ج13 - كتاب الاعتكاف

كتاب الاعتكاف

وهو لغة الاحتباس والإقامة على شي‌ء بالمكان ، قال الجوهري عكفه أى حبسه ووقفه يعكفه ويعكفه عكفا ، ومنه قوله تعالى «وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً» (1) ومنه الاعتكاف في المسجد وهو الاحتباس ، وعكف على الشي‌ء يعكف ويعكف عكوفا أي أقبل عليه مواظبا قال الله تعالى «يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ» (2) وعكفوا حول الشي‌ء أي استداروا. ونحوه في القاموس. وفي النهاية الاعتكاف والعكوف هو الإقامة على الشي‌ء بالمكان. ونقل في الشرع الى معنى أخص من ذلك وهو ما يأتي الكلام فيه ان شاء الله تعالى. وعرفه الأصحاب بتعريفات لا يكاد يسلم أكثرها من الإيراد كما هو مذكور في كلامهم ولا ثمرة في التعرض لذلك.

ومشروعيته ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع ، اما الأول فقوله (عزوجل) (طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (3) وقوله عز شأنه : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) (4).

واما الثاني فالأخبار المستفيضة ومنها ما رواه الصدوق في الصحيح عن الحلبي

__________________

(1) سورة الفتح الآية 26.

(2) سورة الأعراف الآية 135.

(3) سورة البقرة الآية 120 وارجع الى الاستدراكات.

(4) سورة البقرة الآية 184.


عن ابى عبد الله عليه‌السلام (1) انه قال : «لا اعتكاف إلا بصوم في المسجد الجامع. قال وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كان العشر الأواخر اعتكف في المسجد وضربت له قبة من شعر وشمر المئزر وطوى فراشه. فقال بعضهم : واعتزل النساء. فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : اما اعتزال النساء فلا».

قال الصدوق (رحمه‌الله) بعد إيراد هذا الخبر : المراد من نفيه عليه‌السلام لاعتزال النساء انه لم يمنعهن من خدمته والجلوس معه واما المجامعة فإنه امتنع منها ، قال ومعلوم من قوله : «طوى فراشه» ترك المجامعة.

وروى هذا الخبر الكليني في الصحيح أو الحسن على المشهور (2) من قوله «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. الى آخره».

وروى في الكافي أيضا في الصحيح أو الحسن عن أبي عبد الله عليه‌السلام (3) قال : «كانت بدر في شهر رمضان فلم يعتكف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما ان كان من قابل اعتكف عشرين : عشرا لعامه وعشرا قضاء لما فاته».

وروى في الكافي أيضا عن ابى العباس عن ابى عبد الله عليه‌السلام (4) قال : «اعتكف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في شهر رمضان في العشر الاولى ثم اعتكف في الثانية في العشر الوسطى ثم اعتكف في الثالثة في العشر الأواخر ثم لم يزل يعتكف في العشر الأواخر». الى غير ذلك من الأخبار.

إذا عرفت ذلك فاعلم ان الكلام في هذا المقام يقع في فصلين :

الفصل الأول ـ في شرائط الاعتكاف وهي أمور :

الأول ـ الصوم فلا يصح إلا في زمان يصح فيه الصوم ممن يصح منه الصوم ،

__________________

(1) الفقيه ج 2 ص 119 و 120 وفي الوسائل الباب 3 و 1 و 5 من الاعتكاف.

(2) الوسائل الباب 5 من الاعتكاف.

(3 و 4) الوسائل الباب 1 من الاعتكاف.


فلا يصح الاعتكاف في العيدين ولا يصح من الحائض والنفساء. وهذا الشرط مجمع عليه نصا وفتوى.

ومن الاخبار الدالة على ذلك ما تقدم في صحيحة الحلبي برواية الصدوق من قوله (عليه‌السلام) «لا اعتكاف إلا بصوم في المسجد الجامع».

وما رواه الكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم (1) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) لا اعتكاف إلا بصوم».

وما رواه في الكافي أيضا عن ابى العباس عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (2) قال : «لا اعتكاف إلا بصوم».

وما رواه ايضا عن ابى بصير عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) في حديث (3) قال : «ومن اعتكف صام».

وما رواه الصدوق في الصحيح عن الحلبي عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) في حديث (4) قال فيه «وتصوم ما دمت معتكفا».

وما رواه الشيخ في الموثق عن عبيد بن زرارة (5) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) لا يكون الاعتكاف إلا بصوم». الى غير ذلك من الاخبار.

وإطلاق هذه الاخبار وغيرها يقتضي الاكتفاء بالصيام كيف اتفق بمعنى انه لا يشترط في الصيام ان يكون لأجل الاعتكاف ، وبذلك صرح المحقق في المعتبر ايضا وغيره في غيره فقالوا بأنه لا يعتبر إيقاع الصوم لأجل الاعتكاف بل يكفى وقوعه في أي صوم اتفق واجبا كان أو ندبا رمضان كان أو غيره ، قال في المعتبر : وعليه فتوى الأصحاب.

قال العلامة في التذكرة بعد ان ذكر نحو ذلك : فلو نذر اعتكاف ثلاثة أيام مثلا وجب الصوم بالنذر لان ما لا يتم الواجب إلا به يكون واجبا.

قال في المدارك بعد نقل ذلك عنه : وهو مشكل على إطلاقه لأن المنذور المطلق

__________________

(1 و 2 و 3 و 5) الوسائل الباب 2 من الاعتكاف.

(4) الوسائل الباب 2 من الاعتكاف : ارجع الى الاستدراكات.


يصح إيقاعه في صوم شهر رمضان أو واجب غيره فلا يكون نذر الاعتكاف مقتضيا لوجوب الصوم ، كما ان من نذر الصلاة فاتفق كونه متطهرا في الوقت الذي تعلق به النذر لم يفتقر إلى طهارة مستأنفة ، نعم لو كان الوقت معينا ولم يكن صومه واجبا اتجه وجوب صومه لكن لا يتعين صومه للنذر ايضا فلو نذر المعتكف صياما وصام تلك الأيام عن النذر أجزأ. انتهى.

أقول : الظاهر ان مراد العلامة انه لو نذر اعتكاف ثلاثة أيام مثلا وأراد الوفاء بنذره ولم يكن عليه صيام واجب فان الصيام يجب للاعتكاف بالنذر المذكور والعبارة خرجت مخرج التوسع بناء على ما هو الغالب.

ثم نقل عنه في المدارك ايضا انه قال في التذكرة أيضا : وكذا لو نذر اعتكافا وأطلق فاعتكف في أيام أراد صومها مستحبا جاز. ثم اعترض عليه بان هذا الكلام بظاهره مناف لما ذكره أولا من ان نذر الاعتكاف يقتضي وجوب الصوم. وهو كذلك.

ثم نقل عن جده (قدس‌سرهما) انه جزم بالمنع من جعل صوم الاعتكاف المنذور مندوبا للتنافي بين وجوب المضي على الاعتكاف الواجب وجواز قطع الصوم المندوب. ثم قال : وهو جيد ان ثبت وجوب المضي في الاعتكاف الواجب وان كان مطلقا لكنه غير واضح كما ستقف عليه ، اما بدون ذلك فيتجه جواز إيقاع المنذور المطلق في الصوم المستحب ، اما المعين فلا ريب في امتناع وقوعه كذلك لما ذكره الشارح من التنافي بين وجوب المضي فيه وجواز قطع الصوم. انتهى.

أقول : وسيأتي ما به يتضح تحقيق المسألة ان شاء الله تعالى.

الثاني ـ اللبث ثلاثة أيام فصاعدا لا أقل ، وهذا الشرط ايضا من ما لا خلاف فيه نصا وفتوى ، قال العلامة في التذكرة انه قول علمائنا أجمع. وقال المحقق في المعتبر : قد أجمع علماؤنا على انه لا يجوز أقل من ثلاثة أيام


بليلتين وأطبق الجمهور على خلاف ذلك (1).

ويدل على ذلك من الاخبار ما رواه في الكافي (2) عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : «لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام. ومن اعتكف صام. وينبغي للمعتكف إذا اعتكف ان يشترط كما يشترط الذي يحرم».

وما رواه الشيخ في التهذيب (3) عن عمر بن يزيد عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) «إذا اعتكف العبد فليصم. وقال لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام. الحديث».

وما رواه المشايخ الثلاثة في الصحيح في بعض والموثق في آخر عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر (عليه‌السلام) (4) قال : «إذا اعتكف يوما ولم يكن اشترط فله ان يخرج ويفسخ الاعتكاف وان أقام يومين ولم يكن اشترط فليس له أن يخرج ويفسخ اعتكافه حتى تمضى ثلاثة أيام».

وما رواه المشايخ الثلاثة أيضا في الصحيح والموثق عن ابى عبيدة الحذاء عن ابى جعفر (عليه‌السلام) (5) قال : «ومن اعتكف ثلاثة أيام فهو يوم الرابع بالخيار ان شاء زاد ثلاثة أيام أخر وان شاء خرج من المسجد ، فإن أقام يومين بعد الثلاثة فلا يخرج من المسجد حتى يتم ثلاثة أيام أخر».

وما رواه الكليني عن داود بن سرحان (6) قال «بدأني أبو عبد الله (عليه‌السلام) من غير ان أسأله فقال الاعتكاف ثلاثة أيام يعني السنة ان شاء الله تعالى».

بقي الكلام هنا في مواضع الأول ـ لا خلاف في دخول ليلتي اليوم الثاني والثالث في الاعتكاف في الثلاثة الأيام لا من حيث الدخول في لفظ الأيام بل بدليل من خارج.

__________________

(1) المغني ج 3 ص 186 و 189 و 213 و 214 و 216.

(2) الفروع ج 1 ص 212 وفي الوسائل الباب 4 و 2 و 9 من الاعتكاف.

(3) ج 4 ص 289 وفي الوسائل الباب 2 و 4 من الاعتكاف.

(4 و 5 و 6) الوسائل الباب 4 من الاعتكاف.


وانما الخلاف في دخول الليلة الأولى فقيل بعدم دخولها وبه صرح المحقق في المعتبر حيث قال في مقام الرد على ابى حنيفة (1) : ولا تدخل الليالي بل ليلتان من كل ثلاث لما قررناه من الأصل ، وحجته ضعيفة لأن دخول الأيام في الليالي وبالعكس لا يستفاد من مجرد اللفظ بل بالقرائن وإلا فاليوم حقيقة في ما بين الفجر الى غروب الشمس والليلة ما عدا ذلك ، واستعمال أحدهما في مسماه منضما لا يعلم بمجرد اللفظ. انتهى. وبه صرح الشهيد في الدروس.

وقيل بدخولها وهو منقول عن العلامة واليه جنح شيخنا الشهيد الثاني في المسالك حيث قال : لا خلاف عندنا في ان أقل الاعتكاف ثلاثة أيام إنما الكلام في مسمى هذه الأيام هل هو النهار لانه المعروف منها عند الإطلاق لغة واستعمالا حتى في القرآن الكريم لقوله تعالى (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيّامٍ حُسُوماً) (2) أم المركب منه ومن الليل لاستعماله شرعا فيهما أيضا في بعض الموارد ، ولدخوله في اليومين الأخيرين؟ فعلى الأول فمبدأ الثلاثة طلوع الفجر وعلى الثاني الغروب والنصوص مطلقة وكذا كثير من عبارات الأصحاب ، واختار المصنف في المعتبر والشهيد في الدروس الأول ورجح العلامة وجماعة الثاني وهو أولى ، وأكمل منه ان يجمع بين النية عند الغروب وقبل الفجر. انتهى.

والسيد السند في المدارك حيث اختار الأول قال بعد نقل كلام جده واستدلاله : وهو استدلال ضعيف فان الاستعمال أعم من الحقيقة ودخول الليل في اليومين الأخيرين انما استفيد من دليل من خارج ، وكيف كان فالترجيح للقول الأول لما عرفت.

ونقل في المدارك عن بعض الأصحاب انه احتمل دخول الليلة المستقبلة في مسمى اليوم ، قال : وعلى هذا فلا تنتهي الأيام الثلاثة إلا بانتهاء الليلة الرابعة. ثم قال : وهو بعيد جدا بل مقطوع بفساده.

__________________

(1) المغني ج 3 ص 213.

(2) سورة الحاقة الآية 8.


أقول : ويرده صريحا ما تقدم قريبا في آخر نوادر كتاب الصيام (1) من حديث عمر بن يزيد المشتمل على نسبة هذا القول للمغيرية وتكذيب الصادق (عليه‌السلام) لهم في ذلك.

الثاني ـ انهم قد فرعوا على هذا الشرط انه لو نذر اعتكافا مطلقا انصرف الى ثلاثة أيام لأنها أقل ما يمكن جعله اعتكافا ، ومبدأها طلوع الفجر أو غروب الشمس بناء على القولين المتقدمين. ويعتبر كون الأيام تامة فلا يجزئ الملفق من الأول والرابع لان نصف اليومين لا يصدق عليهما انهما يوم.

ومن ما يتفرع على ذلك ايضا انه لو وجب عليه قضاء يوم من اعتكاف اعتكف ثلاثة ليصح. وكذا لو نذر اعتكاف أربعة أيام فاعتكف ثلاثة ثم قطع أو نذر اعتكاف يوم ولم يقيده بعدم الزائد. ويتخير في جميع هذه المواضع بين تقديم الزائد وتأخيره وتوسيطه.

إلا ان جملة من المتأخرين ذكروا ان الزائد على الواجب أصالة ان تأخر عن الواجب لم يقع إلا واجبا وان تقدم جاز ان ينوي به الوجوب من باب مقدمة الواجب والندب لعدم تعين الزمان له.

وربما أشكل ذلك بما إذا كان الواجب يوما واحدا فان اعتكاف اليومين بنية الندب يوجب الثالث فلا يكون مجزئا عن ما في ذمته.

وفيه انه لا منافاة بين كونه واجبا سابقا وعروض الوجوب له من جهة أخرى ، وهل هو إلا من قبيل نذر الواجب على القول به.

الثالث ـ لو ابتدأ بالاعتكاف في مدة لا تسلم فيها الثلاثة كأن يبتدئ قبل العيد بيوم أو بيومين لم يصح اعتكافه لأن أقله ثلاثة أيام وهو مشروط بالصوم والعيد لا يجوز صومه فيبطل اعتكافه البتة من غير اشكال ولا خلاف ، نعم يمكن ذلك بناء على جواز صوم العيد في كفارة القاتل في الأشهر الحرم بناء على القول بذلك كما تقدم ذكره في كتاب الصيام في المطلب الثالث من مطالب المقصد الثاني

__________________

(1) ص 452.


من الكتاب المذكور (1).

الرابع ـ لو نذر الاعتكاف عشرين يوما أو عشرة أيام مثلا فان اشترط التتابع لفظا أو كان التتابع حاصلا معنى ـ والمراد بالتتابع لفظا أن يكون مدلولا عليه بلفظ التتابع أو ما أدى مؤداه ، والتتابع معنى ما كان مدلولا عليه بالالتزام كنذر اعتكاف شهر رجب الذي لا يتحقق الإتيان به إلا بالتتابع فان الشهر اسم مركب من الأيام المعدودة ـ فلا ريب في وجوب التتابع ، وان انتفى الأمران فالمشهور جواز التتابع والتفريق لتحقق الامتثال بكل منهما ، لكن ليس له ان ينقص عن ثلاثة أيام لأنها أقل مدة يسوغ الاعتكاف فيها. واستقرب العلامة في التذكرة والمنتهى عدم تعين ذلك وجوز له اعتكاف يوم عن النذر وضم يومين مندوبين اليه أو واجبين بغير النذر كما لو نذر ان يعتكف يوما وسكت عن الزائد ، وهو جيد.

الخامس ـ المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) انه لو نذر اعتكاف ثلاثة أيام من دون لياليها لم يصح ، لأن الليالي إذا لم تدخل في الاعتكاف يحصل الخروج منه بدخول الليل فيجوز له فعل ما ينافيه فينقطع اعتكاف ذلك اليوم عن ما قبله ويصير منفردا ، ويلزم من ذلك صحة اعتكاف أقل من ثلاثة أيام ، وهو معلوم البطلان كما عرفت من الاخبار الدالة على ان أقله ثلاثة أيام.

وقال الشيخ في الحلاف : اذا قال لله علىّ أن اعتكاف ثلاثة أيام يلزم ذلك فان قال متتابعة لزم بينها ليلتان وأن لم يشترط المتابعة جاز ان يعتكف نهار ثلاثة أيام بلا لياليهن. مع انه قال في هذا الكتاب : لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام وليلتين. إلا أن يحمل على التقييد بالمتابعة.

وقال في المبسوط : ان نذر أياما بعينها لم يدخل فيها لياليها إلا أن يقول العشر الأواخر وما يجرى مجراه فيلزمه حينئذ الليالي لان الاسم يقع عليه. ثم قال في

__________________

(1) ص 388.


موضع آخر منه : ولو نذر اعتكاف ثلاثة أيام وجب عليه ان يدخل فيه قبل طلوع الفجر من أول يومه الى بعد الغروب من ذلك اليوم وكذلك اليوم الثاني والثالث ، هذا ان أطلقه وان شرط التتابع لزمه الثلاثة الأيام بينها ليلتان.

قال في المختلف بعد نقل ذلك عنه : والمعتمد دخول الليالي ، لنا ان الاعتكاف لا يكون أقل من ثلاثة أيام ومفهوم ذلك دخول الليالي. انتهى.

أقول : كأن الشيخ (رحمه‌الله) بنى على ان اليوم انما هو عبارة عن ما بعد طلوع الفجر الى غروب الشمس والثلاثة الأيام المذكورة في الاخبار عبارة عن ذلك فالليل مع عدم قيد التتابع غير داخل فيها. وفيه ان الحكم على الثلاثة بكونها أقل ما يقع فيه الاعتكاف ولا يصح في أقل منها ظاهر في إدخال الليلتين بالتقريب المتقدم ، ويعضده الأخبار الدالة على وجوب الكفارة على من جامع ليلا وهو معتكف (1) كما سيأتي ان شاء الله تعالى ، وتقييدها بالمتابعة لا دليل عليه ولا داعي إليه.

الثالث ـ المكان ولا بد أن يكون مسجدا اتفاقا وانما اختلفوا في تعيينه فقال الشيخ والمرتضى انه لا يصح الاعتكاف إلا في أربعة مساجد : المسجد الحرام ومسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومسجد الكوفة ومسجد البصرة ، وبه قال أبو جعفر بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه وسلار وأبو الصلاح وابن البراج وابن حمزة وابن إدريس.

وقال على بن بابويه : لا يجوز الاعتكاف إلا في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومسجد الكوفة ومسجد المدائن ، والعلة في ذلك انه لا يعتكف إلا في مسجد جمع فيه امام عدل وقد جمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة وجمع أمير المؤمنين عليه‌السلام في هذه المواضع ، وقد روى في مسجد البصرة رواية.

وقال ابن إدريس في السرائر : وقد ذهب بعض أصحابنا وهو ابن بابويه الى ان أحد الأربعة مسجد المدائن وجعل مسجد البصرة رواية ، ويحسن في هذا الموضع

__________________

(1) الوسائل الباب 6 من الاعتكاف.


قول : «اقلب تصب» لان الأظهر بين الطائفة ما قلناه أولا فإن كانت قد رويت لمسجد المدائن رواية فهي من أخبار الآحاد.

قال في المختلف بعد نقل ذلك عنه ـ ونعم ما قال ـ وهذا تهجم في القول على مثل هذا الشيخ وتهكم بكلامه ، ولا يليق بمن له أدنى فطانة مخاطبة مثل هذا الشيخ الأعظم السابق في الفضل الجامع بين العلم والعمل الذي راسله الامام ودعا له بما طلب منه (1) بمثل هذا الكلام.

ثم نقل عن ابنه ابى جعفر في المقنع انه قال : ولا يجوز الاعتكاف إلا في خمسة مساجد : في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومسجد الكوفة ومسجد المدائن ومسجد البصرة ، وعلل بان الاعتكاف إنما يكون في مسجد جمع فيه امام عدل والنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) جمع بمكة والمدينة وجمع أمير المؤمنين عليه‌السلام في الثلاثة الباقية.

وقال المفيد : لا يكون الاعتكاف إلا في المسجد الأعظم ، وقد روى انه لا يكون إلا في مسجد جمع فيه النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) أو وصى نبي. ثم عد المسجد الحرام ومسجد المدينة ومسجد الكوفة ومسجد البصرة.

وقال ابن ابى عقيل (2) الاعتكاف عند آل الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لا يكون إلا في المساجد وأفضل الاعتكاف في المسجد الحرام ومسجد الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ومسجد الكوفة وسائر الأمصار مساجد الجماعات.

أقول : والظاهر ان مرجع القول الأول والثاني المنقول عن على بن بابويه إلى أمر واحد وهو أن يكون مسجدا قد جمع فيه نبي أو وصي نبي أعم من أن يكون جماعة أو جمعة وان كان قد صرح الشيخ في المبسوط والمرتضى في الانتصار بان

__________________

(1) رجال النجاشي في ترجمة الشيخ الصدوق وغيبة الشيخ الطوسي ص 201 طبع تبريز وإكمال الدين ص 276.

(2) الوسائل الباب 3 من الاعتكاف.


المعتبر في ذلك صلاة الجمعة وانه لا يكفى مطلق الجماعة ، ونقله في المختلف عن الشيخ المفيد ايضا وابن حمزة وابن إدريس ، وظاهر ابني بابويه الاكتفاء بمطلق الجماعة.

وقال في المختلف : ولا أرى لهذا الخلاف فائدة إلا أن يثبت زيادة مسجد صلى فيه بعض الأئمة (عليهم‌السلام) جماعة لا جمعة. وقال ابنه في الشرح ان فائدة الخلاف تظهر في مسجد المدائن فإن المروي ان الحسن عليه‌السلام صلى فيه جماعة لا جمعة.

أقول : قد تقدم في عبارة الشيخ على بن بابويه ان مسجد المدائن قد جمع فيه أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو المذكور في الفقه الرضوي (1) والى هذا القول ذهب في المنتهى والمختلف ونسبه في المنتهى الى المشهور بين علمائنا.

واما ما ذهب اليه الشيخ المفيد (قدس‌سره) فالظاهر ان مراده بالمسجد الأعظم يعني جامع البلد ، واليه ذهب المحقق في كتبه وأكثر المتأخرين ، وظاهر جملة من الأصحاب حمل عبارة ابن أبى عقيل على ذلك وهو بعيد عن ظاهرها وان ظاهرها مطلق المسجد.

واما الاخبار الواردة في هذا الباب فمنها ـ ما رواه الصدوق في الصحيح عن عمر بن يزيد (2) قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟ فقال : لا يعتكف إلا في مسجد جماعة قد صلى فيه امام عدل جماعة ولا بأس بأن يعتكف في مسجد الكوفة والبصرة ومسجد المدينة ومسجد مكة». ورواه الشيخان ثقة الإسلام وشيخ الطائفة بسند غير نقى (3).

وقال في الفقيه (4) : وقد روى في مسجد المدائن.

وما رواه المشايخ الثلاثة أيضا في الصحيح في بعضها عن داود بن سرحان عن

__________________

(1) ص 26.

(2) الفقيه ج 2 ص 120 وفي الوسائل الباب 3 من الاعتكاف.

(3 و 4) الوسائل الباب 3 من الاعتكاف.


ابى عبد الله عليه‌السلام (1) قال «ان عليا عليه‌السلام كان يقول : لا أرى الاعتكاف إلا في المسجد الحرام أو مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أو مسجد جامع».

وما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن الحلبي عن ابى عبد الله عليه‌السلام (2) قال : «سئل عن الاعتكاف فقال : لا يصلح الاعتكاف إلا في المسجد الحرام أو مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أو مسجد الكوفة أو مسجد جماعة. وتصوم ما دمت معتكفا».

وما رواه الشيخ في الموثق عن الكناني عن أبى عبد الله عليه‌السلام (3) قال : «سئل عن الاعتكاف في شهر رمضان قال ان عليا عليه‌السلام كان يقول لا أرى الاعتكاف إلا في المسجد الحرام أو في مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أو في مسجد جامع».

وما رواه عن على بن عمران الرازي عن ابى عبد الله عن أبيه (عليهما‌السلام) (4) قال : «المعتكف يعتكف في المسجد الجامع».

وما رواه أيضا عن يحيى بن العلاء الرازي عن ابى عبد الله (5) قال : «لا يكون الاعتكاف إلا في مسجد جماعة».

وما تقدم في صدر الكتاب في صحيحة الحلبي برواية الصدوق (6) من قوله عليه‌السلام : «لا اعتكاف إلا بصوم في المسجد الجامع».

وما رواه الشيخ في القوى عن عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه‌السلام في حديث (7) قال : «لا يصلح العكوف في غيرها ـ يعني مكة ـ إلا ان يكون في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أو في مسجد من مساجد الجماعة».

وما رواه أيضا عن على بن غراب عن ابى عبد الله عليه‌السلام (8) قال : «المعتكف

__________________

(1 و 2 و 7) الوسائل الباب 3 من الاعتكاف.

(3) الوسائل الباب 3 من الاعتكاف ، وفي التهذيب ج 4 ص 291 هكذا «سئل عن الاعتكاف في رمضان في العشر ...».

(4) التهذيب ج 4 ص 290 وفي الوسائل الباب 3 من الاعتكاف.

(5 و 8) الوسائل الباب 3 من الاعتكاف. ارجع فيهما الى الاستدراكات.

(6) ص 455 و 456.


يعتكف في المسجد الجامع».

ونقل في المختلف عن ابن الجنيد (1) انه روى عن ابن سعيد عن ابى عبد الله عليه‌السلام جوازه في كل مسجد صلى فيه امام عدل صلاة جمعة وفي المسجد الذي يصلى فيه الجمعة بإمام وخطبة.

وفي هذا الحديث دلالة على ما ذكره الشيخ والمرتضى ونحوهما ممن قدمنا ذكره من ان الاعتبار بصلاة الجمعة وانه لا يكفى مطلق الجماعة.

وقال في الفقه الرضوي (2) : وصوم الاعتكاف في المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ومسجد الكوفة ومسجد المدائن ، ولا يجوز الاعتكاف في غير هؤلاء المساجد الأربعة ، والعلة في ذلك انه لا يعتكف إلا في مسجد جمع فيه امام عدل ، وجمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة والمدينة وأمير المؤمنين عليه‌السلام في هذه الثلاثة المساجد ، وقد روى في مسجد البصرة. انتهى.

ومن هذه العبارة أخذ الشيخ على بن بابويه عبارة الرسالة المتقدمة كما هي قاعدته التي أشرنا إليها في غير موضع من ما تقدم ، وإليها يرجع كلام ابنه في المقنع أيضا كما لا يخفى.

أقول : ليس في هذه الاخبار ما يمكن أن يستدل للقولين المتقدمين إلا عبارة كتاب الفقه الرضوي وصحيحة عمر بن يزيد التي هي أول الأخبار المنقولة هنا. وما تأولها به بعضهم من حمل الامام العدل على معنى العادل فيشمل إمام الجماعة لا يخفى بعده سيما مع قوله بعد هذا الكلام : «ولا بأس بأن يعتكف. الى آخره» فان الظاهر ان تخصيص هذه المساجد بالذكر قرينة على ارادة المعصوم حيث انها من ما صلى فيها المعصوم عليه‌السلام. ومن ذلك يظهر قوة القول الأخير وهو الاكتفاء بالمسجد الجامع. بقي الكلام في ما يحمل عليه الخبران المذكوران.

__________________

(1) الوسائل الباب 3 من الاعتكاف. واللفظ فيه هكذا : صلى فيه امام عدل صلاة جماعة.

(2) ص 26.


والعلامة في المختلف والمنتهى حيث اختار الأول استدل له بصحيحة عمر بن يزيد المذكورة.

وأجيب عن ذلك بحملها على عدم اختصاص الامام العدل بالمعصوم بل المراد ما هو أعم ، وانه مع تسليم الاختصاص محمول على ضرب من الكراهة جمعا. وفي الجوابين ما لا يخفى كما نبهت عليه.

واما عبارة كتاب الفقه الرضوي فلم يطلعوا عليها.

والعلامة في المنتهى قد أجاب عن الاخبار التي استدل بها على القول الثاني بضعف السند أولا وتقييد إطلاقها بالصحيحة المتقدمة ، قال بعد نقل جملة منها : هذه أحاديث مطلقة وما قلناه مقيد فيحمل عليه جمعا بين الأدلة. وفيه من البعد ما لا يخفى فان عد مسجد الجماعة مع جملة من هذه المساجد في جملة من الاخبار المتقدمة لا يلائم ذلك كما هو ظاهر.

والأظهر عندي ان روايات كل من الطرفين ظاهرة في كل من القولين وان اخبار أحد الطرفين إنما خرج مخرج التقية ، والظاهر انها في اخبار القول بالمسجد الجامع وذلك فان مذهب الشافعي انه يصح في كل مسجد كما هو ظاهر عبارة ابن ابى عقيل وبه قال مالك ايضا ، وقال احمد لا يجوز إلا في مسجد يجمع فيه وبه قال أبو حنيفة (1) وهو قول الشيخ المفيد ومن تبعه ، واما القول بالمساجد الأربعة المتقدمة فلم يسند الى أحد منهم (2) وبذلك يظهر قوة القول الأول. والله العالم.

ولا فرق في اعتبار هذه الشرائط بين الرجل والمرأة اتفاقا.

ويدل عليه قوله عليه‌السلام في صحيحة الحلبي (3) : «لا ينبغي للمعتكف أن يخرج

__________________

(1) عمدة القارئ ج 5 ص 373 والمجموع ج 6 ص 483 والمهذب ج 1 ص 190 وبدائع الصنائع ج 2 ص 113.

(2) في المغني ج 3 ص 188 و 189 حكى عن حذيفة أن الاعتكاف لا يصح إلا في أحد المساجد الثلاثة : المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد رسول الله (ص).

(3) الوسائل الباب 7 من الاعتكاف.


من المسجد. الى ان قال : واعتكاف المرأة مثل ذلك».

وقوله عليه‌السلام في صحيحة داود بن سرحان (1) : «ولا ينبغي للمعتكف ان يخرج من المسجد الجامع إلا لحاجة لا بد منها ثم لا يجلس حتى يرجع ، والمرأة مثل ذلك».

الرابع ـ اذن من له الولاية كالمولى لعبده والزوج لزوجته ، اما العبد فلان خدمته مستحقة للمولى ، واما الزوجة فلان الاستمتاع بها حق الزوج.

والظاهر انه لا خلاف فيه ولا اشكال وان لم يرد بخصوصه نص في هذا المجال ، إنما الكلام في اذن الوالد لولده والمضيف لضيفه والحق في ذلك كما ذكره في المسالك انه ان وقع الاعتكاف في صوم مندوب بنى على ما تقدم في كتاب الصوم من توقف صومهما على الاذن وعدمه وان وقع في غيره كصوم شهر رمضان مثلا فالأظهر عدم الاشتراط لعدم الدليل.

وأطلق الشهيد في الدروس اشتراط إذن الأب فقال في ضمن تعداد الشروط : ويشترط الإسلام. الى أن قال : واذن الزوج والمولى والوالد. الى أن قال : والأقرب ان الأجير والضيف يستأذنان في الاعتكاف. وهو على إطلاقه مشكل لما عرفت من عدم الدليل في المسألة وإنما صرنا إليه في الصوم المندوب من حيث الصوم بناء على اشتراط الاذن فيه لا من حيث خصوصية الاعتكاف. واما ما ذكره من الأجير فالحكم فيه كما تقدم في العبد حيث ان منافعه مستحقة للمستأجر.

وقد صرح جملة من الأصحاب تفريعا على هذه المسألة بأن المملوك إذا هاياه مولاه جاز له الاعتكاف في أيامه وان لم يأذن له مولاه ، وانه لو أعتق في أثناء الاعتكاف لم يلزمه المضي فيه إلا ان يكون شرع فيه باذن المولى فيلزمه المضي.

وأورد على الأول بأنه على إطلاقه ممنوع بل إنما يجوز له الاعتكاف في أيامه

__________________

(1) الوسائل الباب 7 من الاعتكاف.


إذا كانت المهاياة تفي بأقل مدة الاعتكاف ولم يضعفه عن الخدمة في نوبة المولى ولم يكن الاعتكاف في صوم مندوب ان منعنا المبعض من الصوم بغير اذن المولى وإلا لم يجز إلا بالإذن كما هو واضح. وعلى الثاني انه انما يتم عند هذا القائل مع وجوب الاعتكاف بنذر أو شبهه أو بعد مضى يومين لا مطلقا.

الخامس ـ استدامة اللبث في المسجد فلو خرج بغير الأسباب المبيحة بطل اعتكافه ، وهو إجماع منهم كما صرح به غير واحد منهم.

ويدل عليه الأخبار : ومنها ـ ما رواه ثقة الإسلام في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه‌السلام (1) قال : «ليس للمعتكف ان يخرج من المسجد إلا الى الجمعة أو جنازة أو غائط».

وما رواه ثقة الإسلام في الحسن على المشهور والصحيح على الأصح وابن بابويه في الصحيح عن الحلبي عن ابى عبد الله عليه‌السلام (2) قال : «لا ينبغي للمعتكف ان يخرج من المسجد إلا لحاجة لا بد منها ثم لا يجلس حتى يرجع ولا يخرج في شي‌ء إلا لجنازة أو يعود مريضا ولا يجلس حتى يرجع. قال واعتكاف المرأة مثل ذلك».

وما رواه في الكافي والفقيه عن داود بن سرحان في الصحيح بطريق الثاني (3) قال : «كنت بالمدينة في شهر رمضان فقلت لأبي عبد الله عليه‌السلام انى أريد ان اعتكف فما ذا أقول وما ذا أفرض على نفسي؟ فقال : لا تخرج من المسجد إلا لحاجة لا بد منها ولا تقعد تحت الظلال حتى تعود الى مجلسك».

وما تقدم من رواية داود بن سرحان الأخرى.

ويستفاد من هذه الأخبار أمور أحدها ـ ان الظاهر منها هو ان المراد بالخروج منها هو الخروج بجميع بدنه لا بعضو من أعضائه ، وبه قطع المحقق في المعتبر من غير نقل خلاف ، قال : لأن المنافي للاعتكاف خروجه لا خروج بعضه. وجزم في المسالك بتحقق الخروج من المسجد بخروج جزء من بدن المعتكف وهو بعيد جدا.

__________________

(1 و 2 و 3) الوسائل الباب 7 من الاعتكاف.


وثانيها ـ ان المتبادر من الخروج المنهي عنه فيها هو الخروج من نفسه اختيارا فلو اخرج منها مكرها فالظاهر انه غير مبطل إلا ان يطول الزمان على وجه يخرج عن كونه معتكفا.

وبذلك فصل العلامة (قدس‌سره) في التذكرة فقال ان الاعتكاف إنما يبطل بمطلق الخروج المحرم إذا وقع اختيارا اما إذا خرج كرها فإنه لا يبطل إلا مع طول الزمان بحيث يخرج عن كونه معتكفا.

قال في المدارك بعد نقل ذلك عنه : ولا بأس به تمسكا بمقتضى الأصل وحديث رفع القلم (1) والتفاتا الى عدم توجه النهي الى هذا الفعل.

وجملة من الأصحاب قد صرحوا بان الخروج مبطل طوعا خرج أو كرها.

واستدل عليه في المعتبر بان الاعتكاف لبث في المسجد فيكون الخروج منافيا له.

وفيه ما عرفت من ان المنافي له إنما هو الخروج الاختياري كما هو ظاهر الأخبار المذكورة واما الإخراج منها كرها فلا دليل على إبطاله ، وليس كل مناف للبث موجبا للإبطال لعدم الدليل عليه بل قيام الدليل على خلافه في المواضع المشار إليها في الأخبار المتقدمة.

وثالثها ـ انه هل يتحقق الخروج بالصعود الى سطح المسجد من داخله؟ قيل نعم وبه قطع في الدروس لعدم دخوله في مسماه ، وقيل لا وبه قطع في المنتهى من غير نقل خلاف ، قال لانه من جملته. واستحسنه في المدارك. ونقله في المنتهى عن الفقهاء الأربعة وانه يجوز ان يبيت فيه (2).

والمسألة لا تخلو من اشكال ينشأ من حيث انه مسجد ايضا فلهذا حرم على الجنب اللبث فيه ، ومن ان المتبادر هو ما جرت به العادة وعمل الناس من المكان الأسفل منه والأحكام الشرعية إنما تبنى على الافراد الغالبة.

__________________

(1) في المدارك : حديث «رفع» وقد أورده في الوسائل الباب 56 من جهاد النفس.

(2) المغني ج 3 ص 197.


ورابعها ـ ان ظاهر النهي في الأخبار المتقدمة إنما يتوجه الى الخروج عمدا فلو خرج ساهيا لم يبطل اعتكافه ، وبذلك أطلق الأكثر ، واستدلوا عليه بالأصل وحديث رفع (1) وقيده بعضهم بما إذا لم يطل زمن الخروج بحيث يخرج عن كونه معتكفا وإلا لبطل وان انتفى الإثم. ويجب العود عند الذكر فلو أخر اختيارا بطل

وخامسها ـ انه بعد الخروج للحاجة لا يجوز له الجلوس تحت الظلال كما تضمنته صحيحة الحلبي المتقدمة وصحيحة داود بن سرحان (2) والاولى وان كانت مطلقة إلا أن الثانية مقيدة فيحكم بها على الأولى ، وبذلك صرح الشيخ في المبسوط فخصص التحريم بالجلوس تحت الظلال ، وكذا المفيد وسلار والمحقق في المعتبر وعليه أكثر المتأخرين.

وجملة من الأصحاب كالشيخ في أكثر كتبه والمرتضى وابى الصلاح وابن إدريس والمحقق في الشرائع والعلامة في بعض كتبه زادوا المشي تحت الظلال ، ولم نقف على مستنده وبذلك اعترف جملة من أصحابنا المتأخرين.

وسادسها ـ انه قد اشتملت هذه الأخبار على انه لا يجوز الخروج إلا للأمور الضرورية.

وعد منها في الاخبار المذكورة قضاء الحاجة من بول أو غائط ، وعلى ذلك دلت صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة (3).

ولا اشكال ولا خلاف في ذلك إلا ان الأصحاب ذكروا انه يجب أن يتحرى أقرب الطرق الى موضع قضاء الحاجة.

وقال في المنتهى : لو كان الى جانب المسجد سقاية خرج إليها إلا ان يجد بها غضاضة بأن يكون من أهل الاحتشام فيجد المشقة بدخولها لأجل الناس فعندي ههنا يجوز أن يعدل عنها إلى منزله وان كان أبعد. ثم قال : ولو بذل له صديق منزله

__________________

(1) الوسائل الباب 56 من جهاد النفس.

(2 و 3) ص 470.


وهو قريب من المسجد لقضاء حاجته لم يلزمه الإجابة لما فيه من المشقة بالاحتشام بل يمضي إلى منزله. وظاهر جماعة ممن نقل ذلك عنه تلقيه بالقبول.

وعندي فيه اشكال وانه تقييد لإطلاق النص بغير دليل. وما ذكروه من التعليل ليس من ما يصلح لتأسيس الأحكام الشرعية.

ومنها ـ شهادة الجنازة كما تضمنته صحيحة الحلبي وصحيحة عبد الله بن سنان (1) والمراد حضورها لتشييعها والصلاة عليها أعم من ان يكون ذلك متعينا عليه أم لا لإطلاق النص.

ومنها ـ عيادة المريض كما تضمنته صحيحة الحلبي (2) أيضا.

ومنها ـ الجمعة لو كانت تقام في غير ذلك المسجد.

وقد ذكر الأصحاب أيضا جملة زائدة على ما ذكر بناء على ان ما ذكر انما خرج مخرج التمثيل :

منها ـ إقامة الشهادة وقيده بعض الأصحاب بما إذا تعينت عليه ولم يمكن أداؤها بدون الخروج.

وقال في المنتهى : يجوز الخروج لها تعين عليه التحمل والأداء أو لم يتعين عليه أحدهما إذا دعي إليها لأنها من ما لا بد منه فصار ضروريا كقضاء الحاجة ، وإذا دعي إليها مع عدم التعيين تجب الإجابة. انتهى. وفيه اشكال والأول أحوط.

ومنها ـ الغسل لو احتلم فلا يجوز الخروج للغسل المندوب. وفي معنى غسل الجنابة غسل المرأة للاستحاضة.

ولو أمكن الغسل في المسجد بحيث لا تتعدى النجاسة الى المسجد أو آلاته فقد أطلق جماعة المنع لمنافاته لاحترام المسجد. واحتمل في المدارك الجواز كما في الوضوء والغسل المندوب.

__________________

(1 و 2) ص 470.


ومنها ـ تحصيل المأكول والمشروب إذا لم يكن من يأتيه بهما ، ولا إشكال في الجواز لذلك.

وجوز العلامة في التذكرة والشهيد الثاني في المسالك الخروج للأكل أيضا إذا كان في فعله في المسجد غضاضة عليه بخلاف الشرب إذ لا غضاضة فيه ولا يعد تركه من المروة. قال في المدارك : وهو غير بعيد.

أقول : بل الظاهر انه بعيد كما أشرنا إليه آنفا فان جميع ما ذكروه من الغضاضة في هذه الأمور مبنى على منافاتها المروة التي اعتبروها في تعريف العدالة كما أشير إليه في هذا الكلام ، وقد ثبت في الاخبار عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله جملة من الأشياء التي جعلوها موجبة للغضاضة ومنافية للمروة ، وقد روى عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله (1) انه كان يركب الحمار العاري ويردف عليا عليه‌السلام خلفه وانه كان يحلب الشاة وانه كان يأكل ماشيا إلى الصلاة في المسجد ونحو ذلك.

ومنها ـ السعي في حاجة المؤمن ، ويدل عليه ما رواه ابن بابويه في الفقيه عن ميمون بن مهران (2) قال : «كنت جالسا عند الحسن بن على عليه‌السلام فأتاه رجل فقال له يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان فلانا له على مال ويريد ان يحبسني فقال والله ما عندي مال فأقضي عنك. قال فكلمه قال فلبس عليه‌السلام نعله فقلت له يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنسيت اعتكافك؟ فقال له لم أنس ولكني سمعت ابى يحدث عن جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : من سعى في حاجة أخيه المسلم فكأنما عبد الله (عزوجل) تسعة آلاف سنة صائما نهاره قائما ليله».

ومنها ـ تشييع المؤمن ، ذكره جملة من الأصحاب ولم أقف له على دليل والأحوط تركه.

ومنها ـ ما ذكره في المنتهى قال : ويجوز أن يخرج لزيارة الوالدين لأنه طاعة

__________________

(1) ارجع الى التعليقة 2 ص 16 ج 10 من الحدائق. وارجع الى الاستدراكات.

(2) الوسائل الباب 7 من الاعتكاف.


فلا يكون الاعتكاف مانعا منها. انتهى. وفيه توقف. والله العالم.

فروع

الأول ـ لا يجوز الصلاة خارج المسجد لمن خرج لضرورة إلا بمكة إلا مع ضيق الوقت.

ويدل عليه ما رواه الكليني وابن بابويه في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه‌السلام (1) قال : «سمعته يقول المعتكف بمكة يصلى في أي بيوتها شاء سواء عليه صلى في المسجد أو في بيوتها. الى أن قال : ولا يصلى المعتكف في بيت غير المسجد الذي اعتكف فيه إلا بمكة فإنه يعتكف بمكة حيث شاء لأنها كلها حرم الله. الحديث».

قال الشيخ : «قوله عليه‌السلام يعتكف بمكة حيث شاء» انما يريد به يصلى صلاة الاعتكاف. واستشهد بسياق الكلام وبالأحاديث السابقة.

وما رواه الصدوق في الصحيح عن منصور بن حازم عن ابى عبد الله عليه‌السلام (2) قال : «المعتكف بمكة يصلى في أي بيوتها شاء والمعتكف بغيرها لا يصلى إلا في المسجد الذي سماه».

وما رواه في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه‌السلام (3) قال :

__________________

(1) الوسائل الباب 8 من الاعتكاف رقم 3 وهي رواية الشيخ في التهذيب ج 4 ص 293 واما رواية الكليني والصدوق فهي إلى قوله «أو في بيوتها» كما في الوسائل الباب 8 من الاعتكاف رقم 1.

(2) الوسائل الباب 8 من الاعتكاف.

(3) الوسائل الباب 8 من الاعتكاف رقم 1 ، وهذه الرواية مكررة حسب عبارة المصنف (قدس‌سره) إلا ان يكون مقصوده من الرواية المتقدمة رواية الشيخ والنسبة إلى الكليني وابن بابويه من سبق القلم أو اشتباه النساخ كما يشهد به قوله «قال الشيخ ...» بعد تمام الرواية.


«المعتكف بمكة يصلى في أي بيوتها شاء سواء عليه صلى في المسجد أو في بيوتها».

واستثنى من المنع الخروج لصلاة الجمعة إذا أقيمت في غير مسجده الذي اعتكف فيه.

الثاني ـ نقل في المنتهى عن الشيخ (قدس‌سره) انه إذا طلقت المعتكفة أو مات زوجها فخرجت واعتدت في بيتها استقبلت الاعتكاف. ثم نقل عنه انه قال : وبالجملة فللمرأة الخروج إذا طلقت للعدة في بيتها ويجب عليها ذلك. ولم ينقل فيه خلافا إلا من العامة حيث ذهب جمع منهم الى وجوب المضي في الاعتكاف حتى تفرغ منه ثم ترجع الى بيت زوجها لتعتد فيه (1) ثم رده بظاهر الآية وهي قوله تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ) (2). الى أن قال : واما استئناف الاعتكاف فإنه يصح له على تقدير أن يكون الاعتكاف واجبا ولم يشترط الرجوع.

وفصل في المسالك فقال ـ بعد نقل عبارة المصنف الدالة على وجوب الخروج الى منزلها لتعين الاعتداد عليها فيه ـ ما صورته : هذا يتم مع كون الاعتكاف مندوبا أو واجبا غير معين أو مع شرط الحل عند العارض ولو كان معينا من غير شرط فالأقوى اعتدادها في المسجد زمن الاعتكاف فان دين الله أحق ان يقضى (3). قال في المدارك بعد نقل ذلك : وهو حسن.

أقول : للتوقف في ما ذكره (قدس‌سره) مجال لعدم الدليل على ذلك فإنه قد تعارض هنا واجبان : اللبث في المسجد من حيث التعيين وعدم الشرط ، والاعتداد

__________________

(1) المغني ج 3 ص 207.

(2) سورة الطلاق الآية 2.

(3) في مسند احمد ج 1 ص 227 عن ابن عباس ان امرأة قالت يا رسول الله (ص) انه كان على أمي صوم شهر فماتت أفأصومه عنها؟ قال : لو كان على أمك دين ا كنت قاضيته؟ قالت نعم. قال : فدين الله عزوجل أحق ان يقضى. ونحوه ص 258 منه. ولا يخفى ان حديث الخثعمية المتقدم ج 11 ص 39 واستدركناه برقم 1 انما كان في الحج.


في البيت من حيث الأدلة الدالة على وجوب ذلك ، وترجيح أحد الطرفين على الآخر يحتاج الى دليل وليس فليس.

الثالث صرح في المنتهى بأنه لو أخرجه السلطان فان كان ظالما مثل ان يطالبه بما ليس عليه لم يبطل اعتكافه وإذا عاد بنى لحديث رفع القلم (1) وان أخرجه بحق مثل اقامة حد واستيفاء دين بطل اعتكافه واستأنف.

أقول : يجب تقييد الحكم الأول بما إذا لم يطل الزمان بحيث يخرج عن كونه معتكفا كما ذكره في غير هذه الصورة ، ويجب تقييد الحكم الثاني بما إذا كان واجبا كما استدركه على الشيخ في سابق هذه المسألة.

الرابع ـ إذا حاضت المرأة خرجت من المسجد الى بيتها وهكذا المريض. ثم ان كان الاعتكاف واجبا وجب الرجوع لقضائه وإعادته وإلا فلا ، وأطلق بعض الأصحاب العود في الاعتكاف والظاهر التفصيل.

ويدل على ذلك من الأخبار ما رواه الصدوق في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن عبد الرحمن بن الحجاج عن ابى عبد الله عليه‌السلام (2) قال : «إذا مرض المعتكف أو طمثت المرأة المعتكفة فإنه يأتي بيته ثم يعيد إذا برئ ويصوم». ورواه الكليني (3) ثم قال : وفي رواية أخرى عنه عليه‌السلام ليس على المريض ذلك.

وبإسناده عن ابن محبوب عن أبي أيوب عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام (4) «في المعتكفة إذا طمثت؟ قال : ترجع الى بيتها فإذا طهرت رجعت فقضت ما عليها».

وإطلاق هذين الخبرين محمول على ما قدمناه لما يأتي من الأدلة الدالة على

__________________

(1) عبارة المنتهى ج 2 ص 636 لم تنقل بلفظها تماما وقد أسقط بعضها والمراد بحديث رفع القلم هو حديث الرفع المعروف كما هو نص عبارة المنتهى وقد أورده في الوسائل الباب 56 من جهاد النفس.

(2 و 3 و 4) الوسائل الباب 11 من الاعتكاف.


عدم وجوب الاعتكاف بمجرد الشروع وانما يجب بالنذر أو مضى يومين فيجب الثالث (1).

وينبغي ان يعلم ان المقضي في هذه المسألة وفي سابقتها هو جميع زمان الاعتكاف متى كان واجبا ولم يمض منه ثلاثة أيام وإلا فالمتروك خاصة ، نعم لو كان المتروك ثالث المندوب وجب قضاؤه بإضافة يومين إليه لأن الاعتكاف لا يكون أقل من ثلاثة.

وتردد في المنتهى من حيث عموم الحديث الدال على الاستئناف ومن حيث حصول العارض المقتضي للضرورة فكان كالخروج للحاجة. ثم قال : والأقرب عدم الاستئناف.

الخامس ـ قد صرح الشيخ في المبسوط وجملة ممن تأخر عنه بأنه لو نذر اعتكاف أيام معينة كالعشر الأواخر من شهر رمضان مثلا أو نحوها من ما يكون متتابعا معنى أو قيده بالتتابع لفظا ثم خرج قبل إكمالها فإنه يبطل الجميع ويجب الاستئناف.

واستدل له في المختلف بفوات المتابعة المشروطة ثم قال : ولقائل أن يقول لا يجب الاستئناف وان وجب عليه الإتمام متتابعا وكفارة خلف النذر ، لأن الأيام التي اعتكفها متتابعة وقعت على الوجه المأمور به فيخرج بها عن العهدة ولا يجب عليه استينافها لأن غيرها لم يتناوله النذر ، بخلاف ما إذا أطلق النذر وشرط التتابع فإنه هنا يجب عليه الاستئناف لأنه أخل بصفة النذر فوجب عليه استئنافه من رأس بخلاف صورة النزاع ، والفرق بينهما تعين الزمان هناك وإطلاقه هنا فكل صوم متتابع في أي زمان كان مع الإطلاق يصح أن يجعله المنذور اما مع التعيين فلا يمكنه البدلية.

وقال في المدارك بعد نقل ذلك عنه : وهو جيد. ثم قال : لا يخفى ان عدم الاستئناف إنما يتجه إذا كان ما اتى به ثلاثة فصاعدا وهو واضح.

__________________

(1) الوسائل الباب 4 من الاعتكاف.


أقول : والظاهر انه الى ذلك يشير قول العلامة : «لأن الأيام التي اعتكفها متتابعة وقعت على الوجه المأمور به» يعنى وقع اعتكافا صحيحا وما دون الثلاثة ليس كذلك.

الفصل الثاني ـ في جملة من الأحكام وفي هذا الفصل مسائل :

المسألة الأولى ـ قد يجب الاعتكاف بالنذر وشبهه ويجب بالشروع فيه على المشهور بين الأصحاب بخلاف المندوب كما يأتي ذكر الخلاف فيه وان الأظهر وجوبه بعد اليومين المتقدمين.

وظاهر المدارك التفصيل بين ما كان معينا فيجب بالشروع فيه ومطلقا فلا يجب إلا بمضي يومين كما في المندوب ، قال : لكن الظاهر من قول المصنف ـ ان الأول وهو ما وجب بنذر وشبهه يجب بالشروع ـ انه يجب المضي فيه بمجرد الشروع. وهو جيد مع تعين الزمان اما مع إطلاقه فمشكل ، ولو قيل بمساواته للمندوب في عدم وجوب المضي فيه قبل مضى اليومين لم يكن بعيدا. انتهى.

والظاهر ان منشأ ذلك الإطلاق في النذر المقتضى للتوسعة فيكون كالمندوب لا يجب إلا بمضي اليومين.

المسألة الثانية ـ اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في وجوب الاعتكاف المندوب بالدخول فيه وعدمه على أقوال :

أحدها ـ انه يجب بالدخول فيه كالحج وهو قول الشيخ في المبسوط وابى الصلاح الحلبي ، قال في المبسوط : ومتى شرط المعتكف على ربه انه متى عرض له عارض رجع فيه كان له الرجوع فيه اى وقت شاء ما لم يمض به يومان فان مضى به يومان وجب عليه إتمام الثالث ، وان لم يشترط وجب عليه بالدخول فيه تمام ثلاثة أيام ، لأن الاعتكاف لا يكون أقل من ثلاثة أيام.

وثانيها ـ انه لا يجب بل يجوز له الابطال والفسخ متى شاء ، نقله في التذكرة عن المرتضى وابن إدريس واختاره العلامة في المختلف والمنتهى ، وقال المحقق في


المعتبر انه الأشبه بالمذهب.

وثالثها ـ وجوب اليوم الثالث بعد مضى يومين ، نقله في التذكرة عن ابن الجنيد وابن البراج وظاهر الشيخ في النهاية واختاره المحقق في الشرائع وجمع من المتأخرين ومتأخريهم : منهم ـ السيد السند في المدارك.

ورابعها ـ موافقة مذهب السيد مع الشرط ومذهب الشيخ في النهاية مع عدمه نقله في المختلف عن ابن حمزة ، قال وقال ابن حمزة ان شرط وعرض له ذلك جاز له الخروج على كل حال وان لم يشترط وقد صام يوما فكذلك وان صام يومين لم يجز له الخروج حتى يتم.

أقول : اما القول الأول فلم نقف له على دليل وبذلك اعترف في المعتبر فقال : اما القائلون بوجوبه بالدخول فيه فلم نقف لهم على مستند. ثم قال : ويمكن ان يستدل الشيخ على وجوبه بالشروع بإطلاق وجوب الكفارة على المعتكف ، وقد روى ذلك من طرق (1) ثم قال : والجواب عنه ان هذه مطلقة فلا عموم لها وتصدق بالجزء والكل فيكفي في العمل بها تحققها في بعض الصور فلا تكون حجة في الوجوب. انتهى.

قال في المدارك بعد نقله : وهو جيد مع انا لو سلمنا عمومها لم يلزم من ذلك الوجوب لاختصاصها بجماع المعتكف كما ستقف عليه ، ولا امتناع في وجوب الكفارة بذلك في الاعتكاف المستحب. انتهى.

أقول : فيه ان الكفارة على ما عهد من الشرع إنما تجب في مقام الوجوب المستلزم مخالفته للعقوبة فتكون الكفارة لدفع تلك العقوبة ، وهذا لا يعقل في المستحب الذي لا يترتب على تركه عقوبة وانما غاية ذلك عدم الثواب عليه فكيف يمكن القول بوجوب الكفارة في الاعتكاف المستحب؟ وبالجملة فإن إطلاق الخبر بوجوب الكفارة لما كان مخالفا للأصول المقررة والضوابط المعتبرة فلا بد من

__________________

(1) الوسائل الباب 6 من الاعتكاف.


تأويله بالحمل على الاعتكاف الواجب كما صرح به المحقق وغيره.

أقول : ويمكن ايضا ان يستند الشيخ في ذلك الى إطلاق روايتي عبد الرحمن ابن الحجاج وابى بصير المتقدمتين (1) من حيث دلالتهما على وجوب القضاء على الحائض بعد الطهر والمريض بعد البرء ، فان هذا الإطلاق إنما يتجه بناء على الوجوب بمجرد الشروع ، إلا ان قضية الجمع بينهما وبين صحيحتي محمد بن مسلم (2) وأبى عبيدة (3) الآتيتين تخصيص هذا الإطلاق بالصحيحتين المذكورتين.

واما القول الثاني فاستدل عليه في المختلف بأصالة عدم الوجوب وبراءة الذمة وبأنها عبادة مندوبة فلا تجب بالشروع فيها كغيرها من التطوعات. وفارقت الحج لورود الأمر فيه دون صورة النزاع ، ولان اليوم الأول والثاني متساويان فلو اقتضى الثاني وجوب الإتمام لاقتضاه الأول.

وفيه ان ما ذكره يتجه في الرد على القول الأول حيث لا دليل عليه دون القول الثالث لان الدليل عليه موجود ، وحينئذ فما ذكره من الاستدلال بالأصل مردود بأن الأصل يجب الخروج عنه بالدليل وسيأتي ان شاء الله تعالى. وباقي ما استدل به لا معنى له في مقابلة النص الصحيح الصريح في ذلك.

واما القول الثالث فيدل عليه ما رواه في الكافي في الصحيح عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه‌السلام (4) قال : «إذا اعتكف يوما ولم يكن اشترط فله أن يخرج ويفسخ الاعتكاف ، وان أقام يومين ولم يكن اشترط فليس له أن يفسخ اعتكافه حتى تمضى ثلاثة أيام».

وما رواه في الصحيح عن ابى عبيدة عن ابى جعفر عليه‌السلام في حديث (5) قال «من اعتكف ثلاثة أيام فهو يوم الرابع بالخيار ان شاء زاد ثلاثة أيام أخر وان شاء

__________________

(1) ص 477.

(2 و 3 و 4 و 5) الوسائل الباب 4 من الاعتكاف.


خرج من المسجد ، فإن أقام يومين بعد الثلاثة فلا يخرج من المسجد حتى يتم ثلاثة أيام أخر».

وأجاب العلامة عن هذين الخبرين بالطعن في السند بان فيه على بن الحسن بن فضال ثم حملهما على الاستحباب.

وفيه ان ما ذكره من الطعن مبنى على رواية الشيخ في التهذيب (1) واما على رواية الكافي (2) فهما في أعلى مراتب الصحة. وبه يظهر ان هذا القول أقوى الأقوال المذكورة في المسألة.

واما القول الرابع فالظاهر رجوعه الى القول الثالث ولهذا لم يعده أصحابنا قولا في المسألة لما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى في مسألة الاشتراط.

واما ما ذكره في الذخيرة ـ حيث رجح القول الثاني فقال بعد نقل الصحيحتين المتقدمتين : ودلالتهما على الوجوب غير واضحة لجواز ان يكون المراد شدة تأكد الاستحباب. ثم قال بعد نقل حجة القول الثاني بأنه عبادة مندوبة فلا يجب بالشروع كالصلاة المندوبة : ولعل غرضه ان الأصل في العبادات المندوبة ان لا تجب إلا بدليل ولا دليل على الوجوب في ما نحن فيه فيكون مندوبا. وهذا القول لا يخلو من قوة ـ

فهو من جملة تشكيكاته الواهية وذلك فإنه ان أريد بوضوح الدلالة في الخبرين المذكورين عدم قبول الاحتمال بالكلية وان بعد فهو ممنوع إذ على تقدير هذا لا تقوم حجة على مطلب من المطالب ، لان مفاهيم الألفاظ لا تنبو عن قبول الاحتمالات والحمل على المجازات فلا لفظ إلا وهو قابل للاحتمال ، وحينئذ فلا حجة إلا وللمنازع فيها مجال وبذلك ينسد باب الاستدلال ، فكيف له بإثبات أدلة الإمامة على المخالفين وأدلة النبوة والتوحيد على الكفار والمشركين؟

__________________

(1) ج 4 ص 288 و 289.

(2) ج 1 ص 212.


بل التحقيق الذي عليه المحققون انه ينظر الى ما يتسارع الى الذهن من اللفظ وما يتبادر الى الفهم منه وما عضدته قرائن المقام فيؤخذ به وعليه يبنى الاستدلال ولا يلتفت الى ما يعارضه من الاحتمال.

وما اشتهر في كلامهم ودار على السنة أقلامهم ـ من قولهم : إذا قام الاحتمال بطل الاستدلال ـ فكلام شعري وتمويه جدلي لما عرفت.

نعم متى حصل المعارض الراجح يمكن الرجوع الى التأويل لضرورة الجمع بين الدليلين ، واى ظاهر في التحريم أظهر من قوله عليه‌السلام في الرواية الأولى (1) «فليس له ان يفسخ اعتكافه حتى تمضى ثلاثة أيام» وقوله في الثانية (2) «فلا يخرج من المسجد حتى يتم ثلاثة أيام أخر».

وليت شعري إذا كانت الأوامر الواردة في الاخبار لا تدل على الوجوب والنواهي لا تدل على التحريم كما تكرر منه في كتابه وأمثال هذه العبارات لا تدل على وجوب ولا تحريم فلأي شي‌ء أخرجت هذه الاخبار ، وهل هذا الكلام إلا موجب لرفع التكليف بالكلية وإبطال الشريعة ، إذ لا وجوب عنده ولا تحريم في حكم من الأحكام الشرعية لطعنه في الأخبار بعدم الدلالة على ذلك في جميع الموارد واللازم منه ما ذكرناه نعوذ بالله من زيغ الافهام وطغيان الأقلام.

المسألة الثالثة ـ قد اتفقت كلمة الأصحاب والأخبار على انه يستحب للمعتكف أن يشترط على ربه في الاعتكاف انه إذا عرض له عارض أن يخرج من الاعتكاف.

ومن الأخبار في ذلك ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد في الموثق عن ابى عبد الله عليه‌السلام (3) قال : «إذا اعتكف العبد فليصم ،. وقال : لا يكون اعتكاف أقل من ثلاثة أيام ،. واشترط على ربك في اعتكافك كما تشترط في إحرامك أن يحلك من اعتكافك عند عارض ان عرض لك من علة تنزل بك من أمر الله».

__________________

(1 و 2) ص 481 و 482.

(3) التهذيب ج 4 ص 289 وفي الوسائل الباب 2 و 4 و 9 من الاعتكاف. ارجع الى الاستدراكات.


وما رواه الكليني والصدوق في القوى عن ابى بصير عن ابى عبد الله (1) قال : «لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام ، ومن اعتكف صام ، وينبغي للمعتكف إذا اعتكف ان يشترط كما يشترط الذي يحرم».

وما رواه الكليني والصدوق في الصحيح عن ابى ولاد (2) قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن امرأة كان زوجها غائبا فقدم وهي معتكفة بإذن زوجها فخرجت حين بلغها قدومه من المسجد الى بيتها فتهيأت لزوجها حتى واقعها؟ فقال : ان كانت خرجت من المسجد قبل أن تمضى ثلاثة أيام ولم يكن اشترطت في اعتكافها فان عليها ما على المظاهر».

وما رواه الشيخان المذكوران في الصحيح عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه‌السلام (3) قال : «إذا اعتكف يوما ولم يكن اشترط فله أن يخرج ويفسخ الاعتكاف ، وان أقام يومين ولم يكن اشترط فليس له ان يفسخ اعتكافه حتى تمضى ثلاثة أيام».

أقول : والكلام في هذه الأخبار يقع في مواضع :

الأول ـ ظاهر قوله عليه‌السلام في رواية عمر بن يزيد ـ «واشترط على ربك في اعتكافك» وقوله في رواية أبي بصير «وينبغي للمعتكف إذا اعتكف ان يشترط» وقوله في صحيحة أبي ولاد «ولم يكن اشترطت في اعتكافها» ـ ان محل هذا الاشتراط وقت الدخول في الاعتكاف ونيته أعم من أن يكون متبرعا به أو منذورا.

إلا ان المفهوم من كلام جملة من الأصحاب كالعلامة في المنتهى والمحقق في المعتبر والشهيد في الدروس ان محل هذا الشرط في الاعتكاف المنذور إنما هو النذر دون الاعتكاف.

__________________

(1) الفروع ج 1 ص 212 والفقيه ج 2 ص 121 وفي الوسائل الباب 4 و 2 و 9 من الاعتكاف.

(2) الوسائل الباب 6 من الاعتكاف.

(3) الوسائل الباب 4 من الاعتكاف.


قال في المنتهى : تفريع ـ الاشتراط إنما يصح في عقد النذر اما إذا أطلقه من الاشتراط على ربه فلا يصح له الاشتراط عند إيقاع الاعتكاف. وقال في المعتبر : اما إذا أطلقه من الاشتراط على ربه فلا يصح له الاشتراط عند إيقاع الاعتكاف وانما يصح في ما يبدأ به من الاعتكاف لا غير. ونحوه في الدروس وغيره.

وهو مشكل لان المستند في هذا الاشتراط إنما هو الاخبار المذكورة وهي كما عرفت انما دلت على ان محله الاعتكاف والاعتكاف على وجه النذر لم يرد به خبر بالكلية فضلا عن خبر يدل على إيقاع هذا الشرط فيه وانما أخذوا أحكامه من هذه الأخبار المطلقة في الاعتكاف.

ولم أر من تنبه لذلك إلا السيد في المدارك حيث قال بعد نقل ذلك عنهم : ولم أقف على رواية تدل على ما ذكروه من مشروعية اشتراط ذلك في عقد النذر وإنما يستفاد من النصوص ان محل ذلك نية الاعتكاف مطلقا ، ولو قيل بجواز اشتراطه في نية الاعتكاف المنذور إذا كان مطلقا لم يكن بعيدا خصوصا على ما أشرنا إليه سابقا من مساواته للمندوب في عدم وجوب المضي فيه إلا بمضي يومين. ولو قلنا ان اشتراط الخروج إنما يسوغ عند العارض وفسرناه بالأمر الضروري جاز اشتراطه في المنذور المعين ايضا. انتهى.

أقول : كأن مبنى ما ذكره الأصحاب (رضوان الله عليهم) انه متى لم يذكر الشرط في النذر فإنه يجب الاعتكاف بالنذر البتة ، ولا أثر لهذا الشرط بعد وجوبه بل يجب الإتيان به كيف كان إلا ان يحصل العذر الضروري المانع من إتمامه وهو مجوز للخروج منه وان لم يشترط بلا خلاف ولا اشكال ، واما اشتراط الخروج اقتراحا كما هو أحد القولين فإنه لا يجرى هنا لوجوب الاعتكاف بالنذر فلا يجوز الخروج منه بلا عذر شرعي.

ثم انه على تقدير حصول الشرط في المندوب فمقتضى ما قدمناه من عبارة الشيخ في المبسوط في أول المسألة الثانية انه يرجع ما لم يمض يومان وهو مبنى على


وجوب الاعتكاف عنده بمجرد الشروع كما تقدم. واحتج على عدم الرجوع بعد مضى يومين بان الشرط إنما يؤثر في ما يوجبه الإنسان على نفسه والثالث واجب بأصل الشرع وسببه مضى اليومين. وعلى المشهور وهو قوله في النهاية انه يرجع ولو بعد مضى يومين عملا بمقتضى الشرط.

الثاني ـ المستفاد من رواية عمر بن يزيد (1) ـ وقوله عليه‌السلام : «واشترط على ربك في اعتكافك كما تشترط في إحرامك». ومثلها رواية أبي بصير ـ هو تقييد ذلك بالعارض كما في الحج فلا يجوز اشتراط ذلك اقتراحا بان يقول : ولي الرجوع إذا شئت.

والمفهوم من عبائر كثير من الأصحاب هو جواز اشتراط الخروج مطلقا ، قال المحقق في الشرائع : ولو شرط في حال فعله (2) الرجوع إذا شاء كان له ذلك أى وقت شاء. وبه قطع في الدروس فقال ـ بعد أن ذكر انه يستحب أن يشترط في اعتكافه الرجوع مع العارض كالمحرم فيرجع عند العارض وان مضى يومان على الأقرب وفاقا للنهاية ـ ولو شرط الرجوع متى شاء اتبع ولم يتقيد بالعارض.

وظاهر جملة من الأصحاب عدم جواز ذلك وتخصيص الجواز باشتراط الرجوع مع العارض كما ذكرناه ، قال العلامة في التذكرة : إنما يصح اشتراط الرجوع مع العارض فلو شرط الجماع في اعتكافه أو الفرجة أو التنزه أو البيع أو الشراء للتجارة أو التكسب بالصناعة في المسجد لم يجز. وبذلك قطع في المسالك.

وهذا هو الظاهر من الأخبار كما عرفت. واما ما ذكروه من جواز اشتراط الرجوع مطلقا فلا أعرف له دليلا.

الثالث ـ ما تضمنته صحيحة أبي ولاد (3) من قوله عليه‌السلام : «ان كانت خرجت من المسجد قبل أن تمضى ثلاثة أيام. إلى آخر الخبر». يمكن أن يستدل به للشيخ في ما ذهب اليه من الوجوب بالشروع في المندوب ، فان ترتب الكفارة مع عدم

__________________

(1) ص 483.

(2) في الشرائع «ولو شرط في حال نذره».

(3) ص 484.


الاشتراط على الخروج قبل مضى الثلاثة ظاهر في ذلك لصدقه بمضي يوم أو في اليوم الثاني ، فلو لم يكن واجبا لما ظهر لترتب الكفارة وجه.

ويمكن ان يجاب بتخصيصه بما تقدم من الخبرين الدالين على جواز الخروج في اليومين فيحمل على الخروج في الثالث ، أو يقال ان معنى قوله : «قبل ان تمضى ثلاثة أيام» يعني قبل إتمام الثالث ، أو يحمل على ان اعتكافها كان واجبا مطلقا.

الرابع ـ ظاهر ما تقدم من الاخبار الدالة على انه يشترط في اعتكافه كما يشترط في إحرامه هو ان يقول : «ان تحلني حيث حبستني» ومقتضى ذلك ان هذا الشرط إنما هو بالنسبة إلى الأعذار المانعة من الإتمام من جهته (عزوجل) ويؤيد ذلك قوله عليه‌السلام في رواية عمر بن يزيد «عند عارض ان عرض لك من علة تنزل بك من أمر الله تعالى» وظاهر صحيحة أبي ولاد وكذا صحيحة محمد بن مسلم ما هو أعم من ذلك ، اما صحيحة أبي ولاد فإنها قد دلت على سقوط الكفارة عن المرأة في تلك الحال مع الاشتراط مع ان حضور الزوج ليس من الأعذار التي من جهته (عزوجل) حتى يسوغ الخروج بها من الاعتكاف ، واما صحيحة محمد بن مسلم فإنها تدل بمفهومها على ان للمعتكف ان يفسخ الاعتكاف بعد اليومين مع الاشتراط لا بدونه ، وظاهر ذلك انه يسوغ له الخروج بمجرد الشرط وان لم يكن بعذر ضروري ، والمنافاة بين هذين الخبرين والخبرين الأولين ظاهرة ولعل من جوز شرط الرجوع متى شاء انما استند الى ظاهر هذين الخبرين. والجمع بين الأخبار هنا لا يخلو من اشكال.

واما ما ذكره في المدارك ـ من أن المراد بالعارض هنا ما هو أعم من العارض المشترط في الحج باعتبار كون ذلك لا بد ان يكون من الأعذار المانعة من الإتمام وهنا يكفى مسمى العارض كحضور الزوج من السفر ـ ففيه أولا ـ

ما قدمناه من ان المستفاد من خبري عمر بن يزيد وابى بصير المشتملين على تشبيه هذا الشرط بشرط المحرم ـ وشرط المحرم هو ان يحله حيث


حبسه المؤيد بقوله في آخر رواية عمر بن يزيد «من علة تنزل بك من أمر الله» ـ انه لا يكفى مجرد العارض.

وثانيا ـ ان رواية محمد بن مسلم (1) قد دلت على جواز الخروج بمجرد الشرط وان لم يكن ثم عارض بل ليس إلا مجرد فسخ الاعتكاف والخروج منه. على ان مجرد حضور الزوج ليس بعارض يجوز أن يترتب عليه الخروج بل لو أرادت الخروج لأمر إرادته فإن ظاهر الخبر الجواز وحضور الزوج انما جرى مجرى التمثيل فلا خصوصية له ، وبالجملة فظاهر الخبر ترتب جواز الخروج على الشرط لأي غرض كان.

الخامس ـ لا يخفى ان فائدة هذا الشرط تدور مدار الشرط المذكور ، فان كان شرطا في جواز الرجوع عند العارض أو متى شاء كما هو أحد الأقوال المتقدمة فإنه يجوز له الرجوع وان مضى اليومان في المندوب أو كان واجبا بالنذر وشبهه ، وان خصصنا الشرط بالعذر الذي يكون من جهته (عزوجل) كالمرض والحيض والخوف ونحو ذلك فإنه يسوغ له الخروج ايضا.

لكن لا يخفى انه في هذه الصورة يسوغ له الخروج وان لم يشترط فلا يظهر لهذا الشرط ثمرة ولا يترتب عليه أثر ، إلا أن يقال بأن فائدة هذا الشرط مجرد التعبد وترتب الثواب عليه كما هو أحد الاحتمالات في شرطه في الإحرام.

وقد ذكر بعض الأصحاب ان فائدته على هذا القول سقوط القضاء لو رجع من الاعتكاف في الواجب المعين ، اما الواجب المطلق اعنى ما لم يعين في وقت ففي وجوب الإتيان به بعد ذلك قولان فعن المعتبر والدروس والمسالك وجوب الإتيان به.

قال الشيخ في النهاية : متى شرط جاز له الرجوع فيه أى وقت شاء فان لم يشترط لم يكن له الرجوع فيه إلا أن يكون أقل من يومين فان مضى عليه يومان وجب

__________________

(1) ص 481.


عليه إتمام ثلاثة أيام. وقد تقدم في صدر المسألة الثانية انه قال : إذا شرط المعتكف على ربه انه ان عرض له عارض رجع فيه فله الرجوع اى وقت شاء ما لم يمض له يومان فان مضى له يومان وجب عليه إتمام الثالث. الى آخره.

والقول الأول هو المطابق لصحيحة محمد بن مسلم المتقدمة (1).

وفصل شيخنا الشهيد الثاني في المسالك وقبله المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى في الاعتكاف المنذور تفصيلا ينتهي إلى ثمانية أقسام :

قال في المسالك : ثم الاعتكاف المنذور ينقسم باعتبار الشرط وعدمه إلى ثمانية أقسام ، لأنه اما ان يكون معينا بزمان أولا ، وعلى التقديرين اما ان يشترط فيه التتابع لفظا أو لا ، وعلى التقادير الأربعة اما ان يشترط على ربه الرجوع ان عرض له عارض أو لا ، فالأقسام ثمانية ، وقد عرفت حكم الأربعة التي لم يشترط فيها واما مع الشرط فله الرجوع مع العارض. ثم ان كان الزمان معينا لم يجب قضاء ما فات في زمن العارض سواء اشترط التتابع أم لا ، وان كان مطلقا ولم يشترط التتابع ففي وجوب قضاء ما فات أو الجميع ان نقص ما فعله من ثلاثة قولان أجودهما القضاء وفاقا للمصنف في المعتبر ، ولو شرط التتابع فالوجهان. انتهى.

أقول : ان أردت تفصيل الكلام في هذه الوجوه الثمانية على وجه أظهر فنقول : اما الأربع التي أشار إليها بأنه تقدم حكمها وهي الخالية عن ذكر الاشتراط على ربه فأحدها ـ ان يعين ويشترط التتابع ولا يشترط على ربه ، والحكم فيها ما تقدم في الفرع الخامس من فروع الشرط الخامس من الخلاف في إعادة الجميع أو البناء على ما فعل ان كان ثلاثة فصاعدا. الثانية ـ أن يعين ولا يشترط التتابع ولا يشترط على ربه ، والحكم فيها انه بعد عروض العارض يخرج ويبنى على ما فعل بعد زوال العارض ويأتي بالباقي ان كان ما فعله ثلاثة فصاعدا وإلا أعاد الجميع. الثالثة ـ ان يطلق ويشترط التتابع ولا يشترط على ربه ، والحكم فيها القضاء متتابعا

__________________

(1) ص 459 و 481 و 484.


بعد زوال العارض كما تقدم في الفرع المشار اليه آنفا عن العلامة في المختلف وبه صرح المحقق في المعتبر ايضا ، واستشكله العلامة في التذكرة على ما نقله في المهذب بأنه بالشروع فيه صار واجبا فيكون كالمعين فيبني على ما مضى منه كما تقدم في المعين. والظاهر ضعفه. الرابعة ـ أن يطلق ولا يشترط التتابع ولا يشترط على ربه ، والحكم فيها انه يخرج للعارض المذكور ويستأنف بعد زواله ان لم يكن حصل له ثلاثة أيام وإلا أتم ما بقي. الخامسة ـ ان يعين ويشترط التتابع ويشترط على ربه ، والحكم فيها انه يخرج ولا يجب عليه الإتمام للعارض المذكور ولا القضاء لعدم الدليل عليه. السادسة ـ أن يعين ولا يشترط التتابع ويشترط على ربه ، والحكم فيها كما في سابقتها. السابعة ـ ان يطلق ويشترط التتابع ويشترط على ربه ، والحكم فيها انه بعد زوال العارض يرجع ويستأنف إلا ان يكون قد أتى بثلاثة أيام فيأتي بما بقي. الثامنة ـ أن يطلق ولا يشترط التتابع ويشترط على ربه ، والحكم فيها كما في سابقتها. وقد تقدم في كلام شيخنا الشهيد الثاني في المسالك ما يؤذن بالخلاف في هذه الصورة وسابقتها واليه أشرنا قبل ذلك ، والمسألة محل تردد ينشأ من حيث ان مقتضى الشرط السقوط ومن حيث اتساع الوقت لكون النذر مطلقا وانه من حيث ذلك فكل زمان صالح لإيقاع النذر فيه.

وينبغي التنبيه هنا على أمور ثلاثة :

الأول ـ قد صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) بان اشتراط التتابع انما هو في النذر ليكون لازما لا في الاعتكاف على قياس ما تقدم نقله عنهم من الشرط في الاعتكاف ان يحله حيث حبسه فإنهم أوجبوه في صيغة النذر.

الثاني ـ ما تقدم من البحث كله في ما لو خرج لعارض وهو المانع من إتمام الاعتكاف كالمرض ونحوه ولو كان لا لذلك وجبت الكفارة في جميع الصور المذكورة.


الثالث ـ وجوب التتابع بعد زوال العارض متى نذره متتابعا إنما يجب لو وقع في الوقت المنذور كأن ينذر شهرا متتابعا فيحصل العارض في أثنائه ثم يزول وقد بقي منه بقية ، اما لو كان بعد خروج الشهر فإنه لا يجب التتابع لأنه إنما وجب بالنذر في أصل الفعل وأدائه لا في قضائه.

المسألة الرابعة ـ قد ذكر الأصحاب (رضوان الله عليهم) انه يحرم على المعتكف أمور :

منها ـ مباشرة النساء جماعا ولمسا وتقبيلا بشهوة في الأخيرين فلو لم يكونا عن شهوة لم يحرم ذلك.

واستندوا في ذلك الى عموم قوله تعالى (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) (1) فإنه يتناول الجميع.

ويظهر من كلام الشيخ في التهذيب تخصيص التحريم بالجماع دون الفردين الأخيرين ، والظاهر انه لا خلاف في فساد الاعتكاف بالجماع ، وفي فساده بالأخيرين قولان نقل أولهما في المختلف عن ابن الجنيد والشيخ في المبسوط ، وزاد ابن الجنيد النظر الى محرم بشهوة ، واختار في المختلف عدم الإفساد. ونقل في المختلف عن الشيخ في المبسوط الاحتجاج على ذلك بالنهي في الآية عن المباشرة ، قال : وهو عام في كل مباشرة أنزل أولا والنهى يدل على فساد المنهي عنه (2).

أقول : والمسألة عندي بالنسبة إلى إبطال الاعتكاف بالمباشرة والتقبيل بشهوة محل توقف اما التحريم فلا ريب فيه لظاهر الآية.

واما تحريم الجماع والإفساد به فيدل عليه ما رواه في الكافي في الموثق عن الحسن بن الجهم عن ابى الحسن عليه‌السلام (3) قال : «سألته عن المعتكف يأتي أهله؟

__________________

(1) سورة البقرة الآية 184.

(2) لا يخفى ان القول المنقول في المختلف عن الشيخ والاحتجاج عليه انما نسبه فيه الى الخلاف ، راجع المختلف ج 2 ص 83 من كتاب الصوم.

(3) الوسائل الباب 5 من الاعتكاف.


فقال : لا يأتي امرأته ليلا ولا نهارا وهو معتكف».

وما رواه الصدوق في الصحيح عن زرارة (1) قال : «سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن المعتكف يجامع؟ قال : إذا فعل ذلك فعليه ما على المظاهر». ورواه الكليني والشيخ مثله (2).

وما رواه في الموثق عن سماعة (3) قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن معتكف واقع أهله؟ قال : هو بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان».

قال الصدوق (4) : وقد روى انه ان جامع بالليل فعليه كفارة واحدة وان جامع بالنهار فعليه كفارتان.

وبإسناده عن محمد بن سنان عن عبد الأعلى بن أعين (5) قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل وطأ امرأته وهو معتكف ليلا في شهر رمضان؟ قال : عليه الكفارة. قال : قلت فإن وطأها نهارا؟ قال عليه كفارتان».

وما رواه الشيخ في الموثق عن سماعة بن مهران عن ابى عبد الله عليه‌السلام (6) قال : «سألته عن معتكف واقع أهله؟ قال : عليه ما على الذي أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا : عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا».

وقد تقدمت (7) صحيحة أبي ولاد الواردة في خروج المرأة التي بلغها قدوم زوجها وتهيأت لزوجها حتى واقعها وان عليها من الكفارة ما على المظاهر ان خرجت قبل ان تنقضي أيامها ولم يكن قد اشترطت.

ومنها ـ شم الطيب على المشهور وخالف فيه الشيخ في المبسوط فحكم بعدم تحريمه

والأظهر القول المشهور لما رواه الكليني في الصحيح عن ابى عبيدة عن ابى جعفر عليه‌السلام (8) قال : «المعتكف لا يشم الطيب ولا يتلذذ بالريحان ولا يماري ولا يشترى ولا يبيع».

__________________

(1 و 2 و 3 و 4 و 5 و 6) الوسائل الباب 6 من الاعتكاف.

(7) ص 484.

(8) الوسائل الباب 10 من الاعتكاف.


ومنها ـ البيع والشراء ، ويدل عليه صحيحة ابى عبيدة المتقدمة.

والقول بالتحريم من ما لا خلاف فيه وإنما الخلاف في فساد الاعتكاف بذلك فقال الشيخ في المبسوط : لا يفسد الاعتكاف جدال ولا خصومة ولا سباب ولا بيع ولا شراء وان كان لا يجوز له فعل ذلك اجمع.

وقال ابن إدريس : الأولى عندي ان جميع ما يفعله المعتكف من القبائح ويتشاغل به من المعاصي والسيئات يفسد اعتكافه واما ما يضطر اليه من أمور الدنيا من الأفعال المباحات فلا يفسد به اعتكافه ، لأن حقيقة الاعتكاف في عرف الشرع هو اللبث للعبادة والمعتكف اللابث للعبادة إذا فعل قبائح ومباحات لا حاجة إليها فما لبث للعبادة. وظاهر هذا الكلام بطلان الاعتكاف بفعل جميع المباحات التي لا حاجة إليها.

واعترضه العلامة في المختلف فقال : ونحن نطالبه بوجه ما قاله ، واحتجاجه أضعف من ان يكون شبهة فضلا عن كونه حجة ، فان الاعتكاف لو شرط فيه دوام العبادة بطل حالة النوم والسكوت وإهمال العبادة وليس كذلك بالإجماع.

وقال في المنتهى : كل ما يقتضي الاشتغال بالأمور الدنيوية من أصناف المعايش ينبغي القول بالمنع منه عملا بمفهوم النهى عن البيع والشراء.

واعترضه في المدارك بأنه غير جيد لأن النهي عن البيع والشراء لا يقتضي النهي عن ما ذكره بمنطوق ولا بمفهوم ، نعم ربما دل عليه بالعلة المستنبطة وهي غير معتبرة عندنا.

ثم قال في المنتهى : الوجه تحريم الصنائع المشغلة عن العبادة كالخياطة وشبهها إلا ما لا بد منه.

وما أورده عليه في المدارك جار هنا أيضا إذ لا دليل على ما ذكره (قدس‌سره) في المقامين. وما أبعد ما بين كلامه هنا وكلامه في المختلف على ابن إدريس كما لا يخفى.


وكيف كان فالظاهر انه يجب ان يستثني من البيع والشراء ما تدعو الحاجة إليه كشراء ما يضطر اليه من المأكول والملبوس وبيع ما يكون وصلة الى شراء ذلك.

ومنها ـ المماراة وعليه تدل صحيحة ابى عبيدة المتقدمة (1).

قال شيخنا الشهيد الثاني (قدس‌سره) في المسالك : المراء لغة الجدال والمماراة المجادلة ، والمراد به هنا المجادلة على أمر دنيوي أو ديني لمجرد إثبات الغلبة أو الفضيلة كما يتفق لكثير من المتسمين بالعلم ، وهذا النوع محرم في غير الاعتكاف وقد ورد التأكيد في تحريمه في النصوص (2). وإدخاله في محرمات الاعتكاف اما بسبب عموم مفهومه أو لزيادة تحريمه في هذه العبادة كما ورد في تحريم الكذب على الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الصيام ، وعلى القول بفساد الاعتكاف بكل ما حرم فيه تتضح فائدته. ولو كان الغرض من الجدال في المسألة العلمية مجرد إظهار الحق ورد الخصم عن الخطأ كان من أفضل الطاعات. والمائز بين ما يحرم منه وما يحب أو يستحب النية فليحترز المكلف من تحويل الشي‌ء من كونه واجبا الى جعله من كبائر القبائح. انتهى.

وهو حسن إلا ان في تنظيره بتحريم الكذب على الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الصيام نظرا بناء على ان المستفاد من الاخبار وان اعرض عن القول به جمهور الأصحاب هو إبطال الصيام بذلك كما مر بيانه. نعم ما ذكره يتجه بناء على قولهم بمجرد التحريم دون الابطال.

هذا ما اطلعت عليه من المحرمات التي دلت عليها الاخبار.

وفي المقام فوائد

الأولى ـ نقل العلامة في المختلف عن الشيخ في الجمل وابن البراج وابن حمزة انه يجب على المعتكف تجنب ما يجب على المحرم تجنبه ، والمشهور العدم ، ونسبه

__________________

(1) ص 492.

(2) سفينة البحار ج 2 ص 532.


في المبسوط بعد ان أفتى بالقول المشهور إلى الرواية.

وقال في التذكرة ان الشيخ لا يريد بذلك العموم لانه لا يحرم على المعتكف لبس المخيط إجماعا ولا ازالة الشعر ولا أكل الصيد ولا عقد النكاح. انتهى. وهو جيد.

وكيف كان فلا ريب في ضعف هذا القول لعدم الدليل عليه وما ادعاه من الرواية فلم تصل إلينا وهو أعلم.

الثانية ـ يجب ان يعلم انه لا فرق في تحريم هذه الأشياء بين الليل والنهار إذ منشأ التحريم هو الاعتكاف وهو ثابت ليلا ونهارا.

وهل تختص هذه المحرمات بالاعتكاف الواجب أو تتناول المندوب أيضا؟ إطلاق النصوص وكلام الأصحاب يقتضي الثاني. وقد تقدم نظيره في التكفير في صلاة النافلة والارتماس في الصوم المندوب.

الثالثة ـ قد صرح الأصحاب بأنه يجوز له النظر في معاشه والخوض في المباح ، وينبغي الاقتصار من ذلك على ما يضطر اليه والاشتغال بما هو وظيفة المعتكف من العبادات كالصلاة والذكر وقراءة القرآن.

قال في المنتهى : يستحب له دراسة العلم والمناظرة فيه وتعلمه وتعليمه في الاعتكاف بل هو أفضل من الصلاة المندوبة. انتهى.

الرابعة ـ لا ريب في أن كل ما أفسد الصوم فإنه يفسد به الاعتكاف لان الصوم شرط فيه فيبطل ببطلان شرطه.

واما وجوب الكفارة بفعل المفطر في الاعتكاف الواجب فهو مذهب جملة من أصحابنا : منهم ـ الشيخ المفيد والمرتضى (رحمهما‌الله تعالى).

قال في المعتبر : فان كانا أرادا الاعتكاف المنذور المختص بزمان معين كان حسنا وان أرادا الإطلاق فلا اعرف المستند. وهو كذلك.

والشيخ وأكثر المتأخرين على اختصاص الكفارة بالجماع دون ما عداه من


المفطرات فان فسد به الصوم (1) ووجب به القضاء خاصة متى كان واجبا. وقد تقدم ما يدل على وجوب الكفارة بالجماع في ما قدمناه من الأخبار واما غير الجماع فلم نقف له على دليل.

الخامسة ـ إطلاق الأخبار المتقدمة بوجوب الكفارة على المعتكف إذا جامع شامل للواجب والندب والمطلق من الواجب المنذور والمعين ، وبمضمونها افتى الشيخان (قدس‌سرهما).

قال في المعتبر : ولو خصا ذلك باليوم الثالث أو بالاعتكاف اللازم كان أليق بمذهبهما ، لأنا بينا ان الشيخ ذكر في النهاية والخلاف ان للمعتكف الرجوع في اليومين الأولين من اعتكافه وانه إذا اعتكفهما وجب الثالث ، وإذا كان له الرجوع لم يكن لإيجاب الكفارة مع جواز الرجوع وجه. لكن يصح هذا على كلام الشيخ في المبسوط فإنه يرى وجوب الاعتكاف بالدخول فيه.

قال في المدارك بعد نقله : وما ذكره (قدس‌سره) غير بعيد لان المطلق لا عموم له فيكفي في العمل به إجراؤه في الواجب. انتهى.

وهو جيد إلا انه مناف لما قدمنا نقله عنه في المسألة الثانية من قوله «ولا امتناع في وجوب الكفارة بذلك في الاعتكاف المستحب» فان هذا الكلام مؤذن بموافقة الشيخين في ما أطلقاه تبعا لإطلاق الأخبار والخروج عن ما ذكره المحقق (قدس‌سره) هنا كما لا يخفى.

وربما قيل باختصاص الكفارة بالواجب المعين.

وبالجملة ففي المسألة أقوال ثلاثة : العموم للواجب والمندوب والتخصيص بالواجب أو بالمعين منه خاصة.

السادسة ـ المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) ان كفارة الجماع في الاعتكاف مخيرة لموثقتي سماعة المتقدمتين (2) وقيل بكونها مرتبة ككفارة الظهار ونقله

__________________

(1) هكذا ورد في النسخ والظاهر هكذا «فان فسد به الصوم وجب به القضاء خاصة».

(2) ص 492.


في المختلف عن ظاهر ابن بابويه ، واليه مال في المدارك لصحة مستنده وهو ما تقدم من صحيحة زرارة (1) وصحيحة أبي ولاد (2).

وجمع بعض بين الاخبار بحمل الصحيحتين المذكورتين على الأفضلية والاستحباب كما هي قاعدتهم في جميع الأبواب.

وحمل العلامة في المنتهى الصحيحتين المذكورتين ـ حيث اختار القول المشهور ـ على ان المراد التشبيه في المقدار دون الكيفية. وبعده ظاهر.

السابعة ـ قال السيد المرتضى : إذا جامع المعتكف نهارا كان عليه كفارتان وإذا جامع ليلا كان عليه كفارة واحدة. وأطلق القول في ذلك ، والمشهور بين الأصحاب ان وجوب الكفارتين بالجماع نهارا مخصوص بشهر رمضان لا غير فتكون إحداهما للاعتكاف والأخرى للشهر المذكور ، وعلى ذلك دلت رواية عبد الأعلى بن أعين المتقدمة (3) واما وجوبهما نهارا في غير شهر رمضان كما يفهم من إطلاق السيد (قدس‌سره) فلا وجه له.

واستقرب الشهيد (قدس‌سره) في الدروس هذا الإطلاق ، قال : لأن في النهار صوما واعتكافا. ورد بان مطلق الصوم لا يترتب على إفساده الكفارة كما هو واضح.

قال في التذكرة : والظاهر ان مراده ـ يعنى مراد السيد (رضي‌الله‌عنه) ـ رمضان.

وهو غير بعيد فإنهم كثيرا ما يتوسعون في التعبير بناء على ظهور الحكم ومعلوميته ، وهذه الدقة في العبارات والقيود للاحترازات انما وقعت في كلام المتأخرين وبالجملة فإن الجماع في غير شهر رمضان انما يوجب كفارة واحدة ليلا أو نهارا من حيث الاعتكاف.

وينبغي ان يعلم انه في معنى نهار شهر رمضان في وجوب الكفارتين نهار صوم قضائه وكذا نهار صوم النذر المعين فان كلا منهما موجب للكفارة في حد ذاته كما في شهر رمضان فتتعدد في الاعتكاف.

__________________

(1 و 2) ص 492.

(3) ص 492.


الثامنة ـ قد صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأنه على المطاوعة المعتكفة الكفارة مثل ما تقدم على الزوج للاشتراك بينهما في الأحكام.

اما لو أكرهها في شهر رمضان فقيل يلزمه أربع كفارات نهارا وكفارتان ليلا وهو قول الشيخ في المبسوط والمرتضى وابن الجنيد وابن إدريس وابن البراج وابن حمزة واختاره في المختلف ، وقيل تلزمه كفارتان وهو اختيار جماعة : منهم ـ المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى.

احتج العلامة في المختلف قال : لنا ـ انه فعل موجب الكفارة على اثنين فتتضاعف على المكره لصدور الفعل عنه أجمع في الحقيقة ، لأنه عبادة توجب الكفارة بفعل الوطء على الزوجين فتتضاعف على الزوج بالإكراه كرمضان.

ولا يخفى ما في هذا الاستدلال ولهذا قال في المعتبر بعد نقل القول الأول عن المرتضى (رضي‌الله‌عنه) : وهذا ليس بصواب إذ لا مستند له. وجعله كالإكراه في صوم رمضان قياس. وتضعيف الكفارتين بالاعتكاف ضعيف أيضا ، لأن إيجاب الكفارتين على المكره امرأته في شهر رمضان وان لم يكن معتكفا ثبت على خلاف مقتضى الدليل لأن المكرهة لم تفطر فلا كفارة عليها ، كما لو ضرب انسان غيره حتى أفطر بأكل أو شرب لم يجب على المكره كفارة عن المكره وإذا كان ثبوت الكفارتين في رمضان ثبت على خلاف الأصل فلا يتعدى الحكم ، مع ان ثبوت ذلك الحكم في رمضان مستنده رواية المفضل بن عمر (1) وهو مطعون فيه ضعيف جدا ولم يرد من غير طريقه لكن رأينا جماعة من الأصحاب قائلين به فقويت الرواية بذلك ، فلا يتعدى الحكم عن موضع النص. انتهى. وهو جيد.

التاسعة ـ قال الشيخ في المبسوط : من مات قبل انقضاء مدة اعتكافه في أصحابنا من يقول يقضى عنه وليه أو يخرج من ماله الى من ينوب عنه قدر كفايته لعموم

__________________

(1) ارجع الى الصفحة 234.


ما روى (1) ان من مات وعليه صوم واجب وجب على وليه أن يقضى عنه أو يتصدق عنه.

وقال المحقق في الشرائع : ومن مات قبل انقضاء اعتكافه الواجب قيل يجب على الولي القيام به وقيل يستأجر من يقوم به. والأول أشبه.

وظاهره اختيار القول بالوجوب على الولي مع انه اعترض على الشيخ في المعتبر فقال بعد نقل ذلك عنه : وما ذكره إنما يدل على وجوب قضاء الصوم اما الاعتكاف فلا. ويعضده ما سبق من ان الصوم لا يجب لأجل الاعتكاف لجواز إيقاعه في صوم واجب قبل ذلك كرمضان أو النذر ، وحينئذ فلا يكون وجوب الاعتكاف مقتضيا لوجوب الصوم ليجب على الولي القيام به.

وبذلك يظهر الجواب عن ما احتج به في المختلف للقول المذكور ـ حيث قال : حجة الآخرين انه قد ورد ورودا مشهورا وجوب القضاء عن الميت ولا يمكن الإتيان بمثل هذا الصوم إلا بمثل هيئته وهو هيئة الاعتكاف فكان الاعتكاف واجبا. انتهى ـ فإنه متى ثبت ان الصوم غير واجب للاعتكاف كما أشرنا إليه فلا وجه لهذا الكلام.

وبالجملة فالوجه ان يقال ان الحكم بوجوب شي‌ء موقوف على الدليل الواضح وأمثال هذه التعليلات لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية. والله العالم.

هذا آخر الكلام في الجزء الرابع (2) من كتاب الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ، وفق الله تعالى لإتمامه والفوز بسعادة ختامه ، ويتلوه ان شاء الله تعالى كتاب الحج.

وقد وقع الفراغ (3) من هذا الجزء بتاريخ اليوم التاسع عشر شهر جمادى

__________________

(1) ارجع الى الصفحة 320 و 321 والصفحة 332 و 333.

(2) هذا على تقسيمه (قدس‌سره) وعلى تقسيمنا فهو آخر الجزء الثالث عشر.

(3) من هنا الى الآخر منقول من النسخة الخطية.


الثاني من السنة السابعة والسبعين بعد المائة والالف من الهجرة النبوية (على مهاجرها وآله أفضل الصلاة والسلام والتحية) في الأرض المقدسة كربلاء المعلى في جوار سيد الشهداء وخامس أهل العباء (عليه وعلى آبائه وأبنائه أفضل صلوات ذي العلى) واسأل الله تعالى ببركة جوارهم أن يكون عنده وعندهم بمحل من القبول في إنجاح السؤل وبلوغ المأمول.

وكتب مولفه تراب اقدام العلماء العاملين وخادم الفضلاء الصالحين الفقير الى الله الكريم يوسف بن احمد بن إبراهيم البحراني ، عاملهم الله تعالى بإحسانه وأفاض عليهم من رواشح جوده وامتنانه ، حامدا مصليا مسلما مستغفرا آمين آمين آمين بمحمد وآله أجمعين.


الاستدراكات

نستدرك هنا ما فاتنا التنبيه عليه في محله والترتيب بحسب أرقام الصفحات (1) وعدنا في الصفحة 7 بالرجوع الى الاستدراكات فنقول : أورد في الوافي الصوم المندوب بعنوان صيام السنة وصيام الترغيب ، ولم يرد هذان العنوانان في الوسائل كما لم أجدهما في ما حضرني من كتب العامة. وما ذكره ـ من ان ما زعمه العامة من صيام الترغيب والسنة هو الذي سماه عليه‌السلام بالذي فيه الخيار ـ فهو متوجه في صوم يوم الجمعة والخميس والاثنين وصوم أيام البيض والستة الأيام من شوال وصوم يوم عاشوراء كما في سنن البيهقي ج 4 ص 292 و 294 و 295 والمجموع ج 6 ص 382 و 384 و 385. إلا انهم يقيدون استحباب صوم يوم عرفة بان لا يكون في عرفة كما في المغني ج 2 ص 176 ويحكمون بكراهة تخصيص يوم الجمعة بالصوم كما في سنن البيهقي ج 4 ص 301 والمغني ج 3 ص 165. وقد أورد في الوسائل جميع ما أورده في الوافي بعنوان صيام السنة والترغيب في ضمن الصوم المندوب ، فأورد صيام السنة في الباب 7 و 8 و 9 منه وصيام الترغيب في الباب 14 و 15 و 16 و 17 و 18 و 26 و 28 و 29 منه.

(2) وعدنا في الصفحة 9 بالرجوع في مصدر حديث «لا تدخل الحكمة جوفا ملي‌ء طعاما» الى الاستدراكات فنقول : لم نقف على الحديث بهذا اللفظ إلا في كتاب غوالي اللئالي في المسلك الثالث من مسالك الباب الأول منه في الأحاديث المتعلقة بأبواب الفقه في أحاديث رواها الشهيد ورواها صاحب الكتاب عنه. وقد وجدت النسخة الخطية من الكتاب في مكتبة مقبرة المرحوم آية الله الأصفهاني في الصحن الشريف في النجف الأشرف. وقد أورد المصنف (قدس‌سره) الحديث في ضمن البحث عن مفاد الحديث المذكور هنا في كشكوله ج 1 ص 336 و 337 من الطبع الحديث في النجف الأشرف.


(3) جاء في الصفحة 19 ان حديث الأعرابي لم أقف عليه حتى في كتب الحديث للعامة ، وقد عثرت عليه بعد ذلك في المبسوط للسرخسى ج 3 ص 62 باللفظ المذكور عن عكرمة عن ابن عباس ، إلا انى لم أقف عليه في كتب أحاديثهم مرويا باللفظ المذكور عن عكرمة ولا عن غيره.

(4) جاء في التعليقة 1 ص 31 «الشهاب الثاقب» والصحيح «الشهاب» مجردا

(5) جاء حديث عبد الله بن ميمون في الصفحة 128 هكذا : «عن ابى عبد الله» كما في الوسائل في الباب المذكور في التعليقة ، إلا انه في التهذيب ج 4 ص 260 ـ والوافي باب الحجامة ودخول الحمام من نواقض الصيام وفي الباب 25 و 26 و 29 من ما يمسك عنه الصائم من الوسائل ـ ورد هكذا : «عن أبيه عن ابى عبد الله عليه‌السلام» وفي الاستبصار ج 2 ص 90 انه ورد كذلك في بعض النسخ.

(6) جاء ص 139 س 21 «أقول : يمكن» وفي المطبوعة القديمة «أقول : ويمكن» وقد أسقطنا الواو تبعا للخطية.

(7) جاء ص 140 س 2 «والأمر هنا كما هو هناك فإن النهي هنا عن الارتماس» وفي المطبوعة القديمة «كما هناك فإن النهي عن الارتماس» وقد أضفنا الكلمتين تبعا للخطية.

(8) ورد ص 140 س 10 «من حيث النهى عن غمس الرأس» وفي المطبوعة القديمة «من حيث انه منهي عن غمس الرأس» وقد غيرنا العبارة تبعا للخطية. وكذا أبدلنا كلمة «الانتفاء» في المطبوعة القديمة بكلمة «الانتهاء» في السطر 12 تبعا للخطية.

(9) ورد ص 141 س 11 «حيث صرح ثمة بخلاف ما ذكره هنا» وفي المطبوعة القديمة هكذا : «حيث صرح به ثمة» وقد أسقطنا كلمة «به» تبعا للخطية لزيادتها.

(10) ورد ص 157 في رواية الرازي رقم (3) «فان قال قائل ...» جزء


من الرواية كما في النسخ والوسائل ، وفي الوافي (باب السواك وادماء الفم) لم ينقله. وظاهر التهذيب ج 4 ص 263 انه جزء من الرواية.

(11) ورد ص 161 في رواية عبد الله بن سنان «لا تلزق ثوبك الى جسدك وهو رطب» وفي نسخ الحدائق «لا تلبس ثوبك وهو رطب» وقد غيرنا العبارة الى ما ذكرنا تبعا للفروع ج 1 ص 192 والوافي (باب الارتماس وبل الثوب على الجسد) والوسائل.

(12) جاء ص 161 حديث محمد بن مسلم عن الشيخ باللفظ المذكور هناك وهو اللفظ الوارد في رواية الكليني في الفروع ج 1 ص 192 ، واما اللفظ الوارد في التهذيب ج 4 ص 262 فهو هكذا : «يستاك الصائم أي النهار شاء ولا يستاك بعود رطب ويستنقع في الماء ...» وروايته عن ابى عبد الله عليه‌السلام واما رواية الكافي فهي عن ابى جعفر عليه‌السلام.

(13) جاء حديث حنان ص 161 باللفظ المذكور هناك تبعا للتهذيب ج 4 ص 263 والوسائل ، ولذا غير عن ما جاء في نسخ الحدائق.

(14) وعدنا ص 164 بالرجوع في مصدر حديث خلف بن حماد الى الاستدراكات ، وقد وقفنا عليه في الوسائل في الباب 105 من أبواب المزار.

(15) ورد ص 169 حديث الحلبي مطابقا للتهذيب ج 4 ص 311 ، وكذا حديث الكناني طبقناه على الفقيه ج 2 ص 94.

(16) ورد ص 183 في رواية الثمالي «في ثلاث عشرة سنة أو أربع عشرة سنة» وكذا ص 184 س 21 ، وفي الوسائل والتهذيب ج 2 ص 94 الطبع القديم العطف بالواو لا بنحو الترديد.

(17) ورد ص 184 س 21 «وقوة البدن» تبعا للخطية.

(18) ورد ص 188 «ورواية عبد الكريم بن عمرو» وجاء في التعليقة 7 ان الراوي كرام ويروى عنه ابن ابى عمير. ونقول هنا ان الكليني في الفروع ج 1


ص 201 يرويها عن ابن ابى عمير عن كرام والشيخ في التهذيب ج 4 ص 183 عن عبد الكريم بن عمرو ، وفي ص 233 عن الكليني عن كرام ، والصدوق في الفقيه ج 3 ص 79 عن عبد الكريم بن عمرو. والفرق بين رواية الكليني وبين رواية الشيخ والصدوق ان في رواية الكليني كلمة «من شهر رمضان» في آخر الرواية دون رواية الشيخ والصدوق ، وقد نسبها ص 188 الى عبد الكريم بن عمرو وذكر الإضافة في آخرها. ونقلها عن الفقيه والتهذيب عن عبد الكريم بن عمرو من دون زيادة الكافي ص 388.

(19) جاء ص 189 في رواية الصيقل : «كتبت اليه» كما في الوسائل والاستبصار ج 2 ص 101 ، وفي التهذيب ج 4 ص 234 والوافي باب نذر الصيام وباب كفارة النذر من أبواب النذور والايمان «كتب اليه». وقد سقط لفظ «اليوم» هنا في الطبع والصحيح «فوافق ذلك اليوم يوم ...».

(20) جاء ص 193 في رواية على بن مهزيار «كتبت اليه» كما في الوسائل إلا ان في الفروع ج 2 ص 373 والتهذيب ج 8 ص 305 «وكتب اليه» وفي الوافي باب نذر الصيام وباب كفارة النذر من أبواب النذور والايمان «انه كتب اليه».

(21) جاء ص 196 حديث ابن جندب عن الكافي واللفظ فيه يوافق ما جاء في الوافي (باب نذر الصيام من أبواب النذور والايمان) وهو يختلف عن ما جاء في الفروع ج 2 ص 373 وما جاء في التهذيب ج 8 ص 306 وهو رواية الشيخ الحديث عن الكليني.

(22) جاء ص 196 في حديث ابن جندب عن التهذيب «سأل أبا عبد الله عليه‌السلام ميمون» وهو يوافق ما جاء في الوافي (باب نذر الصيام من أبواب النذور والايمان) وفي التهذيب ج 4 ص 333 «سأله عباد بن ميمون» وفي الوسائل : «سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عباد بن ميمون» واللفظ في كل منها يختلف عنه في الآخرين

(23) جاء ص 224 في رواية إدريس بن هلال : «فبذلك» كما في الوسائل


وفي الفقيه ج 2 ص 72 «بذلك».

(24) جاء ص 224 حديث البصري مسندا الى ابى عبد الله عليه‌السلام كما في الوافي (باب من تعمد الإفطار في شهر رمضان من غير عذر) الا انه جاء في الفروع ج 1 ص 191 والوسائل مضمرا.

(25) جاء ص 227 في رواية زرارة «قلت فان عجز عن ذلك» كما في نسخ الحدائق ، وفي الفروع ج 2 ص 372 والتهذيب ج 8 ص 298 والوافي (باب كفارة اليمين من أبواب النذور والايمان) والوسائل هكذا «قلت انه عجز عن ذلك».

(26) جاء ص 245 في رواية أبي الجارود «كان بعض أصحابنا» كما في نسخ الحدائق ، وفي التهذيب ج 4 ص 317 والوسائل «وكان ...».

(27) جاء ص 245 في كلام الشيخ «في بلاد الإسلام» كما في النسخ ، وفي التهذيب ج 4 ص 164 «في باب الإسلام».

(28) جاء ص 264 في كلام العلامة في المنتهى س 14 «أو تقاربت ...» وقد أسقط من عبارته هنا قوله «وبه قال احمد والليث بن سعد وبعض أصحاب الشافعي» وجاء س 16 «لكل بلد حكم نفسه ...» وقد أسقط هنا قوله «وهو القول الأخر للشافعي. واعترض بعض الشافعية في التباعد مسافة التقصير وهو ثمانية وأربعون ميلا فاعتبر لكل بلد حكم نفسه ان كان بينهما هذه المسافة» وبهذا ينسجم قوله «ان كان بينهما ...» مع ما قبله

(29) جاء ص 269 س 4 «من سير القمر» وفي نسخ الحدائق «من تسيير القمر» وقد جعلناه كذلك للاستحسان والاعتبار.

(30) أوردنا سند رواية الإقبال ص 292 س 8 كما في الإقبال ص 15 والوسائل ، الا ان الوارد فيهما هكذا : إسحاق بن إبراهيم الثقفي الثقة.

(31) جاء ص 293 في رواية عبد الرحمن «ولم يصم» وهو موافق لما جاء في التهذيب ج 4 ص 310 ، وفي الفقيه ج 2 ص 78 «ولم يصح له».


(32) أوردنا صحيحة أبي حمزة ص 295 على طبق لفظ الوسائل فجاء فيها بعض التغيير عن ما جاء في نسخ الحدائق.

(33) جاء ص 300 في صحيحة أبي مريم «فليس عليه شي‌ء» كما في النسخ والوافي باب من مات وفاته صيام عن الفقيه ، وفي الفقيه ج 2 ص 98 «فليس عليه قضاء» (34) غيرنا بعض اللفظ عن النسخ في صحيحة محمد بن مسلم ص 302 تبعا لكتب الحديث.

(35) جاء ص 303 س 9 في عبارة الفقه الرضوي «إلا أن يكون قد صح في ما بين الرمضانين» وفي الفقه الرضوي هكذا : «في ما بين شهرين رمضانين» وكذا في المستدرك الباب 17 من أحكام شهر رمضان. وكذا س 11 هكذا : «فان فاته شهر رمضان» وفيهما «فان فاته شهرين رمضانين».

(36) جاء ص 304 في رواية العلل والعيون «أو لم يفق من مرضه» كما في النسخ ، وفي الوسائل «أو لم يقو».

(37) جاء ص 353 في رواية الحسن بن أبي حمزة «قلت لأبي جعفر أو لأبي عبد الله (ع) انى قد اشتد على صيام ثلاثة أيام في كل شهر أؤخره ...» والوارد في الفقيه ج 2 ص 51 والوسائل «قلت لأبي جعفر أو لأبي عبد الله (ع) صوم ثلاثة أيام في الشهر أؤخره ...» وقد ورد اللفظ المتقدم في رواية إبراهيم ابن المثنى الواردة في الفقيه ص 50 وفي الوسائل الباب 11 من الصوم المندوب رقم 5 ولم يوردها المصنف (قدس‌سره).

(38) وعدنا ص 360 بالرجوع الى الاستدراكات في صيام السنة والترغيب وقد تقدم بيان ذلك في الاستدراكات (1).

(39) جاء ص 363 س 16 «يقتضي عدم خلق السماوات» وفي المدارك المطبوعة «يقتضي خلق السماوات» ويمكن سقوط كلمة «عدم» من الناسخ.

(40) جاء ص 404 س 4 «ويؤيد هذه الاخبار ظاهر الآية» وحذفت


كلمة «ايضا» تبعا للنسخة الخطية.

(41) ورد ص 423 ذكر صحيحة محمد بن مسلم التي يرويها الشيخ بلفظ «مدين من طعام» وغفلنا عن تخريجها وهي في الوسائل في الباب 15 ممن يصح منه الصوم رقم 2.

(42) وردت ص 437 رواية السكوني عن ابى عبد الله عليه‌السلام عن ثواب الأعمال وهي مروية في الفروع ج 1 ص 181 والفقيه ج 2 ص 85 والتهذيب ج 4 ص 201 عن مسعدة عن ابى عبد الله عن أبيه (ع) ولم نقف على نقلها عن ثواب الأعمال عن السكوني. راجع الوسائل الباب 3 من آداب الصائم رقم 3.

(43) ورد ص 439 «ورؤيا أيضا في كتابيهما عن يعقوب» يريد الكليني والصدوق ، مع ان الصدوق رواها في الفقيه ج 2 ص 101 مرسلا.

(44) جاء ص 440 س 23 في تخريج حديث أبي حمزة الباب 31 والصحيح 32

(45) جاء ص 443 س 1 «حسان ابى على» والصحيح «حسان بن ابى على»

(46) وعدنا في التعليقة (4) ص 452 بالرجوع الى الاستدراكات في حال المغيرة بن سعيد فنقول اما انه من الكاذبين على ابى جعفر عليه‌السلام فقد روى الكشي ذلك في كتابه ص 194 طبع النجف الأشرف واما انه كان يدعو الى محمد بن عبد الله ابن الحسن فذكره العلامة في الخلاصة طبع النجف الأشرف ص 261 وباقي ما ذكره (قدس‌سره) لم نقف على مصدره.

(47) جاء ص 455 س 18 «طهرا ...» وفي النسخ «وطهر» فغير الى ذلك تصحيحا.

(48) جاء ص 456 «وروى في الكافي أيضا في الصحيح أو الحسن عن أبى عبد الله عليه‌السلام» كما في النسخ ، وحيث ان عادته (قدس‌سره) ذكر الراوي فيجوز ان يكون عدم ذكر الراوي هنا وهو الحلبي لسقوطه من قلم النساخ.

(49) ورد ص 457 صحيح الحلبي برواية الصدوق كما في الوسائل الباب 2


من الاعتكاف رقم 1 ولم نجده في الفقيه في مظانه نعم رواه الكليني في الفروع ج 1 ص 212.

(50) جاء ص 466 في الرواية (5) «يحيى بن العلاء» وفي التهذيب ج 4 ص 290 والاستبصار ج 2 ص 127 والوافي باب الاعتكاف والوسائل «يحيى بن ابى العلاء».

(51) وردت الرواية (4) ص 466 عن على بن عمران والرواية (8) عن على بن غراب كما في النسخ والوسائل ، إلا ان الوارد في التهذيب ج 4 ص 290 هي الرواية عن على بن عمران فقط وفي الاستبصار ج 2 ص 127 إبداله بعلي بن غراب

(52) جاء ص 474 س 10 «ويردف عليا عليه‌السلام خلفه» وقد علقنا بالرجوع إلى التعليقة 2 ص 16 ج 10 والذي أورده (قدس‌سره) هناك «ويردف خلفه»

(53) جاء ص 476 س 21 «انه كان على أمي» وفي مسند احمد «انه كان على أمها».

(54) جاء ص 483 في رواية عمر بن يزيد «ان يحلك من اعتكافك» كما في النسخ والوسائل ، وفي التهذيب ج 4 ص 289 والوافي باب الاعتكاف «ان ذلك في اعتكافك».

(55) جاء ص 489 س 1 كلام الشيخ في المبسوط ولفظه يوافق ما نقله في المنتهى ، وقد نقله ايضا ص 479 س 18 وهو يوافق ما في المبسوط.

توجيه

يرجى تصحيح ما جاء ج 10 ص 140 التعليقة 1 هكذا : راجع الوسائل الباب 49 من الجماعة.

المشاركات الشائعة

ابحث في الموقع

أرسل للإدارة

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *