شديدة لما رأيت بهما من الهزال فأتيته فأخبرته بذلك ، فقال لي : إن كان على
كليتهما شيء من الشحم أجزأنا».
قال في المدارك : «وفي طريق هذه الرواية ياسين الضرير ،
وهو غير موثق ، ولو قيل بالرجوع في حد الهزال إلى العرف لم يكن بعيدا».
أقول : لا يخفى أن الرواية وإن كانت ضعيفة باصطلاحه إلا
أنه لا راد لها من الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) وقد تقدم منه قريبا أنه لا
خروج عما عليه الأصحاب ، فلا وجه لردها بذلك بعد اتفاقهم على الحكم هذا مع ما بينا
في غير موضع مما تقدم ما في الرجوع إلى العرف من الاشكال ، مضافا إلى عدم الدليل
عليه في أمثال هذا المجال.
بقي الكلام في موضعين (أحدهما) أن يشتريها على أنها
مهزولة ثم يذبحها فتظهر سمينة ، فإن المشهور الاجزاء كما قدمنا ذكره.
ونقل عن ابن أبي عقيل أنها لا تجزئ ، لأن ذبح ما يعتقد
كونه مهزولا غير جائز ، فلا يمكن التقرب به إلى الله ، وإذا انتفت نية القربة
__________________
(1) الوسائل ـ الباب ـ 16 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 7.
(2) الوسائل ـ الباب ـ 16 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 3 عن
الفضل ، إلا أن الموجود في الكافي ج 4 ص 492 والتهذيب ج 5 ص 212 الرقم 714 عن
الفضيل.
انتفى الاجزاء.
وأجيب عنه بالمنع من الصغرى ، إذ غاية ما يستفاد من
الأدلة عدم إجزاء المهزول ، لا تحريم ذبح ما ظن كونه كذلك.
أقول : لا يخفى أن المتبادر من قوله (عليهالسلام) في الروايات
المتقدمة (1) : «إذا اشترى
الهدي مهزولا فوجده سمينا». أن الوجدان إنما هو بعد الذبح الذي به يتحقق ذلك ، وبه
يظهر ضعف هذا القول.
و (ثانيهما) أنه لو لم يجد إلا فاقد الشرائط فهل يكون
مجزئا أو ينتقل إلى الصوم؟ قولان : وبالأول جزم الشهيدان ، لظاهر قوله (عليهالسلام). فيما قدمناه
من الأخبار (2) : «فان لم يجد
فما استيسر من الهدي». وبالثاني صرح المحقق الشيخ علي (رحمهالله) لأن فاقد
الشرائط لما لم يكن مجزئا كان وجوده كعدمه.
ويمكن ترجيح الأول بالخبر المذكور ، وقوله : «لأن فاقد
الشرائط وجوده كعدمه» ممنوع ، لأنه إنما يتم لو لم يأذن الشارع في غيره ، والاذن
موجودة في فاقد الشرائط بالأخبار المشار إليها ، كما تقدم في صحيحة معاوية بن عمار
أو حسنته (3) وفي جملة من
أخبار الخصي (4) الاجتزاء به
__________________
(1) الوسائل ـ الباب ـ 16 ـ من أبواب الذبح.
(2) الوسائل ـ الباب ـ 8 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 1 و 4
والباب ـ 10 ـ منها ـ الحديث 10 و 11 والباب ـ 12 ـ منها ـ الحديث 7.
(3) الوسائل ـ الباب ـ 12 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 7.
(4) الوسائل ـ الباب ـ 8 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 4 والباب ـ
12 ـ منها ـ الحديث 7 و 8.
مع عدم إمكان الفحل.
وفي تفسير العياشي عن أبي بصير (1) عن أبي عبد
الله (عليهالسلام) قال : «إذا
استمتعت بالعمرة إلى الحج فان عليك الهدي ، ما استيسر من الهدي ، اما جزور وإما
بقرة وإما شاة ، فان لم تقدر فعليك الصيام كما قال الله تعالى» الحديث.
وعن معاوية بن عمار (2) عن أبي عبد الله (عليهالسلام) في قوله
تعالى : «فَمَنْ
تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ» (3) قال : «ليكن كبشا سمينا ، فان لم يجد
فعجلا من البقر ، والكبش أفضل فان لم يجد فموجوء من الضأن وإلا ما استيسر من الهدي
: شاة».
إلا أن لقائل أن يقول : إن ظاهر سياق هذه الأخبار إنما
هو بالنسبة إلى الأفضل فالأفضل من الأنعام الثلاثة مع استكمال الشرائط المذكورة ،
وأنه يقتصر على الشاة التي هي أخسها إذا لم يتيسر سواها ، لا بالنسبة إلى ما اتصف
بتلك الشرائط وما لم يتصف بها.
وبذلك يظهر قوة القول الثاني ، والمسألة لذلك لا تخلو من
الاشكال ، والاحتياط مما لا ينبغي تركه.
__________________
(1 و 2) الوسائل ـ الباب ـ 10 ـ من أبواب الذبح ـ 10.
(3) سورة البقرة : 2 ـ الآية 196.
الموضع الثاني
في ما يستحب من صفاته
(فمنها) أن الأفضل من البدن والبقر الإناث ومن المعز
والضأن الذكور.
ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار (1) قال : «قال
أبو عبد الله (عليهالسلام) : أفضل البدن
ذوات الأرحام من الإبل والبقر ، وقد تجزي الذكورة من البدن ، والضحايا من الغنم
الفحولة».
ورواه الشيخ المفيد في المقنعة مرسلا (2) إلا أن فيه «وأفضل
الضحايا من الغنم».
وهو واضح.
وعن عبد الله بن سنان في الصحيح (3) عن أبي عبد
الله (عليهالسلام) قال : «تجوز
ذكورة الإبل والبقر في البلدان إذا لم يجد الإناث ، والإناث أفضل». وقد تقدم في
صحيحة محمد بن مسلم (4) نحو ذلك.
وعن أبي بصير (5) قال : «سألته عن الأضاحي ، فقال :
أفضل الأضاحي في الحج الإبل والبقر ، وقال : ذوات الأرحام ، ولا يضحى
__________________
(1) الوسائل ـ الباب ـ 9 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 1.
(2 و 3 و 5) الوسائل ـ الباب ـ 9 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 1.
(4) الوسائل ـ الباب ـ 9 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 3. إلا أنه
لم تتقدم هذه الصحيحة.
بثور ولا جمل».
وروى في الكافي في الصحيح أو الحسن عن الحلبي (1) قال : «سألت
أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الإبل
والبقر أيهما أفضل أن يضحى به؟ قال : ذوات الأرحام» الحديث.
وعن الحسن بن عمارة (2) عن أبي جعفر (عليهالسلام) قال : «ضحى
رسول الله (صلىاللهعليهوآله) بكبش أجذع
أملح فحل سمين».
ويستفاد من رواية أبي بصير كراهة التضحية بالثور والجمل
، والأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) قد ذكروا هنا كراهة التضحية بالجاموس والثور
والموجوء ، وهو مرضوض الخصيتين حتى تفسدا ، وهذا الخبر قد دل على الثور ، وأما
الجاموس فلم أقف على ما يدل على كراهية التضحية به.
بل روى الشيخ في الصحيح عن علي بن الريان بن الصلت (3) عن أبي الحسن
الثالث (عليهالسلام) قال : «كتبت
إليه أسأله عن الجاموس كم يجزئ في الضحية ، فجاء في الجواب إن كان ذكرا فعن واحد ،
وإن كان أنثى فعن سبعة». وهو كما ترى ظاهر في الجواز.
وأما الموجوء فإنهم استدلوا على الكراهة فيه بقوله (عليهالسلام) في رواية
معاوية بن عمار (4) : «اشتر فحلا
سمينا للمتعة ، فان لم تجد فموجوءا ، فان لم تجد فمن فحولة المعز ، فان لم تجد فما
استيسر».
__________________
(1) الوسائل ـ الباب ـ 9 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 5.
(2) الوسائل ـ الباب ـ 13 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 4.
(3) الوسائل ـ الباب ـ 15 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 1.
(4) الوسائل ـ الباب ـ 12 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 7.
وفي حسنة محمد بن مسلم (1) «والفحل من
الضأن خير من الموجوء ، والموجوء خير من النعجة ، والنعجة خير من المعز».
وأنت خبير بأن غاية ما يستفاد من الخبرين المذكورين
الترتيب في الفضل والاستحباب دون الكراهة ، وإلا لزم كراهة جملة من هذه الافراد
المفضل غيرها عليها ، وليس كذلك.
ونقل في المختلف عن ابن إدريس أنه قال في الموجوء لا
يجوز ، قال : «مع أنه قال بالجواز قبل ذلك» ونقل عن الشيخ أنه لا بأس به ، وهو
الذي اختاره في الكتاب المذكور ، وعليه العمل.
و (منها) أن تكون سمينة تنظر في سواد وتبرك في سواد
وتمشي في سواد ، والأصل في هذا الحكم جملة من الاخبار.
(منها) ما في صحيحة عبد الله بن سنان (2) عن أبي عبد
الله (عليهالسلام) قال : «كان
رسول الله (صلىاللهعليهوآله) كان يضحي
بكبش أقرن فحل ينظر في سواد ويمشي في سواد».
و (منها) ما في صحيحة محمد بن مسلم (3) عن أحدهما (عليهماالسلام) قال : «إن
رسول الله (صلىاللهعليهوآله) كان يضحي
بكبش أقرن عظيم سمين فحل يأكل في سواد وينظر في سواد ، فان لم تجد من ذلك شيئا
فالله أولى بالعذر».
وفي صحيحة الحلبي أو حسنته (4) قال : «حدثني
من سمع أبا عبد الله (عليهالسلام)
__________________
(1) الوسائل ـ الباب ـ 14 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 1.
(2 و 3 و 4) الوسائل ـ الباب ـ 13 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 1
ـ 2 ـ 5.
يقول : ضح بكبش أسود أقرن فحل ، فان
لم تجد فأقرن فحل يأكل في سواد ويشرب في سواد وينظر في سواد».
وفي صحيحة محمد بن مسلم أو حسنته (1) قال : «سألت
أبا جعفر (عليهالسلام) أين أراد
إبراهيم (عليهالسلام) أن يذبح ابنه؟
قال : على الجمرة الوسطى ، وسألته عن كبش إبراهيم ما كان لونه وأين نزل؟ قال :
أملح ، وكان أقرن ، ونزل من السماء على الجبل الأيمن من مسجد منى ، وكان يمشي في
سواد ، ويأكل في سواد ، وينظر ويبعر ويبول في سواد».
واختلف الأصحاب في تفسير ذلك ، فقال بعضهم : المراد بذلك
كون هذه المواضع سوادا ، أي العين التي تنظر بها والقوائم التي يمشي عليها والبطن
الذي يبرك عليه ، باعتبار زيادة «ويبرك في سواد» كما في عبائر بعض الأصحاب (رضوان
الله تعالى عليهم) ولم نقف عليه في الأخبار ، وهكذا سائر المواضع المذكورة ، ونقل
هذا عن ابن إدريس.
وقيل : إن المراد أنه من عظمه ينظر في ظل شحمة ، ويمشي
في فيئه ويبرك في ظل شحمة.
أقول : وهذا التفسير كناية عن المبالغة في السمن ، وهو
الأنسب بسياق الروايات المذكورة ، ومعناه أنه يكون سمينا له ظل يمشي فيه ويأكل فيه
وينظر فيه ، والمراد أنه يكون له ظل عظيم لا مطلق الظل ، فإنه لازم لكل ذي جسم
كثيف.
وأما المشي فيه فليس بلازم ، وإنما هو من تتمة المبالغة
في عظم الظل فإن المشي فيه حقيقة لا يتحقق إلا عند مسامتة الشمس لرأس الشخص ،
__________________
(1) الوسائل ـ الباب ـ 13 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 6.
وحينئذ يتساوى الجسم الصغير والكبير
في الظل باعتبار مطابقته له.
وقيل : إن السواد كناية عن المرعى والمنبت ، فإنه يطلق
عليه ذلك لغة ، كما قيل أرض السواد لأرض العراق وقت الفتح ، لكثرة شجرها ونخلها
وزرعها وقت التسمية ، ويكون المراد أن الهدي رعى ومشى ونظر وبرك وبعر في الخضرة
والمرعى فسمن لذلك ، وهذا المعنى أظهر انطباقا بالأخبار المذكورة.
ونقل عن القطب الراوندي أنه قال : إن التفسيرات الثلاثة
مروية عن أهل البيت (عليهمالسلام) وبذلك صرح
شيخنا الشهيد الثاني في المسالك.
والظاهر أنه تبع فيه ما نقل عن القطب الراوندي ، ويحتمل
وقوفه على ما دل على ذلك من الاخبار. وفي الدروس نسب النقل إلى القطب الراوندي.
وهذا المعنى الثالث يرجع إلى الثاني ، وهو الكناية عن
السمن ، وأما التفسير الأول فإنه يكون وصفا برأسه.
و (منها) أن يكون مما عرف به ، وهو الذي أحضر عرفة ،
واستحباب ذلك هو المشهور بل قال في التذكرة : «بالإجماع على ذلك».
وقال شيخنا المفيد (عطر الله تعالى مرقده) في المقنعة : «لا
يجوز أن يضحي إلا بما قد عرف به ، وهو الذي أحضر عشية عرفة بعرفة». وظاهر كلامه
الوجوب ، لكن حمله في المنتهى على المبالغة في تأكد الاستحباب.
والأصل في هذه المسألة ما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد
بن محمد ابن أبي نصر (1) قال : «سئل عن
الخصي ـ إلى أن قال ـ : وقال : لا يضحي إلا بما قد عرف به».
وعن أبي بصير (2) في الصحيح إليه وروايته لا تقصر عن
الموثق عن
__________________
(1 و 2) الوسائل ـ الباب ـ 17 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 1.
أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : «لا
يضحي إلا بما قد عرف به».
وعن سعيد بن يسار في الصحيح (1) قال : «قلت
لأبي عبد الله (عليهالسلام) : إنا نشتري
الغنم بمنى ولسنا ندري عرف بها أم لا ، فقال : إنهم لا يكذبون لا عليك ضح بها».
وظاهر النهي في هذه الأخبار التحريم إلا أن الأصحاب
حملوه على الكراهة لما رواه الشيخ والصدوق عن سعيد بن يسار (2) قال : «سألت
أبا عبد الله (عليهالسلام) عن من اشترى
شاة لم يعرف بها ، قال : لا بأس بها عرف بها أم لم يعرف».
وحمله الشيخ في التهذيب على ما إذا لم يعرف بها المشتري
وذكر البائع أنه عرف بها ، فإنه يصدقه في ذلك ، ويجزى عنه ، واستند في هذا الحمل
إلى صحيحة سعيد بن يسار المذكورة.
ويؤيده ما في رواية الصدوق لهذا الخبر في الفقيه من قوله
: «ولم يعرف بها» بالواو.
وعدول الشيخ عن العمل بظاهر الخبر إلى تأويله بما ذكره يدل
على اختياره لمذهب الشيخ المفيد ، مع أنهم لم ينقلوا ذلك عنه ، وكلامه كما ترى
ظاهر في ذلك.
وكيف كان فالاحتياط ، مما لا ينبغي تركه ، فان مذهب
الشيخين لا يخلو من قوة ، لما عرفت مما قدمناه في الجمع بين الاخبار بالكراهة
والاستحباب.
ويكفي في ثبوت التعريف إخبار البائع من غير خلاف يعرف ،
وعليه تدل صحيحة سعيد بن يسار المذكورة.
__________________
(1 و 2) الوسائل ـ الباب ـ 17 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 3.
و (منها) أن تنحر الإبل قائمة قد ربطت بين الخف والركبة
، ويطعنها من الجانب الأيمن.
ويدل على ذلك صحيحة عبد الله بن سنان (1) عن أبي عبد
الله (عليهالسلام) في قول الله عزوجل «فَاذْكُرُوا
اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ» (2) قال : «ذلك حين تصف للنحر يربط يديها
ما بين الخف إلى الركبة ، ووجوب جنوبها إذا وقعت على الأرض».
ورواية أبي الصباح الكناني (3) قال : «سألت
أبا عبد الله (عليهالسلام) كيف تنحر
البدنة؟ فقال : تنحر وهي قائمة من قبل اليمين».
وقد روي ربط يدها اليسرى خاصة ، رواه في الكافي عن أبي
خديجة (4) قال : «رأيت
أبا عبد الله (عليهالسلام) وهو ينحر
بدنته معقولة يدها اليسرى ، ثم يقوم على جانب يدها اليمنى ويقول : بسم الله والله
أكبر ، اللهمّ هذا منك ولك ، اللهم تقبله مني ثم يطعن في لبتها ، ثم يخرج السكين
بيده ، فإذا وجبت قطع موضع الذبح بيده».
والمراد بقولنا : «يطعنها من الجانب الأيمن» هو ما فسرته
رواية أبي خديجة من أنه يقف من جانب يدها اليمنى وإليه أشار في رواية أبي الصباح
الكناني (5) بقوله (عليهالسلام): «من قبل
اليمين ويطعنها
__________________
(1 و 3 و 4) الوسائل ـ الباب ـ 35 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 1
ـ 2 ـ 3.
(2) سورة الحج : 22 ـ الآية 36.
(5) الوسائل ـ الباب ـ 35 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 2 وليس
فيه «ويطعنها في موضع النحر وهو اللبة».
في موضع النحر وهو اللبة».
ومما يدل على جواز النحر كيف اتفق ما رواه عبد الله بن
جعفر الحميري في كتاب قرب الاسناد عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر (1) عن أخيه موسى (عليهالسلام) قال : «سألته
عن البدنة كيف ينحرها قائمة أو باركة؟ قال : يعقلها ، وإن شاء قائمة وإن شاء باركة».
و (منها) الدعاء حال النحر والذبح ، ويدل على ذلك ما
تقدم في رواية أبي خديجة (2).
وما رواه الكليني في الصحيح عن ابن أبي عمير وصفوان (3) قال : «قال
أبو عبد الله (عليهالسلام) : إذا اشتريت
هديك فاستقبل به القبلة وانحره أو اذبحه ، وقل : وجهت وجهي للذي فطر السماوات
والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين
لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، اللهمّ منك ولك ، بسم الله والله أكبر
اللهمّ تقبل مني ، ثم أمر السكين ، ولا تنخعها حتى تموت».
ورواه في الفقيه في الصحيح عن معاوية بن عمار (4) عن أبي عبد
الله (عليهالسلام) مثله.
وقال في كتاب الفقه الرضوي (5) : «فإذا أردت
ذبحه أو نحره فقل :
__________________
(1 و 2) الوسائل ـ الباب ـ 35 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 5 ـ 3.
(3) أشار إليه في الوسائل ـ الباب ـ 37 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث
1. وذكره في الكافي ـ ج 4 ص 498.
(4) الوسائل ـ الباب ـ 37 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 1.
(5) المستدرك ـ الباب ـ 32 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 2.
وجهت وجهي ـ الدعاء إلى قوله ـ : وأنا
من المسلمين ، اللهمّ هذا منك وبك ولك وإليك ، بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر
اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك وموسى كليمك ومحمد حبيبك (صلىاللهعليهوآله) ثم أمر
السكين عليها ، ولا تنخعها حتى تموت».
و (منها) أن يتولى الذبح بنفسه إن أحسنه وإلا فليترك يده
مع يد الذابح.
ويدل على الأول التأسي بالنبي (صلىاللهعليهوآله) والأئمة (عليهمالسلام) فإن المروي
عنه (صلىاللهعليهوآله) أنه نحر هديه
(1) بنفسه وقد
تقدم في رواية أبي خديجة عن الصادق (عليهالسلام) أنه نحر
بدنته بنفسه (2).
وما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن الحلبي (3) قال : «لا
يذبح ـ ورواه الصدوق في الصحيح عن الحلبي (4) عن الصادق (عليهالسلام) قال : لا
يذبح ـ لك اليهودي ولا النصراني أضحيتك ، فإن كانت امرأة فلتذبح لنفسها ، ولتستقبل
القبلة ، وتقول : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما ، اللهمّ منك
ولك».
ويدل على الثاني ما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن
عن معاوية بن عمار (5)
__________________
(1) المستدرك ـ الباب ـ 36 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 3.
(2) الوسائل ـ الباب ـ 35 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 3.
(3) أشار إليه في الوسائل ـ الباب ـ 36 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث
1 وذكره في الكافي ـ ج 4 ص 497.
(4 و 5) الوسائل ـ الباب ـ 36 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 1.
عن أبي عبد الله (عليهالسلام) وفي الفقيه
مرسلا (1) قال : «كان
علي بن الحسين (عليهماالسلام) يجعل السكين
في يد الصبي ثم يقبض الرجل على يد الصبي فيذبح».
ومما يدل على ذبح الغير اختيارا وإن لم يضع يده معه ما
قدمنا نقله عن الصدوق في مقدمات هذا الكتاب من ذبح النبي (صلىاللهعليهوآله) هديه وهدي
علي (عليهالسلام) بيده وافتخار
علي (عليهالسلام) على الصحابة
بقوله : «من فيكم مثلي وأنا الذي ذبح رسول الله (صلىاللهعليهوآله) هديه بيده» (2).
وقد تقدم في جملة من الأخبار الواردة في الإفاضة من
المشعر ليلا (3) ما يدل على
النيابة في الذبح أيضا.
__________________
(1) الوسائل ـ الباب ـ 17 ـ من أبواب أقسام الحج ـ الحديث 4.
(2) الوسائل ـ الباب ـ 36 ـ من أبواب الذبح ـ الحديث 6.
(3) الوسائل ـ الباب ـ 17 ـ من أبواب الوقوف بالمشعر ـ الحديث 3 و 4 و 6 و 7.